رمضان بشكل مختلف


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: 

 

تشهد القنوات الفضائية هذه الأيام نشاطا ملحوظا استعدادا لشهر رمضان الكريم لإيجاد بزعمهم جوا فنيا مناسبا له، وكذلك المؤسسات الحكومية والشركات التجارية تسعى لترتيب وضعها الداخلي ونشاطها الخارجي ليتسق مع وضعية هذا الشهر. كما أنه لا يخفى على القارئ الكريم، حالة الاستنفار التي تعيشها الأسر المسلمة قبيل حلول هذا الضيف، فحمى الشراء مستعرة، والأسواق مزدحمة، وسيل الأغذية الهدار لا يكاد يفي بغرض المتسوقين لتأمين سفرة عامرة وزاخرة بشتى أصناف المأكولات الجديدة. فالكل يسعى للتجديد في هذا الشهر على اختلاف أهدافهم ومكمن مصالحهم. فلماذا أنا -كمسلم بعيد عن هذا التجديد؟ لماذا أتقن فقه النقد ولا أملك مفاتيح التغيير؟ لماذا أذوب في تفريط الماضي ولا أسعى لتجديد المستقبل؟ لماذا ساعات عمري أنفقها بالأماني ولا أحسن جودة التخطيط؟ نعم أريد رمضان ولكن بشكل مختلف عما مضى، حيث كنت أستقبله كما يستقبله كثير من الناس، نشاط ومعنويات مرتفعة في أول أيامه ثم تخبوا جذوة نشاطي شيئا فشيئا حتى تعود أيام رمضان ولياليه كما كنت قبله بل قد تكون الغفلة أشد. فينبغي علينا أن نرسم لهذا الشهر وسائل وسبل لتحقيق أهدافنا منه. بمعنى أن تكون لأحدنا أجندة خاصة تناسب ظروفه- لأنواع العبادات التي يعزم القيام بها في هذا الشهر الفضيل.. وسأذكر ما يمكن ذكره في هذه المقالة ما هو مهم أن يكون في هذه الأجندة وأترك ما زاد عليها كل حسب همته:

 

1-              التوبة والاستغفار والإنابة قبل دخول هذا الشهر وإرجاع الحقوق لأصحابها إن كانت ثمة حقوق في الذمة وحث أفراد الأسرة والأصدقاء على ذلك.

2-              العزم على صيام هذا الشهر الكريم من غير تردد إيمانا منك بأن هذا في رضى الله -تعالى- ومحتسبا للأجر (من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه).

3-              صلة الرحم: يقوم الفرد بجرد أسماء أرحامه ولو من خلال جهازه النقال وفرزهم على حسب نوع الوصل الذي سيصلهم به، فمنهم من سيصله بزيارة، ومنهم من سيصله بمكالمة، ومنهم من سيصله بدفع زكاة أو صدقة، وليس بالضرورة أن يكون اليوم الأول من شهر رمضان هو يوم الوصل بل يوزعهم على أيام الشهر ويفضل قبل العشر الأواخر من الشهر حتى يتسنى له التفرغ للعبادة فيها.

4-              قراءة القرآن: جميل أن تختم في هذا الشهر ختمتين أو ثلاث... أو عشر، لكن الأجمل لو كانت لك ختمة تتسم بالقراءة المتأنية من مصحف بهامشه تفسير كتفسير ابن سعدي أو محمد الأشقر أو غيرهما من العلماء الثقات وكلما مررت بآية أشكل عليك فهمها رمقت بعينك تفسيرها على هامش المصحف، وتكون ختمتك موزعة على أيام الشهر توزيعا مناسبا فإنك لو تقرأ قبل كل فرض وجهين و بعد كل فرض وجهين فقط فإنك ستختم بإذن الله -تعالى- خلال الشهر.

5-              المواظبة على أداء الصلوات المفروضة في المسجد وإدراك تكبيرة الإحرام ما استطعت لذلك سبيلا.

6-              الابتعاد كل البعد عن آفة الغيبة والقول البذيء فقد صح عن النبي -صلى الله عليه وسلم- (الصيام جنة ما لم يخرقها بكذب أو غيبة) وذلك بمفارقة المجالس التي تدفعك لهذا السلوك الخاطئ وتضيع عليك ثمرة ما جنيته في نهارك وتكون كالتي نقضت غزلها.

7-              المحافظة على صلاة التراويح مع إمام مسجدك ولا يخدعنك الشيطان بأنواع من حيله فيفوت عليك أجرا عظيما فقد صح عن نبيك -صلى الله عليه وسلم-: (إنه من قام مع الإمام حتى ينصرف هو، كتب له قيام ليلة).

8-              أن تتكفل بإفطار صائم واحد على الأقل ولو أحد أفراد العمالة الوافدة الفقيرة في منطقتك التي تقطنها كأن يفطر معك، أو تتوجه لأحد اللجان الخيرية وتدفع لها صدقة إفطار صائم فالرسول -صلى الله عليه وسلم- يقول: (من فطر صائماً كان له مثل الأجر غيره أنه لا ينقص من أجر الصائم شيء) ولكن تحرص أن يكون التبرع سابق لأيام التفطير، لأنه من الأخطاء التي ترتكبها بعض اللجان الخيرية أنها تأخذ صدقة إفطار صائم إلى آخر يوم في رمضان ولا أدري من الصائم الذي ستفطره ليلة العيد، فمن تم إفطاره خلال الشهر من صدقة غيرك لا يمكن نقل حسناته لك!

9-              أداء عمرة في رمضان إن تيسر لك ذلك فالرسول -صلى الله عليه وسلم- يقول: (عمرة في رمضان تعدل حجة).

10-         الاجتهاد بالدعاء لك ولأرحامك ولأمتك فإن رمضان نفحة مباركة من الرحمن وحري أن يستجاب لك. فهذه عشرة كاملة فإن زدت عليها فأنت موفق وإن اقتصرت عليها ففيها خير كثير، واعلم أن التغيير والتجديد في هذا الشهر مبدأ شرعي، وقد روي عن جابر -رضي الله عنه- (إذا صمت فليصم سمعك وبصرك من المحارم، ولسانك من الكذب، ودع أذى الخادم، وليكن عليك وقار وسكينة، ولا تجعل يوم صومك ويوم فطرك سواء). أسـأل الله أن يبلغنا وإياكم رمضان..

 وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply