شبهات وبيان ( فسيراني في اليقظة )


 

 بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:

فهذا بحث أسقط فيه استدلال الصوفية بعون الله - تعالى -، احتجاجهم بلفظة حديث البخاري ((فسيراني في اليقظة)) على أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يحضر بعد موته بجسده وروحه يقظة لدى أوليائهم وأوتادهم.

والشبهة التي يشبهون بها على الناس سببها سقط لعبارة من متن الحديث في صحيح البخاري، وأصلها أن أحد رواة الحديث شك في لفظة فأوردها على احتمالين، حيث قال في حديث: من رآني في المنام فسيراني في اليقظة أو فكأنما رآني في اليقظة. فسقطت العبارة الثانية في رواية الإمام البخاري فكانت منها هذه الشبهة. والراجح فيها أنها من سهو القلم سواء كانت من البخاري - رحمه الله - أو من شيخه في السند عبدان، والله أعلم.

 أما بالنسبة للشك في الرواية فهو من ابن شهاب الزهري أو من أبي سلمة والراجح الأول، كما سيظهر في مخطط أسانيد الحديث لاحقاً، ولا نقول كما قال أحدهم أن الرواية الوحيدة على الجزم رواية البخاري وغيرها على الشك، بل نقول أن رواية البخاري تعرضت لسقط، وغيرها كما في مسلم وأبي داود وأحمد رواية الإتمام، لأنه من المستحيل أن ينقل عبدان شيخ البخاري كما سيأتي رواية الجزم ـ فسيراني في اليقظة ـ وأن يروي أربعة عن شيخ عبدان كل منهم يشك في الرواية، ويأتي بنفس اللفظ المشكوك فيه ـ فسيراني في اليقظة أو فكأنما رآني في اليقظة ـ بل معناه يقتضي أن الأربعة يروون الشك عمن فوقهم، وهو شيخ عبدان أو من فوقه، وعبدان هذا قصر فلم يرو لفظ الشك، كذلك مجيء لفظ الشك ـ فسيراني في اليقظة أو فكأنما رآني في اليقظة ـ مروي عن شيخ شيخ شيخ عبدان في السند عند الإمام أحمد /5ـ360/ وهو ابن أخي محمد بن شهاب الزهري عن عمه يقطع بكون رواية عبدان قد وقع فيها السقط والحمد لله رب العالمين.

 

من المفيد تقديم روايات الحديث:

6592 حدثنا عبدان أخبرنا عبد الله عن يونس عن الزهري حدثني أبو سلمة أن أبا هريرة قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((من رآني في المنام فسيراني في اليقظة ولا يتمثل الشيطان بي)). البخاري.

110 حدثنا موسى قال حدثنا أبو عوانة عن أبي حصين عن أبي صالح عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((تسموا باسمي ولا تكتنوا بكنيتي، ومن رآني في المنام فقد رآني فإن الشيطان لا يتمثل في صورتي)). البخاري.

6594 حدثنا معلى بن أسد حدثنا عبد العزيز بن مختار حدثنا ثابت البناني عن أنس - رضي الله عنه - قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((من رآني في المنام فقد رآني فإن الشيطان لا يتخيل بي ورؤيا المؤمن جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة)). البخاري. 

6595 حدثنا خالد بن خلي حدثنا محمد بن حرب حدثني الزبيدي عن الزهري قال أبو سلمة قال أبو قتادة - رضي الله عنه - قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((من رآني فقد رأى الحق)). البخاري.

6596 حدثنا عبد الله بن يوسف حدثنا الليث حدثني ابن الهاد عن عبد الله بن خباب عن أبي سعيد الخدري سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((من رآني فقد رأى الحق فإن الشيطان لا يتكونني)). البخاري.

2266 حدثنا أبو الربيع سليمان بن داود العتكي حدثنا حماد يعني بن زيد حدثنا أيوب وهشام عن محمد عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((من رآني في المنام فقد رآني فإن الشيطان لا يتمثل بي)). مسلم.

2266 وحدثني وحرملة قالا أخبرنا بن وهب أخبرني يونس عن بن شهاب حدثني أبو سلمة بن عبد الرحمن أن أبا هريرة قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((من رآني في المنام فسيراني في اليقظة أو لكأنما رآني في اليقظة لا يتمثل الشيطان بي)). مسلم.

5023 حدثنا أحمد بن صالح ثنا عبد الله بن وهب قال أخبرني يونس عن بن شهاب قال أخبرني أبو سلمة بن عبد الرحمن أن أبا هريرة قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((من رآني في المنام فسيراني في اليقظة أو لكأنما رآني في اليقظة ولا يتمثل الشيطان بي)). أبو داود.

5 ـ306 حدثنا يعقوب حدثني ابن أخي بن شهاب عن محمد بن شهاب حدثني أبو سلمة ابن عبد الرحمن بن عوف أن أبا هريرة قال سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((من رآني في المنام فسيراني في اليقظة أو فكأنما رآني في اليقظة لا يتمثل الشيطان بي)). مسند الإمام أحمد. 

2268 وحدثني محمد بن حاتم حدثنا روح حدثنا زكريا بن إسحاق حدثني أبو الزبير أنه سمع جابر ابن عبد الله يقول: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((من رآني في النوم فقد رآني فإنه لا ينبغي للشيطان أن يتشبه بي)). مسلم.

2ـ261 حدثنا يعلى ويزيد قالا أنا محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((من رآني في المنام فقد رأى الحق ان الشيطان لا يتشبه بي)). مسند الإمام أحمد.

2276 حدثنا محمد بن بشار حدثنا عبد الرحمن بن مهدي حدثنا سفيان عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص عن عبد الله عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((من رآني في المنام فقد رآني فإن الشيطان لا يتمثل بي)). الترمذي.

3904 حدثنا محمد بن يحيى ثنا سليمان بن عبد الرحمن ثنا سعدان بن يحيى بن صالح ثنا صدقة بن أبي عمران عن عون بن أبي جحيفة عن أبيه عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((من رآني في المنام فكأنما رآني في اليقظة إن الشيطان لا يستطيع أن يتمثل بي)). ابن ماجه.

3905 حدثنا محمد بن يحيى ثنا أبو الوليد قال أبو عوانة ثنا عن جابر عن عمار هو الدهني عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((من رآني في المنام فقد رآني فإن الشيطان لا يتمثل بي)). ابن ماجه.

2ـ232 حدثنا محمد بن فضيل ثنا عاصم بن كليب حدثني أبي نه سمع أبا هريرة يقول قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((من رآني في المنام فقد رآني فإن الشيطان لا يتمثل بي)). مسند أحمد.

3 ـ472 حدثنا حسين بن محمد ثنا خلف يعني بن خليفة عن أبي مالك الأشجعي عن أبيه طارق ابن أشيم قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((من رآني في المنام فقد رآني)). مسند أحمد.

6051 أخبرنا الحسين بن عبد الله القطان قال حدثنا هشام بن عمار قال حدثنا أنس بن عياض قال حدثنا يونس بن يزيد عن الزهرى عن أبى سلمة عن أبى هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((من رآني في المنام فقد رأى الحق)). صحيح ابن حبان.

3901 حدثنا أبو مروان العثماني قال ثنا عبد العزيز بن أبي حازم عن العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((من رآني في المنام فقد رآني فإن الشيطان لا يتمثل بي)). ابن ماجه.

7ـ45 أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، وأبو زكريا بن أبي إسحاق المزكي، قالا: حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، أخبرنا بحر بن نصر الخولاني، أخبرنا ابن وهب، أخبرنا يونس عن ابن شهاب أخبرنا أبو سلمة قال: سمعت أبا هريرة، قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((من رآني في المنام، فسيراني في اليقظة، أو لكأنما رآني في اليقظة، ولا يتمثل الشيطان بي)). البيهقي، دلائل النبوة.

5406 حدثنا يحيى بن علي الدسكري لفظا بحلوان أخبرنا أبو بكر بن المقرىء بأصبهان حدثنا أبو القاسم عبد الرحمن بن عبد الله الأكفاني القطيعي حدثنا محمد بن عزيز الأيلي حدثنا سلامة بن عقيل قال: قال ابن شهاب حدثني أبو سلمة بن عبد الرحمن أن أبا هريرة قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((من رآني في المنام فسيراني في اليقظة أو فكأنما رآني في اليقظة ولا يتمثل الشيطان بي)). تاريخ بغداد.

 

تنويه:

إن سلامة بن عقيل في هذا السند، الحق أنه يروي هذا الحديث عن عمه بواسطة كتاب له فيه مرويات الزهري، كما هو واضح في ترجمته في كتاب تهذيب التهذيب.

 

مما تقدم معنا يتكون لنا هذا المخطط أسانيد حديث البحث:

(1) عبدان، ابن وهب، يونس، ابن شهاب، أبو سلمة، أبو هريرة: فسيراني في اليقظة.

(2) حرملة، ابن وهب، يونس، ابن شهاب، أبو سلمة، أبو هريرة: فسيراني في اليقظة، أو فكأنما رآني في اليقظة 

(2) سليمان، ابن وهب، يونس، ابن شهاب، أبو سلمة، أبو هريرة: فسيراني في اليقظة، أو فكأنما رآني في اليقظة

(3) أحمد، ابن وهب، يونس، ابن شهاب، أبو سلمة، أبو هريرة: فسيراني في اليقظة، أو فكأنما رآني في اليقظة

(9) بحر، ابن وهب، يونس، ابن شهاب، أبو سلمة، أبو هريرة: فسيراني في اليقظة، أو لكأنما رآني في اليقظة

(4)  ابن أخي ابن شهاب، ابن شهاب، أبو سلمة، أبو هريرة: فسيراني في اليقظة، أو فكأنما رآني في اليقظة

(5)  سلامة بن عقيل، ابن شهاب، أبو سلمة، أبو هريرة: فسيراني في اليقظة، أو فكأنما رآني في اليقظة

(6) أنس بن عياض، يونس، ابن شهاب، أبو سلمة، أبو هريرة: فقد رأى الحق

(7)    محمد بن عمرو، أبو سلمة، أبو هريرة: فقد رأى الحق

(2)      محمد بن سيرين، أبو هريرة: فقد رآني فإن الشيطان لا يتمثل بي

(8)       أبو صالح، أبو هريرة: فقد رآني فإن الشيطان لا يتمثل في صورتي

(11)    عبد الرحمن بن يعقوب، أبو هريرة: فقد رآني فإن الشيطان لا يتمثل بي

(10)     كليب بن شهاب، أبو هريرة: فقد رآني فإن الشيطان لا يتمثل بي

 1ـ البخاري /6592/، 2ـ مسلم /2266/، 3ـ /أبو داود /5023/، 4ـ مسند أحمد /5ـ306/، 5 ـ تاريخ بغداد /5406/، 6ـ ابن حبان /6051/، 7ـ مسند أحمد /2ـ261/، 8ـ البخاري /110/

 9ـ البيهقي، دلائل النبوة /7ـ45/، 10ـ مسند أحمد /2ـ232/، 11ـ ابن ماجه /3901/.

وبهذا يظهر لنا أن أربعة تابعوا عبدان في الرواية عن شيخه عبد الله بن وهب، وذكروا عبارة الشك، كذلك فإن ابن أخي محمد بن شهاب الزهري قد تابع يونس في الرواية عن ابن شهاب الزهري، ويونس المتابع هنا هو شيخ شيخهم لهؤلاء الخمسة: عبدان، وحرملة، وسليمان، وأحمد، وبحر، وعليه يظهر جلياً تقديم رواية الأربعة على رواية عبدان والحمد لله. فضلاً عن الأربعة من التابعين الذين تابعوا أبا سلمة في الرواية عن أبي هريرة - رضي الله عنه -.

فضلاً عن ثمانية من الصحابة رووا هذا الحديث وهم أنس بن مالك، كما في صحيح البخاري /6594/، وعبد الله بن عباس، كما في سنن ابن ماجه /3905/، وجابر بن عبد الله، كما في صحيح مسلم /2266/، وأبو جحيفة، كما في سنن ابن ماجه /3904/، وطارق بن أشيم، كما في المسند /3ـ472/، وعبد الله بن مسعود، كما في سنن الترمذي /2276/، وأبو سعيد الخدري، كما في صحيح البخاري /6596/.

كما أن عبارات أحاديث الصحابة الثمانية كما قدمت موافقة والحمد لله للمعنى الحق الذي سقط من رواية البخاري، في أن النبي - صلى الله عليه وسلم -، أراد أن يبين أن صورته التي يرى عليها في المنام هي عين صورته، بل أكثر من ذلك حيث أتى أبو جحيفة وعبد الله بن عمرو - رضي الله عنهما -، بنفس اللفظ الذي أشرت إلى صوابه، فقالا: ((من رآني في المنام فكأنما رآني في اليقظة)) كما في سنن ابن ماجه /3904/، وكما في مجمع الزوائد /7ـ181/، وقال الهيثمي: رجاله ثقات. فظهر هنا وبشكل قاطع أنه المعنى المراد، والحمد لله على توفيقه.

وبهذا أكتفي برد لفظة ((فسيراني يقظة)) رواية لأنها لم تثبت كما هو ظاهر بحال، علماً أن هناك من العلماء من تكلف وحاول أن يردها دراية كونها لم تظهر له حقيقتها والله أعلم.

وهنا ليس على سبيل الرد دراية بل من أجل تبين ضلال هذه المسألة كي نعرف أين يمشي بنا الفكر الصوفي، فأقول: إن القول في أن النبي محمداً - صلى الله عليه وسلم - يحضر يقظة، ينبني عليه القول بالرجعة بعد الموت كما تزعم بعض الفرق الضالة، وهذا الذي أقوله ليس توقعاً بل حدث كما في كتاب لأحدهم يزعم أنه كان سنياً ثم تشيع، والذي نقل عن السيوطي مسألة حضور النبي - صلى الله عليه وسلم - يقظة، من كتابه الحاوي للفتاوي /2ـ473/ تحت عنوان: تنوير الحلك في إمكان رؤية النبي والملك، ثم احتج صاحب الكتاب على أهل السنة والجماعة الذين لا يقولون بالرجعة. !!!

وهنا تبيين آخر لمدى خطورة إخراج النبي محمد - عليه الصلاة والسلام - عن بشريته التي فيها نص صريح قطعي الثبوت قطعي الدلالة، وهو قول ربنا جل وعلى {قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلي} سورة الكهف الآية /110/. فأقول:

أولاً ـ إن في هذا مخالفة شرعية لمخالفة ظاهر القرآن بغير حجة شرعية، ومن المعلوم أن الأصل في النصوص ظاهرها، كما في علم أصول الفقه.

ثانياً ـ إن فيها هدماً لنبوة محمد بن عبد الله - صلى الله عليه وسلم -، وذلك أن صدق نبوته - عليه الصلاة والسلام - أساسها على أنه كان يخبر عن ربه - تعالى -ثم يُثبت صدقه بكونه تحدثُ منه وعلى يده أمور خارقة للعادة لا يستطيعها البشر، فمثلاً من يقول أن محمداً - عليه الصلاة والسلام - يحضر يقظة معه هو بذلك يخالف نصوصاً قرآنية حيث قال ربنا جل وعلى {إنك ميت وإنهم ميتون}، {وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإين مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم} آل عمران / 144/ {قل سبحان ربي هل كنت إلا بشراً رسولا} الإسراء /93/{قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلي} الكهف /110/.

وهنا لي مثال يقرب هذا الذي أقوله للأفهام: فلو أننا كنا مجتمعاً من الغنم بدلاً من أن نكون من البشر وجاءنا رجل من البشر يضحك ويتكلم ويمشي على اثنتين هل يكون هذا عندنا أمر خارق للعادة؟!!!.وكذلك ينتج لدينا في تصويرنا النبي - عليه الصلاة والسلام - في هذا، فكم سمعنا من البعض أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ليس له ظل أو خيال لأنه مخلوق من نور، وكم سمعنا منهم عن حضوره عدة مجالس في وقت واحد وخاصة الموالد حيث يحضر بزعمهم ثم يقفون على أقدامهم أدباً مع حضوره وينشدون طلع البدر علينا، وكم سمعنا منهم عن كون جبريل - عليه السلام - لما أراد أن ينظر إلى ربه الذي يتلو عليه القرآن من وراء الحجاب، فلما كشف الحجاب وجد محمداً - عليه الصلاة والسلام -، فقال جبريل له: أمنك وإليك، وكم سمعنا منهم أن أول ما خلق الله نور النبي محمد - عليه الصلاة والسلام -، بل أكثر من ذلك فقد تبجح أحدهم بأن من زعم أن محمداً - عليه الصلاة والسلام - ولد كما تخرج الأولاد من أمهاتهم فإنه يخشى على إيمانه.

وهؤلاء الذين يقولون بحضوره يقظة عندهم، نقول لهم: لو كان لديكم أدنى معرفة في علوم الحديث لعرفتم مدى سخف كلامكم لأن مضمونه بإجماع العلماء الذين عرّفوا الصحابي أن مشايخكم الذين تدعون أنهم التقوا بالنبي - صلى الله عليه وسلم - يقظةً قد أصبحوا صحابة وأنتم بالتالي أصبحتم تابعين لالتقائكم بهم، وهلم جرا، وعليه فإن كل العلماء من أمثال أحمد بن حنبل وعلي ابن المديني ويحيى بن معين والرازيان والبخاري ومسلم والترمذي وأبي داود وآلاف غيرهم ممن تكلم في علم الجرح والتعديل أغبياء ضلال ـ والعياذ بالله من هذا ـ لأنهم لم يذكروا واحداً فقط تقع عليه هذه الرتبة التي تدعون من بين عشرات الألوف ممن روى أحاديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

وأقول أيضاً أين كان النبي - عليه الصلاة والسلام - من الحضور يقظة في أوقات كادت وكانت الأمة تذبح: يوم السقيفة يوم وقع الخلاف بين الصحابة من يخلفهم، ويوم وقعة الجمل يوم ذبح فيه المبشرون بالجنة من الصحابة، وكاد أن يهتك فيه ستر أزواج النبي محمد - صلى الله عليه وسلم -،

ويوم وقعة صفين يوم ذبحت الصحابة يوم اختلف علي مع معاوية - رضي الله عنهما - وشرخت الأمة نصفين، أين كان النبي - عليه الصلاة والسلام - من الحضور يقظة مع علماء هذه الأمة من فقهاء ومحدثين عندما كانوا يختلفون في مسائل الفقه فالشافعي مثلاً يجتهد ويقول قولاً وأبو حنيفة يجتهد ويقول عكسه، وعمر بن الخطاب كما في البخاري /5266/ يخطب على منبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيقول: ثلاث وددت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يفارقنا حتى يعهد إلينا عهداً: الجد والكلالة وأبواب من أبواب الربا.

سبحان الله عمر الخليفة الراشدي ومن على منبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ـ أي بحضور الصحابة ـ ولم يكن لواحد منهم هذا المقام المزعوم لدى (أولياء) عصرنا مع رسول الله ليحضر عندهم يقظة ويخبرهم بما ينقصهم من أخبار وأحكام. !!!

وهؤلاء المحدثون يقطعون الصحراء من أجل الحديث، كل هذا والنبي - صلى الله عليه وسلم - الرؤوف بأمته يضن عليهم بالحضور إليهم لحقن دمائهم ولإرشادهم ثم يحضر في الزوايا والتكايا عند هؤلاء الجهلة ليخبرهم أن فلانة ستتزوج وأن الأخرى سوف تحبل وأن هذا الزواج ليس فيه وفاق

فأين يمشي بنا هؤلاء الجهلة، والله إنهم معاول هدم في هذا الدين، اللهم اكفناهم على النحو الذي تريد وكيف ما تريد، والحمد لله رب العالمين.

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply