قصة الأضحية وأحكامها


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:

لماذا شرعت الأضحية؟

حدد الله لنا الهدف من الأضحية بقوله: [لَن يَنَالَ اللهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِن يَنَالُهُ التَّقوَى مِنكُم كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُم لِتُكَبِّرُوا اللهَ عَلَى مَا هَدَاكُم وَبَشِّرِ المُحسِنِينَ] {الحج: 37}

 

ومن التقوى الاستسلام لله والإقتداء بالنبي إبراهيم - عليه الصلاة والسلام - في استسلامه لربه في تنفيذ أمره وما يحمله ذلك من معاني التضحية والفداء في سبيل الله.

 

كما أن من أهدافها الإقتداء بسنة نبينا - صلى الله عليه وسلم - والتوسعة على الأهل وعلى الفقراء بهذا اللحم والشكر لله على نعمة المال ومن أهداف الأضحية أيضاً تكفير السيئات.

قصة الأضحية

قصة الأضحية بينها الله لنا في سورة الصافات وبدأت بدعاء إبراهيم - عليه الصلاة والسلام - (رَبِّ هَب لِي مِنَ الصَّالِحِينَ) فدعا بصلاح الولد قبل أن يخلق وقد تبين أثر هذا الدعاء في استجابة الولد لأمر الذبح الإلهي.

 

(فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي المَنَامِ أَنِّي أَذبَحُكَ فَانظُر مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افعَل مَا تُؤمَرُ سَتَجِدُنِي إِن شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ)

 

لما بدأت استفادة الوالد من الولد جاءه الأمر الإلهي بذبحه عن طريق رؤيا في المنام ورؤيا الأنبياء وحي.

 

وهنا نجد أن نبي الله إبراهيم - عليه الصلاة والسلام - ورغم امتلاكه لسلطتين: أبوية ونبوية لكنه لم ينفذ الأمر إلا بعد تبيين السبب لولده بل ومشاورته ليس على سبيل التردد بل على سبيل التقدير الذي نلحظه فعليا بالمشاورة وقولياً في قوله يا بني.

ومشاورته لتهيئته للتنفيذ ومن طبع الإنسان أن حماسه لتنفيذ ما تشاوره فيه أكبر مما تأمره به مجرداً.

استجاب الولد ولم يقل إنها قد تكون رؤيا خاطئة بل قال افعل ما تؤمر.

 فهو عنده أمر إلهي يجب أن ينفذ بغض النظر عن صعوبته ومشقته.

 

[فَلَمَّا أَسلَمَا] أي استسلما وانقادا وهما كانا مسلمين من قبل لكنهما الآن قد بلغا أعلى درجات الإسلام باستسلامها لتنفيذ أشق أمر عليهما في الإسلام بلا اعتراض ولا تسخط ولا جزع ولا اضطراب ولا حتى سؤال عن سبب الذبح بل الرضى والطمأنينة والقبول.

 

وقارن هذا الانقياد السريع مع من أمروا بذبح بقرة وليس ولداً فتلكئوا وما كادوا يفعلون.

وكم من الأوامر الصريحة الآن لا نستسلم لها ولا ننقاد ونحن نضحي إحياء لسنة الاستسلام والانقياد لله.

 (وناديناه أن يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا) بما عزمت عليه وفعلته من الشروع في التنفيذ فحصل المقصود لأن الله لا يريد منا الدماء ولا الأجساد وإنما يريد الاستسلام واليقين.

(إنا كذلك نجزي المحسنين) ولأنه من المحسنين فيما مضى من السنين استحق أن يفرج الله كربته وكذلك لإحسانه في هذا البلاء بعزمه على التنفيذ وشروعه فيه فاستحق بنيته الأجر العظيم والذكر الحسن في العالمين (وَتَرَكنَا عَلَيهِ فِي الآخِرِينَ (108) سَلامٌ عَلَى إِبرَاهِيمَ (109) واستحق أجر الصدقة الجارية له بهذه السٌّنة التي سنها للعالمين بملايين الأضاحي عبر السنين.

فانظر كيف يكون للنية من أثر عظيم وجزاء من الله جزيل وهي مجرد نية فقط فمن نوى حسنة ولم يعملها كتبت حسنة فوا حسرتنا على نياتٍ أضعناها ويا حسرتنا على أعمال بر فعلناها عادة ولم ننو بها وجه الله فخسرناها.

(إن هذا لهو البلاء المبين) حين لا يرزق بالولد إلا بعد السادسة والثمانين من عمره ثم يؤمر بذبحه عند بلوغ الوالد المئة وهو ولده وبكره ووحيده وعزيزه وفوق ذلك يؤمر بذبحه بيده فما أعظمه من بلاء استجمع كل معاني التضحية فاستحق شهادة الله واستحق هذا التخليد بهذه العبادة.

 

عيد الأضحية يذكرنا بمعاني التضحية في سبيل الله بالنفس والمال وبكل شيئ نصرة لله وما أحوجنا لهذا المعنى وبلاد المسلمين تُسلب وتُغزى بلداً تلو الآخر ومئات الآف يقتلون ويعذبون ولا مضحي بنفسه أو ماله أو جهده أو لسانه للجهاد في سبيل الله باللسان أو السنان والله المستعان.

 

 من أحكام الأضحية

 -لا حرج أن يستدين المسلم ليضحي إذا كان عنده القدرة على الوفاء. "فتاوى ابن باز" 1/37

- لا تجزىء الواحدة من الغنم عن شخصين فأكثر يشتريانها بالشراكة فيضحيان بها.

- المشروع أن يضحي كل أهل بيت مستقل بأضحية عنهم. (فتاوى اللجنة الدائمة)

- يجوز إعطاء الجزار من الأضحية هدية أو صدقة لاسيما ونفسه تائقة إليها لمباشرته لها ولا يجوز إعطاؤه منها أجرة كما قال الشيخ البسام.

- يجوز للإنسان أن يعطي الكافر من لحم أضحيته صدقة بشرط أن لا يكون هذا الكافر ممن يقتلون المسلمين كما أفتى بذلك الشيخ ابن عثيمين

- يجوز ذبح الأضحية للأعسر باليد اليسرى

- يسن أن يضع رجله على عنقها ليتمكن منها. وأما البروك عليها والإمساك بقوائمها فلا أصل له من السنة

وقد ذكر بعض العلماء أن من فوائد ترك الإمساك بالقوائم زيادة إنهار الدم بالحركة والاضطراب.

- يستحب أن يتوجه الذابح إلى القبلة وأن يذبح بنفسه وأن يكبر

- لا يحل ما ذبحه تارك الصلاة لأنه كافر على القول الراجح

- التسمية واجبة عند الذبح ويسقط وجوب التسمية مع السهو وهو مذهب الجمهور

- لا يشرع ذكر الرحمن الرحيم عند الذبح لأن صفة الرحمة لا تناسب الذبح الذي فيه قسوة وإراقة دم.

من معجزات الذبح

- التجارب المخبرية أثبتت أن نسيج اللحم المذبوح بدون تسمية وتكبير مليء بالجراثيم ومحتقن بالدماء بينما كان اللحم المسمى والمكبر عليه خاليا من الجراثيم.

- مراكز الإحساس بالألم تتعطل إذا توقف ضخ الدماء عنها لمدة ثلاث ثوانٍ, فقط، لأنها بحاجة إلى وجود الأكسجين في الدم باستمرار.

أما ما نراه من تحرك و تلوي و تخبط فسببه أن الجهاز العصبي لا يزال حياً، مادمنا لم نقطع العنق بالكامل فتظل الحياة موجودة فيه، ويبدأ الجهاز العصبي بإرسال إشارات من المخ إلى القلب طالباً منه إمداده بالدماء لأنها لم تصل إليه عندها تقوم العضلات بالضغط فوراً، و يحدث تحرك شديد للأحشاء و العضلات الداخلية و الخارجية، فتضغط بشدة و تقذف بكل ما فيها من دماء وتضخها إلى القلب، حتى يتخلص جسم هذا الحيوان تماماً من الدماء..

و بذلك يتخلص جسم هذا الحيوان من أكبر بيئة خصبة لنمو الجراثيم.

 

أما الصعق بالكهرباء والتدويخ وتغريق الطيور في الماء وفتل أعناقها فمع حرمته فهو مضر بالصحة لأنه يصاب بالشلل ويسبب احتقان الدم في اللحم والعروق لأنه لا يجد منفذا فيضر بصحة الإنسان كما يسبب تعفن اللحم وتغير لونه.

 

وصلى الله على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين .

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply