بسم الله الرحمن الرحيم
الدرس السادس: حفظ الأسرار
لا أحتاج أن أذكر الأدلة والشواهد أن بعض النساء لا تحفظ سراً، ولا تكتم خبراً، فهي تصلح أن تكون ناشرة أخبار، ما أن تسمع خبراً إلا وتبادر إلى الهاتف لنشره وإبداءه لكل الناس، وكما هو معلوم ما كل خبر ينشر، وما كل أمر يذاع، وكفى المرء كذباً أن يحدث بكل ما سمع، ولقد كانت فاطمة بنت محمد - صلى الله عليه وسلم - من النساء اللاتي لم يصبن بهذا الداء العضال..والمرض الذي أصيبت به بعض النساء.
روى البخاري عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: أقبلت فاطمة تمشي كأن مشيتها مشي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال لها النبي - صلى الله عليه وسلم -: (مرحباً بابنتي) ثم أجلسها عن يمينه أو عن شماله ثم أسر إليها حديثاً فبكت فقلت لها: لماَ تبكين، ثم أسر إليها حديثاً فضحكت، فقلت: ما رأيت كاليوم فرحاً أقرب من حزن فسألتها عما قال، فقالت: ما كنت لأفشي سر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى قبض - عليه الصلاة والسلام -.. الحديث.. انظري إلى كتمان سر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.. لم تبديه حتى لأحب الناس إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عائشة - رضي الله عنها -.. كل ذلك حفاظاً على سر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.. وبعضنا إذا أخبر بأمر وقيل له لا تخبر به أحد.. ربما أخبر به أحب الناس إليه مع أنه قد قيل له لا تخبر به أحدا.. فكل واحد يقول للآخر لا تخبر به أحد حتى يطير الخبر بين الناس وينتشر كانتشار النار في الهشيم.
وإذا كانت - رضي الله عنها - كتمت خبراً كهذا.. فهل لمثل هذه المرأة الصالحة أن تكشف أخبار زوجها أمام الناس.. حتى يصبح حديث المجالس؟!! وهل يمكن أن تتحدث عما يجري بينها وبين زوجها في مجالس النساء؟!! سئل الأحنف بن قيس: ما المروءة؟ قال: كتمان السر والتباعد من الشر. [1]
----------------------------------------
[1] ـ تاريخ مدينة دمشق ج24/ص337.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد