حكم الأشاعرة عند أئمة المذاهب الأربعة من الفقهاء فما بالك بأئمة الجرح والتعديل من أصحاب الحديث


بسم الله الرحمن الرحيم

 عند المالكية:

روى حافظ المغرب وعلمها الفذ ابن عبد البر بسنده عن فقيه المالكية بالمشرق ابن خويز منداد أنه قال في كتاب الشهادات شرحاً لقول مالك: لا تجوز شهادة أهل البدع والأهواء، وقال: ((أهل الأهواء عند مالك وسائر أصحابنا هم أهل الكلام، فكل متكلم فهو من أهل الأهواء والبدع أشعرياً كان أو غير أشعري، ولا تقبل له شهادة في الإسلام أبداً، ويهجر ويؤدب على بدعته، فإن تمادى عليها استتيب منها.

وروى ابن عبد البر نفسه في الانتقاء عن الأئمة الثلاثة ((مالك وأبي حنيفة والشافعي)) نهيهم عن الكلام وزجر أصحابه وتبديعهم وتعزيرهم، ومثله ابن القيم في ((اجتماع الجيوش الإسلامية)) فماذا يكون الأشاعرة إن لم يكونوا أصحاب كلام؟



عند الشافعية:

قال الإمام أبو العباس بن سريج الملقب بالشافعي الثاني، وقد كان معاصراً للأشعري: ((لا نقول بتأويل المعتزلة والأشعرية والجهمية والملحدة والمجسمة والمشبهة والكرامية والمكيفة بل نقبلها بلا تأويل ونؤمن بها بلا تمثيل)).

قال الإمام أبو الحسن الكرجي من علماء القرن الخامس الشافعية ما نصه: ((لم يزل الأئمة الشافعية يأنفون ويستنكفون أن ينسبوا إلى الأشعري ويتبرأون مما بنى الأشعري مذهبه عليه وينهون أصحابهم وأحبابهم عن الحوم حواليه على ما سمعت من عدة من المشايخ والأئمة))، وضرب مثالاً بشيخ الشافعية في عصره الإمام أبو حامد الإسفرائيني ((الملقب الشافعي)) الثالث قائلاً: ((ومعلوم شدة الشيخ على أصحاب الكلام حتى ميز أصول فقه الشافعي من أصول الأشعري، وعلق عنه أبو بكر الراذقاني وهو عندي، وبه اقتدى الشيخ أبو إسحاق الشيرازي في كتابيه اللمع والتبصرة حتى لو وافق قول الأشعري وجهاً لأصحابنا ميزه وقال: ((هو قول بعض أصحابنا وبه قالت الأشعرية ولم يعدهم من أصحاب الشافعي، استنكفوا منهم ومن مذهبهم في أصول الفقه فضلاً عن أصول الدين)).

وبنحو قوله بل أشد منه قال شيخ الإسلام الهروي الأنصاري.



الحنفية:

معلوم أن واضع الطحاوية وشارحها كلاهما حنفيان، وكان الإمام الطحاوي معاصراً للأشعري وكتب هذه العقيدة لبيان معتقد الإمام أبي حنيفة وأصحابه، وهي مشابهة لما في الفقه الأكبر عنه وقد نقلوا عن الإمام أنه صرح بكفر من قال إن الله ليس على العرش أو توقف فيه، وتلميذه أبو يوسف كفر بشراً المريسي، ومعلوم أن الأشاعرة ينفون العلو وينكرون كونه - تعالى - على العرش ومعلوم أيضاً أن أصولهم مستمدة من بشر المريسي.



الحنابلة:

موقف الحنابلة من الأشاعرة أشهر من أن يذكر فمنذ بدّع الإمام أحمد ((ابن كلاب)) وأمر بهجره وهو المؤسس الحقيقي للمذهب الأشعري لم يزل الحنابلة معهم في معركة طويلة، وحتى في أيام دولة نظام الملك التي استطالوا فيها وبعدها كان الحنابلة يخرجون من بغداد كل واعظ يخلط قصصه بشيء من مذهب الأشاعرة، ولم يكن ابن القشيري إلا واحداً ممن تعرض لذلك، وبسبب انتشار مذهبهم وإجماع علماء الدولة سيما الحنابلة على محاربته أصدر الخليفة القادر منشور ((الاعتقاد القادري)) أوضح فيه العقيدة الواجب على الأمة اعتقادها سنة 433 هـ.

هذا وليس ذم الأشاعرة وتبيعهم خاصة بأئمة المذاهب المعتبرين، بل هو منقول أيضاً عن أئمة السلوك الذين كانوا أقرب إلى السنة واتباع السلف، فقد نقل شيخ الإسلام في الاستقامة كثيراً من أقوالهم في ذلك، وأنهم يعتبرون موافقة عقيدة الأشعرية منافياً لسلوك طريق الولاية والاستقامة حتى أن عبد القادر الجيلاني لما سئل: ((هل كان لله ولي على غير اعتقاد أحمد بن حنبل؟ قال: ما كان ولا يكون)).

فهذا موجز مختصر جداً لحكم الأشاعرة في المذاهب الأربعة.

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply