مبارك... شهر الخير والقرآن


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: 

 

أطلّ شهر يحمل نفحات الجنة ونسماتها.. شهر رمضان سيد الشهور، شهر التقوى والإيمان، شهر البذل والعطاء.. شهر الإحسان وقراءة القرآن.. يعلمنا الصبر والمصابرة وتدبر الآيات والمذاكرة.. شهر الفتوحات والانتصارات والتلاوة والتسبيح، والتهجد والتراويح، تسود فيه الأحاسيس المرهفة وتسمو المعاملات الراقية.

إنّهَ شهر التقوى، شهر القرآن، فالصيام يضعف سيطرة الأبدان على الروح، فتعلو القلوب وتقترب من خالقها، فهو يتيح الفرصة لتحرير الروح من قيود الجسد ورغباته من طعام وشراب، والروح تسمو وتتغذى، وغذاؤها العبادة وطاعة الله -عز وجل-، رمضان يقوي مجاهدة النفس.. فهي تخضع بالكامل لأوامر الله، فلا تفطر قبل الأذان، ولا تأكل بعد الفجر، وتمتنع عن المعصية حفاظاً على صيامك، وكذلك يقوي العلاقات الاجتماعية مع الأقارب وصحبة الصالحين في المسجد، وهي مفتاح القرب من الله.

إنَّ لهذا الشهر حلاوة وفضلا، فروى البيهقي أنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "أتاكم شهر رمضان، شهر بركة، يغشاكم الله فيه فينزل الرحمة ويحطّ الخطايا ويستجيب فيه الدعاء، وينظر إلى تنافسكم في الخير ويباهي بكم الملائكة، فأروا الله من أنفسكم خيراً، فإنَّ الشقي من حرم رحمة الله -عز وجل-".

إنَّ خير هذا الشهر يبدأ مع الصائم من أول يوم، بحسن التقيد، والاهتمام بهذا الشهر جوداً وتسابقاً، يبرز أول ذلك من الفرحة برؤية الهلال، فيتأسى برسول الله -صلى الله عليه وسلم- داعياً بقوله: الله أكبر، ثلاث مرات، اللهم أهلّه علينا بالأمن والإيمان، والسلامة والإسلام، والتوفيق لما تحب وترضى، ربي وربك الله، هلال خير ورشد.

وهذه الفرحة بحلول رمضان تجعل المسلمين يهنئ بعضهم بعضاً، ويستعدون لهذا الموسم التعبدي بما يناسبه.

ومن المهم في رمضان أن نعلم أبناءنا الصيام، فهي أيام مباركة ندرب أبناءنا خلالها على الصيام، ونعينهم على تنفيذه اتباعاً للسنة، وتمهيداً لتيسير الصيام عليهم بالتدريج فتدريب الأطفال على الصيام يجب أن يتم تدريجياً، ووفق الظروف الصحية للطفل ففي شهر رمضان من كل عام، يرى الطفل والديه، والكبار من الأقارب والجيران والمدرِّسين يصومون.. فيشعر بالغيرة والرغبة في تقليدهم لذا ينبغي أن نعينه على ذلك وننتهز هذه الفرصة بأن نشجعه ونكافئه على ساعات وأيام صومه.

إن من فضائل هذا الشهر المبارك: وروده في كتاب الله -عز وجل- مصرحا باسمه، وما ذلك إلا لمزيد الاهتمام به والتنويه بشأنه والرفع من مكانته، وزرع تلك المعاني الجليلة في نفوس المؤمنين وهم يؤدون تلك الشعيرة المباركة في جو مشبع بالروحانيات مفعم بالإيمانيات، يتوج الله فيه المؤمنين بتاج الخشية، ويلبسهم فيه لباس الأمن، ويبث في روعهم الطمأنينة، ويبعث في نفوسهم الإخلاص.

فاللهم انفعنا بالقرآن في رمضان، واسكب على قلوبنا برد اليقين والإيمان، وتقبَّل منا صيامنا وقيامنا.. ومتعنا برؤية ليلة القدر في رمضان لأنَّها خير من ألف شهر.. ويسِّر لنا تلاوة القرآن وحسن قراءته في رمضان، وانفعنا بما جاء فيه من الآيات البينات.. والعمل على مرضاتك، وحسن عبادتك.. والرحمة بالذين لا حيلة لهم من المساكين والمحتاجين وأهل البؤس، فإنَّ في هذه الطبقة قانعاً ومعتراً.. ونح عنهم الضيق والفاقة.. وابسط لهم من رحمتك، وصل اللهم وسلم على من أرسلته رحمة للعالمين.. فكان الرحمة المهداة والنعمة المسداة للدنيا كلها وللكون أجمع. وكل عام وأنتم بخير.

 

وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply