ابن سبعين الصوفي ... عقيدته وأقوال بعض العلماء فيه


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

هو عبد الحق بن إبراهيم بن محمد المرسي الأندلسي الصوفي، يعرف \" بابن سبعين \".

كان صوفياً على قواعد الفلاسفة من القائلين بوحدة الوجود، وله كلام كثير في العرفان ـ وتصانيف ـ وله أتباع ومريدون، يعرفون: بالسبعينية.

ذكر له سليم الخوري في آثار الأدهار ترجمة مطولة، قال: وقد رمي بضعف المعتقد واختلف فيه الأقوال، وقال غير واحد: إن أغراض الناس فيه متباينة بعيدة عن الاعتدال، فمنهم المرهق المكفر، ومنهم المقلد المعظم الموقر، وحصل بهذين الطرفين من الشهرة و النفرة والانتقاد ما لم يقع لغيره.

قال ابن خلدون: وكان حافظاً للعلوم الشرعية و العقلية، سالكا مرتاضاً بزعمه على طريقة الصوفية و يتكلم بمذاهب غريبة منها، ويقول برأي الوحدة و يزعم بالتصوف في الأكوان على الجملة، فأرهق في عقيدته ورمي بالكفر أو الفسق في كلماته، وأعلن بالنكير عليه، انتهى.

وقد ذهب \" ابن سبعين \" إلى القول بالحلول و الوحدة المطلقة، و توغل فيه ـ كالهروي وابن عربي و ابن العفيف وابن الفارض و النجم الإسرائيلي ـ وهذا القول غريب في تعقله و تفاريعه.

ومن مكفريه شيخ الإسلام ابن تيمية، - رحمه الله -، و الله أعلم.

 

قال الذهبي، ذكر شيخنا ابن دقيق العيد، قال: جلست مع \" ابن سبعين \" من ضحوة إلى قريب الظهر، وهو يسرد كلاماً تعقل مفرداته ولا تعقل مركباته، قال الذهبي: واشتهر أنه قال: (لقد تحجر ابن آمنة واسعاً بقوله: ((لا نبي بعدي))!!.

قال : إن كان \" ابن سبعين \" قال هذا فقد خرج من الإسلام، مع أن هذا الكلام هو أخف وأهون من قوله في رب العالمين: أنه حقيقة الموجودات - تعالى - الله عن ذلك علواً كبيراً، ثم إنه فصد يديه ـ وترك الدم يخرج ـ حتى مات بمكة في سنة 668 هـ.

وله عدة رسائل وكتاب الاحاطة، و يقال إنه كان يعرف السيمياء و الكيمياء، ويحكون عنه أشياء من الرياضة (أي السحر). أ. هـ ((من كتاب التاج المكلل)).

قال ابن حجر - رحمه الله - في (لسان الميزان)

((1556 ز عبد الحق بن إبراهيم بن محمد بن سبعين بن نصر بن فتح بن سبعين العتكي الغافقي المرسي المربوطي أبو محمد نزيل بجاية ثم مكة.

ولد سنة أربع وعشرين وست مائة أو في التي قبلها وأشتهر بالزهد والسلوك وكانت له بلاغة وبراعة وتفنن في العلوم وكثر أتباعه وله مقالة في تصوف الأتحادية.

ذكر بن دقيق العيد أنه جلس معه من ضحوة إلى قريب الظهر وهو يسرد كلاما يعقل مفرداته ولا يعقل مركباتهº كذا

حكاه الذهبي، وقرأت أنا بخط شيخ شيوخنا بن سيد الناس أنه سمع ولد الشيخ عبد الرحيم القناوي يقول: إنه رأى بن سبعين بمكة فذكر نحو ما حكى عن بن دقيق العبد واشتهر عنه مقالة ردته وهي قوله: لقد كذب بن أبي كبشة على نفسه حيث قال لا نبي بعدي\" ويقال أنه فر من العرب بسبب ذلك قاله الذهبي

قال وذكر صاحبنا الشيخ على العبيطيطني أنه صاحب طائفة من السفينة فأخذوا يهونون له ترك الصلاة.

وقال بن عبد الملك في التكملة: درس في العربية والأدب على جماعة ثم انتحل طريق التصوف واشتهر أمره وكثر اتباعه ثم رحل وحج وكان يدعوا إلى مقالة ارتسم بها من غير تحصيل وصنف في ذلك تصانيف شهرها أتباعه لا يخلوا منها أحد بطائل وهي بوساوس المتجردين أقرب، وكان حسن الخلق صبورا على الأذى.

وقال صفى الدين الأرموي: حججت فلقيت بن سبعين فبحثت معه في الحكمة، وكان يعالج أمير مكة من أذى أصابه فعوفي فصارت له عنده منزلة.

وحكى بن تيمية أن بن سبعين كان يقول إن تصوف بن العربي فلسفة حمجة. قال: فإن كان كما قال فتصوفه هو فلسفة عنقة.

مات في تاسع شوال سنة تسع وستين وست مائة))

وقال ابن تيمية - رحمه الله - عن متصوفة الإتحادية: \"ولهذا كانت النبوة عندهم مكتسبة فصار كثير منهم يطلب أن يصير نبيا كما جرى للسهروردي المقتول\" ولابن سبعين، ولهذا كان ابن سبعين يقول: لقد زدت في حديث قال: لا نبي بعد نبي عربي!!

وهؤلاء يجعلون النبوة إنما هي من جنس واحد وقوة الناس في العلم والقدرة لكن يقول بينهما من الفصل بإرادة النبي الخير وإرادة الساحر الشر ويقولون: الملك والشيطان قوي لكن قوة الملك قوة صالحة وقوة الشيطان قوة فاسدة!!

وأما من يقول الملائكة والجن هم جنس واحد لا فرق بينهما في الصفات فهؤلاء يقولون إن هذا القدر يحصل نوع منه لغيرهم من الأولياء لكن يحصل لهم ما هو دون ذلك وهذا على طريقة عقلاء المتفلسفة الذين يفضلون النبي على الفيلسوف والولي كابن سينا وأمثاله.

وأما غلاتهم كالفارابي وأمثاله الذين قد يفضلون الفيلسوف على النبي كما يفضل أشباههم كابن عربي الطائي صاحب الفتوحات المكية وفصوص الحكم وغيرهماº فإنهم يفضلون الولي على النبي وكان يدعي أنه يأخذ من المعدن الذي يأخذ منه الملك الذي يوحي به إلى النبي، وإن الملك على أصلهم هو الحال الذي في نفس النبي والنبي بزعمهم يأخذ عن ذلك الحال والحال يأخذ عن العقل ثم زعم هذا إنه يأخذ عن العقل الذي في هذا الخيال فلهذا قال: إنه يأخذ من المعدن الذي يأخذ منه الملك ما يوحي به إلى النبي فهؤلاء شاركوهم في أصل طريقهم لكن عظم ضلالهم وجهلهم بقدر الأنبياء عليهم الصلاة والسلام مع أن أصل معرفة هؤلاء بقدر النبوة معرفة ناقصة بتراء... ))

 

(الأصفهانية 1/141)

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply