بسم الله الرحمن الرحيم
تواجه الأمة الإسلامية اليوم العديد من المشروعات التي تستهدف وجودها وكيانها، وهذه المشاريع تتنوع في قوتها وسرعتها، وخطرها ومصدرها، وتنبه المسلمين لها، ومن هذه المشاريع المشروع الشيعي الصفوي والذي يتصف بالقوة والسرعة، وعدم تنبه الكثير من العقلاء والقادة له فضلاً عن عوام المسلمين، كما أنه يهاجم من الداخل وعبر الكثير من التجمعات والأفراد المخلصين، ولكنهم مغفلون!
المشروع الداهم:
ويهدف هذا المشروع للسيطرة على الأمة كلها في محاولة جديدة بعد المحاولات السابقة زمن الفاطميين والبويهيين والصفويين، وهو ينطلق من خلفية عقدية متطرفة تؤمن باستئصال الآخرين وسحقهم، هذا المشروع لا يتورع عن أي تحالفات في سبيل الوصول لمقصده النهائي وهو السيطرة الكاملة على أمة الإسلام.
ويسلك هذا المشروع في سبيل ذلك العديد من الوسائل أهمها:
1- تكوين دولة رسالية تحمل مسؤولية تنفيذ هذا المشروع، وقد نجح في ذلك بتكوين الجمهورية الإسلامية الإيرانية التي أخذت على عاتقها القيام بالمهمة بكل إمكانياتها كدولة.
2- ربط كل التجمعات الشيعية في البلاد العربية والإسلامية بهذا المشروع، وقد قطعوا شوطاً كبيراً في ذلك.
3- تمكين بعض التجمعات الشيعية من السلطة في بلادهم ليكونوا رديفاً لإيران في تنفيذ المشروع، وقد نجحوا لحد كبير في لبنان (حزب الله، حركة أمل)، وفي العراق حيث سيطروا على الدولة العراقية الجديدة.
4- اختراق بعض التجمعات السنية أو التعاون معها لتكون جسراً يعبر التشيع عليه للمناطق السنية، وقد نجحوا في ذلك في فلسطين، ومصر، والسودان وغيرها، أو التحالف التكتيكي مع البعض الآخر كبعض زعامات القاعدة الذين لجأوا إلى إيران.
5- التنسيق على الحد الأدنى مع كافة الفصائل الشيعية المخالفة إما بالقيام بأدوار محددة، أو السكوت وعدم إعاقة المشروع.
وهذا المشروع الصفوي الداهم يكاد يتحكم بكل حركة صغيرة أو كبيرة يقوم بها أي طرف شيعي، فمن ذلك:
- دفاع الجميع عن إيران، فمثلاً صرح المرجع الشيعي اللبناني محمد حسين فضل الله قبل أسبوعين قائلاً: \"لا تزجوا إيران في الصراع الدائر في لبنان\" وذلك بعد زيارة السفير الإيراني له، وبعد أيام تصدر الأوامر من طهران بوقف الاعتصام!!
- حين استنكر الشيخ يوسف القرضاوى تلاعب الشيعة بالتقريب والحوار في مؤتمر الدوحة الأخيرº انبرى له رئيس علماء الشيعة محمد باقر المهري في الكويت ويطالب بعزله وإقصائه!!
- أي دعم من إيران لأي حركة سنية لا بد من مقابل له، ومن ذلك ما تقوم به حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين الآنº حيث قامت بإرسال الجرحى لقم! والطلاب لحوزات لبنان!
- تسخير كل إمكانيات الدولة لخدمة المشروع، واستقطاب الطلاب من البلاد كافة إلى إيران، ودعم الرئيس الشيعي في جزر القمر باتفاقيات ومساعدات، وزيارات التأييد له، ومنها زيارة رجل الدين الشيعي السعودي حسن الصفار!
- التعليقات في مواقع شبكة الانترنت على أي موضوع متعلق بالشيعة أو إيران، حيث نجد أن هناك كثافة وسرعة في الرد، وردود تقوم بفتح جبهات جديدة بدل مناقشة ما ورد في الموضوع الأصلي.
- دعم القيادات الشيعية لتمرد الحوثي في اليمن.
وهذا المشروع مشروع شبه متكامل، فهناك من يعمل على صعيد تعبئة الجماهير الشيعية، وهناك من يقوم باستمالة الأحزاب والحركات السنية، وهناك من يتابع المستجيبين من السنة، ولذلك نجد الكم الكبير من الوسائل الإعلامية سواء كانت قنوات فضائية أو مجلات وصحف، أو مواقع ومنتديات لدول ليس فيها تشيع!!، عدا عن كتابهم في الصحف والمجلات العامة، والمشاركة في القنوات الفضائية والإذاعية.
أما إيران الدولة فعملها في لبنان أو العراق نموذج مثالي للحركة من خلال مشروع واضح، فالعمل العسكري يتناغم مع الدور السياسي، ويغطيه الدور الإعلامي الإيراني وغير الإيراني.
أما عن \" داهمية \" هذا المشروع الصفوي وانتشاره فهذه بعض ملامحه:
- فهاهم في أفغانستان يتمددون تجاه السيطرة والسلطة بأضعاف حقهم.
- وفي العراق يكاد الأمر لا يصدق عن مدى السيطرة والإجرام دون رادع.
- أما لبنان فهم يطالبون صراحة بالسيطرة على البلد عبر صيغة الثلث زائد واحد، أو إقالة الحكومة، أو الإعتصامات والتخريب، وهم لا يستجيبون لأي وساطة عربية أو إسلامية!
- أما في فلسطين فدورهم واضح في تفعيل الحرب الأهلية! لكنهم يستطيعون تزويقه باسم دعم المقاومة، فيخدعون قادة العمل الإسلامي فضلاً عن عوام المسلمين.
- أما تجمعات الشيعة في الخليج فهي لا تناور في إعلان مطالبها، ومساومة الحكومات السنية على مكاسب لا يستحقونها بوسائل ضغط غير شريفة عبر الاستقواء بإيران، أو بعض منظماتهم في أمريكا وأوروبا والتي تروج أكاذيب حول مضايقات طائفية بحقهم.
- وفي اليمن ها هم من ثلاث سنوات وهم يقودون تمرداً مسلحاً ضد الدولة، وهو ما سيكون نموذجاً لغيرها من دول الخليج.
- وفي جزر القمر وصلوا لسدة الحكم عبر الرئيس المتشيع.
- وفي نيجيريا حيث الثقل الإسلامي الأفريقي ها هم كوّنوا طائفة شيعية تصطدم بالمسلمين هناك، وتشغلهم عن واجباتهم الأساسية.
- أما حركة التبشير الشيعي فهي تنتشر في كثير من الدول وخاصة دول الشام ومصر وأفريقيا.
- ولهم عمل دؤوب في جمهوريات آسيا الإسلامية، ودول جنوب آسيا، والجاليات الإسلامية في الغرب، ولكن لا يوجد من يكشف أبعاد هذا العمل.
وخطورة هذا المشروع أنه يأتي باسم النصرة والتصدي للعدوان الصهيوني والأمريكي على الأمة، ولذلك يحقق نجاحات كبيرة بين المسلمين، ولا ينتبه له إلا القليل من الناس، ومصدر آخر لخطورة هذا المشروع هو قصور رؤية الساسة والمثقفين تجاهه، فالغالبية منهم ترى التعاطي معه من المنظور الأمني فقط، والفصل بين التشيع الديني المقبول والتشيع السياسي المرفوض!! وهذا الفهم القاصر لحركة التشيع في الحقيقة هو جزء من المخطط الداهم، ذلك أن التشيع ذاته ليس فيه هذا الفصل بين الديني والسياسي، فهو في الأصل سياسي بغطاء ديني!! فمن يفارق أهله إلى التشيع يفارقهم في العقيدة والشريعة والسياسة، فهو لا يعترف بالسلطة القائمة لأنها \"إمارة جور اغتصبت حق الأئمة\"، ولذلك فإن هذه السلطة وأتباعها \"نواصب\" أي قد نصبوا العداء لأهل البيت، \"ولذلك\" فهم أشد أعداء أهل البيت، وقتالهم مقدم على غيرهم من اليهود والنصارى \"كما هو حاصل في العراق، فهل تقتل الميلشيات الشيعية المسلمين العراقيين أم النصارى الأمريكان المحتلين؟
وسكوت الشيعة في بعض الدول على السلطة، والتعاون معهمº هو \"تقية واجبة\" قننها المراجع للتعامل مع \"الحكومات الجائرة والظالمة، وقد أفرد لها الخميني صفحات عديدة في كتابه (الحكومة الإسلامية) \"فهل يدرك ساستنا ومثقفونا ذلك؟
هذا هو المشروع الداهم، فما هو المشروع الذي يجب أن يتصدى له؟
المشروع الغائم:
ويقابل هذا المشروع الداهم مشروع غائم - وإن كان بعض الأصدقاء يسميه المشروع النائم -، نعم هو مشروع غائم أو نائم سواء على مستوى الدول والحكومات، أو السياسيين والمثقفين، أو حتى العلماء والدعاة!! نعم هذه هي الحقيقة، فلا يوجد مشروع مقابل لهذا المشروع الصفوي الداهم وذلك لأسباب عديدة منها:
- عدم اتفاق الحكومات على سياسة واحدة تجاه هذا المشروع بسبب خلفياتها الفكرية المتنوعة.
- عدم امتلاك الحكومات تصوراً حقيقياً شاملاً لخطر هذا المشروع، فقد تكون الواحدة منها تدرك جوانب من الخطر السياسي لكن لا تدرك خطورة الفكر الشيعي الذي ينطلق منه المشروع الصفوي الداهم، ولذلك فالقبول بالتشيع الديني خطأ كبير لأنه سيكون في المستقبل ثورة كثورة الحوثي!!
- تبنى الحل الأمني فقط في التعامل مع المشروع الداهم.
- أما السياسيون والمثقفون فهم غالباً من خلفيات إلحادية أو ليبرالية، ولذلك فهم يؤمنون بالحل العلماني الذي ثبت فشله في أوروبا فضلاً عن بلادنا.
- غياب فهم التكامل بين الدوافع القومية الفارسية والدوافع الدينية الشيعية في حركة السياسة الخارجية لإيران لدى المنظرين السياسيين الرسميين.
- عدم التعاون مع العلماء من قبل السلطات الرسمية.
- أما العلماء والدعاة فالمهتمون منهم - بارك الله في جهودهم - يعملون في الغالب باستراتيجية إطفاء الحرائق، أو ردة الفعل، وتركيزهم على حفظ رأس المال من عامة المسلمين وقد تخدمهم بعض الظروف، ولكن لا يزال مشروعهم لا يلقى القبول الرسميº بعكس المشروع الداهم الذي استطاع ترخيص صحف ومراكز دراسات، وإبراز قيادات كما في الكويت والسعودية، ومصر وفلسطين، والسودان وغيرها.
ويفتقد عمل المشايخ والدعاة إلى:
1- التنسيق بين الجهود المتشابهة عبر وسائل إدارية حديثة كالتحالفات والشبكات التي تضمن الخصوصية والاستقلالية مع التعاون في المشتركات.
2- توفير غطاء رسمي دائم.
3- التواصل مع الجهات الرسمية لوضع مشروع متكامل.
4- وضع خطة استراتيجية تولي الدراسات والأبحاث، وتطوير الخطاب، وتهيئة الكوادرº عناية تفوق توزيع بعض المطبوعات والإصدارات.
5- تقديم خطاب قوي وجذاب في مكافحة هذا المشروع الصفوى الداهم دون الوقوع في فخ اتهامات الصفويين لهم بالطائفية، والتكفير، والإرهاب.
6- تقديم التصور الإسلامي للتعايش مع الآخرين بعدل ورحمة، دون هضم حق الأكثرية، أو تنازلها عن ثوابتها، مع إعطاء الأقليات حقوقهم الشرعية العادلة.
7- التواصل مع الجهات السنية المخدوعة، ودعمها إذا كانت الحجة هي الدعم المالي، مع ربط الدعم ببرنامج عملي لمقاومة التبعية للمشروع الصفوي الداهم.
8- لا بد من الضغط السياسي لتحسين أوضاع أهل السنة في إيران مقايضة بأحوال الشيعة في الدول العربية، فكل تنازل هنا يجب أن يقابله تنازل هناك.
9- تبنى قضية الجزر الإماراتية المحتلة من قبل إيران وتصعيدها.
10- التركيز على قضية الإحصاءات المضخمة للشيعة في المنطقة.
11- الاستعداد لدخول عصر الطوائف والأقليات المدعومة من الصهيونية لخدمة مخططاتها.
هذه رؤية لما يحدث في واقعناº نرجو أن نخرج من دوامتها بخير، وننتهي من مرحلة المشاريع الداهمة والتي تقاوم بمشاريع غائمة أو فردية أو منقطعة، مما يطيل مدة الشفاء، ويرسخ البلاءº لنصل لمرحلة بلورة المشاريع الناضجة والمشتركة والمستمرة فنرى عزة الإسلام والأمة.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد