أعلام التصوف : ابن سبعين


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

قال الحافظ ابن كثير - رحمه الله -:

((هو عبد الحق بن إبراهيم بن محمد بن نصر بن محمد بن نصر بن محمد بن قطب الدين أبو محمد المقدسي الرقوطي، نسبة إلى رقوطة بلدة قريبة من مرسية، ولد سنة أربع عشرة وستمائة، اشتغل بعلم الأوائل والفلسفة، فتولد له من ذلك نوع من الإلحاد، وصنف فيه، وكان يعرف السيميا، وكان يلبس بذلك على الأغبياء من الأمراء والأغنياء.

 

جاور في بعض الأوقات بغار حراء يرتجي فيما ينقل عنه، أن يأتيه فيه وحي، كما أتى النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -، بناء على ما يعتقده من العقيدة الفاسدة، من أن النبوة مكتسبة، وأنها فيض يفيض على العقل إذا صفا، فما حصل له إلا الخزي في الدنيا والآخرة، إن كان مات على ذلك.

 

وكان إذا رأى الطائفين حول البيت يقول عنهم: كأنهم الحمير حول المدار، وأنهم لو طافوا به كان أفضل من طوافهم بالبيت.

فالله يحكم فيه وفي أمثاله، وقد نقلت عنه عظائم من الأقوال والأفعال، توفي في الثامن والعشرين من شوال بمكة)). وكانت وفاته سنة (669 هـ) (البداية والنهاية: 13/261)

 

وقال الإمام الذهبي عن ابن سبعين: ((كان صوفياً على قاعدة زهاد الفلاسفة وتصوفهم، وله كلام في العرفان على طريق الاتحاد والحلول والزندقة، نسأل الله السلامة في الدين)). (تاريخ الإسلام: 30ـ27).

 

وقال الإمام الذهبي أيضاً: ((اشتهر عنه أنه قال: لقد تحجر على نفسه ابن آمنة ـ يقصد النبي - صلى الله عليه وسلم - ـ واسعاً بقوله: لا نبي بعدي)).

 

ومن الذين ذموه ذماً شنيعاً يدل على تكفيره: محمد بن علي النقاش، قال في وحدة الوجود (صفحة: 147): ((وهو مذهب الملحدين كابن عربي، وابن سبعين، وابن الفارض، ممن يجعل الوجود المخلوق!! \"

 

وقال أبو حيان الأندلسي صاحب التفسير، في سورة المائدة عند قوله - تعالى -: ?لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح بن مريم? (صفحة: 142-143): ((ومن بعض اعتقاد النصارى استنبط من أقر بالإسلام ظاهراً، وانتمى إلى الصوفية حلول الله في الصور الجميلة، وذهب من ذهب من ملاحدتهم إلى القول بالاتحاد والوحدة، كالحلاج، والشوذي، وابن أحلى، وابن عربي المقيم بدمشق، وابن الفارض، وأتباع هؤلاء كابن سبعين)). وعد جماعة ثم قال: ((وإنما سردت هؤلاء نصحاً لدين الله وشفقة على ضعفاء المسلمين)).

 

وجاء في كتاب (العقد الثمين في تاريخ البلد الأمين) للإمام تقي الدين محمد بن أحمد الحسني الفاسي المكي (775-832 هـ)

 قال الذهبي: وذكر شيخنا قاضي القضاة تقي الدين بن دقيق العيد، قال: جلستُ مع ابن سَبعين من ضَحوَةٍ, إلى قريب الظهر، وهو يَسرد كلاماً تُعقَلُ مفرداته و لا تُعقل مُرَكّباته.

 

 وقال الذهبي: حدّثني فقيرٌ صالح، أنه صَحِبَ فقيراً من السَّبعينية، وكانوا يُهَوِّنُون له ترك الصلاة، وغير ذلك. ا. هـ

 

 ولقد لَقِيَ ابنُ سبعين في الدنيا عذاباً، فممّا لَقِيَ في الدنيا على ما ذكره بعض المغاربة: أنه قصد زيارة النبي - صلى الله عليه وسلم -، فلما وصل إلى باب المسجد النبوي، اهراق دماً كثيراً، كدماء الحيض، فذهب وغسله، ثم عاد ليدخل، فاهراق الدم كذلك، وصار دأبه ذلك، حتى امتنع من زيارته - صلى الله عليه وسلم -.

 

 ومنها على ما قاله الذهبي: أنه سمع أن ابن سبعين فَصَدَ نفسه، وترك الدم يخرج حتى تَصَفَّى ومات.والله أعلم.[5 ـ332].

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply