المولد النبوي شبهات وردود


بسم الله الرحمن الرحيم

 أخي المسلم، أختي المسلمة: لاشك أننا جميعا نُكِنُ في صدورنا محبة لرسولنا الكريم وحبيبنا العظيم وقدوتنا وإمامنا، - صلى الله عليه وسلم - وعلى آله وصحبه ومن عمل بسنته واهتدى بهديه إلي يوم الدينº فهذه المحبة تعد من أصول الدين. ومن لا يحب النبي - صلى الله عليه وسلم - فإنه كافر نتقرب إلى الله ببغضه.

ولكن انظر ما حصل ويحصل في المولد فهو ليس من ذرائع الشرك فحسبº بل يحصل الشرك بعينه من دعاء لغير الله - عز وجل - وإعطائه - صلى الله عليه وسلم - بعض خصائص الرب - جل وعلا - كالتصرف في الكون وعلم الغيب ففي هذه الموالد يترنمون بالمدائح النبوية وعلى رأسها بردة البوصيري الذي يقول:



يا أكرم الخلق مالي من ألوذ به *** سواك عند حلول الحادث العمم

فإن من جودك الدنيا وضرتها *** ومن علومك علم اللوح والقلم



ويقول أحمد بن محمد ابن الحاج السلمي:



نور الهدى قد بدا في العرب والعجم *** سعد السعود علا في الحل والحرم

بمولد المصطفى أصل الوجود ومن *** لولاه لم تخرج الأكوان من عدم



فماذا بقي لرب العباد؟! إن هذا ليس شركا في الألوهية بل هو شرك في الربوبية. وهو أعظم من شرك كفار قريش والعياذ باللهº لأن كفار قريش كانوا يعتقدون أن المتصرف في الكون هو الله - عز وجل - لا أصنامهم وهؤلاء يزعمون أن المتصرف في الكون الذي بيده الدنيا والآخرة هو النبي - صلى الله عليه وسلم -.

وانظر إلى قوله: (يا أكرم الخلق مالي من ألوذ به) فهو يعتبر رسول الله هو الملاذ وهو الذي يستغاث به ويدعوه عند الملمات وهذا هو عين شرك كفار قريش الذي يعبدون الأوثان بل هم أحسن حالا منه فهم عند الشدائد يخلصون الدعاء والعبادة. والبوصيري عند الشدائد والملمات يدعو غير الله.

والموالد لا يمكن أن تقوم بغير أبيات البردة والله المستعان فهي الشعيرة والركيزة الأساسية في هذه الموالد البدعية.

ولو لم يكن فيها إلا هذه المفسدة لكفى بها مبرراً لتحريمها والتحذير منها.

وإن زعم شخص انه سوف يخليه مما تقدم قلنا له المولد بحد ذاته هو مظهر من مظاهر الغلو المذموم فضلا عما يحتويه من طوام عظيمة وبدعة في الدين محدثة لم يشرعها ولم يأذن بها الله.

اعلم أنه على مدى ما يزيد على ثلاثمائة وخمسين سنة من بعثة المصطفى، - صلى الله عليه وسلم -، لم يحتفل أحد من العلماء ولا من الحكام ولا حتى من عامة الناس بالمولد النبوي، ولا أمر به أو حث عليه أو تكلم به. قال الحافظ السخاوي: \" عمل المولد الشريف لم ينقل عن أحد من السلف الصالح في القرون الثلاثة الفاضلة وإنما حدث بعد \". أهـ

لقد أحدث هذا الأمر - أعني المولد النبوي- الخلفاء الفاطميون. يقول الإمام المقريزي، - رحمه الله -: \" وكان للخلفاء الفاطميين في طول السنة أعياد ومواسم وهي: رأس السنة..وأول العام..ويوم عاشوراء.. ومولد النبي - صلى الله عليه وسلم -..، ومولد علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -، ومولد الحسن والحسين - رضي الله عنهما -، ومولد فاطمة الزهراء - رضي الله عنها- ، ومولد الخليفة الحاضر، وليلة أول رجب، وليلة نصفه، وموسم ليلة رمضان، وغرة رمضان، وسماط رمضان، وليلة الختم، وموسم عيد الفطر، وموسم عيد النحر، وعيد الغدير، وكسوة الشتاء، وكسوة الصيف، وموسم فتح الخليج، ويوم النيروز، ويوم الغطاس، ويوم الميلاد، وخميس العدس، وأيام الركوبات\". وقال المقريزي: \"وفي ربيع الأول ألزم الناس بوقود القناديل بالليل في سائر الشوارع والأزقة بمصر\". وقال: \"وجرى الرسم في عمل المولد الكريم النبوي في ربيع الأول على العادة\"..

وقال: \"وكان الأفضل بن أمير الجيوش قد أبطل أمر الموالد الأربعة: النبوي، والعلوي، والفاطمي، والإمام الحاضر ولكن أعادها الخليفة الآمر بأحكام الله\"أ. هـ

فعلى هذا أول من أحدث ما يسمى بالمولد النبوي هم بنو عبيد الذين اشتهروا بالفاطميين.

قال الإمام أبو شامة المؤرخ المحدث صاحب كتاب الروضتين في أخبار الدولتين ص 200-202 عن الفاطميين العبيديين:

\" أظهروا للناس أنهم شرفاء فاطميون فملكوا البلاد وقهروا العباد وقد ذكر جماعة من أكابر العلماء أنهم لم يكونوا لذلك أهلا ولا نسبهم صحيحا بل المعروف أنهم (بنو عبيد)º وكان والد عبيد هذا من نسل القداح الملحد المجوسي وقيل كان والد عبيد هذا يهوديا من أهل سلمية من بلاد الشام وكان حدادا.

فلما دخل المغرب تسمى ب(عبيد الله) وزعم أنه علوي فاطمي وادعى نسبا ليس بصحيح -لم يذكره أحد من مصنفي الأنساب العلوية بل ذكر جماعة من العلماء بالنسب خلافه - ثم ترقت به الحال إلى أن ملك وتسمى ب(المهدي) وبنى المهدية بالمغرب ونسبت إليه وكان زنديقا خبيثا عدوا للإسلام متظاهرا بالتشيع متسترا به حريصا على إزالة الملة الإسلامية, قتل من الفقهاء والمحدثين جماعة كثيرة, وكان قصده إعدامهم من الوجود لتبقى العامة كالبهائم فيتمكن من إفساد عقائدهم وضلالتهم, والله متم نوره ولو كره الكافرون.

ونشأت ذريته على ذلك منطوين يجهرون به إذا أمكنتهم الفرصة وإلا أسروه، والدعاة لهم منبثون في البلاد يضلون من أمكنهم إضلاله من العباد, وبقي هذا البلاء على الإسلام من أول دولتهم إلى آخرها وذلك من ذي الحجة سنة تسع وتسعين ومائتين (299) إلى سنة سبع وستين وخمسمائة (567)، وفي أيامهم كثرت الرافضة, واستحكم أمرهم, ووضعت المكوس على الناس, واقتدى بهم غيرهم وأفسدت عقائد طوائف من أهل الجبال الساكنين بثغور الشام كالنصيرية والدرزية (والحشيشية نوع منهم) وتمكن رعاتهم منهم لضعف عقولهم وجهلهم مالم يتمكنوا من غيرهم, وأخذت الفرنج أكثر البلاد بالشام, والجزيرة إلى أن من الله على المسلمين بظهور البيت الأتابكي وتقدمه مثل (صلاح الدين) فاستردوا البلاد, وأزالوا هذه الدولة عن رقاب العباد.

خطب عبدهم جوهر الذي أخذ لهم الديار المصرية وبنى لهم القاهرة (المعزية) بنفسه خطبة قال فيها: \"اللهم صلي على عبدك ووليك ثمرة النبوة وسليل العترة الهادية المهدية معد أبي تميم الإمام المعز لدين الله أمير المؤمنين كما صليت على آبائه الطاهرين وسلفه المنتخبين الأئمة الراشدين\".

كذب عدوّ الله اللعين, فلا خير فيه ولا في سلفه أجمعين, ولا في ذريته الباقين والعترة النبوية الطاهرة منهم بمعزل - رحمة الله عليهم- وعلى أمثالهم من الصدر الأول.

والملقب بالمهدي لعنه الله كان يتخذ الجهال ويسلطهم على أهل الفضل, وكان يرسل إلى الفقهاء والعلماء فيذبحون في فرشهم, وأرسل إلى الروم وسلطهم على المسلمين, وأكثر من الجور واستصفاء الأموال, وقتل الرجال وكان له دعاة يضلون الناس على قدر طبقاتهم, فيقولون لبعضهم (هو المهدي ابن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وحجة الله على خلقه) ويقولون لآخرين (هو رسول الله وحجة الله) ويقولون لآخرين (هو الله الخالق الرازق)!! لا إله إلا الله وحده لا شريك له تبارك - سبحانه وتعالى - عما يقول الظالمون علوا كبيرا.

يقول ابن هانىء الأندلسي في مدح الخليفة الفاطمي الإمام المعز لدين الله الفاطمي:





ما شئت لا ما شاءت الأقدار *** فاحكم فأنت الواحد القهار

وكأنما أنت النبي محمــد *** وكأنما أنصـارك الأنصار

أنت الذي كانت تبشرنا به *** في كتبها الأحبار و الأخبار

هذا إمام المتقين ومن به *** قد دوخ الطغيان و الكفـار

هذا الذي ترجى النجاة بحبه *** وبه يحطّ الإصر و الإزار

هذا الذي تجدي شفاعته غدا *** حقًّا و تخمد إن تراه النار



ولما هلك قام ابنه المسمى بالقائم مقامه وزاد شره على شر أبيه أضعافا مضاعفة وجاهر بشتم الأنبياء فكان ينادى في أسواق المهدية وغيرها (العنوا عائشة وبعلها، العنوا الغار وما حوى)

وانظر -رحمك الله- إلى ما قرره هذا العالم المؤرخ وهو قريب عهد منهم حيث عاش ما بين سنة (599-665)للهجرة النبوية، وكيف تألم لما حل بالمسلمين من كرب وضيق من جرّاء حكم هؤلاء الباطنيين, وعلى هذا فالمولد النبوي أصله ومنشئه من الباطنيين ذي الأصول المجوسية اليهودية المحيين شعائر الصليبية، ونحن هنا نقول لكل منصف هل يصح أن نجعل أمثال هؤلاء مصدر عباداتنا وشعائرنا, ونحن نقول مرة أخرى إن القرون المفضلة التي عاش فيها سلفنا الصالح لم يكن فيها أثر لمثل هذه العبادة منهم, أو من أعدائهم, أو حتى من جهلتهم وعامتهم, أفلا يسعنا ما وسعهم.

إعلم- رحمني الله وإياك- أن ما يسمى بالمولد النبوي ليس مشروعا ولم يدل عليه دليل من كتاب, ولا سنة, ولا إجماع, ولا قياس صحيح, ولا حتى دليل عقلي ولا فطري, وما كان بهذه الصيغة فهو بدعة مذمومة.

قال الحافظ ابن رجب: \" والمراد بالبدعة ما أحدث مما لا أصل له في الشريعة يدل عليه\".

ويقول أيضاً: \" فكل من أحدث شيئا ونسبه إلى الدين فهو ضلالة والدين بريء منه، وسواء في ذلك مسائل الاعتقاد, أو الأعمال, أو الأقوال الظاهرة والباطنة\".



أولا:

إن هذا الفعل لم يفعله النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا أمر به, ولا فعله صحابته, ولا أحد من التابعين, ولا تابعيهم, ولا فعله أحد من أهل الإسلام خلال القرون المفضلة الأولى, وإنما ظهر- كما تقدم- على أيدي أناس هم أقرب إلى الكفر منهم إلى الإيمان وهم الباطنيون.

إذا تقرر هذا فالذي يفعل هذا الأمر داخل ضمن الوعيد الذي توعد الله -عزو جل- صاحبه وفاعله بقوله: (ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدي ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا) والذي يفعل ما يسمى بالمولد لاشك أنه متبع لغير سبيل المؤمنين من الصحابة والتابعين وتابعيهم.



ثانيا:

إن الذي يمارس هذا الفعل واقع فيما حذر منه النبي - صلى الله عليه وسلم - حين قال \" إياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة\". وجاء في رواية أخرى (وكل ضلالة في النار).



ثالثا:

إن فاعل هذه البدعة غير مأجور على فعله بل مردود على صاحبه لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - (من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد)



رابعا:

قال الله - تعالى -: (اليَومَ أَكمَلتُ لَكُم دِينَكُم وَأَتمَمتُ عَلَيكُم نِعمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسلاَمَ دِيناً ).

والذي يقول إن المولد عبادة نتعبد لله - تعالى – بها فهو مكذب بهذه الآية, وهو كفر بالله - عز وجل - فإن قال أنه مصدق بها لزمه أن يقول أن المولد ليس بعبادة, ويكون أقرب إلى العبث واللعب منه إلى ما يقرب إلى الله - عز وجل -.

وقلنا له أيضاً كأنك مستدرك على الله وعلى رسوله بأنهم لم يدلونا على هذه العبادة العظيمة التي تقرب إلى الله والرسول.

فإن قال أنا لا أقول أنها عبادة ولا استدرك على الله ورسوله ومؤمن بهذه الآية لزمه الرجوع إلى القول الحق وأنها بدعة محدثة هدانا الله وكل مسلم لما يحبه ربنا ويرضى.



خامسا:

إن الممارس لبدعة المولد كأنه يتهم الرسول - صلى الله عليه وسلم - بالخيانة وعدم الأمانة - و العياذ بالله- لأنه كتم على الأمة ولم يدلها على هذه العبادة العظيمة التي تقربها إلى الله

قال الإمام مالك - رحمه الله -: \" من ابتدع في الإسلام بدعة يراها حسنة فقد زعم أن محمدا - صلى الله عليه وسلم - خان الرسالةº لأن الله يقول: (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا) فما لم يكن يومئذ دينا فلا يكون اليوم دينا\".



سادسا:

إن فاعل المولد معاند للشرع ومشاق لهº لأن الشارع قد عين لمطالب العبد طرقا خاصة على وجوه وكيفيات خاصة, وقصر الخلق عليها بالأوامر والنواهي, وأخبر أن الخير فيها والشر في مجاوزتها وتركهاº لأن الله أعلم بما يصلح عباده وما أرسل الرسل ولا أنزل الكتب إلا ليعبدوه وفق ما يريد - سبحانه -, والذي يبتدع هذه البدعة راد لهذا كله زاعم أن هناك طرقا أخرى للعبادة, وأن ما حصره الشارع أو قصره على أمور معينة ليس بلازم له فكأنه يقول بلسان حاله إنه يعلم أمرا لم يعلمه الشارع. سبحانك هذا بهتان عظيم, وجرم خطير, وإثم مبين, وضلال كبير.



سابعا:

إن في إقامة هذه البدعة تحريف لأصل من أصول الشريعة وهي محبة النبي - صلى الله عليه وسلم - واتباعه ظاهرا وباطنا, واختزالها في هذا المفهوم البدعي الضيق الذي لا يتفق مع مقاصد الشرع المطهر إلى دروشة ورقص وطرب وهز للرؤوسº لأن الذين يمارسون هذه البدعة يقولون إن هذا من الدلائل الظاهرة على محبته, ومن لم يفعلها فهو مبغض للنبي - صلى الله عليه وسلم -. وهذا لاشك تحريف لمعنى محبة الله ومحبة رسولº لأن محبة الله والرسول تكون باتباع سنته ظاهرا وباطنا كما قال - جل وعلا - :(قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله)

فالذي يجعل المحبة بإقامة هذه الموالد محرف لشريعة الله التي تقول إن المحبة الصحيحة تكون باتباعه - صلى الله عليه وسلم -، بل محو لحقيقة المحبة التي تقرب من الله, وجعلها في مثل هذه الطقوس التي تشابه ما عند النصارى في أعيادهم, وبهذا يعلم أنه (ما أحييت بدعة إلا وأميتت سنة).



ثامنا:

إن هذا المولد فيه مشابهة واضحة لدين النصارى الذين يحتفلون بعيد ميلاد المسيح, وقد نهينا عن التشبه بهم كما قال - صلى الله عليه وسلم - (ومن تشبه بقوم فهو منهم).



تاسعا:

إن فيه قدحا في من سبقنا من الصحابة ومن أتى بعدهم بأننا أكثر محبة للنبي - صلى الله عليه وسلم - منهم، وأنهم لم يوفوه حقه من المحبة والاحترامº لأن فاعلي المولد يقولون عن الذين لا يشاركونهم أنهم لا يحبون النبي - صلى الله عليه وسلم - وهذه التهمة منصرفة إلى أصحابه الأطهار الذين فدوه بأرواحهم وبآبآءهم وأمهاتهم - رضي الله عنهم - وأرضاهم.



عاشرا:

إن فاعل هذا المولد واقع فيما نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - أمته صراحة فقد قال - صلى الله عليه وسلم - (لا تطروني كما أطرت النصارى عيسى ابن مريم), فقد نهى عن تجاوز الحد في إطرائه ومدحه, وذكر أن هذا مما وقع فيه النصارى وكان سبب انحرافهم.

وما يفعل الآن من الموالد من أبرز مظاهر الإطراء وإذا لم يكن في الموالد-: (التي تنفق فيها الأموال الطائلة وتنشد فيها المدائح النبوية التي تشتمل على أعظم أنواع الغلو فيه - صلى الله عليه وسلم - من إعطائه خصائص الربوبية)- إطراء ففي ماذا يكون الإطراء؟



حادي عشر:

وبدعة المولد النبوي مجاوزة في الحد المشروع من محبة النبي - صلى الله عليه وسلم -، ومجاوزة للحد المشروع في إقامة الأعياد, فليس في شرعنا للمسلمين إلا عيدان فقط ومن أتى بثالث فهو متجاوز للحد المشروع



ثاني عشر:

إن فعل المولد غلو مذموم في شخص النبي - صلى الله عليه وسلم -, ومن أعظم الذرائع المؤدية للشرك الأكبر وهو الكفر المخرج من الملةº لأن الغلو في الصالحين كان سبب وقوع الأمم السابقة في الشرك وعبادة غير الله - عز وجل -.

وقد جاءت الشريعة بسد الذرائع الموصلة للشرك.

وقد حذر النبي - صلى الله عليه وسلم - أمته من ذلك فقال - صلى الله عليه وسلم -: \"إياكم والغلو فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو\". وهذا عام في جميع أنواع الغلو في الاعتقادات والأعمال



ثالث عشر:

إن الفرح بهذا اليوم والنفقه فيه وإظهار الفرح والسرور فيه قدح في محبة العبد لنبيه الكريم إذ هذا اليوم باتفاق هو اليوم الذي توفي فيه النبي - صلى الله عليه وسلم - فكيف يفرح فيه والله المستعان.

يقول ابن الحاج في المدخل (2/15): \" ثم العجب العجيب كيف يعملون المولد للمغاني والفرح والسرور لأجل مولده - عليه الصلاة والسلام - كما تقدم في هذا الشهر الكريم وهو - عليه الصلاة والسلام - فيه انتقل إلى كرامة ربه - عز وجل - وفجعت الأمة فيه وأصيبت بمصاب عظيم لا يعدل ذلك غيرها من المصائب أبداً فعلى هذا كان يتعين البكاء والحزن الكثير وانفراد كل إنسان بنفسه لما أصيب به...... \". أهـ



رابع عشر:

اشتمال هذه الموالد على كثير من كبائر وعظائم الأمور والتي يرتع فيها أصحاب الشهوات ويجدون فيها بغيتهم مثل: الطرب, والغناء, واختلاط الرجال بالنساء, ويصل الأمر في بعض البلدان التي يكثر فيها الجهل أن يشرب فيها الخمر, وكذلك إظهار ألوان من الشعوذة والسحر, ومن يحضر هذه الأماكن بغير نية القربة فهو آثم مأزور غير مأجور فكيف إذا انضم إليه فعل هذه المنكرات على أنها قربة إلى الله - عز وجل - فأي تحريف لشعائر الدين أعظم من هذا التحريف.



خامس عشر:

اشتماله على أنواع عظيمة من البذخ والتبذير وإضاعة الأموال وإنفاقها على غير أهلها.



سادس عشر:

إن في هذه الموالد والتي كثرت وانتشرت حتى وصلت في بعض الأشهر أن يحتفلوا بثمان وعشرين مولدا أن فيها من استنفاد الطاقات والجهود والأموال وإشغال الأوقات وصرف للناس عن ما يكاد لهم من قبل أعدائهم, فتصبح كل أيامهم رقص وطرب وموالد, فمتى يتفرغون لتعلم دينهم ومعرفة ما يخطط لهم من قبل أعدائهم؟ ولهذا لما جاء المستعمرون للبلاد الإسلامية حاولوا القضاء على كل معالم الإسلام, وصرف الناس عن دينهم, ومحاولة إشاعة الرذيلة بينهم, وما كان من تصرفات المسلمين فيه مصلحة لهم وفت في عضد المسلمين وإضعاف لشانهم فإنهم باركوه وشجعوه, مثل الملاهي, والمحرمات, ونحوها ومن ذلك البدع المحدثة التي تصرف الناس عن معالم الإسلام الحقيقية, مثل بدعة المولد وغيرها من الموالد، بل مثل هذه البدع من أسباب تخلف المسلمين وعدم تقدمهم على غيرهم.

يقول السيد رشيد رضا في المنار (2/74-76): \" فالموالد أسواق الفسوق فيها خيام للعواهر, وخانات للخمور, ومراقص يجتمع فيها الرجال لمشاهدة الراقصات المتهتكات الكاسيات العاريات, ومواضع أخرى لضروب من الفحش في القول والفعل يقصد بها إضحاك الناس.... (إلى أن قال): فلينظر الناظرون إلى أين وصل المسلمون ببركة التصوف واعتقاد أهله بغير فهم ولا مراعاة شرع اتخذوا الشيوخ أنداداً وصار يقصد بزيارة القبور والأضرحة قضاء الحوائج, وشفاء المرضى, وسعة الرزق بعد أن كانت للعبرة, وتذكرة القدوة, وصارت الحكايات الملفقة ناسخة فعلا لما ورد من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والتعاون على الخير. ونتيجة لذلك كله أن المسلمين رغبوا عما شرع الله إلى ما توهموا أنه يرضي غيره ممن اتخذوهم أنداداً وصاروا كالإباحيين في الغالب, فلا عجب إذا عم فيهم الجهل واستحوذ عليهم الضعف, وحرموا ما وعد الله المؤمنين من النصرº لأنهم انسلخوا من مجموع ما وصف الله به المؤمنين, ولم يكن في القرن الأول شيء من هذه التقاليد والأعمال التي نحن عليها بل, ولا في الثاني ولا يشهد لهذه البدع كتاب ولا سنة, وإنما سرت إلينا بالتقليد أو العدوى من الأمم الأخرى، إذ رأى قومنا عندهم أمثال هذه الاحتفالات فظنوا أنهم إذا عملوا مثلها يكون لدينهم عظمة وشأن في نفوس تلك الأمم, فهذا النوع من اتخاذ الأنداد كان من أهم أسباب تأخر المسلمين وسقوطهم فيما سقطوا فيه \". أ. هـ

نابليون المستعمر الفرنسي يحي المولد ويدعمه:

واسمع إلى ما يحدثنا به المؤرخ المصري الجبرتي في كتابيه عجائب الآثار(2/249، 201) ومظهر التقديس بزوال دولة الفرنسيس ص47: ذكر أن المستعمرين الفرنسيين عندما احتلوا مصر بقيادة نابليون بونابرت انكمش الصوفية وأصحاب الموالد فقام نابليون وأمرهم بإحيائها ودعمها. في سنة 1213هـ في ربيع الأول: سأل صاري العسكر عن المولد النبوي, ولماذا لم يعملوه كعادتهم فاعتذر الشيخ البكري بتوقف الأحوال, وتعطل الأمور وعدم المصروف. فلم يقبل وقال (لابد من ذلك) وأعطى الشيخ البكري ثلاثمائة ريال فرنسية يستعين بها, فعلقوا حبالا وقناديل واجتمع الفرنسيس يوم المولد, ولعبوا ودقوا طبولهم واحرقوا حراقة في الليل, وصواريخ تصعد في الهواء ونفوطاً\".

ولعل سائلا يسأل ما هدفهم من تأييد ودعم مثل هذه البدع وهذه الموالد؟

ندع الجواب للمؤرخ الجبرتي المعاصر لهم حيث يقول في تاريخ عجائب الآثار(2/306):

\" ورخص الفرنساوية ذلك للناس لما رأوا فيه من الخروج عن الشرائع, واجتماع النساء, واتباع الشهوات والتلاهي وفعل المحرمات \".

 

وليس يجهل ما يراد بنا إلا *** الجواميس أو شبه الجواميس

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply