بسم الله الرحمن الرحيم
يسود مدينة أصفهان، يهودية الأساس وعاصمة الدولة الصفوية تاريخيًا، حالة من الهرج والمرج بين التأكيد والتكذيب للخبر الذي وزعته قبل أيام المؤسسات الثقافية والإعلامية التابعة لأحد كبار المراجع الشيعة في قم، الملا محمد تقي بهجت، والذي يؤكد ولادة قاتل الإمام الغائب المهدي المنتظر الإمام الثاني عشر عند الشيعة الاثني عشرية، وذلك اعتمادًا على الرؤيا التي رآها المرجع المذكور.
ويقول الخبر العاصف ـ الذي مازال صداه مدويًا في أغلب المدن الإيرانية وفي مدينة أصفهان تحديدًاـ: إن آية الله محمد تقي بهجت وأثناء قيامه بصبغ الوضوء غشته غيبوبة قصيرة، وبعد عودته إلى الوعي سئل من قبل تلامذته وأتباعه الذين كانوا عنده عن سبب هذه الغيبوبة، فأخبرهم أنه شاهد في التو قاتل المهدي المنتظر وهو يولد في مدينة أصفهان!
هذا النوع من الروايات والأخبار التي تحظى بمصداقية كبيرة لدى أتباع التشيع الصفوية كانت قد شهدت انتشارًا كبيرًا في إيران مؤخرًا، الأمر الذي دفع بوزارة الاستخبارات الإيرانية برفع تقارير إلى مسئولي النظام وعدد من مراجع حوزة قم تحذر فيها من خطورة هذه الظاهرة على أمن البلاد.
وقد حذر التقرير الأمني من ظاهرة تكاثر أعداد المنتحلين لشخصية المهدي أو المدعين رؤيته والاجتماع به. مشيرًا إلى أن هناك عددًا من السجناء في بعض السجون البلاد يدّعون أنهم على صلة بالإمام المهدي. وأعرب التقرير عن خشيته من أن توجه هذه الخرافات لطمة لعقائد المجتمع أو ربما تستغل سياسيًا من قبل من أسماهم بالأعداء.
التقرير المطول الذي أوصت به وزارة الاستخبارات ركّز جل تحذيره على الطرق الصوفية التي أخذت تنتشر بشكل لم يسبق له مثيل في إيران، وذلك على الرغم من القيود الذي تفرضها السلطات الحكومية على نشاطات هذه الفرق.
وعقب نشر التقرير المذكور أصدر، آية الله فاضل ألنكراني ـ وهو أحد المراجع الستة الكبار في حوزة قم ـ فتوى دينية يحرم فيها المشاركة في جلسات الذكر التي تقيمها الفرق الصوفية أو الدخول إلى تكاياهم الخاصة. واصفًا عقائد الصوفية بالباطلة، وذلك لكون الصوفية قد أحدثت بدعة باسم الطريقة وفرقت بينها وبين الشريعة حسب نص فتوى ألنكراني.
وقد رأى بعض المراقبين أن فتوى ألنكراني هذه تأتي من خوفه على نظرية ولاية الفقيه، وذلك بعد أن أخذ جمع كبير من الشباب الإيراني يتوجه نحو الفرق الصوفية، التي بدورها ترفض نظرية ولاية الفقيه وتدعو لإلغائها.
لقد شجع تقرير وزارة الاستخبارات الإيرانية المذكور صحيفة الشرق ـ وهي واحدة من الصحف الإيرانية واسعة الانتشار ـ على التطرق لظاهرة تكاثر الخرافات التي تشهدها مدينة قم تحديدًا، هذه المدينة التي بدأت تضاهي قدسيتها عند الصفويين قدسية الكعبة المكرمة. وهذا ما لفتت الانتباه إليه الصحيفة، التي تم إغلاقها مؤخرًا عقب ذلك التقرير، بدعوى أنه لا يوجد فيها مدير مسئول، وهذا مخالف لقانون الصحافة، حيث وجهت نقدًا لاذعًا لمؤسسة الإذاعة والتلفزيون الإيراني، متهمة إياها بالتشجيع على تفشي ظاهرة الخرافات الدينة التي تشهدها إيران، مستشهدة بنقل التلفزيون لاحتفالات ليلة ويوم النصف من شعبان التي جرت في مسجد جمكران في مدينة قم، والتي حضرها ما يقارب ثلاثة ملايين شخص من مختلف المدن الإيرانية.
وقد انتقدت الشرق الزوار الذين يترددون على مسجد جمكران الذين أخذوا يعزفون عن زيارة قبر السيدة معصومة بنت الإمام موسى الكاظم، التي توجد حسب رأي الصحيفة توصيات من الأئمة المعصومين تؤكد على وجوب زيارة هذه السيدة. متسائلة كيف يمكن الإغراق في فضائل مسجد تأسس بناء على رؤية فلاح اسمه حسن بن مثلة الجمكراني قال: إن المهدي أمره ببناء هذا المسجد الذي لم يرد له ذكر أو فضيلة في روايات الأئمة المعصومين؟
علمًا أن الكثير من الروايات الموضوعة في فضل مسجد جمكران سبق أن ذكرت في فضل مسجد السهلة في الكوفة الذي كان قد بني في القرن الأول، ويقال إن بني ظفر هم بناة المسجد في الحقيقة، وهؤلاء بطن من الأنصار نزلوا الكوفة، ولهذا عرف المسجد أولاً بمسجد بني ظفر، ثم تحول اسمه إلى مسجد السهلة وهي التسمية المتداولة حالياً. ويوجد في مسجد السهلة مقام يسمى بمقام الإمام المهدي المنتظر، تقول الروايات إن من صلى فيه أربعين ثلاثاء متتالية تمكن من رؤية المهدي!.
هذه الرواية صارت تحكي بحق مسجد جمكران حتى إن الميرزا جواد التبريزي أحد مراجع حوزة قم المعروف بطائفيته الشديدة، قد سار العام الماضي مشيًا على الأقدام لزيارة هذا المسجد. وهو يحاول بذلك تقليد الشاه عباس الصفوي القرن العاشر الهجري الذي كان قد دعا الإيرانيين إلى عدم الذهاب إلى مكة المكرمة وحج بيت الله الحرام. قائلاً: لماذا تذهبون إلى مكة العرب، وعندكم مكة تعادل زيارتها 70 حجة. ويقصد بذلك مدينة مشهد في إقليم خراسان، والتي يوجد فيها قبر الإمام علي بن موسى المشهور بالرضا ثامن الأئمة عندهم. وقد سار الشاه عباس مشيًا على الأقدام من أصفهان إلى مشهد في رحلة دامت ثمانية وعشرين يومًا، ثم بقي هناك مدة ثلاثة أشهر يعمل فيها مع الخدم في التنظيف والخدمة على الزوار ومساندة عمال البناء الذين أمرهم بتوسعة المقام. وطوال مدت حياته لم يجرؤ أحد أن يقوم بتنظيم حملة للحج، وكان أغلب الإيرانيين يؤدون فريضة الحج سرًا إلى أن مات الشاه عباس.
رؤية المرجع الإيراني الشيخ محمد تقي بهجت بشأن ولادة قاتل المهدي المنتظر شبهها أحد الخبراء بشئون المرجعية الشيعية، برؤية زعيم أحد الطوائف اليهودية في كينيا إسرائيل هوكينز، الذي كان قد وعد أتباعه بوقوع حرب نووية بحلول 12 سبتمبر أيلول الجاري. وقد أخذ أتباع هذه الطائفة التي تحمل اسم بيت يهوه تحذير زعيمهم على محمل الجد وبدءوا بناء مخابئ خاصة لحماية أنفسهم. وقال أحد أتباع الطائفة ويدعى يليسور كاموتوم: إن الدمار سيقع لأن البشر لا يتبعون شرائع يهوه إلا أن هذه الرؤية لم تتحقق وقد أصيب أتباع الطائفة بالحيرة.
وقبل ست سنوات صدمت أوغندا المجاورة لكينيا بما انتهت إليه نبوءة حول يوم القيامة. فلم ينته العالم في ديسمبر كانون الأول عام 1999 كما تنبأت الجماعة التي كانت تطلق على نفسها استعادة الوصايا العشر، وبعد ذلك الموعد المقرر بأربعة أشهر تم العثور على جثث المئات من أتباع الطائفة قتلى.
ولم يستبعد الخبير في الشئون المرجعية الإيرانية أن يلاقي أنصار ومقلدو آية الله الشيخ بهجت مصير أتباع جماعة بيت يهوه وجماعة استعادة الوصايا العشرة الذين انتهوا بانتحار جماعي بعد ثبوت عدم صدق تنبؤات مراجعهم العظام.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد
التعليقات ( 1 )
الخبر غير صحيح
-محمد
13:23:37 2019-02-09