أعلام التصوف أحمد البدوي


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

يقول الشيخ سعد صادق محمد في كتابه \" صراع بين الحق والباطل \" صفحة: (26) وما بعدها، تحت عنوان: ولي ضال عن سبيل الرسول - صلى الله عليه وسلم -:

 يقول الشيخ الصاوي في حاشيته على الخريدة البهية ـ وهي من كتب العقائد المشهورة التي تدرس في المعاهد الدينية ـ قال في ترجمة أحمد البدوي وهو يتكلم عن \"التصوف والأقطاب الأربعة\" قال المناوي: أصله من بني بري قبيلة من عربان الشام، وعرف بالبدوي للزومه اللثام ولم يتزوج، واشتهر بالعطاب لكثرة عطبه من يؤذيه. - و سبب لبسه هذا اللثام خوفه على مريديه أن يرو وجه لأن من يرى وجهه يخر صعقاً في الحال، ولا ضرورة أن أربط بين قصة موسى - عليه السلام - وطلبه رؤية الله وخروره صعقاً وصعق من أراد أن يرى البدوي -

 ثم لزم الصمت فكان لا يتكلم إلا بالإشارة. وكان يمكث أربعين يوماً لا يأكل ولا يشرب ولا ينام. وأكثر أوقاته شاخصاً بصره نحو السماء، وعيناه كالجمرتين..- أين هذا من قول النبي - صلى الله عليه وسلم - إن لبدنك عليك حقاً، ومن قال إن شخوص البصر نحو السماء عبادة هل فعلها النبي - صلى الله عليه وسلم - هل فعلها صحابته - رضوان الله عليهم -

إلى أن يقول: \" وكان - رضي الله عنه - إذا لبس ثوباً أو عمامة لا يخلعها لا لغسل ولا لغيره حتى تبلى \" - أين هذا من الإسلام الذي أمر بالطهارة و التطهر و لكن حتى تتنزل الشياطين على أمثاله لابد من المكوث على هذه النجاسة أطول فترة ممكنه -

ويمضي الشيخ الصاوي في ترجمته عن البدوي فيقول: \" واجتمع به ابن دقيق العيد فقال له: إنك لا تصلي..ما هذا سنن الصالحين؟؟

فقال له: أسكت و إلا طيرت دقيقك!! ودفعه فإذا هو بجزيرة متسعة جداً، فضاق ذرعاً حتى كاد أن يهلك، فرأى الخضر فقال له: لا بأس عليك، إن مثل البدوي لا يُعترض عليه.

اذهب إلى هذه القبة وقف ببابها فإنه سيأتيك العصر ليصلي بالناس. فتعلق بأذياله لعل أن يعفو عنك ففعل فإذا هو ببابه. مات سنة 655 هـ - رضي الله عنه - وعنا به \"

ويعلق الشيخ سعد صادق على قصته مع ابن دقيق العيد بأنه لو كان لها أساس من الصحة لذكرها الشيخ ابن دقيق العيد في أحد مؤلفاته الكثيرة.. - بل هنالك من القصة ما هو صحيح فقد وردت كثير من الأشعار التي يتغنى بها أصحاب الطريقة الأحمدية تثبت أنه كان لا يصلي في طنطا ويدعي أنه يصلي في مكة -

ويكمل الشيخ سعد صادق في كتابه صراع بين الحق والباطل فيقول:

تقول كتب التاريخ: أن العلويين عندما أرادوا أن ينتزعوا الحكم ليعيدوا مجدهم الذاهب، وتستمر الخلافة علوية قرشية اعتمدوا على دعوة التصوف ليصلوا لهدفهم المنشود، إذ كان الفاطميون قد حكموا البلاد وبفعلهم وضح نفوذ التصوف في ذلك الوقت، وفي المجتمع الإسلامي كظاهرة اجتماعية.

وأصبح لشيوخ الصوفية قوة في الهيمنة على النفوس والتأثير فيها لتسير في اتجاهاتها..

استغل العلويون دعوة التصوف فكونوا العصبيات من الدراويش والمجاذيب والأسرات العلوية، وخرج هؤلاء وأولئك يجوبون الأقطار العربية رسلاً للعلويين.

وممن اعتمد عليهم العلويون في دعوتهم:

أبو الفتوح الواسطي الذي كان من تلاميذ أحمد الرفاعي صاحب الطريقة الرفاعية في العراق، فتوسم فيه العلويون ذكاء وخبرة لحمل راية الطريق، فندبوه للسفر إلى مصر لينهض بأعباء تلك الدعوة تحت ستار التصوف والدروشة. فنزح الواسطي من واسط عام 620 هـ إلى مصر، لكنه آثر البقاء بالإسكندرية ليكون بعيداً عن عيون الحاكمين.

 

 ثم توفي وفجع العلويين بخادمهم الأمين، ومن ثم كان عليهم أن يبحثوا عن داعية آخر غير الواسطي ليتسلم راية الطريق، فكلفوا أحمد البدوي للسفر إلى مصر، إذ توسموا فيه البراعة والقدرة كسابقه الواسطي وخاصة أن له خبرة سابقة في مصر.

 كان أحمد البدوي ذكياً لماحاً، فبعد أن هاجر إلى مصر، عرف أن الأيوبيين الذين يحكمون البلاد يترصدون لكل حركة مضادة لهم، كما أن الإسكندرية - كغيرها من الثغور- كانت موضع مراقبتهم الشديدة احتياطاً لما قد يقع من الصليبيين عليها من غارات.

لهذا كله كان البدوي حذراً بعيد النظر، فآثر أن يتخذ طنطا داراً لمقامه الدائم بعيداً عن عيون السلطان وليكون في مكان وسط البلاد (ويقال أن طنطا قد عينت له من قبل العلويين ليتخذها مقراً لنشر دعوته - راجع كتاب السيد البدوي أو دولة الدراويش في مصر للأستاذ محمد فهمي عبد اللطيف).

 وفي طنطا أقام البدوي في سطح ما يسمى بأبي شحيط، وفي هذه الدار كان البدوي يمارس أعمال التصوف من قراءة أوراد ورياضيات وشطحات، ويجتمع بمريديه وأتباعه ويزودهم بتعاليمه ودعوته، ثم يتفرقون في أنحاء البلاد، يحدثون الناس بمناقب السيد وينشرون تعاليمه ويرددون كراماته..

 وعلى مر الأيام صار البدوي ملء السمع والأفواه، وبهذا تمكن البدوي من أن يصرف أنظار الحاكم عن مركزه كداعية للعلويين.

لأنه في الحقيقة لم يكن دجالاً ولا مشعوذاً ولم يكن شخصية خرافية أسطورية.

كما صوره أتباعه الدراويش من أنه كان يشرب ماء البحر كله، ويمد يده فيأتي بالأسرى من وراء البحر.

وغير ذلك من الخرافات والأساطير التي هوّل بها الدراويش للتضليل والتمويه..

ولم يكن البدوي كذلك ملازماً للخلوة بالسطح للاستغراق في الوجد والوجود والحياة والزهد والتعبد والمكاشفة - كما تحكي عن ذلك كتب المناقب - لم يكن البدوي حقيقة كذلك.

بل كان رجلاً حاذقاً ماهراً لاعباً لأدوار سياسية كبيرة.

لهذا كان مكلفاً بوضع نظام دقيق محكم تتمثل في التصوف ليغلف بها نطاق دعوته في كل أنحاء البلاد والأقطار العربية لصالح العلويين.

لكن البدوي وافته منيته قبل أن يستكمل دوره السياسي في عودة العلويين إلى الحكم.

                        

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply