أعلام التصوف أبو يزيد البسطامي


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

أبو يزيد البسطامي

هو طيفور بن عيسى بن آدم بن شروسان، ولد في بسطام من أصل مجوسي، نسبت إليه أقوال شنيعة، توفي سنة (261هـ) ولم يعرف عنه التأليف.

قال الحافظ ابن كثير - رحمه الله -: ((وقد حُكي عنه شطحاتٌ ناقصاتٌ، وقد تأوَّلها كثيرٌ من الفقهاء والصوفية، وحملوها على محاملَ بعيدةٍ,، وقد قال بعضُهم إنَّه قال ذلك في حال الاصطلام- الاصطلام: القطع عن الوجود أو الفناء- والغيبة. ومن العلماء مَن بدّعه وخطّأه وجعل ذلك من أكبر البدع، وأنَّها تدلٌّ على اعتقادٍ, فاسدٍ, كامِنٍ, في القلب ظهر في أوقاته)) (البداية والنهاية: 11ـ38).

وقال الإمام الذهبي: ((نعوذ بالله من الإشارات الحلاجية، والشطحات البسطامية، وتصوف الاتحادية، فواحزناه على غربة الإسلام والسنة)). (سير أعلام النبلاء 13ـ 442).

 

ومن أقوال أبي يزيد:

 قوله ناعياً على علماء الشريعة مفاخراً لهم: ((أخذتم علمكم ميتاً عن ميت، وأخذنا علمنا عن الحي الذي لا يموت، حدثني قلبي عن ربي، وأنتم تقولون: حدثني فلان، وأين هو؟ قالوا: مات، عن فلان وأين هو؟ قالوا: مات)).

(الفتوحات المكية ج1-ص365، والمواهب السرمدية صفحة 49، والأنوار القدسية 99، وطبقات الشعراني 1ـ5، وتلبيس إبليس صفحة 344، والرحمة الهابطة صفحة 309).

 ويقول أبو يزيد البسطامي: ((خُضنا ـ أي نحن الأولياء ـ بحوراً وقفت الأنبياء بسواحلها)). (الإبريز: 2ـ212)

 ويقول أيضاً: ((تالله إن لوائي أعظم من لواء محمد - صلى الله عليه وسلم -، لوائي من نور تحته الجن والإنس كلهم من النبيين)). (الإنسان الكامل للجيلي: 16).

وقال الغزالي غفر الله له: ((وكان أبو يزيد وغيره يقول: ليس العالِم الذي يحفظ من كتاب، فإذا نسي ما حفظه صار جاهلاً، إنما العالِم الذي يأخذ علمَهُ من ربِّه أيّ وقتٍ, شاء بلا حفظٍ, ولا درسٍ,!)) (الإحياء: 3ـ24).

ويحدثنا عنه أبو حامد الغزالي فيقول: ((حُكي أن شاهداً عظيم القدر من أعيان أهل (بسطام) كان لا يفارق مجلس أبي يزيد البسطامي فقال يوماً: أنا منذ ثلاثين سنة أصوم الدهر ولا أفطر، وأقوم ولا أنام، ولا أجد في قلبي من هذا العلم الذي تذكر شيئاً، وأنا أصدق به وأحبه!

فقال أبو يزيد: ولو صمت ثلاثمائة سنة، وقمت ليلها ما وجدت من هذا ذرة!! قال: ولم؟ قال: لأنك محجوب بنفسك. قال: فلهذا دواء؟ قال: نعم. قال: قل لي حتى أعمله. قال: لا تقبله. قال: فاذكره لي حتى أعمل. قال: اذهب إلى المزين فاحلق رأسك ولحيتك، وانزع هذا اللباس، واتزر بعباءة، وعلق في عنقك مخلاة مملوءة جوزاً، واجمع الصبيان حولك، وقل..كل من صفعني صفعة أعطيته جوزة، وادخل السوق، وطف الأسواق كلها عند الشهود وعند من يعرفك، وأنت على ذلك!!

فقال الرجل: سبحان الله، تقول لي مثل هذا؟ فقال أبو يزيد: قولك..\"سبحان الله\" شرك!! قال: وكيف؟ قال: لأنك عظمت نفسك، فسبحتها، وما سبحت ربك. فقال: هذا لا أفعله، ولكن دلني على غيره. فقال ابتدئ بهذا قبل كل شيء. فقال: لا أطيقه. فقال: قد قلت لك.. إنك لا تقبل.. !))(إحياء علوم الدين 4 ـ 358).

ويذكر البسطامي كذلك عن نفسه ما يأتي: ((رفعني مرة فأقامني بين يديه، وقال لي: يا أبا يزيد! إن خلقي يحبون أن يروك، فقلت: زيني بوحدانيتك، وألبسني أنانيتك، وارفعني إلى أحديتك، حتى إذا رآني خلقك قالوا: رأيناك، فتكون أنت ذاك، ولا أكون أنا هنا)) (اللمع: صفحة461).

وحكى القشيري في ترجمة أبي يزيد البسطامي ((وسئل عند ابتدائه وزهد، فقال: ليس للزهد منـزلة، فقيل له: لماذا؟ فقال: لأني كنت خلال ثلاثة أيام في الزهد، فلما كان اليوم الرابع خرجت منه، ففي اليوم الأول زهدت في الدنيا وما فيها، وفي اليوم الثاني زهدت في الآخرة وما فيها، وفي اليوم الثالث زهدت فيما سوى الله تعلى، فيما كان اليوم الرابع لم يبق لي سوى الله - تعالى -فَهِمتُ، فسـمعت قائلا يقول: يا أبا يزيد لا تقو معنا، فقلت: هذا الذي أريد، فسمعت قائلا يقول: وجدت وجدت)). (الرسالة القشيرية صفحة 395)

قال أبو عبد الرحمن السلمي في كتابه المحن: ((وأنكر أهل بسطام على أبي يزيد البسطامي ما كان يقول حتى إنه ذكر للحسين بن عيسى أنه يقول: لي معراج كما كان للنبي - صلى الله عليه وسلم - معراج فأخرجوه من بسطام، وأقام بمكة سنتين ثم رجع إلى جرجان فأقام بها إلى أن مات الحسين بن عيسى ثم رجع إلى بسطام)).

وقال القشيري: ((قيل لأبي يزيد: ما أشد ما لقيت في سبيل الله. ؟ فقال: لا يمكن وصفه، فقيل له: ما أهون ما لقيت نفسك منك. ؟ قال: أما هذا فنعم، دعوتها إلى شيء من الطاعات فلم تجبني فمنعتها الماء سنة)). (الرسالة القشيرية صفحة 395)

وكان يوماً يرتدي جبة ففتحها وقال: ((سبحاني ما أعظم شاني، ما في الجبة إلا الله)). (شذرات الذهب 2ـ142، وفيض القدير 1ـ456).

ونقل ابن الجوزي عن أبي يزيد أنه قال: ((إن لله عباداً لو بصقوا على جهنم لأطفؤوها ولقد وددت أن قامت القيامة حتى أنصب خيمتي على جهنم، فسأله رجل: و لم ذاك يا أبا يزيد؟ فقال: إني أعلم أن جهنم إذا رأتني تخمد فأكون رحمة الله للخلق)) ثم قال: ((اللهم إن كان في سابق علمك أن تعذب أحداً من خلقك بالنار فعظم خلقي حتى لا تسع معي غيري)) وقال: ((وما النار. ؟ والله لئن رأيتها لأطفئنها بطرف مرقعتي)). (تلبيس إبليس 341 ـ343 ـ346).

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply