بسم الله الرحمن الرحيم
أبو حامد الغزالي
هو محمد بن محمد بن أحمد الطوسي الغزالي، ولد بطوس سنة خمسين وأربع مائة، وبدأ حياته العلمية فيها، ثم سافر إلى جرجان فاستمع إلى أبي نصر الإسماعيلي، وبعد عودته إلى طوس سافر إلى نيسابور ولازم إمام الحرمين، وجد واجتهد وبرع في مذهب الإمام الشافعي ومسائل الخلاف، وقرأ المنطق والجدل والحكمة والفلسفة، وأحكم ذلك كله، وصنف في كل فن من الفنون كتباً أحسن تأليفها وأجاد وضعها.
كان شديد الذكاء، بعيد الغور، غواصاً على المعاني الدقيقة.
ولما مات إمام الحرمين، اتصل بالوزير نظام الملك، الذي أعجب به، فولاه التدريس بمدرسته ببغداد فقدمها سنة (484 هـ) وأُعجب الخلق بحسن كلامه، وكمال فضله، وفصاحة ألفاظه، وإشاراته اللطيفة.
وأقام على التدريس مدة, عظيم الجاه، عالي الرتبة، ثم شرُفت نفسه فعزفت عن الدنيا، فرفض ما فيها من الجاه، وترك كل ذلك وراء ظهره، فقصد بيت الله الحرام، فحج ثم توجه إلى الشام سنة (488 هـ) وجاور في بيت المقدس ثم عاد إلى دمشق، واعتكف في زاويته بالجامع الأموي، المعروفة بالغزالية نسبة إليه، حيث لبس الثياب الخشنة، وقلل طعامه، وأخذ في تصنيف الإحياء.
ثم رجع إلى بغداد وعقد مجلسا بالمدرسة النظامية، ثم تابع طريقه إلى طوس، واتخذ إلى جانب داره مدرسة للفقهاء ووزع أوقاته على وظائف ختم القرآن والتدريس وإدامة الصلاة والعبادة، إلى أن انتقل إلى رحمة الله – تعالى- ، يوم الاثنين رابع عشر جمادى الآخرة سنة خمس وخمسمائة.
قال الذهبي - رحمه الله -: ((وأدخله سَيَلانُ ذهنهِ في مضايقِ الكلام، ومزالِّ الأقدام))ž (سير أعلام النبلاء: 19ـ323).
وقال الذهبي أيضاً: ((وقد ألّف الرجل في ذمِّ الفلاسفةِ كتابَ \"التهافت\"، وكَشَفَ عوارَهم، ووافقهم في مواضعَ ظنًّا منه أن ذلك حقُّ أو موافقٌ للملَّةِ، ولم يكن له علمٌ بالآثار، ولا خبرةٌ بالسنَّةِ النبويَّةِ القاضيةِ على العقلِ، وحُبِّبَ إليه إدمانُ النظرِ في كتابِ \"رسائل إخوان الصفا\"، وهو داءٌ عضالٌ، وجَربٌ مردٍ,، وسمُّ قتَّال، ولولا أنَّ أبا حامد مِن كبار الأذكياء، وخيار المخلصين لتلِف، فالحذار الحذار مِن هذه الكتب، واهربوا بدينكم من شُبَه الأوائل وإلا وقعتم في الحيرة...)) (سير أعلام النبلاء: 19ـ328).
وقال أبو بكر بن العربي - رحمه الله -: ((شيخُنا أبو حامد: بَلَعَ الفلاسفةَ، وأراد أن يتقيَّأهم فما استطاع)) (سير أعلام النبلاء: 19ـ327).
مصنفاته:
مصنفات الغزالي كثيرة، منها:
في الفقه: البسيط، والوسيط، والوجيز، والخلاصة.
وفي الأصول: المنخول، والمستصفى الذي اختصره من كتابه: تهذيب الأصول.
وفي الفلسفة والمنطق والكلام: مقاصد الفلاسفة، وتهافت الفلاسفة، والمنقذ من الضلال، والاقتصاد في الاعتقاد، وفيصل التفرقة، وقواعد العقائد، والمقصد الأسنى في شرح أسماء الله الحسنى، ومعيار العلم، ومحك النظر، وإلجام العوام عن علم الكلام، وجواهر القرآن.
وفي التصوف والتربية والأخلاق: إحياء علوم الدين، ومنهج العابدين، وبداية الهداية، وميزان العمل، ومعراج السالكين، وأيها الولد.
وفي الفرق والأديان: فضائح الباطنية، وحجة الحق، ومفصل الخلاف.. وغير ذلك.
وسنقف بالكلام وباختصار حول كتاب إحياء علوم الدين.
إحياء علوم الدين:
يعد كتاب (إحياء علوم الدين) من أشهر كتب الغزالي، وقد أخذ مكانته في المكتبة الإسلامية، وفرض وجوده على مر الأيام، منذ ألفه مصنفه وحتى وقتنا الحاضر.
وقد تضمن الكتاب مواعظ ورقائق، وكلام ينم عن فهم حقيقة الإنسان وتفكيره، وقواعد تربوية جميلة، وترتيب وتبويب متقن للكتاب، ولكنه حشاه بكثير من أباطيل الفلاسفة والمتصوفة، والآثار الموضوعة والضعيفة، وهذا يعود لغلو المؤلِّف في التصوف والفلسفة، وقلة علمه بالحديث والأثر وطريقة السلف.
ولقد أجمل الشيخ صالح الشامي الانتقادات على كتاب الإحياء في ثلاثة نقاط هي:
· حشو الكتاب بالأحاديث الضعيفة بل الموضوعة.
· ذكر أغاليط الصوفيه وترهاتهم، وبعض كلماتهم وحكاياتهم المجانبة للحق.
· خلط الكتاب ببعض المعارف الفلسفية.
ونذكر الآن نقطتين هامتين هما أقوال بعض العلماء المنصفين في كتاب الإحياء، وبعض النقولات لما حوى الكتاب من مخالفات.
قال القاضي عياض اليحصبي - رحمه الله - المتوفى سنة (544هـ): ((والشيخ أبو حامد ذو الأنباء الشنيعة، والتصانيف الفظيعة غلا في طريقة التصوف، وتجرد لنصر مذاهبهم، وصار داعيةً في ذلك، وألف فيه تواليفه المشهورة، أُخذ عليه فيها مواضع، وساءت به ظنون أمه، والله أعلم بسره، ونفذ أمر السلطان عندنا بالمغرب وفتوى الفقهاء بإحراقها والبعد عنها، فامتُثل ذلك)) (سير أعلام النبلاء 327ـ19).
وقال ابن الجوزي - رحمه الله - المتوفى سنة (597 هـ): ((اعلم أن في كتاب الإحياء آفات لا يعلمها إلا العلماء، وأقلها الأحاديث الباطلة الموضوعة، وإنما نقلها كما اقتراها لا أنه افتراها، ولا ينبغي التعبد بحديث موضوع والاغترار بلفظ مصنوع، وكيف أرتضي لك أن تصلي صلوات الأيام والليالي، وليس فيها كلمة قالها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وكيف أوثر أن يطرق سمعك من كلام المتصوفة الذي جمعه وندب إلى العمل به ما لا حاصل له من الكلام في الفناء، والبقاء، والأمر بشدة الجوع، والخروج إلى السياحة في غير حاجة، والدخول في الفلاة بغير زاد، إلى غير ذلك مما قد كشفت عن عواره في كتابي تلبيس إبليس)) (مختصر منهاج القاصدين: 16ـ17).
وقال أيضاً: ((وجاء أبو حامد الغزالي فصنف لهم - أي للصوفية - كتاب الإحياء على طريقة القوم، وملأه بالأحاديث الباطلة وهو لا يعلم بطلانها، وتكلم في علم المكاشفة، وخرج عن قانون الفقه، وجاء بأشياء من جنس كلام الباطنية)) (تلبيس إبليس: 217 بتصرف يسير).
وقال أيضاً: ((سبحان الله من أخرج أبا حامد من دائرة الفقه بتصنيفه كتاب الإحياء فليته لم يقل فيه مثل هذا الذي لا يحل، والعجب منه أنه يحكيه ويستحسنه ويسمي أصحابه أرباب أحوال))
وقال أيضا: ((.. فما أرخص ما باع أبو حامد الغزالي الفقه بالتصوف.. ))
وقال الإمام الذهبي - رحمه الله - المتوفى سنة (748 هـ): ((أما الإحياء ففيه من الأحاديث الباطلة جملة، وفيه خير كثير لولا ما فيه من آداب ورسوم وزهد من طرائق الحكماء، ومنحرفي الصوفية، نسأل الله علماً نافعاً، تدري ما العلم النافع؟ هو ما نزل به القرآن، وفسره الرسول - صلى الله عليه وسلم - قولاً وفعلاً. فعليك يا أخي بتدبر كتاب الله، وبإدمان النظر في الصحيحين، وسنن النسائي، ورياض النووي، وأذكاره تفلح وتنجح. وإياك وآراء عباد الفلاسفة، ووظائف أهل الرياضات، وجوع الرهبان، وخطاب طيش رؤوس أصحاب الخلوات، فكل الخير في متابعة الحنيفية السمحة، فواغوثاه بالله، اللهم اهدنا صراطك المستقيم)) (سير أعلام النبلاء: 19ـ340).
وقام الملك علي بن يوسف بن تاشفين ملِك المرابطين، بإحراق كتاب الإحياء، قال الذهبي: وكان شجاعاً مجاهداً عادلاً ديِّناً ورعاً صالحاً، معظماً للعلماء مشاوراً لهم)). اهـ (سير أعلام النبلاء: 20ـ124)
((وقد حرقه ـ أي كتاب الإحياء ـ علي بن يوسف بن تاشفين، وكان ذلك بإجماع الفقهاء الذين كانو عنده)). (المعيار المُعَرَّب: 12ـ185).
وقال الإمام المازري - رحمه الله - المتوفى سنة (536 هـ): ((ثم يستحسنون ـ أي: بعض المالكيَّة ـ مِن رجلٍ, ـ أي: الغزالي - رحمه الله - ـ فتاوى مبناها على ما لا حقيقةَ له، وفيه كثيرٌ مِن الآثار عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - لفَّق فيه الثابت بغير الثابت، وكذا ما أورد عن السلف لا يمكن ثبوته كله، وأورد مِن نزعاتِ الأولياءِ، ونفثاتِ الأصفياء ما يجلٌّ موقعه، لكن مزج فيه النافع بالضارº كإطلاقاتٍ, يحكيها عن بعضهم لا يجوز إطلاقها لشناعتها، وإِن أُخذت معانيها على ظواهرها: كانت كالرموز إلى قدح الملحدين.. )). ا. هžـ.
قال الذهبي - رحمه الله -: ولصاحب الترجمة - أي: المازري- تأليف في الرد على \"الإحياء\" وتبيين ما فيه مِن الواهي والتفلسف أنصف فيه، - رحمه الله -. اهـ (سير أعلام النبلاء: 20ـ107).
وقال محمد بن علي بن محمد بن حَمدِين القرطبي - رحمه الله - المتوفى سنة (508هـ): ((إنَّ بعضَ من يعظ ممن كان ينتحل رسمَ الفقهِ ثم تبرأ منه شغفاً بالشِّرعةِ الغزّالية والنحلةِ الصوفيَّةِ أنشأ كرَّاسةً تشتمل على معنى التعصب لكتاب \"أبي حامد\" إمام بدعتهم. فأين هو مِن شُنَع مناكيرِه، ومضاليلِ أساطيِره المباينةِ للدين؟ وزعم أنَّ هذا مِن علم المعاملة المفضي إلى علم المكاشفةِ الواقعِ بهم على سرِّ الربوبيَّةِ الذي لا يسفر عن قناعه، ولا يفوز بإطلاعه إلا مَن تمطَّى إليه ثبج ضلالته التي رفع لها أعلامها، وشرع أحكامها)). (سير أعلام النبلاء: 19ـ332).
وممن انتقد الغزالي أيضاً الإمام ابن عقيل الحنبلي، والذي قال فيه كلاماً لا أجيز نقله هنا. (غاية الأماني: 2ـ369).
وقال الحافظ ابن كثير - رحمه الله - المتوفى سنة (774 هـ): ((وصنف في هذه المدة كتابه إحياء علوم الدين وهو كتاب عجيب يشتمل على علوم كثيرة من الشرعيات، وممزوج بأشياء لطيفة من التصوف وأعمال القلوب، لكن فيه أحاديث كثيرة غرائب ومنكرات وموضوعات، كما يوجد في غيره من كتب الفروع التي يستدل بها على الحلال والحرام، فالكتاب الموضوع للرقائق والترغيب والترهيب أسهل أمراً من غيره، وقد شنع عليه أبو الفرج ابن الجوزي ثم ابن الصلاح في ذلك تشنيعاً كثيراً، وأراد المازري أن يحرق كتابه إحياء علوم الدين، وكذلك غيره من المغاربة، وقالوا: هذا كتاب إحياء علوم دينه، وأما ديننا فإحياء علومه كتاب الله وسنة رسوله، كما قد حكيت ذلك في ترجمته في الطبقات، وقد زيف ابن سكرة مواضع إحياء علوم الدين، وبين زيفها في مصنف مفيد)). (البداية والنهاية 12ـ174)
وقال الذهبي: ((ولأبي الحسن ابن سكرة رد على الغزالي في مجلد سماه: إحياء ميت الأحياء في الرد على كتاب الإحياء)). (سير أعلام النبلاء: 19ـ327).
وروى راشد بن أبي راشد الوليدي المالكي، المتوفي سنة (675 هـ)، في كتابه الحلال والحرام، أنه سمع الإمام عبد الله بن موسى الفشتالي المالكي يقول: ((لو وجدت تآليف القشيري لجمعتها وألقيتها بالبحر، قال: وكذلك كتب الغزالي قال: وسمعته يقول: إني لأتمنى على الله أن أكون يوم الحشر مع أبي محمد بن أبي زيد ـ أي القيرواني ـ لا مع الغزالي)). (نيل الابتهاج بتطريز الديباج: 117)
وقال الإمام أبو بكر محمد بن الوليد الطرطوشي - رحمه الله - المتوفى سنة (520 هـ) في رسالة له إلى ابن المظفر، يتكلم فيها عن الغزالي - رحمه الله -: ((...... ثم تصوَّف فهجر العلوم وأهلها، ودخل في علوم الخواطر، وأرباب القلوب، ووساوس الشيطان، ثم شابها بآراء الفلاسفة ورموز الحلاَّج، وجعل يطعن على الفقهاء والمتكلمين، ولقد كاد ينسلخ من الدين، فلما عَمِل (الإحياء) عمد يتكلم في علوم الأحوال، ومرامز الصوفية، وكان غير دري بها ولا خبير بمعرفتها!! فسقط على أم رأسه، فلا في علماء المسلمين قر، ولا في أحوال الزاهدين استقر، ثم شحن كتابه بالكذب على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فلا أعلم كتاباً على وجه البسيطة - في مبلغ علمي - أكثر كذباً على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - منه، سبكه بمذاهب الفلاسفة، ومعاني رسائل أخوان الصفا، وما مثل من قام لينصر دين الإسلام بمذاهب الفلاسفة، وآرائهم المنطقية، إلا كمن يغسل الماء بالبول، ثم يسوق الكلام سوقاً، يرعد فيه ويبرق، يمني ويشوق حتى إذا تشوفت له النفوس، قال: \"هذا من علم المعاملة، وما وراءه من علم المكاشفة، ولا يجوز تسطيره في كتاب\"، أو يقول: \"هذا من سر القدر الذي نهينا عن إفشائه\"!، وهذا فعل الباطنية، وأهل الدغل والدخل، وفيه تشويش للعقائد، وتوهين لما عليه كلمة الجماعة، فإن كان الرجل يعتقد ما سطره في كتابه لم يبعد تكفيره، وإن كان لا يعتقده فما أقرب تضليله))
(المعيار المُعَرّب: 12ـ186)، وانظر: (تاريخ الإسلام للذهبي 122)، و (طبقات الشافعية الكبرى: 6ـ 243). (الرسائل 3/137).
أمثلة على بعض ما في كتاب الإحياء من الأخطاء:
قال الغزَّالي غفر الله له: ((قال أبو تراب النخشبي يوماً لبعض مريديه: لو رأيتَ أبا يزيدٍ, -(أي: البسطامي)- فقال: إني عنه مشغولٌ، فلمَّا أكثر عليه \"أبو تراب\" مِن قوله \"لو رأيتَ أبا يزيد\" هاج وجد المريد، فقال: ويحك، ما أصنع بأبي يزيد؟ قد رأيتُ الله فأغناني عن أبي يزيد!! قال أبو تراب: فهاج طبعي ولم أملك نفسي، فقلتُ: ويلك تغترٌّ بالله، لو رأيتَ أبا يزيد مرةً واحدةً كان أنفعَ لك مِن أن ترى الله سبعين مرَّةً! قال: فبُهتَ الفتى من قوله وأنكره، فقال: وكيف ذلك؟ قال له: ويلك أما ترى الله عندك فيظهر لك على مقدارك، وترى أبا يزيد عند الله قد ظهر له على مقداره)) (الإحياء: 4ـ305).
وقال غفر الله له: ((فاعلم أن الغناء أشد تهييجاً للوجد من القرآن من سبعة أوجه: الوجه الأول: أن جميع آيات القرآن لا تناسب حال المستمع ولا تصلح لفهمه..... )). (الإحياء: 2ـ298)
وقال غفر الله له: ((فإذا القلوب وإن كانت محترقة في حب الله - تعالى -، فإن البيت ـ يعني من الشعر ـ الغريب يهيج منها ما لا تهيج تلاوة القرآن، وذلك لوزن الشعر ومشاكلته للطباع)). (الإحياء: 2ـ301)
وقال غفر الله له: ((قال \"سهل التستري\": إن لله عباداً في هذه البلدةِ لو دَعَوا على الظالمين لم يُصبح على وجهِ الأرضِ ظالم إلا مات في ليلةٍ, واحدةٍ,... حتى قال: ولو سألوه أن لا يقيم الساعة لم يقمها!))
وعلَّق على هذا الغزالي فقال: ((وهذه أمورٌ ممكنةٌ في نفسِها، فمَن لم يحظَ بشيءٍ, منهاº فلا ينبغي أن يخلو عن التصديق والإيمان بإمكانها، فإنَّ القدرةَ واسعةٌ، والفضلَ عميمٌ، وعجائبَ الملك والملكوت كثيرةٌ، ومقدورات الله - تعالى -لا نهاية لها، وفضله على عباده الذين اصطفى لا غاية له!)) (الإحياء: 4ـ305).
وقال غفر الله له: ((قال سهل بن عبد الله التستري وسُئل عن سرِّ النفسِ؟ فقال: النفسُ سرٌّ الله، ما ظهر ذلك السرٌّ على أحدٍ, مِن خلقِهِ إلا على فرعون! فقال: أنا ربٌّكم الأعلى!)). (الإحياء: 4ـ61).
وأورد الغزالي غفر الله له في الإحياء، المجلد الثالث، كتاب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: قصة مراسلات بين الخليفة هارون الرشيد وسفيان الثوري، وما فيها من مواعظ وقصص وكذب، وخفي عليه وهو القريب من زمانهما، أن الثوري مات قبل خلافة هارون الرشيد بعشر سنوات، مما يظهر بعده أيضاً عن التحقق، وقبوله لأي شيء يرد.
وقال غفر الله له: ((قال الجنيد: أُحبٌّ للمريدِ المبتدئ أن لا يَشغلَ قلبَه بثلاثٍ,، وإلا تغيَّر حاله! التكسٌّب وطلب الحديث والتزوج. وقال -أي: الجنيد -: أُحبٌّ للصوفي أن لا يكتبَ ولا يقرأَ، لأنه أجمع لهمِّه)) (الإحياء: 4ـ206).
وقال غفر الله له: ((… وعن بعضهم أنه قال: أقلقني الشوقُ إلى \"الخضر\" - عليه السلام -، فسألتُ الله - تعالى -أن يريَني إياه ليعلِّمَني شيئاً كان أهمَّ الأشياءِ عليَّ، قال: فرأيتُه فما غلبَ على همي ولا همتي إلا أن قلتُ له: يا أبا العباس! علِّمني شيئاً إذا قلتُه حُجبتُ عن قلوبِ الخليقةِ، فلم يكن لي فيها قدرٌ، ولا يعرفني أحدٌ بصلاحٍ, ولا ديانةٍ,؟، فقال: قل \" اللهمَّ أَسبِل عليَّ كثيف سترك، وحطَّ عليَّ سرادقات حجبك، واجعلني في مكنون غيبك، واحجبني عن قلوب خلقك \" قال: ثم غاب فلم أره، ولم أشتق إليه بعد ذلك، فما زلتُ أقول هذه الكلمات في كلِّ يومٍ,، فحكى أنَّه صار بحيث يُستذلُ ويُمتهنُ، حتى كان أهلُ الذمَّةِ يسخرون به، ويستسخرونه في الطرق يحمل الأشياء لهم لسقوطه عندهم، وكان الصبيانُ يلعبون به، فكانت راحته ركود قلبه، واستقامة حاله في ذلك وخموله. ))
وعلَّق الغزالي فقال: ((وهكذا حال أولياء الله - تعالى -ففي أمثال هؤلاء ينبغي أن يطلبوا. )). (الإحياء: 4ـ306).
وقال غفر الله له: ((ومنهم من تأتي الكعبة إليه وتطوف هي به وتزوره)) (الإحياء 1ـ269).
وقال غفر الله له: ((وكان أبو يزيد وغيره يقول: ليس العالِم الذي يحفظ من كتاب، فإذا نسي ما حفظه صار جاهلاً، إنما العالِم الذي يأخذ علمَهُ من ربِّه أيّ وقتٍ, شاء بلا حفظٍ, ولا درسٍ,!)) (الإحياء: 3ـ24).
وقال غفر الله له:ونسأل الله أن يغفر لنا نقلنا هذا، لما فيه من اتهام الله بالظلم - تعالى -ربنا له الأسماء الحسنى والصفات العلا- ((قرَّبَ الملائكةَ مِن غيرِ وسيلةٍ, سابقةٍ,، وأبعدَ إبليسَ مِن غيرِ جريمةٍ, سالفةٍ,!)) (الإحياء: 4ـ168).
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد