بسم الله الرحمن الرحيم
الدرس السابع: كيف وصلت إلى هذه الأخلاق؟!!
وأخيراً.. قد يتساءل البعض كيف وصلت الزهراء إلى تلك الأخلاق الكريمة.. والصفات الحميدة.. التي يرجوها كل مسلم ومسلمة.
وللإجابة على هذا السؤال نقول: إنها التربية النبوية، والهداية الربانية، والرعاية المستمرة، والعمل بتعاليم قائد هذه الأمة، ومعلم البشرية عليه أزكى الصلوات العطرة، وهذه بعض المواقف التي تبين ذلك:
الموقف الأول: أخرج الإمام أحمد بإسناد صحيح عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - قال: دخل عليّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعلى فاطمة من الليل فأيقظنا للصلاة، قال ثم رجع إلى بيته فصلى هوياً من الليل فلم يسمع لنا حسّاً، قال فرجع إلينا فأيقظنا وقال: قوما فصليا فجلست وأنا أعرك عيني وأقول: إنا والله ما نصلي إلا ما كتب لنا إنما أنفسنا بيد الله - تعالى -. فإذا أراد أن يبعثنا بعثنا، قال: فولى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يقول ويضرب بيده على فخذه: ما نصلي إلا ما كتب لنا، ما نصلي إلا ما كتب لنا، وكان الإنسان أكثر شيء جدلاً.
وفي رواية عند أحمد بإسناد فيه ضعف أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يمر ببيت فاطمة ستة أشهر إذا خرج إلى الفجر فيقول: (يا أهل البيت الصلاة ((إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذهِبَ عَنكُمُ الرِّجسَ أَهلَ البَيتِ وَيُطَهِّرَكُم تَطهِيراً)).
فانظري إلى عناية النبي - صلى الله عليه وسلم - في حث أهل بيته على الصلاة بل صلاة الليل.. فمن من الآباء والأمهات.. من يفعل ذلك مع أولاده فضلاً عن أزواج بناته؟ مع أن الأمر في الوقت الحالي لا يحتاج المرور بل يكفي أن ترفع السماعة للاتصال عليه و إيقاظه للصلاة؟
الموقف الثاني: روى الإمام أحمد والنسائي بإسناد صحيح من حديث ثوبان قال: دخل رسول الله صلى الله - صلى الله عليه وسلم - على فاطمة وأنا معه وقد أخذت من عنقها سلسلة من ذهب فقالت: هذه أهداها لي أبو الحسن، فقال: \" أيسرك أن يقول الناس هذه فاطمة بنت محمد وفي يدها سلسلة من نار؟ \" ثم خرج فاشترت بالسلسلة غلاماً فأعتقته فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: الحمد لله الذي نجّى فاطمة من النار، وفي رواية النسائي: أيغرك أن يقول الناس ابنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وفي يدها سلسلة من النار؟ فهل يفعل الآباء والأمهات مع بناتهم مثل ذلك؟ هل يبادر الأب الحنون والأم الرؤوم إذا رأى مخالفة أو تقصيراً في واجب إلى نصح فلذة كبده حتى ينقذها من النار؟
إن مثل هذه المتابعة من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لبنته هي التي أثمرت بإذن الله - تعالى - تلك الفتاة الصالحة الرزان.
الموقف الثالث: أخرج البخاري عن ابن عمر - رضي الله عنه - قال: أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - بيت فاطمة فلم يدخل عليها وجاء علي فذكرت له ذلك فذكره للنبي - صلى الله عليه وسلم - قال: إني رأيت على بابها ستراً موشياً قال: مالي وللدنيا؟ فأتاها علي فذكر ذلك لها فقالت: ليأمرني فيه بما شاء قال: ترسل به إلى فلان، أهل بيت فيهم حاجة.
الموقف الرابع: وذلك يوم بنى علي - رضي الله عنه - بزوجته قال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لا تحدث شيئاً حتى تلقاني فدعا بوضوء فتوضأ فيه ثم أفرغه عليهما ودعا لهما: اللهم بارك فيهما وبارك لهما في نسلهما، وبارك عليهما، فكم من الآباء والأمهات من يدعو لأولاده في الأسحار، ويسكب الدمع الغزار سائلاً العزيز الغفار أن يصلح أولاده الصغار والكبار.
الموقف الخامس: حديث طلبها الخادمة وتعليمهم الأذكار التي تعينهم على دنياهم وقد تقدم ذكر سياقه كاملاً.
الموقف الأخير: حادث هز كيان كل مسلم، حادث لم تقبله عقول أقوياء الصحابة لولا أن الله منَّ عليهم بمن يرشدهم، إنه موت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، كيف كان موقف الزهراء من موت أبيها، وليس كموت أي أب.. بل هو أبٌ لجميع الأمة: ((النَّبِيٌّ أَولَى بِالمُؤمِنِينَ مِن أَنفُسِهِم)) هل ولولت أو ناحت، حاشا ومعاذ الله، إنها نتيجة التربية المستقيمة، عينها تدمع، وقلبها يحزن، ولم تقل إلا ما يرضي ربها.
أخرج البخاري أن فاطمة - رضي الله عنها - لما مات أبوها قالت: و أبتاه أجاب رباً دعاه، يا أبتاه مَن جنة الفردوس مأواه، يا أبتاه إلى جبريلَ ننعاه، -رضي الله عنك- يا ابنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما أجمل خصالك..وما أحسن طباعك..وما أتم أخلاقك.
و الحمد لله رب العالمين.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد