أحكام الخلع


بسم الله الرحمن الرحيم

  الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد.

فقد جعل الله - تعالى -طرقاً ووسائل وحلول شرعية للخلافات الزوجية، وجعل سبلاً لخلاص الزوجة من زوجها إذا لم ترضه أو كرهت خلقة...

وذلك عن طريق الخلع، فقد جعل الله للمرأة أن تنفك عن زوجها إذا لم يطلقها، فالطلاق بيد الرجل، وللمرأة الخلع إذا استوفى الشروط..

وهنا سيكون الكلام على بعض أحكام الخلع في الشريعة الإسلامية...

فالخلع لغة: مأخوذ من خَلَعَ الثوب. وهو بالضمّ (الـخُـلـع) اسم. وبالفتح (الـخَـلـع) المصدر، وله معاني كثيرة وواسعة في اللغة العربية.

وأما في الاصطلاح فهو:

فراق الزوج زوجته بِعوض بألفاظ مخصوصة.

 

مشروعيته في الإسلام:

تأتي مشروعيته في الإسلام من أدلة ونصوص شرعية منها:

قوله - تعالى -: (وَلا يَحِلٌّ لَكُم أَن تَأخُذُوا مِمَّا آتَيتُمُوهُنَّ شَيئاً إِلَّا أَن يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِن خِفتُم أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلا جُنَاحَ عَلَيهِمَا فِيمَا افتَدَت بِهِ َ) (البقرة: 229)

 

ومِن السٌّـنّة قصة امرأة ثابت بن قيس - رضي الله عنه - وعنها

ما رواه البخاري عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أن امرأة ثابت بن قيس أتت النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت: يا رسول الله ثابت بن قيس ما أعتب عليه في خلق ولا دين، ولكني أكره الكفر في الإسلام. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أتردين عليه حديقته؟

 

قالت: نعم. قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: اقبل الحديقة، وطلِّقها تطليقة.

وفي رواية له أنه - عليه الصلاة والسلام - قال: فَتَرُدِّينَ عَليهِ حَديقَتَهُ؟ فقالَت: نَعَم. فَرُدَّت عَليهِ، وأمَرَهُ ففارَقَها.

وقد أجمع الأئمة على جوازه، قال ابن عبد البر: ولا نعلم أحداً خالفه إلا بكر بن عبد الله المزني، وزعم أن الآية منسوخة.

 

الأسباب التي يصح معها الخلع:

1- أن يكون ضيف الدين مرتكباً للكبائر، ولا تصبر عليه.

2- أن تكون المرأة كارهة لخَلق زوجها، بأن يكون دميم الخلقة ونحو ذلك.

3- أن تكرهه لسوء خُلِقِه وتعامله.

4- إذا عضلها فلم يطلقها بل يجعلها كالمعلقة.

5- أن تكرهه لكبره، وعدم قيامه بواجباتها.

6- أن تخاف الزوجة الإثم بتركها حقوق الزوج.

 

شروط الخلع:

1- أن يكون من زوج يصح تصرفه. وهو المميز العاقل.

2- أن يكون على عوض تدفعه المرأة للزوج لكي تنفك منه.

3- أن يكون منجزاً غير معلق.

4- أن يقع على جميع الزوجة.

5- أن لا يكون الخلع نتيجة مضارة من قبل الزوج لكي تخالعه وترد عليه ما دفعه لها. وفي ذلك يقول - تعالى -: (وَلا تَعضُلُوهُنَّ لِتَذهَبُوا بِبَعضِ مَا آتَيتُمُوهُنَّ إِلَّا أَن يَأتِينَ بِفَاحِشَةٍ, مُبَيِّنَةٍ,) (النساء: 19) فإذا لم تأت بفاحشة، ولم تنشز، ولكن لمضارة منه صح الخلع.

6- أن لا يقع بلفظ الطلاق.

7- أن لا ينوي به الطلاق.

8- أن لا يقع حيلة لإسقاط يمين الطلاق.

فإذا توفرت هذه الشروط جاز للمرأة أن تطلب الخلع، وإذا لم يكن هناك دواعي شرعية للخلع فإنه يحرم على المرأة أن تطلب الطلاق من زوجها، لقوله - صلى الله عليه وسلم -: (أيما امرأة سألت زوجها الطلاق من غير ما بأس فحرام عليها رائحة الجنة) رواه الخمسة إلا النسائي

 

ألفاظ الخلع

للخلع صريح وكناية، فأم الصريح: فيكون بلفظ الخلع، والفسخ، والفداء، فيقول خالعتك مثلاً.

وأما الكناية قوله: باريتك وأرأتك وأبنتك. لا يقع بها إلا بنية أو قرينة دالة عليه.

عدة المخالعة:

اختلف العلماء في ذلك:

فمن قال إن الخلع طلاق قال تعتد عدة المطلق ثلاث حيض،

وعلى قول من قال إن الخلع فسخ فإن عدتها حيضة واحدة.

ولعل الراجح والله أعلم: أنها تعتد بحيضة واحدة، وقال به كثير من العلماء كابن القيم وغيرهº لما رواه أبو داود عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أن امرأة ثابت بن قيس اختلعت منه فجعل النبي - صلى الله عليه وسلم - عدّتها حيضة.

 

الحكم إذا أحبت الرجوع إلى زوجها

يصح الرجوع للزوج بشروط:

أن لا يكون قد استكمل عدد الطلقات، وذلك إذا خالعها بلفظ الطلاق.

أن يكون بعقد جديد، ومهر جديد.

فمتى كانت الشروط والسابقة متوفرة مع شروط النكاح جاز لهما الرجوع.

 

تنبهات

· يصح الخلع في أي وقت.

· يصح الخلع بغير عوض مع الكراهة.

· يحص العوض بأكثر مما أعطاها مع الكراهة.

· إذا خالعته على رضاع الولد سنتين صح.

· إذا خالعته على إسقاط نفقة الحمل صح.

· ما صح مهراً صح للخلع.

· الخلع بلفظ صريح الطلاق أو كنايته وقصد به الطلاق يكون طلاق بائن، وإن كان بلفظ الخلع أو الفسخ أو الفداء ولم ينوه طلاقاً كان فسخاً لا ينقص عدد الطلاق.

والله - تعالى -أعلم.

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply