أيها المفرط في قضاء الصوم والكفارة انتبه فإن رمضان على الأبواب


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: 

 

من أفطر يوماً من رمضان عمداً من غير عذر لن يقضيه وإن صام الدهر كله كما قال ابن مسعود وغيره، فعليه بالتوبة النصوح والإكثار من صيام التطوع.

وأجمع أهل العلم أن من جامع عامداً ذاكراً لصومه غير مكره عليه قضاء هذا اليوم وعليه الكفارة الكبرى وهي عتق رقبة، فمن لم يجدها فصيام شهرين متتابعين، فمن لم يستطع فإطعام ستين مسكيناً.

واختلفوا فيمن تعمد الفطر بأكل أو شرب، فذهب مالك ومن وافقه أن عليه القضاء والكفارة، وذهب الجهور أن عليه القضاء فقط.

أما من جامع أهله ناسياً لصيامه فقولان لأهل العلم، منهم من قال عليه القضاء والكفارة، ومنهم من قال عليه القضاء فقط.

أما من أكل أو شرب وهو ناسٍ, لصيامه في نهار رمضان فلا شيء عليه إنما أطعمه الله وسقاه، فرضاً كان صيامه أم نفلاً في أرجح قولي العلماء، وذهب مالك وشيخه ربيعة أن عليه القضاء في صيام الفرض دون النفل، والصحيح القول الأول، والله أعلم.

ومن أفطر يوماً أو أياماً من رمضان وكان من أصحاب الأعذار كالمريض والمسافر، والحائض والنفساء، والكبير والزَّمِن، والمرضع والحامل، فعليه أن يعجل قضاء ذلك بعد انقضاء رمضان وذهاب عذره مباشرة، ولا يحل له تأخير ذلك من غير عذر، لأنه لا يدري متى تأتيه منيته أو يدركه عائق آخر من مرض ونحوه.

ولا يحل لأحد أن يؤخر قضاء رمضان إلى دخول رمضان الآخر إلا لعذر نحو استمرار المرض.

ومن أخر لعذر فعليه القضاء متى قدر عليه، ومن أخر لغير عذر فعليه القضاء والكفارة، وهي إطعام مسكين عن كل يوم، وتتكرر الكفارة بتداخل السنين.

ولا ينبغي لأحد رجل كان أوامرأة أن يبرر تأخير القضاء إلى شعبان لقضاء عائشة -رضي الله عنها- ما عليها من رمضان في شعبان، فهذا مما خصت به لمكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- منها، كما قالت: "لمكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مني"1، أي لمكان خدمته -صلى الله عليه وسلم- وحاجته وكثرة أسفارها معه.

فمن كان عليه قضاء أو كفارة فلينتهز هذا الشهر شعبان فيقضي ما عليه، فدين الله أحق بالقضاء وأولى.

وقضاء الصوم لا يشترط فيه التتابع والسرد، وكذلك الكفارة يجوز أن يطعم عدد ما عليه من المساكين في يوم واحد، ويجوز له أن يخص بذلك مسكيناً واحداً.

وإن مات المفرط في القضاء والكفارة يجب على أوليائه أن يخرجوا الكفارة من تركته.

أما قضاء الصوم عنه فاختلف فيه أهل العلم فمنهم من أجاز لأوليائه أن يصوموا عنه وأن يتعاونوا على ذلك، ومنهم من منع ولم يجز قضاء غير النذر من الصوم، لأن الصوم عبادة بدنية لا تجوز الإنابة فيها.

ومما ينبغي أن ينبه عليه أن الكفارة لا يجوز أن تخرج نقداً وإنما تكون طعاماً، أن يعطى كل مسكين مداً من ذرة أوقمح أوأرز حسب طعام غالبية أهل البلد، أويصنع وليمة ويدعو لها الفقراء، غداء كان أم عشاء، أويذهب بهم إلى مطعم يغديهم فيه.

فالبدار البدار أخي المسلم بقضاء ما عليك من الصيام والكفارة، وعلى أولياء الأمور في البيوت أن يذكروا نساءهم وحريمهم بذلك، وأن يحثوهم ويحضوهم على ذلك كما أمرهم ربهم بذلك ووصاهم بهم: "يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم ناراً وقودها الناس والحجارة"، وكما وصاهم نبيهم: "كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته"، فالمسؤولية الشرعية أولى من المسؤولية الدنيوية.

والله الموفق لكل خير.

 

 وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply