بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:
فإن من أوجه الشبه الواضحة بين الرافضة واليهود، عقيدة الوصية، فعلى حين يرى اليهود ضرورة تنصيب وصي بعد نبي الله موسى - عليه السلام - تكون مهمته إرشاد الناس من بعده، يرى الرافضة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد أوصى بالخلافة من بعده لعلي بن أبي طالب، وأن الله أوصى له بذلك.
وفي هذا المقال نبين:
1- الوصية عند اليهود.
2- الوصية عند الرافضة.
3- التشابه بين العقيدتين.
4- إبطال عقيدة الوصية.
أولاً: الوصية عند اليهود:
جاءت نصوص التوارة تبين عقيدة الوصية عند اليهود، وأن الله - تعالى - أمر موسى عليه السلام أن يوصي من بعده ليوشع بن نون، ليحمل مهمة إرشاد الناس بعد موته عليه السلام، ومن ذلك:
- ما ورد في سفر العدد أن الله قال لموسى - عليه السلام -: «أيامك قد قربت لكي تموت، ادع يوشع وقفا في خيمة الاجتماع لكي أوصيه، فانطلق موسى ويوشع ووقفا في الجنة...».[الإصحاح 31، فقرة 14].
- ما ورد في سفر يوشع: «قال الرب ليوشع ابتدئ أعظمك في أعين جميع بني إسرائيل، لكي يعلموا أني كما كنت مع موسى أكون معك». [الإصحاح الثالث، فقرة: 7].
- ما ورد في سفر يوشع أن الله خاطب يوشع بعد موت موسى، قائلاً له: «عبدي موسى قد مات، فالآن قم اعبد في هذا الأردن». [الإصحاح الأول، فقرة: 1].
من كل ما سبق يتضح أن الله - تعالى -كلم يوشع وصي موسى عند اليهود، وأنه - سبحانه - وعده كذلك أن تفتح على يده الأرض المقدسة، ويتولى تقسيمها بين بني إسرائيل، وأنه - سبحانه - أمسك الشمس والقمر له عندما طلب ذلك من ربه - سبحانه -، وخلاصة ما ورد في التوراة بشأن الوصي يدور حول النقاط التالية:
1- وجوب تعيين الوصي.
2- أن الله - سبحانه - هو الذي اختار ذلك الوصي.
3- أن الوصي له منزلة عظيمة عند اليهود.
4- أن الله - سبحانه - يوحي إلى الوصي كما يوحي إلى النبي.
5- أن الوصي يؤيده الله بمعجزات كما يؤيد أنبياءه.
ثانيًا: الوصية عند الرافضة (الشيعة):
يعتقد الرافضة (الشيعة) أن عليًا - رضي الله عنه - هو الوصي بعد النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأن اختياره تم بوحي من الله - عز وجل - لنبيه - صلى الله عليه وسلم -، وتلك بعض النصوص من أقوال علمائهم القدامى والمعاصرين:
- يروي الصدوق في مصنفه - أمالي الصدوق ص108- عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إن الله -تبارك وتعالى- آخى بيني وبين علي بن أبي طالب، وزوجه ابنتي من فوق سبع سماوات، وأشهد على ذلك الملائكة المقربين، وجعله لي وصيًا وخليفة، فعلي مني وأنا منه، محبه محبي، ومبغضه مبغضي، وإن الملائكة لتقرب إليَّ بمحبته».
- يقول المظفر - من المعاصرين-: «الإمامة استمرار للنبوة، والدليل الذي يوجب إرسال الرسل وبعث الأنبياء، هو نفسه يوجب أيضًا نصب الإمام بعد الرسول، فلذلك نقول: إن الإمامة لا تكون إلا بالنص من الله - تعالى -على لسان النبي أو لسان الإمام الذي قبله وليست هي بالاختيار والانتخاب من الناس». [عقائد الإمامية ص103].
- يذهبون إلى ما هو أبعد من ذلك، فيعتقدون أن الله - عز وجل - قد ناجى عليًا - رضي الله عنه-، يقول المفيد: «قلت لأبي عبد الله - عليه السلام -: بلغني أن الرب -تبارك وتعالى- قد ناجى عليًا - عليه السلام -، فقال: أجل، قد كانت بينهما مناجاة بالطائف نزل بينهما جبريل». [الاختصاص ص327].
- يعتقدون أن الوحي ينزل على الأوصياء، جاء في «بصائر الدرجات»: «عن أبي جعفر الباقر، أنه قال: إن الأوصياء محدَّثون، يحدثهم روح القدس ولا يرونه، وكان علي - عليه السلام - يعرض على روح القدس ما يسأل عنه، فيجيب في نفسه أن قد أصبت بالجواب فيخير فيكون كما قال». [... ص473].
يعتقدون أن الأئمة بمنزلة الرسول - صلى الله عليه وسلم -، جاء في الكافي: «الأئمة بمنزلة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، إلا أنهم ليسوا بأنبياء، ولا يحل لهم من النساء ما يحل للنبي، فأما ما خلا ذلك فهم فيه بمنزلة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ». [أصول الكافي 1/270].
ثالثًا: التشابه بين اليهود والرافضة في عقيدة الوصية:
مما سبق يتضح لنا أن هناك أوجه شبه بين الفرقتين اليهود والرافضة في:
- التشابه في التسمية، فلقب الوصي واحد عند الفرقتين، ونُقل إلى الرافضة من اليهودية عن طريق عبد الله بن سبأ اليهودي الأصل.
- اتفاقهم على وجوب تنصيب وصي بعد النبي - صلى الله عليه وسلم -، فعلى حين شبهت اليهود الأمة بغير وصي كالغنم بغير راعٍ,، قالت الرافضة: الأرض بغير وصي تسيح وتضطرب.
- اتفاقهم على أن تعيين الوصي يكون بوحي من الله - تعالى -وليس للنبي فيه اختيار.
- اتفاقهم على أن الأوصياء يكلمهم الله ويوحي إليهم.
- اتفاقهم على أن الوصي ينزل منزلة النبي، حيث قال الرب ليوشع: «كما كنت مع موسى أكون معك»، وعلى نفس الدرب سارت الرافضة.
والذي أحدث القول بالوصية في الإسلام هو عبد الله بن سبأ الذي اتخذ تلك العقيدة من التوراة، وقد ذكر ذلك أكثر من عالم من علماء الرافضة، قال نعمة الله الجزائري: قال عبد الله بن سبأ لعلي: أنت الإله حقًا، فنفاه علي - رضي الله عنه - إلى المدائن، وهو أول من أظهر القول بوجوب إمامة علي، ومنه تشعبت أصناف الغلاة.
[الأنوار النعمانية 2/234].
رابعًا: إبطال عقيدة الوصية:
إن المتأمل في السنة يجد أن القول بالوصية يخالف ما صح عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأنه - عليه الصلاة والسلام - لم يوص لأحد بعد موته، حتى قال ابن عباس - رضي الله عنهما -:
الرزية كل الرزية ما حال بين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وبين أن يكتب لأصحابه كتابًا قبل موته». [البخاري - كتاب المغازي، باب مرض النبي - صلى الله عليه وسلم -].
وروى مسلم عن عائشة - رضي الله عنها -: «ما ترك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - درهمًا ولا دينارًا ولا شاة ولا بعيرًا ولا أوصى بشيء». [رواه مسلم].
وكذب الرافضة في قولهم بالوصية لعلي - رضي الله عنه - ظاهر من كل الوجوه، بل من قول علي-رضي الله عنه -: ما خصنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بشيء لم يعم به الناس كافة إلا ما كان في قراب سيفي هذا، ثم أخرج صحيفة مكتوب فيها: لعن الله من ذبح لغير الله... ثم أين مات رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ وأين دُفن؟ ومن كان أقرب الناس إليه عند موته؟ أليست أم المؤمنين عائشة - رضي الله عنها -؟ فهل يمكن أن تكتم شيئًا سمعته من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عند موته!! ألا لعنة الله على الظالمين.
والله من وراء القصد.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد