هل تجب الزكاة في المال المدخر للنفقة ؟


بسم الله الرحمن الرحيم

السؤال

أنا طالب دراسات عليا، ذهبت للدراسة في كندا نهاية سنة 2004م، وعندما ذهبت لم يكن لدي أي مبلغ، وحتى تكاليف السفر كنت مقترضها من أحد الإخوة، وبعد مدّة أصبح عندي مبلغ من المال، وفي تلك الفترة رجعت إلى بلدي الأصلي، وسددت ما عليَّ من ديون، وتزوجت ولله الحمد، ورجعت إلى كندا بعد شهر من الزواج، وعندما وصلت لم أكن أملك إلا القليل من المال، أما الآن ولله الحمد عندي مبلغ معقول. علماً أني لا أملك منزلاً في موطني الأصلي، وأنا أسعى لتجميع ثمن شراء منزل في موطني الأصلي، فهل تجب عليَّ زكاة المال؟. وإذا كانت تجب فهل يجوز أن أبعثها إلى أحد أقاربي الفقراء في موطني الأصلي؟

 

الجواب:

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، نبينا محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فإن الواجب على المسلم إخراج زكاة ماله من النقود إذا اجتمعت فيها الشروط التالية:

1- أن يبلغ المال نصاباً، وقدره خمسة وثمانون جراماً (85 جراما)من الذهب، ويستمر المال بقدر النصاب أو أكثر طوال العام. فإذا نقص المال عن النصاب في أثناء السنة انقطع الحول، وعليه أن يبدأ حساب حول جديد من بداية عودة المال إلى مقدار النصاب. ويحسن التنبيه إلى أن نقص النصاب الذي يؤدي إلى انقطاع الحول وبدء الحساب من جديد هو النقص المعتبر في القدر والمدة، فنقص الدولار والدولارين غير مؤثرº لأنه يسير. وتقدير النصاب ب 85 جراما هو تقدير مبني على غالب الظن، فيحتاط الإنسان لدينه بعدم اعتبار النقص اليسير في النصاب، وكذلك إذا كان النقص قد استمر لمدة قصيرة غير مؤثرة لظروف تحويل بين أرصدة، أو سحب مؤقت لمبلغ معين سيعود سريعا فلا يعد هذا قاطعا لحساب الحول.

2- أن يحول الحول على المال، ويبدأ حساب الحول من بلوغ المال نصابا. وحَوَلاَنُ الحول معناه إكمال سنة.

3- أن يكون المال مملوكا له ملكا تامًّا مستقرًّا، بمعنى أنه دخل ملكه دخولا تامًّا غير متوقف على تحقق شرط أو انتفاء مانع، ويستطيع التصرف فيه باختياره.

ويظهر أن السائل جمع مالاً في الفترة مابين نهاية 2004 إلى شهر تسعة من 2005، فيلزم السائل النظر متى وصل المال إلى بلوغ النصاب. ومن تاريخ بلوغ المال النصاب يبدأ حساب الحول، وعندما قام السائل بإنفاق المال على الزواج وسداد الديون وذلك في شهر تسعة من 2005 فينظر في المتبقي من المال، فإن كان أقل من النصاب فقد انقطع الحول، وعليه حساب حول جديد عندما يبلغ ماله نصابا مرة أخرى.

أما إن كان المال المتبقي معه مازال نصابا أو أكثر فعليه أن يتم الحول السابق، وعند تمامه يخرج زكاة ما معه من مال بمقدار 2.5% وإن كان السائل لا يستطيع التذكر متى بلغ المال نصابا بمراجعة الحسابات فعليه أن يجتهد ويعمل بغلبة الظن.

 

ويحسن التنبيه في هذا المقام على أمرين:

أولاً: قد يكون في استقلال حول كل مال من النقد مشقة على المالكº وذلك مثل رواتب الموظفين. لذا فإن العلماء قد أفتوا بأن يجعل الإنسان لنفسه شهرا في السنة يخرج زكاته فيه، فينظر ما معه من المال في ذلك الشهر ويخرج زكاته، فيكون أداءً فيما حال عليه الحول، وتعجيلاً للزكاة فيما لم يحل عليه الحول. وتعجيلُ الزكاة جائزٌ، وهذا في حالة كون مال الإنسان لا ينقص عن النصاب طوال العام.

ثانياً: أن الجواب المتقدم في المال النقدي - وهو ظاهر ما يفهم من السؤال- المكتسب عن طريق الرواتب أو عن طريق تقديم الخدمات كالطب والاستشارات، أو ما يحصله عن طريق إجارة الدور وغيرها، أو ما يكتسب عن طريق الهبة والإرث وغيرها من طرق اكتساب المال.

أما في حالة البيع والشراء (التجارة) فهناك أحكام خاصة من ذلك أن حول الربح حول أصلهº بمعنى أن الربح ولولم يحل عليه الحول فإنه يخرج زكاته إن حال الحول على الأصل (البضاعة). وكذلك ما يستجد من السلع المتاجر بها تخرج زكاتها ولو لم يحل عليها الحولº لأنها تبع للأصل. ويلزم عند إخراج الزكاة أن يحسب كل ما لديه من بضاعة في وقت إخراج الزكاة، ويقومها بسعرها الحالي، ويجمع إليها أرباحها إن وجدت، ويخرج الزكاة عن الجميع بمقدار 2.5%. وإن كان قد أضاف ربحه إلى ما معه من نقد، أخرج زكاة البضاعة الموجودة، ثم يخرج زكاة ما معه من نقد، ولو اختلفت طرق كسبه. مع مراعاة كون تجب عليه زكاة السلع التي يقع عليها البيع والشراء فقط، لا أدوات المحل من أجهزة وأثاث ونحوه.

والزكاة واجبة في المال النقدي المملوك للإنسان، بقطع النظر عن الهدف من تجميع المال، سواء كان الزواج أو شراء منزل أو غيره فيلزم إخراج الزكاة.

أما مسألة دفع الزكاة إلى الأقارب فهي جائزة، بل أفضلٍ, من دفعها إلى الفقير البعيد بشرط أن يكونوا من أهل الزكاة. فإن كان قريبك فقيراً ليس عنده ما يكفي حاجاته الأساسية قوتٍ, وعلاجٍ, ومسكنٍ, ولو إيجاراً ونفقة تعليم فيجوز إرسالها إليهº لما في ذلك من المصلحة، فهي صدقة وصلة. والله أعلم.

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply