بسم الله الرحمن الرحيم
سؤالي حول الخوارج واعتقاد أهل السنة والجماعة بهم، هل هم كفار على العموم أم غلاتهم أم أنهم من أهل المذاهب؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، ومن اهتدى بهداه، وبعد:
فالخوارج الذين خرجوا على الخليفة الراشد علي بن أبي طالب – رضي الله تعالى - عنه اختلف الناس في حكمهم: هل هم كفار أم لا؟ والصحابة – رضوان الله تعالى عليهم - وهم القدوة لا يكفرونهم، بل إن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب – رضي الله تعالى عنه – والذي ناله من أذاهم ما ناله من الخروج عليه، وقتاله، وتكفيرهم إياه، وفي آخر الأمر قتلهم له – رضي الله تعالى عنه – لا يرى تكفيرهم، وهذا قمة الورع والإنصاف منه – رضي الله عنه - لا كما يقوله بعض أصحاب الأهواء \" نكفر من كفَّرنا\"، فلما سئل - رضي الله عنه - عنهم: أكفار هم؟ قال: من الكفر فروا!! قيل له: فمنافقون؟ قال: إن المنافقين لا يذكرون الله إلا قليلاً – يعني على عكس الخوارج وما عرف من كثرة عبادتهم وذكرهم لله - تعالى -.
قال: فماذا يكونون؟ قال: قوم أصابتهم فتنة فعموا فيها وصموا!! أو كما قال – رضي الله عنه -.
وهذا القول طبقه عملياً علي – رضي الله تعالى عنه – ومعه الصحابة - رضي الله عنهم -، فلم يعاملهم معاملة المرتدين كما كان في زمن أبي بكر – رضي الله تعالى عنهم -، فلم يبدأهم بقتال، ولم يجهز على جريحهم، ولم يسب نساءهم... إلخ، وهذا هو الصحيح في الحكم على الخوارج، والأحاديث التي وردت فيهم من قول النبي – صلى الله عليه و سلم -: \"بأنهم يمرقون من الدين مروق السهم من الرمية\" رواه البخاري(4351)، ومسلم (1064) من حديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه -، وقوله - صلى الله عليه و سلم -: \" كلاب أهل النار\" رواه ابن ماجة(176) من حديث أبي أمامة – - رضي الله عنه -، وأمره - صلى الله عليه و سلم - بقتالهم والثناء على من قتلهم أو قتلوه فيما رواه البخاري(3611)، ومسلم(1066) من حديث علي - رضي الله عنه - فهذه النصوص لا تدل على كفرهم بأعيانهم، ولا يلزم من الأمر بالقتال أن يكونوا كفاراً، وإنما هي من نصوص الوعيد الدالة على شنيع جرمهم والتحذير منه.
ومع ترجيحنا لعدم تكفيرهم فلا يعني ذلك استصغار جريمتهم وانحرافهم، ويكفي في ذلك من الدلالة على مروقهم وضلالهم وبدعتهم وانحرافهم ما أشرنا إليه آنفاً من الأحاديث الواردة في ذمهم وتوعدهم بالنار، نسأل الله العافية والسلامة.
وهذا دليل على إنصاف أهل السنة والجماعة وبعدهم عن التكفير إلا من كفرته النصوص، لا كما هو ديدن بعض الطوائف في تكفير كل من خالفهم في انحرافهم، والله أعلم، وصلى الله وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد