محاولات لم تثمر


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 



حاول كثير من الزعماء المسلمين إرجاع النصيرية إلى الإسلام، وقاموا بمجهودات كثيرة بالترهيب تارة وبالترغيب تارة متوالية، وكما هو شأن هذه الطائفة إذا أحسوا بقوة تضغط عليهم، وخافوا سطوتها أظهروا الموافقة والتمسك بشرائع الإسلام الظاهرة.

فإذا ضعفت هذه القوة ظهر النصيريون على حقيقتهم، وأعلنوا الحرب على تلك الشعائر الإسلامية التي ألزموا بها كبناء المساجد، والصلاة جماعة فيها، والتمسك بصوم شهر رمضان، وغير ذلك من الإصلاحات والتي كان ينجح فيها النصيريون بخداع الناس بأنهم متمسكون بسائر شعائر الإسلام، وأنه لا فرق بينهم وبين بقية المسلمين، ومن هؤلاء الزعماء الذين حاولوا إصلاح النصيرية:

صلاح الدين الأيوبي فبعد دحره للصليبيين بنى المساجد، وأمر جميع النصيريين بالصلاة فيها وبالصوم، وغيرهما من بقية شعائر الإسلام، فأطاعوه إلى أن توفي فتركوا ذلك، وجعلوا المساجد زرائب للحيوانات.

الظاهر بيبرس: بعد أن دحر التتار ألزمهم ببناء المساجد بقراهم، وإقامة الصلاة فيها فبنوها بعيدة عن القرى وهجروها، وربما كان يمر الغريب في المسجد فيؤذن فيه فيقولون له: لا تنهق يأتيك علفك بعد قليل، كما حكى ذلك الرحالة ابن بطوطة.

السلطان العثماني (سليم): بنى المساجد، وقام بكثير من الإصلاحات، ولكنهم رجعوا بعده إلى ما كانوا عليه.

إبراهيم باشا بن محمد علي باشا والى مصر: كذلك قام بإصلاحات كثيرة من أجل تركهم عقائدهم الفاسدة إلا أنهم حينما أنسوا من أنفسهم قوة رجعوا عن ذلك كله.

السلطان العثماني عبد الحميد: كرر المحاولات بإرساله رجلاً من خاصته اسمه ضياء باشا، وجعله متصرفاً على لواء اللاذقية، فأنشأ لهم المساجد والمدارس، فأخذوا يتعلمون ويصلون ويصومون، وأقنع الدولة بأنهم مسلمون إذ لم يعصوا له أمراً، ولكنه بعد أن ترك هذا المتصرف منصبه خربت المدارس، وحرقت الجوامع ودنست.

ولقد كان لشيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - صولات وجولات مع هؤلاء، فقد غزا - رحمه الله - النصيرية في جبل كسروان بمن معه من المسلمين، وفتح بلادهم، وكاتب السلطان فيهم بحسم مادة شيوخهم الذين يضلونهم، والأمر بإقامة شعائر الإسلام، ونشر السنة ببلادهم.

وهكذا انتهت تلك المحاولات بلا جدوى، وربما يعود السر في محاربتهم لبناء المساجد إلى عقيدة عندهمº إذ يزعمون أن من عرف ربه وعرف معنى التكاليف صار حراً غير مكلف، وبقاء المساجد في نظرهم دليل على الجهل والتقصير، وعدم معرفة الرب، ومعرفة أوامره ظاهراً وباطناً، (وليس فيه أجهل منهم بربهم).

وهذا هو المفهوم عند غلاة الباطنية تجاه إسقاط دلالات النصوص، وعند غلاة الصوفية الذين يزعمون أنه يصل أحدهم إلى درجة اليقين ثم ينفلت عن جميع التكاليف.

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply