بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
إلى بنيات وزهيرات منتدى أنا مسلمة.. كل فتاة مسلمة في مشارق الأرض أو مغاربها.. كل من ربطتني بها صدق الأخوة الإسلامية..
إلى زهرتنا الفائضة جمالاً وعذوبة.. إلى المؤمنة التي جعلت طريقها محفوفاً بورود الخير والفضيلة..
أزفّ إليكِ أسمى آيات التهاني والتبريكات بمناسبة قدوم شهر رمضان الكريم.
ونسأل الله -تعالى- أن يعده علينا أعواما عديدة وأزمنة مديدة.. آمين
وبهذه المناسبة السعيدة قدوم الشهر الفضيل اسمحي لي أن أقدم إليكِ كلمات متواضعة والتي أسأل الله تعالى- أن تنال إعجابك ويتحقق الفائدة منها برحمته -عز وجل-.
أخي يا من سره دخول رمضان
أهنيك بشهر المغفرة والرضوان
اهنيك بشهر العتق من النيران
فرصة لا تعوض على مر الأزمان
وموسم خير فاحذر الحرمان
في هذا الشهر الكريم.. الكل يتسابق.. يتنافس.. في فعل الخيرات.. وإرضاء رب البريات..
تضاعف فيه الحسنات.. وتتنزل فيه الخيرات.. تفتح فيه أبواب الجنان.. وتغلق فيه أبواب النيران..
فالبدار البدار في الأعمال الصالحة.. (كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان، كان أجود بالخير من الريح المرسلة) متفق عليه
يقول فضيلة الشيخ صالح بن فوزان آل فوزان:
قال -تعالى-: «الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملاً وهو العزيز الغفور»
أيها الناس اتقوا الله وبادروا بالعمل الصالح فإنه لا نجاة لكم إلا به ولا ينفكم سواه
وهو زادكم في الآخرة وطريقكم إلى الجنة
وهو الذي خلقتم من أجله وأعطيتم المهلة والصحة والغنى والفراغ لتحقيقه
فكم من مضيع للعمل الصالح يقول عند الوفاة: «رب ارجعون لعلي أعمل صالحاً فيما تركت»
فيقال له: (كلآ) وهيهات.
إن الله -سبحانه- حث على العمل الصالح في كتابه الكريم في آيات كثيرة وأساليب متنوعة:
فتارة يأمر به ويوجه إليه:
«يَا أَيٌّهَا الرٌّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعمَلُونَ عَلِيمٌ»
«وَقُلِ اعمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُم وَرَسُولُهُ وَالمُؤمِنُونَ وَسَتُرَدٌّونَ إِلَى عَالِمِ الغَيبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُم تَعمَلُونَ»
«يَا أَيٌّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اركَعُوا وَاسجُدُوا وَاعبُدُوا رَبَّكُم وَافعَلُوا الخَيرَ لَعَلَّكُم تُفلِحُونَ»
وتارة يعد بالثواب الجزيل عليه حيث يقول:
«مَن آمَنَ بِاللَّهِ وَاليَومِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُم أَجرُهُم عِندَ رَبِّهِم وَلَا خَوفٌ عَلَيهِم وَلَا هُم يَحزَنُونَ»
«إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَت لَهُم جَنَّاتُ الفِردَوسِ نُزُلًا * خَالِدِينَ فِيهَا لَا يَبغُونَ عَنهَا حِوَلًا»
«وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُم جَنَّاتٍ, تَجرِي مِن تَحتِهَا الأَنهَارُ»
«وَيُبَشِّرُ المُؤمِنِينَ الَّذِينَ يَعمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُم أَجرًا كَبِيرًا»
«إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ يَهدِيهِم رَبٌّهُم بِإِيمَانِهِم تَجرِي مِن تَحتِهِمُ الأَنهَارُ»
وتارة يخبر خبراً مؤكداً بالقسم عن خسارة جميع النوع البشري إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات.
كما في قوله -تعالى-: «وَالعَصرِ * إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسرٍ, * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوا بِالحَقِّ وَتَوَاصَوا بِالصَّبرِ»
«لَقَد خَلَقنَا الإِنسَانَ فِي أَحسَنِ تَقوِيمٍ, * ثُمَّ رَدَدنَاهُ أَسفَلَ سَافِلِينَ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُم أَجرٌ غَيرُ مَمنُونٍ»
وتارة يخبر أنه خلق السموات والأرض والموت والحياة وجعل ما على الأرض زينة لها ليبلو العباد أيهم أحسن عملاً!
قال تعالى-: «وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السموات وَالأَرضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ, وَكَانَ عَرشُهُ عَلَى المَاءِ لِيَبلُوَكُم أَيٌّكُم أَحسَنُ عَمَلًا»
«إِنَّا جَعَلنَا مَا عَلَى الأَرضِ زِينَةً لَهَا لِنَبلُوَهُم أَيٌّهُم أَحسَنُ عَمَلًا»
«الَّذِي خَلَقَ المَوتَ وَالحَيَاةَ لِيَبلُوَكُم أَيٌّكُم أَحسَنُ عَمَلًا»
ومتى يكون العمل حسناً؟
إنه لا يكون العمل حسنا بل لا يكون مقبولا عند الله إلا إذا توفر فيه شرطان أساسيان:
الأول: أن يكون خالصاً لوجه الله من كل شائبة شرك أكبر أو أصغر.
الثاني: أن يكون على وفق سنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خالياً من البدع والمحدثات
وقد دل على هذين الشرطين آيات كثيرة من كتاب الله كما في قوله -تعالى-: (بَلَى مَن أَسلَمَ وَجهَهُ لِلَّهِ) أي أخلص عمله له (وَهُوَ مُحسِنٌ) أي متبع للرسول -صلى الله عليه وسلم- (وَهُوَ مُحسِنٌ فَلَهُ أَجرُهُ عِندَ رَبِّهِ وَلَا خَوفٌ عَلَيهِم وَلَا هُم يَحزَنُونَ)
فالعمل الذي يخلو من هذين الشرطين أو أحدهما يكون وبالاً على صاحبه وتعباً بلا فائدة قال -تعالى-: (وُجُوهٌ يَومَئِذٍ, خَاشِعَةٌ * عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ * تَصلَى نَارًا حَامِيَةً)
وتارة يخبر -تعالى- أنه ما خلق الجن والأنس إلا لعبادته المتمثلة في العمل الصالح فيقول:
«وَمَا خَلَقتُ الجِنَّ وَالإِنسَ إِلَّا لِيَعبُدُونِ»
إن مصير الإنسان شقاوة أو سعادة يترتب على نوعية عمله صلاحاً أو فساداً:
قال -تعالى-: «وَيَومَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَومَئِذٍ, يَتَفَرَّقُونَ * فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَهُم فِي رَوضَةٍ, يُحبَرُونَ *وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَلِقَاءِ الآخِرَةِ فَأُولَئِكَ فِي العَذَابِ مُحضَرُونَ»
يقول -صلى الله عليه وسلم-:
«بادروا بالأعمال سبعاً - هل تنتظرون إلا فقراً منسياً أو غنى مطغياً أو مرضاً مفسداً. أو هرماً مفنداً. أو موتاً مجهزاً. أو الدجال فشر غائب ينتظر أو الساعة فالساعة أدهى وأمر»
«بادروا بالأعمال الصالحة فستكون فتن كقطع الليل المظلم يصبح الرجل مؤمناً ويمسي كافراً ويمسي مؤمناً ويصبح كافراً يبيع دينه بعرض من الدنيا» رواه مسلم
جعلني الله وإياكم من المؤمنين الذين يعملون الصالحات ويبادرون إلى الخيرات قبل الفوات
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم «يا أيها الذين ءامنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد».
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ولجميع المسلمين
الشيخ صالح بن فوزان آل فوزان
أختي الحبيبة.. وإن من أجمل الأعمال الصالحة هي (الدعوة إلى الله):
قال الله -تعالى-: «ومن أحسن قولاً ممن دعا إلى الله وعمل صالحاً وقال إنني من المسلمين»
وهذا الحسن البصري يرصد نفسه لبعث همم الناس وشرح معنى الإصلاح، فيتلو على أهل البصرة هذه الآية العظيمة ثم يقول: «هو المؤمن أجاب الله في دعوته، ودعا الناس إلى ما أجاب الله فيه من دعوته، وعمل صالحاً في إجابته، فهذا حبيب الله، هذا ولي الله»
قول النبي -صلى الله عليه وسلم- لعلي -رضي الله عنه-: «فوالله لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من حمر النعم»
قوله -سبحانه-: «وَلتَكُن مِنكُم أُمَّةٌ يَدعُونَ إِلَى الخَيرِ وَيَأمُرُونَ بِالمَعرُوفِ وَيَنهَونَ عَنِ المُنكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ المُفلِحُونَ»
وقال -عليه الصلاة والسلام-: «من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه لا ينقص ذلك من آثامهم شيئا» أخرجه مسلم.
وذلك خطاب موجه لنا نحن النساء: (لا شك أن المرأة الواعية هدى دينها تدرك أن الإنسان لم يخلق في هذه الدنيا عبثاً، وإنما خلق ليؤدي رسالة ويحمل أمانةً ويقوم بفريضة، هي عبادة الله -عز وجل- "وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون".
وعبادة الله تتمثل في كل حركة من حركات الإنسان الإيجابية البناءة لإعمار الكون، وتحقيق كلمة الله في الأرض وتطبيق منهجه في الحياة، وهذا كله من الحق الذي يجب على المسلمين والمسلمات أن يدعو الناس إليه.
ومن هنا تحس المرأة المسلمة الصادقة بواجبها في دعوة من تستطيع من نساء إلى الحق الذي آمنت به، مبتغية الثواب الجزيل الذي وعد به الدعاة إلى الله كما جاء في قول النبي -صلى الله عليه وسلم- لعلي -رضي الله عنه-: " فوالله لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من حمر النعم".
إن كلمة طيبة تلقيها المرأة المسلمة في مجتمع من النساء غافل، أو في أذن امرأة شاردة عن هدي الله، فتفعل فعلها في النفوس، يعود على الأخت الداعية بثواب جزيل عظيم يفوق حمر النعم، ويضاف إلى هذا الثواب أجر المرأة التي اهتدت على يديها، كما أخبر بذلك الرسول الكريم «من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئاً»
أختي الكريمة.. ابذلي جميع جهدك في دعوة النساء إلى الله، فما أحوجهن في هذا العصر إلى الدعوة إليه، مبتغية بذلك وجه الله، مشيعة الوعي في صفوف النساء اللواتي لم يكتب لهم اكتساب الوعي والثقافة والتوجيه، مقدمة الدليل على أنها المؤمنة التي تحب لأختها ما تحب لنفسها.
والمرأة المستنيرة بهدي الكتاب والسنة، كالمصباح المنير الذي يضيء الطريق للسالكات في الليلة الكالحة.
أختي الكريمة.. إن الدعوة إلى الله تحتاج إلى الصبر، فإن تحويل الناس من عقيدة اعتقدوها وعاشوها فترة طويلة ليس بالأمر السهل اليسير، فإن أصحاب موسى -عليه السلام- حن حنينهم إلى الشرك وعبادة غير الله على الرغم من رؤية المعجزات هذا النبي -عليه الصلاة والسلام- وانفلاق البحر أمامهم، فعندما مروا على قوم يعكفون على أصنام لهم قالوا لموسى: اجعل لنا إلهاً كما لهم آلهة، وترجموا هذا الحنين إلى اتخاذهم العجل يعبدونه من دون الله.
كما عليك أختي الكريمة أن تسلكي جميع الوسائل والأساليب للوصول إلى آذان وقلوب وعقول أخواتك المسلمات، وليكن قدوتك في ذلك نبي الله نوح -عليه السلام- الذي سلك شتى الأساليب ونوع الوسائل في دأب طويل وفي صبر جميل وجهد نبيل، مع تحمله -عليه الصلاة والسلام- الإعراض والاستنكار والاستهزاء ألف سنة إلا خمسين عاماً، ولتصري على الدعوة إصراره -عليه السلام-.
غاليتي.. وها هو موسم الخيرات قد أقبل علينا ولا تعلم إحدانا هل تدرك رمضان الثاني أو تكون مقيدة بأعمالها في قبرها.. فالبدار البدار في الدعوة إلى الله -عز وجل- وخاصة في هذا الشهر "شهر رمضان المبارك" حيث تكون هناك فرص عظيمة يجب أن تستغلها كل فتاة مسلمة للدعوة إلى ربها..
هناك لقاءات واجتماعات مع مجموعة لا بأس بها من الأخوات سواء في مساجد الله أثناء أداء صلاة التروايح أو حين زيارتنا لمسجد الله الحرام أو عند قرب عيد الفطر المبارك فنجد الأسواق مليئة بالفتيات وغير ذلك من الفرص الثمينة والتي يجب أن تستغل في الدعوة إلى الله -تعالى-.
همسة قبل الوداع:
غاليتي اجعلي اسمك يسطره التاريخ في مجده ولا ينساه أبدا..
وفقك الله وأعانك على ما يحب ويرضى وأبشــــري بالخير وحسن العاقبة قال – تعالى-:
(مَن آمَنَ بِاللَّهِ وَاليَومِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُم أَجرُهُم عِندَ رَبِّهِم وَلَا خَوفٌ عَلَيهِم وَلَا هُم يَحزَنُونَ)
(وَيُبَشِّرَ المُؤمِنِينَ الَّذِينَ يَعمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُم أَجرًا حَسَنًا * مَاكِثِينَ فِيهِ أَبَدًا).
رفع الله بكِ مجد الإسلام.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد