بسم الله الرحمن الرحيم
ابن عربي الأندلسي:
هو أبو بكر محمد بن علي بن محمد الحاتمي الطائي الأندلسي، المعروف بابن عربي، صاحب كتاب الفصوص، والفتوحات المكية، توفي سنة (638 هـ)، عداده في غلاة الصوفية من أهل وحدة الوجود، الذين تقوم بدعتهم على القول بالوحدة الذاتية لجميع الأشياء مع تعدد صورها في الظاهر، فكل شيء هو الله، واختلاف الموجودات هو اختلاف في الصور والصفات، مع توحد في الذات، وقد اعتبر ابن عربي نفسه خاتم الأولياء.
ولد بالأندلس، ورحل منها إلى مصر، وحج وزار بغداد، واستقر في دمشق حيث مات ودفن، وله فيها الآن مسجد وقبر يُزار.
قال الذهبي - رحمه الله -: ((ومِن أردئ تواليفه كتاب \"الفصوص\"! فإن كان لا كفر فيه فما في الدنيا كفر، نسأل الله العفو والنجاة. فوا غوثاه بالله)). (سير أعلام النبلاء: 23ـ 48).
قال الحافظ ابن حجر في لسان الميزان: ((سألت شيخنا الإمام سراج الدين البُلقيني عن ابن عربي، فبادر الجواب: بأنه كافر. فسألته عن ابن الفارض فقال: لا أحب أن أتكلم فيه. قلت: فما الفرق بينهما والموضع واحد. ؟ وأنشدته من التائية فقطع علي بعد إنشاء عدة أبيات بقوله: هذا كفر هذا كفر)). (لسان الميزان: 4ـ364).
وقال الحافظ أيضاً: ((ولا أرى يتعصب للحلاج إلا من قال بقوله الذي ذُكر أنه عين الجمع فهذا هو قول أهل الوحدة المطلقة ولهذا ترى ابن عربي صاحب الفصوص يعظمه ويقع في الجنيد، والله الموفق)). (لسان الميزان: 2ـ315)
مباهلة الحافظ ابن حجر أتباع ابن عربي في حال شيخهم وضلاله.
قال الحافظ السخاوي \"- رحمه الله -\" في الجواهر والدرر في ترجمة شيخ الإسلام الحافظ ابن حجر العسقلاني: ((ومع وفور علمه ـ يعني شيخه الحافظ ابن حجر العسقلاني ـ وعدم سرعة غضبه، فكان سريع الغضب في الله ورسوله...إلى أن قال: واتفق كما سمعته منه مراراًً أنه جرى بينه وبين بعض المحبين لابن عربي منازعة كثيرة في أمر ابن عربي، أدت إلى أن نال شيخنا من ابن عربي لسوء مقالته.فلم يسهل بالرجل المنازع له في أمره، وهدَّده بأن يغري به الشيخ صفاء الذي كان الظاهر برقوق يعتقده، ليذكر للسلطان أن جماعة بمصر منهم فلان يذكرون الصالحين بالسوء ونحو ذلك. فقال له شيخنا: ما للسلطان في هذا مدخل، لكن تعالَ نتباهلº فقلما تباهل اثنان، فكان أحدهما كاذباً إلا وأصيب. فأجاب لذلك، وعلَّمه شيخنا أن يقول: اللهم إن كان ابن عربي على ضلال، فالعَنِّي بلعنتك، فقال ذلك.
وقال شيخنا: اللهم إن كان ابن عربي على هدى فالعنِّي بلعنتك. وافترقا.
قال: وكان المعاند يسكن الروضة، فاستضافه شخص من أبناء الجند جميل الصورة، ثم بدا له أن يتركهم، وخرج في أول الليل مصمماً على عدم المبيت، فخرجوا يشيعونه إلى الشختور، فلما رجع أحسَّ بشيءٍ, مرَّ على رجله، فقال لأصحابه: مرَّ على رجلي شيء ناعم فانظروا، فنظروا فلم يروا شيئاً. وما رجع إلى منزله إلا وقد عمي، وما أصبح إلا ميتاً.
وكان ذلك في ذي القعدة سنة سبع وتسعين وسبع مئة، وكانت المباهلة في رمضان منها.
وكان شيخنا عند وقوع المباهلة عرَّف من حضر أن من كان مبطلاً في المباهلة لا تمضي عليه سنة)). الجواهر والدرر (3/1001-1002).
وكذلك نقل قصة المباهلة تلميذ الحافظ ابن حجر، تقي الدين الفاسي.
العقد الثمين في تاريخ البلد الأمين (2ـ 198).
وقال العز بن عبد السلام \"- رحمه الله -: \" في ابن عربي: ((شيخُ سوءٍ, مقبوحٍ,، يقول بِقِدَمِ العالَمِ، ولا يُحَرِّم فرجاً)). (سير أعلام النبلاء: 23ـ 48).
وألف الشيخ برهان الدين البقاعي المتوفى سنة (885 هـ) كتاباً سمّاه: تنبيه الغبي على تكفير ابن عربي، ذكر فيه أسماء جماعة من الذين صرحوا بكفره، أو ذمه ذماً شنيعاً، منهم:
شمس الدين محمد بن يوسف الجزري (صفحة: 141)
وحفيده إمام القرّاء محمد بن محمد الجزري صاحب الجزرية (صفحة: 176)
وعلي بن يعقوب البكري (صفحة: 144)
ومحمد بن عقيل البالسي (صفحة: 146)
وابن هشام، صاحب مغني اللبيب (صفحة: 150)
وشمس الدين محمد العيزري (صفحة: 152)
وعلاء الدين البخاري الحنفي (صفحة: 164)
وعلي بن أيوب (صفحة: 182)
وشمس الدين الموصلي (صفحة: 154)
وزين الدين عمر الكتاني (صفحة: 142)
وبرهان الدين السفاقيني (صفحة: 159)
وسعد الدين الحارثي الحنبلي (صفحة: 153)
ورضي الدين بن الخياط (صفحة: 163)
وشهاب الدين أحمد ابن علي الناشري (صفحة: 163).
ومنهم: محمد بن علي النقاش قال: ((وهو مذهب الملحدين كابن عربي وابن سبعين وابن الفارض)). وحدة الوجود (صفحة: 147)
ومنهم شرف الدين عيسى الزواوي المالكي المتوفى عام 743هـ قال: ((ويجب على ولي الأمر إذا سمع بمثل هذا التصنيف (أي مؤلفات ابن عربي كالفصوص والفتوحات المكية) البحث عنه وجمع نسخه حيث وجدها وإحراقها، وتأديب من اهتم بهذا المذهب)). (العقد الثمين 2/176-177).
ومنهم تقي الدين الفاسي الذي ألف كتاباً سماه: عقيدة ابن عربي وحياته.
ومنهم علاء الدولة أحمد بن محمد السمناني المفسر الصوفي. الدرر الكامنة: (1ـ250).
ومنهم: أبو حيان الأندلسي صاحب التفسير، فقد في تفسير سورة المائدة عند قوله - تعالى -: {لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح بن مريم} (صفحة: 142-143): ((ومن بعض اعتقاد النصارى استنبط من أقر بالإسلام ظاهراً، وانتمى إلى الصوفية حلولَ الله في الصور الجميلة، وذهب من ذهب من ملاحدتهم إلى القول بالاتحاد والوحدة كالحلاج، والشعوذي، وابن أحلى، وابن عربي المقيم بدمشق، وابن الفارض، وأتباع هؤلاء كابن سبعين)). وعد جماعة ثم قال: ((وإنما سردت هؤلاء نصحاً لدين الله وشفقة على ضعفاء المسلمين. وليحذروا، فإنهم شر من الفلاسفة الذي يكذبون الله ورسله، ويقولون بقدم العالم، وينكرون البعث، وقد أولع جهلة ممن ينتمي إلى التصوف بتعظيم هؤلاء، وادعائهم أنهم صفوة الله!!)).
ومنهم: تقي الدين السبكي: ((ومن كان من هؤلاء الصوفية المتأخرين كابن عربي وغيره فهم ضلال جهال خارجون عن طريقة الإسلام فضلا عن العلماء وقال ابن المقري اليمني الشافعي في روضه إن الشك في كفر طائفة ابن عربي كفر)). مغني المحتاج للشربيني (3ـ61)
ومنهم السعد التفتازاني في كتابه \" فاضحة الملحدين\"
(مخطوطة محفوظة بمكتبة برلين 2891 جسب بروكلمان ج2 ص 35)
ومنهم القاضي بدر الدين بن جماعة قال: ((حاشا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، يأذن في المنام بما يخالف ويعاند الإسلام يشير إلى زعم ابن عربي أنه تلقى كتاب الفصوص من الرسول مكتوباً-، بل ذلك من وسواس الشيطان ومحنته وتلاعبه برأيه وفتنته.. وقوله في آدم: إنه إنسان العين، تشبيه لله - تعالى -بخلقه، وكذلك قوله: الحق المنزه، هو الخلق المشبّه إن أراد بالحق رب العالمين، فقد صرّح بالتشبيه وتغالى فيه.. وأما إنكاره ما ورد في الكتاب والسنة من الوعيد: فهو كافر به عند علماء أهل التوحيد.. وكذلك قوله في قوم نوح وهود: قول لغوٍ, باطل مردود وإعدام ذلك، وما شابه هذه الأبواب من نسخ هذا الكتاب، من أوضح طرق الصواب، فإنها ألفاظ مزوّقة، وعبارات عن معان غير محققة، وإحداث في الدين ما ليس منه، فحُكمه: رده، والإعراض عنه)).
عقيدة ابن عربي وحياته لتقي الدين الفاسي. (صفحة: 29، 30).
وقال نور الدين البكري الشافعي: ((وأما تصنيف تذكر فيه هذه الأقوال ويكون المراد بها ظاهرها فصاحبها ألعن وأقبح من أن يتأول له ذلك بل هو كاذب، فاجر كافر في القول والاعتقاد ظاهراً وباطناً وإن كان قائلها لم يرد ظاهرها فهو كافر بقوله ضال بجهله، ولا يعذر بتأويله لتلك الألفاظ إلا أن يكون جاهلاً للأحكام جهلاً تاماً عاماً ولا يعذر بجهله لمعصيته لعدم مراجعة العلماء والتصانيف على الوجه الواجب من المعرفة في حق من يخوض في أمر الرسل، ومتبعيهم أعني معرفة الأدب في التعبيرات على أن في هذه الألفاظ ما يتعذر أو يتعسر تأويله، بل كلها كذلك، وبتقدير التأويل على وجه يصح في المراد فهو كافر بإطلاق اللفظ على الوجه الذي شرحناه)). (مصرع التصوف صفحة: /144)
قال ابن خلدون: ((ومن هؤلاء المتصوفة: ابن عربي، وابن سبعين، وابن برّجان، وأتباعهم، ممن سلك سبيلهم ودان بنحلتهم، ولهم تواليف كثيرة يتداولونها، مشحونة من صريح الكفر، ومستهجن البدع، وتأويل الظواهر لذلك على أبعد الوجوه وأقبحها، مما يستغرب الناظر فيها من نسبتها إلى الملّة أو عدّها في الشريعة، وليس ثناء أحد على هؤلاء حجة ولو بلغ المثني عسى ما يبلغ من الفضل لأن الكتاب والسنة أبلغ فضلاً أو شهادة من كل أحد، وأما حكم هذه الكتب المتضمنة لتلك العقائد المضلة وما يوجد من نسخها في أيدي الناس مثل الفصوص والفتوحات المكية لابن عربي.. فالحكم في هذه الكتب وأمثالها إذهاب أعيانها إذا وجدت بالتحريق بالنار والغسل بالماء حتى ينمحي أثر الكتاب). (مصرع التصوف صفحة: 150).
وقال ابن خلدون أيضاً: ((هذا العِلم - السِّحر - حَدث في المِلَّة بعد صدر منها، وَعند ظُهور الغُلاَة من المتصوفة، الحلاَّج، ابن عربي، العَفيف التِّلِمساني، ابن سَبعين، ابن الفارض
وجنوحهم إلى كشف حجاب الحس، وظهور الخوارق على أيديهم والتصرفات في عالم العناصر، وتدوين الكتب والاصطلاحات ومزاعمهم في تنـزل الوجود عن الواحد وترتيبه. وزعموا أن الكمال الأسمائي مظاهر أرواح والأفلاك والكواكب وأن طبائع الحروف وأسرارها سارية في الأسماء فهي سارية في الأكوان)). مقدمة ابن خلدون (صفحة: 930)
وقال نجم الدين البالسي الشافعي: ((من صدق هذه المقالة الباطلة أو رضيها كان كافراً بالله - تعالى -يراق دمه ولا تنفعه التوبة عند مالك وبعض أصحاب الشافعي، ومن سمع هذه المقالة القبيحة تعين عليه إنكارها)). (مصرع التصوف صفحة: 146)
وقال الشيخ شمس الدين محمد بن يوسف الجزري الشافعي: ((الحمد لله، قوله: فإن آدم - عليه السلام -، إنما سمّي إنساناً: تشبيه وكذب باطل، وحكمه بصحة عبادة قوم نوح للأصنام كفر، لا يقر قائله عليه، وقوله: إن الحق المنزّه: هو الخلق المشبّه، كلام باطل متناقض وهو كفر، وقوله في قوم هود: إنهم حصلوا في عين القرب، افتراء على الله وردّ لقوله فيهم، وقوله: زال البعد، وصيرورية جهنم في حقهم نعيماً: كذب وتكذيب للشرائع، بل الحقّ ما أخبر الله به من بقائهم في العذاب.. وأمّا من يصدقه فيما قاله، لعلمه بما قال: فحكمه كحكمه من التضليل والتكفير إن كان عالماً، فإن كان ممن لا علم له: فإن قال ذلك جهلاً: عُرِّف بحقيقة ذلك، ويجب تعليمه وردعه مهما أمكن.. وإنكاره الوعيد في حق سائر العبيد: كذب وردّ لإجماع المسلمين، وإنجاز من الله - عز وجل - للعقوبة، فقد دلّت الشريعة دلالة ناطقة، أن لا بدّ من عذاب طائفة من عصاة المؤمنين، ومنكر ذلك يكفر، عصمنا الله من سوء الاعتقاد، وإنكار المعاد)). (عقيدة ابن عربي وحياته لتقي الدين الفاسي صفحة: 31، 32)
وقال الحافظ العراقي: ((وأما قوله فهو عين ما ظهر وعين ما بطن، فهو كلام مسموم ظاهره القول بالوحدة المطلقة، وقائل ذلك والمعتقد له كافر بإجماع العلماء)). (مصرع التصوف صفحة: 64).
وقال أبو زرعة ابن الحافظ العراقي: ((لا شك في اشتمال\" الفصوص\" المشهورة على الكفر الصريح الذي لا شك فيه، وكذلك فتوحاته المكية، فإن صحّ صدور ذلك عنه، واستمر عليه إلى وفاته: فهو كافر مخلد في النار بلا شك)).
(عقيدة ابن عربي وحياته لتقي الدين الفاسي صفحة: 60).
ومنهم الإمام الشوكاني \"- رحمه الله -\" قال في أبيات:
فهمُ الذين تلاعبوا بين الورى *** بالدينِ وانتدبوا لقصد خرابه
وقد نهج الحلاجُ طرقَ ضلالهم*** وكذاك محيي الدين لا حيا به
وكذاك فارضهم بتائياتهِ *** فرض الضلال عليهم ودعا به
وكذا ابن سبعين المهين فقد عدا *** متطوراً في جهلهِ ولعابهِ
رام النبوءة لالعاً لعثورهِ *** روم الذبابِ مصيره كعقابهِ
وكذلك الجيلي أجال جوادهُ *** في ذلك الميدانِ ثم سعى به
إنسانهُ إنسان عين الكفر لا *** يرتاب فيه سابح بعبابه
والتلمساني قال قد حلت له ***كلٌّ الفروجِ فخذ بذا وكفى به
نهقوا بوحدتهم على رؤوس المل*** ومن المقال أتوا بعينِ كذابه
إن صح ما نقل الأئمةُ عنهم *** فالكفر ضربة لازب لصحابه
لا كفر في الدنيا على كلِّ الورى*** إن كان هذا القول دون نصابهِ
قد ألزمونا أن ندين بكفرهم ***والكفر شرٌّ الخلقِ من يرضى به
فدعِ التعسفَ في التأولِ لا تكن **** كفتى يغطي جيفةً بثيابهِ
قد صرحوا أن الذي يبغونهُ *** هو ظاهرُ الأمر الذي قلنا بهِ
هذي فتوحاتُ الشؤومِ شواهدٌ *** إن المراد له نصوص كتابهِ
ومن أراد الرجوع إلى الأقوال الكفرية الصريحة التي قال بها ابن عربي.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد