بسم الله الرحمن الرحيم
رغم الحضور المكثف للفضائيات الشيعية (العربية بشكل خاص)º إلا أن رصدها وتحليل خطابها وتأثيرها المتوقع على المشاهد العربي لم يحظ بدراسة شاملة - على حد علمي - خصوصاً لدى الدعاة والمصلحين في العالم العربي.
إن التلفاز - في العصر الحالي - تحول من أداة معرفية بسيطة إلى آلة ضخمة لصنع الأفكار، وتوجيه المعتقدات باستخدام فنون غاية في الإتقان، ووسائل تخلب الألباب، الخطاب العاطفي ملموس جداً في القنوات الشيعية، بل هو المسيطر عليها (باستثناء الإخبارية إلى حد ما).
الأسلوب العاطفي تمثل في الصورة الحزينة، الصورة التي تمثل الظلم - زعموا -، الصورة التي تظهر آل البيت (بدون إيضاح لملامح الوجه غالباً) كعظماء للأمة (الشيعية)، ومنارات للاقتداء، الصورة التي تظهر الحزن المسيطر على الشيعة جراء مقتل الحسين!!.
الصورة الفنية المتقنة باستخدام الجرافيك والمؤثرات لإضفاء طابع المهابة والقوة والضخامة لتيار آل البيت!!
الصورة المؤلمة التي تظهر الفظائع التي ارتكبت بحق الشيعة طوال فترة الحكم السني!!
الصورة التي تركز على الأضرحة وقبور آل البيت ومقابر علماء الشيعة.
الصورة التي تظهر قوة الشيعة، وحضورهم الطاغي على الساحة حالياً (سياسياً وثقافياً واجتماعياً).
الصورة التي تميز أمة الشيعة عن السنة، وتفردهم بطقوسهم ومعتقداتهم.
الصورة التي تظهر بطولاتهم في التاريخ، ومواقعهم التي يعتزون بها، دراما ومشاهد مسرحية.
أما الصوت فحكايته أقدم، وتجربته أعمق.
فالشيعة أهل الندب واللطميات والحسينيات استخدموا الشعر العربي الفصيح والعامي بطبقاته وأنواعه.
كما استخدموا النبرات الصوتية القوية، والملحنة والحزينة - بل يمكن أن يوصف الشيعة بأنهم ظاهرة صوتية حقيقية، فيكفي أن تستمع لأحد خطبائهم في الحسينيات، وكيف أنه يحرك أشجانك!!، بل لو تأمل أحدنا الحضور في المناسبات الشيعية، وشاهد تأثير الخطيب على الحضورº لفوجئ من ندرة غير الباكين!!
الصوت الشيعي (ويغلب عليه العراقي بالطبع) تميز بالرخامة، وتعدد الطبقات، وتفاوت النبراتº مما يضفي هالة من التأثير على السامع، فما بالك إذا صاحبته صورة مؤثرة، أو مشهد حزين، أو مسرحية لمقتل الحسين، أو لقطة للبكائين فكيف يكون التأثير على المشاهد؟!
تابعت قناة الزهراء - كمثال على الإعلام الشيعي الفضائي - فماذا وجدت؟!
• استعراض كامل للاحتفالات أو المواكب الحسينية في أغلب مدن المنطقة الشرقية (صفوى - القطيف - العوامية) تضمن لطماً بكافة الأشكال، وإن غلب الضرب على الصدر، الغريب أن الأمر لم يقتصر على الكبار، فهناك مواكب متعددة للشباب، وتجمعات للأطفال (الروضة والابتدائي)، اللباس كان أسودَ، والحركات والأسلوب أشبه بالعسكري، ويوحي بالقوة والتحدي، وهناك مواكب للشيوخ (كبار السن)، والذين هم على حافة القبورº بالكاد الواحد منهم يمشي لكنه أصر على اللطم والمشاركة في عزاء آل البيت!!
• استعراض شامل لحسينيات البحرين، ومواكب العزاء (كما يسمونها) (علماً بأن هناك أكثر من 3000 حسينية ومركز شيعي في البحرين تمارس طقوس العزاء أيام محرم سنوياً!!)، وتتعدد أنواع اللطميات التي تعرض فهذا موكب بالسلاسل، وذاك بالسيوف، ورابع بالسكاكين، وذاك الذي تصاحبه الدفوف، والآخر الذي تصاحبه الصنجات (مارش عسكري!!)، وتتنوع المواكب بحسب الفئات العمرية والجهات وأسلوب الأداء، فهناك موكب علماء الشيعة والذي طاف بأغلب مناطق العاصمة، وهناك الموكب الكويتي، والموكب الكربلائي!!، الخطاب العاطفي الطاغي في قناة الزهراء - وكما هو في أغلب القنوات الشيعية - اعتمد على الأناشيد والفيديو كليب، والخطب الرنانة، والقصائد الحماسية أيضاً، وتم استثمار المشاهد الحزينة للناس في التجمعات والحسينيات لتحريك العاطفة لدى المشاهد، وجلب التأثير والتعاطف، أيضاً تم توظيف المشاهد المسرحية بكثرة والرموز الدينية الشيعية (المجسمات والشموع، والمصغرات للحوادث) بمصاحبة الأناشيد الحزينة، والكلمات العاطفية.
• الخطاب العاطفي تضمن نقلات متتالية في المشاهد باستخدام المؤثرات الفنية المصورة والجرافيك لإعطاء تأثير وزخم عاطفي مضاعف، إضافة لذلك تم توظيف الإيحاء وبشكل كامل مع استبعاد كبير للخطاب العقلي، أيضاً تم التركيز على قضايا محددة (ذات بعد عاطفي أساسي)، واستبعاد للنقاشات والخلافات، والحوارات الثقافية الفكرية.
• قناة الزهراء استطاعت أن تحقق أهدافاً رئيسية تمثلت في جلب ولاء الشيعة لطائفتهم، وإظهار تميز الشيعة عن غيرهم، وتأصيل البدع والخرافات الشيعية والمعتقدات المنحرفة لدى عموم أبناء الطائفة، أيضاً ربطت القناة مشاهديها من الشيعة بعلمائهم، وبينت فضلهم ودورهم، ودعمت رؤيتهم وأفكارهم.
• بالنسبة لغير الشيعة فقد ركزت القناة على حال الشيعة المظلومين، وحشدت - عاطفياً - التأييد لهم، وبينت شعائرهم، وأكدت - إحيائياً - أحقيتهم وصدق دعواهم.
• أيضاً أظهرت نجاح دعوتهم (عرض لمواكب عزاء في بانكوك في تايلند، وضرب التايلدنيين الشيعة على الصدور، ومشاركة النساء لهم في الطبخ والحضور، والتأييد مع لطم رقيق لا يكاد يلاحظ على الصدر!!)
الخوف هو من اختراق الإعلام الشيعي المدعوم بشدة من المراجع الغنية، والدول العقائدية، والأحزاب الدينية السياسية للوسط السني خصوصاً العوام وقليلي الثقافة الشرعية فضلاً عن غير المسلمين (في البحرين أقيم سرادق ضخم أيام عاشوراء لغير المسلمين للتعريف بالإسلام - الشيعي -، ومظاهر حب آل البيت، وتعريف بالأئمة تضمن محاضرات، ومعرض صور، وكتب مجانية، والحضور كان بالمئات - كما هو على الشاشة -، وملامح المتابعة والتركيز والتفاعل بادية عليهم!!).
ألا يستدعي هذا الواقع جهداً منافساً من إنشاء القنوات وتغذيتها بالخطاب العاطفي قبل العقلي، واستخدام المؤثرات الفنية، والأسلوب الإيحائي لإيصال المفاهيم الإسلامية الصحيحة بطريقة مبسطة سهلة يتقبلها العوام، ويفهمها الصغار، ويتجاوب معها الجميع!!.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد