وداوها بالتي كانت هي الداء


 

بسم الله الرحمن الرحيم

الخبر الذي نشرته صحيفة النيويورك تايمز عن قيام مقاتلي حزب الله اللبناني بتدريب مقاتلي جيش المهدي بزعامة مقتدى الصدر، وزيارات بعض قادة حزب الله المتكررة إلى العراق بتنسيق إيراني ينبغي أن يثير الكثير من التساؤلات، ويطرح أسئلة جدية عن حزب الله وإيران فيما إذا كانت طهران قادرة بالفعل على لعب دور حقيقي وجدي كما تدعوها واشنطن من أجل استقرار العراق، أم أن ذلك كمثل من يداوها بالذي كان هو الداء.

 

المعلومات التي نشرتها النيويورك تايمز بالتأكيد ستكون لها انعكاسات وأبعاد حقيقية وجدية على المديين المتوسط والبعيد أولها امتدادات الحرب العراقية التي لم تعد عراقية خالصة، وإنما تعدتها إلى خارج الحدود، الأمر الذي ينبغي أن يثير مخاوف من حرب طائفية ممن لم يثر حتى الآن، هذه الحرب التي تندلع ويكتوي بلهيبها الشعب العراقي الآمن، وفي حال استمرارها فلهيبها لن يقتصر على العراق وداخله، خصوصا وأن التدخل في الشأن الطائفي العراقي يأتي من حزب ينظر إليه البعض على أنه حزب مقاوم بعيداً عن الطائفية والفئوية والحزبية، مثل هذا الكشف من قبل الصحيفة الأمريكية يعني أن الحزب له مصالحه الطائفية والفئوية التي تبعد ألقه الذي تلفع به أيام حربه مع العدو الصهيوني صيف العام الجاري.

 

هذا الكشف ينبغي أن يقف أمامه المسؤولون العراقيون إن كانوا يقفون على مسافة واحدة من الطائفية فمستشار الأمن القومي العراقي موفق الربيعي الذي كان يتحدث على القنوات الفضائية الأجنبية عن امتدادات للمقاومة العراقية في دول الخليج بالدعم المالي ونحوه، عليه الآن أن يتحدث عن هذا التدخل الواضح من قبل حزب الله في دعم مليشيات المهدي المعروفة للقاصي والداني بعثوها فسادا في مساجد وأحياء أهل السنة العراقية.

 

بالتأكيد المعلومات التي رشحت طوال الأعوام الماضية عن قيام مقاتلي حزب الله اللبناني بتدريب ومساعدة مليشيات جيش المهدي بزعامة الصدر لم تكن كافية لوسائل الإعلام العربية والأجنبية من أجل تسليط الأضواء عليها والحديث عنها على الرغم من تصريحات وزير الداخلية الإيراني السابق وسفير طهران إلى دمشق سابقا أيضا آية الله محتشمي إلى وسائل الإعلام عن مشاركة حزب الله في الحرب الإيرانية- العراقية وكذلك عن مشاركته في معارك اليمن الأخيرة إلى جانب الحوثي وغيرها.

 

العجيب أن تستنجد الإدارة الأمريكية بقوى ودول كانت قد اتهمتها حتى الأمس القريب بتصعيد الوضع في العراق، ولكن لكل حساباته، وما حصل في العراق هو نصر إيراني بامتياز دون إطلاق طلقة إيرانية، هل كنا نتخيل أن يُقدم رئيس عراقي على زيارة إيران ويضع إكليلا من الزهور على قبر الخميني بعد تلك الحرب الضروس بين البلدين والتي راح ضحيتها مئات الآلاف من العراقيين، إن من يتخيل ذلك أن يحصل كمن يتخيل أن يأتي يوم الرئيس الإيراني أحمدي نجاد ليضع إكليلا من الزهور على قبر الرئيس العراقي السابق صدام حسين هذا إن حُق لنا أن نتخيل.

 

الشيخ الشيعي حسين المؤيد وغيره من شيوخ الشيعة الوطنيين في العراق يتحدثون عن الدور الإيراني كدور يسعى إلى بناء إمبراطورية فارسية، على حساب العراق ووحدته، كل ذلك يحصل بعد أن غرقت أقدام المارينز في الوحل العراقي، فاستنجد المارينز بحرس الثورة الإيراني، الذي لبى نداءه الرئيس الإيراني أحمدي نجاد فاستعد للمساعدة، بينما العراق يغرق منذ ثلاث سنوات في الحرب ويستصرخ الكل لكنه لم يصغ أحد لمناشداته، فحصل كما وصفه زعيم القاعدة في العراق أبو حمزة المهاجر أن أيقظت إمبراطورية الروم إمبراطورية فارس..

 

إن التصريحات التي أدلى بها الأمين العام السابق لحزب الله صبحي الطفيلي والتي قال فيها \"لا يمكن أن نكون شرفاء في لبناء وعملاء في العراق، وتحرير بيت المقدس ليس مسألة قتال شهر واحد\" وقبلها اتهاماته للحزب الذي قاده لفترة ليست قصيرة أنه يقوم بدور حراسة الكيان الصهيوني، كلها مع ما يحصل من ترقية الأجندة الإيرانية في لبنان والمنطقة العربية، مشفوعا مع ما كشفته النيويورك تايمز بغض النظر عن نفي الحزب الأخير لهذه التقارير كل ذلك يدفع إلى التفكير مليا بالاستراتيجية الحقيقية للحزب والأهداف والمرامي التي يرنو إليها من وراء خططه وسياساته.

 

ليس الغريب أن تتعامل إيران بهذا المنطق وبهذه الطريقة وهي التي تتفاخر بأن إمبراطوريتها تعود إلى أكثر من 2500 عام ماضية، لكن الغرابة كل الغرابة في الدول العربية وبجانبها الحركات الإسلامية التي توفر لها الغطاء الكافي والشامل للعب هذا الدور، دور يتناقض مع المصلحة العربية والأمن القومي العربي، فالدول العربية بتقاعسها وتشرذمها وضعفها وخوف البعض منها ظانة أن أمريكا هي أمريكا عام 2000 كل ذلك عوامل شجعت إيران على التغول على المنطقة العربية، أما الحركات الإسلامية ففي مجملها للأسف أعطتها الشرعية والغطاء الإسلامي الكامل على تصرفاتها وفي الفم ماء كثير.

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply