هل الولد وماله لأبيه مطلقا ؟!


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 السؤال:

أنا رجل قد كتبت كتابي على فتاة، هذه الفتاة أبوها في غاية الطمع، وشعاره في الحياة (الابن وماله لأبيه)، وقد أخذ زوجتي قبل أن يوافق على خطبتي لها إلى أحد المصارف، وجعلها تأخذ ديناً ربوياً له هو.

وسؤالي هو: أليس من حق الزوج أن يعرف بكل تصرفات زوجته التي تريد أن تقدم عليها؟

ثانياً: أوليس حراماً أن يأخذ هذا الأب ابنته إلى البنك رغماً عنها وهي رافضة كل الرفض أخذ النقود من البنك، خصوصاًً وأن البنك ربوي؟

ثالثاً: هل الحديث: \"الابن وماله لأبيه\" يجيز له أن يأخذ منها ما يشاء؟ وإن كانت الإجابة بنعم، فأنا لا أوافقكم، خصوصاً بأن المال الذي ستأخذه زوجتي هو مال ليس لهاº لأنها لم تستحقه بعد، وإنما هو عبارة عن مال مستقبلي لم تجنه، والله وحده يعلم هل ستعيش هي أو أي شخص آخر حتى تستحقه أم لا.

رابعاً: هل رغبة الأب في الذهاب إلى الحج تجيز له ما يقدم على فعله؟

أفيدوني جزاكم الله خيراً.

 

الجواب:

الحمد لله وحده، وبعد:

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

أما بخصوص حكم تملك الأب من مال ولده، فقد اختلف العلماء في ذلك، قال ابن قدامة - رحمه الله - تعالى-: (وللأب أن يأخذ من مال ولده ما شاء، ويتملكه مع حاجة الأب إلى ما يأخذه، ومع عدمها صغيراً كان الولد أو كبيراً، بشرطين أحدهما ألا يجحف بالابن ولا يضربه، ولا يأخذ شيئاً تعلقت به حاجته.

الثاني: ألا يأخذ من مال ولده فيعطيه الآخرº نص عليه أحمد في رواية إسماعيل بن سعيد، وذلك لأنه ممنوع من تخصيص بعض ولده بالعطية من مال نفسه، فلأن يمنع من تخصيصه بما أخذ من مال ولده الآخر أولى، وقد روي أن مسروقاً زوج ابنته بصداق عشرة آلاف، فأخذها وأنفقها في سبيل الله، وقال للزوج جهز امرأتك، وقال أبو حنيفة ومالك والشافعي: (ليس له أن يأخذ من مال ولده إلا بقدر حاجتهº لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: \"إن دماءكم وأموالكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا\") رواه مسلم(1218) من حديث جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما-.

وروي عن الحسن أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: \"كل أحد أحق بكسبه من والده وولده والناس أجمعين\" رواه سعيد في سننه، والبيهقي في السنن الكبرى(10/319) وهذا نص.

وروي أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: \"لا يحل مال امرئ مسلم إلا عن طيب نفسه\" رواه الدار قطني في سننه(2522)، وأحمد(20172)º ولأن ملك الابن تام على مال نفسه فلم يجز انتزاعه منه لأنه تعلقت به حاجته، ولنا ما روت عائشة -رضي الله عنها- قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - \"إن أطيب ما أكلتم من كسبكم، وإن أولادكم من كسبكم\" أخرجه النسائي(4450)، وأبو داود(3528)، وابن ماجة(2290) الترمذي(1358)، وقال: حديث حسن.

وروى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: إن أبي اجتاح مالي، فقال - صلى الله عليه وسلم -: \"أنت ومالك لأبيك\" رواه الطبراني في معجمه مطولاً، ورواه غيره وزاد: \"إن أولادكم من أطيب كسبكم فكلوا من أموالهم\" انظر ما رواه أبو داود(3530)، وابن ماجة(2292)، وغيرهما.

وروى محمد بن المنكدر، والمطلب بن حنطب، قال: جاء رجل إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: إن لي مالاً وعيالاً، ولأبي مال وعيال، وأبي يريد أن يأخذ مالي، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: \"أنت ومالك لأبيك\" انظر ما رواه ابن ماجة(2291) من حديث جابر رضي الله عنه-º ولأن الله تعالى- جعل الولد موهوباً لأبيه فقال: \"ووهبنا له إسحاق ويعقوب\" [الأنعام: 84]، وقال - تعالى -: \"ووهبنا له يحيى\" [الأنبياء: 90]، وقال زكريا: \"هب لي من لدنك ولياً\"[مريم: 5]، وقال إبراهيم: \"الحمد لله الذي وهب لي على الكبر إسماعيل وإسحاق\" [إبراهيم: 39]، وما كان موهوباً له كان له أخذ ماله كعبده، وقال سفيان بن عيينة في قوله: \"ولا على أنفسكم أن تأكلوا من بيوتكم أو بيوت آبائكم\" [النور: 61]، ثم ذكر بيوت سائر القرابات إلا الأولاد لم يذكرهمº لأنهم دخلوا في قوله: \"بيوتكم\" [النور: من الآية: 61]، فلما كانت بيوت أولادهم كبيوتهم لم يذكر بيوت أولادهمº ولأن الرجل يلي مال ولده تولية فكان له التصرف فيه كمال نفسه، وأما أحاديثهم فأحاديثنا تخصها وتفسرهاº فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - جعل مال الابن مالاً لأبيهº بقوله: \"أنت ومالك لأبيك\" (سبق تخريجه)، فلا تنافي بينهما، وقوله: \"أحق به من والده وولده\" مرسل ثم يدل على ترجيح حقه على حقه لا على نفي الحق بالكلية، والولد أحق من الوالد بما تعلقت به حاجته. ا. هـ المغني(5/395).

ويحرم على الأب وغيره أن يقترض باسمه أو باسم غيره قرضاً ربوياً من بنك أو فرد أو غيرهماº قال - تعالى -: \"الَّذِينَ يَأكُلُونَ الرِّبا لا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيطَانُ مِنَ المَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُم قَالُوا إِنَّمَا البَيعُ مِثلُ الرِّبا وَأَحَلَّ اللَّهُ البَيعَ وَحَرَّمَ الرِّبا فَمَن جَاءَهُ مَوعِظَةٌ مِن رَبِّهِ فَانتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَن عَادَ فَأُولَئِكَ أَصحَابُ النَّارِ هُم فِيهَا خَالِدُونَ\"[البقرة: 275].

ولحديث أبي هريرة رضي الله عنه- عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: \"اجتنبوا السبع الموبقات، قالوا يا رسول الله: وما هن؟ قال: الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات\" رواه البخاري(2767)، ومسلم(89).والله تعالى- أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply