تلبيس إبليس على الرافضة


بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

قال ابن الجوزي - رحمه الله -: وكما لبس إبليس على هؤلاء الخوارج حتى قاتلوا علي بن أبي طالب، حمل آخرين على الغلو في حبه، فزادوه  على حده، فمنهم من كان يقول: هو الإله، ومنهم من يقول: هو خير من الأنبياء، ومنهم من حمله على سب أبي بكر وعمر حتى إن بعضهم كفر أبا بكر وعمر، إلى غير ذلك من المذاهب السخيفة التي يرغب عن تضييع الزمان بذكرها، وإنما نشير إلى بعضها... 

يقول إسحق ابن محمد النخعي الأحمر: ( إن علياً هو الله ) - تعالى - الله عن ذلك علواً كبيراً، وبالمدائن جماعة من الغلاة يعرفون بالإسحاقية ينسبون إليه، قال الخطيب:( ووقع إلي كتاب لأبي محمد الحسن بن يحيى النوبختي من تصنيفه في الرد على الغلاة ) إلى أن قال: ( وكان النوبختي هذا من متكلمي الشيعة الإمامية ) فذكر أصناف مقالات الغلاة، إلى أن قال:( وقد كان ممن جرد الجنون في الغلو في عصرنا إسحق بن محمد المعروف بالأحمر، كان يزعم أن علياً هو الله - عز وجل -، وأنه يظهر في كل وقت، فهو الحسن في وقت، وكذلك هو الحسين، وهو الذي بعث محمداً - صلى الله عليه وسلم -). 

قال المصنف: قلت: وقد اعتقد جماعة من الرافضة أن أبا بكر وعمر كانا كافرين، وقال بعضهم ارتدا بعد موت النبي - صلى الله عليه وسلم -، ومنهم من يقول بالتبري من غير علي، وقد روينا أن الشيعة طالبت زيد بن علي بالتبري ممن خالف علياً في إمامته، فامتنع من ذلك، فرفضوه، فسموا بالرافضة.

ومنهم أقوام قالوا: الإمامة في موسى بن جعفر ثم في ابنه علي ثم إلى ابنه محمد وهو الإمام الثاني عشر، الإمام المنتظر الذي يزعمون أنه لم يمت، وأنه سيرجع في آخر الزمان فيملأ الأرض عدلاً. 

وكان أبو منصور العجلي يقول بانتظار محمد بن علي الباقر ويدعي أنه خليفة، وأنه عرج به إلى السماء فمسح الرب بيده على رأسه، وزعم أنه الكسف الساقط من السماء.  

وكانت طائفة من الرافضة يقال لها\"الجناحية \" وهم أصحاب عبد الله بن معاوية بن عبد الله بن جعفر ذي الجناحين يقولون: إن روح الإله دارت في أصلاب الأنبياء والأولياء إلى أن انتهى إلى عبد الله وأنه لم يمت، وهو المنتظر.  

ومنهم طائفة يقال لها \" الغرابية \" يثبتون شركة علي في النبوة، وطائفة يقال لها \" المفوضة \" يقولون: إن الله - عز وجل - خلق محمداً ثم فوض خلق العالم إليه، وطائفة يقال لها \" الذمامية \" يذمون جبريل، ويقولون: كان مأموراً بالنزول على علي فنزل على محمد، ومنهم من يقول: أن أبا بكر ظلم فاطمة ميراثها.

وقد روينا على السفاح أنه خطب يوماً فقام رجل من آل علي - رضي الله عنه - قال: (أنا من أولاد علي - رضي الله عنه -) قال: (يا أمير المؤمنين أعدني على من ظلمني)، قال: (ومن ظلمك؟)، قال: (أنا من أولاد علي - رضي الله عنه -، والذي ظلمني أبو بكر - رضي الله عنه - حين أخذ فدك من فاطمة)، قال: (وداوم على ظلمكم؟!)، قال: (نعم)، قال: (ومن قام بعده؟)، قال: (عثمان - رضي الله عنه -)، قال: (وداوم على ظلمكم؟!)، قال: (نعم)، قال: (ومن قام بعده؟)، فجعل يلتفت كذا وكذا، ينظر مكاناً يهرب إليه.

قال ابن عقيل: (الظاهر أن من وضع مذهب الرافضة قصد الطعن في أصل الدين، وذلك أن الذي جاء به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمر غائب عنا، وإنما نثق في ذلك بنقل السلف، وجودة نظر الناظرين إلى ذلك منهم، فكأننا نظرنا إذ نظر لنا من نثق بدينه وعقله، فإذا قال قائل: إنهم أول ما بدأوا بعد موته بظلم أهل بيته في الخلافة وابنته في إرثها، وما هذا إلا لسوء اعتقاد في المتوفي، فإن الاعتقادات الصحيحة سيما في الأنبياء توجب حفظ قوانينهم بعدهم لا سيما في أهليهم وذريتهم، فإذا قالت الرافضة: أن القوم استحلوا هذا بعده، خابت آمالنا في الشرع، لأنه ليس بيننا وبينه إلا النقل عنهم والثقة بهم، فإذا كان هذا محصول ما حصل لهم بعد موته، خبنا في المنقول، وزالت ثقتنا فيما عولنا عليه من اتباع ذوي العقول، ولم نأمن أن يكون القوم لم يروا ما يوجب اتباعه فراعوه مدة حياته وانقلبوا عن شريعته بعد الوفاة، ولم يبق على دينه إلا الأقل من أهله، فطاحت الاعتقادات، وضعفت النفوس عن قبول الروايات في الأصل، وهو المعجزات، فهذا من أعظم المحن على الشريعة).

قال المصنف: وغلو الرافضة في حب علي - رضي الله عنه - حملهم على أن وضعوا أحاديث كثيرة في فضائله أكثرها تشينه وتؤذيه، وقد ذكرت منها جملة في كتاب الموضوعات، منها:

أن الشمس غابت، ففاتت علياً صلاة العصر، فردته الشمس، وهذا من حيث النقل موضوع، لم يروه ثقة، ومن حيث المعنى فإن الوقت قد فات، وعودها طلوع متجدد فلا يرد الوقت.

وكذلك وضعوا أن فاطمة اغتسلت ثم ماتت، وأوصت أن تكتفي بذلك الغسل، وهذا من حيث النقل كذب، ومن حيث المعنى قله فهم، لأن الغسل عن حدث الموت فكيف يصح قبله.

ثم لهم خرافات لا يسندونها إلى مستند، ولهم مذاهب في الفقه ابتدعوها، وخرافات تخالف الإجماع، فنقلت منها مسائل بخط ابن عقيل، قال: (نقلتها من كتاب المرتضى فيما انفردت به الإمامية )، منها:

أنه لا يجوز السجود على ما ليس بأرض، ولا على نبات الأرض، فأما الصوف والوبر فلا.  

وأن الاستجمار لا يجزئ في البول، بل في الغائط خاصة.

ولا يجزئ مسح الرأس إلا بباقي البلل الذي في اليد، فان استأنف للرأس بللاً مستأنفاً لم يجزه حتى لو نشفت يده من البلل احتاج إلى استئناف الطهارة.

وانفردوا بتحريم من زنى بها، وهي تحت زوج أبداً، فطلقها زوجها لم تحل للزاني بها نكاح أبداً.

وحرموا الكتابيات.

وأن الطلاق المعلق على شرط لا يقع وإن وجد الشرط، وأن الطلاق لا يقع إلا بحضور شاهدين عدلين.

وأن من نام عن صلاة العشاء إلى أن مضى نصف الليل، وجب عليه إذا استيقظ القضاء، وأن يصبح صائماً كفارة لذلك التفريط.

وأن المرأة إذا جزت شعرها فعليها الكفارة مثل قتل الخطأ، وأن من شق ثوبه في موت ابن له أو زوجة فعليه كفارة يمين، وأن من تزوج امرأة ولها زوج وهو لا يعلم لزمه الصدقة بخمسة دراهم.

وأن شارب الخمر إذا حد ثانية قتل في الثالثة، ويجلد شارب الفقاع كشارب الخمر، وأن قطع السارق من أصول الأصابع ويبقى له الكف، فان سرق مرة أخرى قطعت الرجل اليسرى، فان سرق الثالثة خلد في الحبس إلى أن يموت.

وحرموا السمك الجري - كذا - وذبائح أهل الكتاب، واشترطوا في الذبح استقبال القبلة، في مسائل كثيرة يطول ذكرها، خرقوا فيها الإجماع، وسل لهم إبليس وضعها على وجه لا يستندون فيه إلى أثر ولا قياس، بل إلى واقعات، ومقابح الرافضة أكثر من أن تحصى.

وقد حرموا الصلاة لكونهم لا يغسلون أرجلهم في الوضوء، والجماعة لطلبهم إماماً معصوماً.

وابتلوا بسب الصحابة، وفي الصحيحين عن رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -، أنه قال:(لا تسبوا أصحابي فإن أحدكم لو أنفق مثل أحد ذهباً ما أدرك مد أحدهم ولا نصيفه)، وقال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -:(إن الله اختارني واختار لي أصحاباً، فجعل لي منهم وزراء وأنصاراً وأصهاراً، فمن سبهم فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل الله منه يوم القيامة صرفاً ولا عدلاً)، قال المصنف: والمراد بـ\"العدل\": الفريضة، و\"الصرف\": النافلة.  

وعن سويد بن غفلة، قال: مررت بنفر من الشيعة يتناولون أبا بكر وعمر - رضي الله عنهما - وينتقصونهما، فدخلت على علي بن أبي طالب، فقالت: (يا أمير المؤمنين مررت بنفر من أصحابك يذكرون أبا بكر وعمر - رضي الله عنهما - بغير الذي هما له أهل، ولولا أنه يرون أنك تضمر لهما على مثل ما أعلنوا ما اجترأوا على ذلك) قال علي:(أعوذ بالله، أعوذ بالله أن اضمر لهما إلا الذي ائتمنني النبي - صلى الله عليه وسلم - عليه، لعن الله من أضمر لهما إلا الحسن الجميل، أخوا رسول الله وصاحباه ووزيراه، - رحمة الله عليهما - ثم نهض دامع العينين يبكي، قابضاً على يدي حتى دخل المسجد، فصعد المنبر وجلس عليه متمكناً قابضاً على لحيته، وهو ينظر فيها وهي بيضاء، حتى اجتمع لنا الناس، ثم قام، فتشهد بخطبة موجزة بليغة، ثم قال:(ما بال أقوام يذكرون سيدي قريش، وأبوي المسلمين بما أنا عنه متنزه؟ ومما قالوه بريء، وعلى ما قالوه معاقب، وأما والذي فلق الحبة، وبرأ النسمة، لا يحبهما إلا مؤمن تقي، ولا يبغضهما إلا فاجر شقي، صحبا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على الصدق والوفاء، يأمران وينهيان ويغضبان ويعاقبان، فما يتجاوزان فيما يصنعان رأي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولا كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يرى غير رأيهما، ولا يحب كحبهما أحد، مضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو راض عنهما، ومضيا والمؤمنون عنهما راضون، أمره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على صلاة المؤمنين فصلى بهم تسعة أيام في حياة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فلما قبض الله نبيه، واختار ما عنده، ولاه المؤمنون على ذلك، وفوضوا إليه الزكاة، ثم أعطوه البيعة طائعين غير مكرهين، وأنا أول من سن له ذلك من بني عبد المطلب، وهو لذلك كاره يود لو أن منا أحداً كفاه ذلك، وكان والله خير من أبقى، أرحمه رحمة، وأرأفه رأفة، وأسنه ورعاً، وأقدمه سناً وإسلاماً، شبهه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بميكائيل رأفة ورحمة، وبإبراهيم عفواً ووقاراً، فسار بسيرة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى مضى على ذلك - رحمة الله عليه -، ثم ولى الأمر بعده إلى عمر - رضي الله عنه - وكنت فيمن رضي، فأقام الأمر على منهاج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وصاحبه، يتبع الفصيل أثر أمه، وكان والله رفيقاً رحيماً بالضعفاء، ناصراً للمظلومين على الظالمين، لا يأخذه في الله لومة لائم، وضرب الله الحق على لسانه، وجعل الصدق شأنه، حتى إن كنا لنظن أن ملكاً ينطق على لسانه، اعز الله بإسلامه الإسلام، وجعل هجرته للدين قواماً، وألقى له في قلوب المنافقين الرهبة، وفي قلوب المؤمنين المحبة، شبهه رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - بجبريل فظاً غليظاً على الأعداء، فمن لكم بمثلهما - رحمة الله عليهما -، ورزقنا المضي على سبيلهما، فمن أحبني فليحبهما، ومن لم يحبهما فقد ابغضني، وأنا منه بريء، ولو كنت تقدمت غليكم في أمرهما لعاقبت في هذا أشد العقوبة، ألا فمن أتيت به يقول بعد هذا اليوم، فإن عليه ما على المفتري، ألا وخير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر وعمر - رضي الله عنهما -، ثم الله أعلم بالخير أين هو.

وعن علي - كرم الله وجهه -، قال: (يخرج في آخر الزمان قوم لهم نبز، يقال: لهم الرافضة، ينتحلون شيعتنا، وليسوا من شيعتنا، وآية ذلك أنهم يشتمون أبا بكر وعمر - رضي الله عنهما -، أينما أدركتموهم فاقتلوهم أشد القتل فإنهم مشركون).

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply