بالرأي الآخر نبدأ .. تعدد الزوجات


بسم الله الرحمن الرحيم

قال أحدهم: بينما كنت أتحدث مع أختي حول موضوع التعدد إذا بها تفاجئني قائلة: \'إنني أتمنى أن يدرك الموت زوجي قبل أن يحاول الزواج عليّ من امرأة أخرى\'.

وقالت إحداهن: \'عرض عليّ زوجي أنه يريد الزواج بثانية فقلتُ له: طلقني ثم تزوج الثانية وافعل ما تشاء\'.

عزيزي القارئ..

حقيقة ليس من الحكمة التصادم معها أو محاولة تغييرها، وهذه الحقيقة هي: أنه ما من امرأة في الدنيا تحب أو ترغب في أن يتزوج زوجها بامرأة أخرى وهي في عصمته، بل هي في الغالب ربما تفضل أن يفارقها زوجها بالطلاق ولا يتزوج عليها، وتلك طبيعة نسائية ينبغي التسليم بها والتعامل معها بواقعية.

ولا يسعد المرأة بالطبع أن يفكر زوجها في غيرها، والمرأة عمومًا تود لو ظل زوجها في قفصها وأن تكون هي وحدها التي تملك مفتاح هذا القفص.

 

بالرأي الآخر نبدأ:

ولا أريد أن أبدأ بعرض رأي الشرع في هذا الموضوع، ولكنني سأبدأ بعرض وجهة النظر الأخرى من أقوال بعض مفكري الغرب وعلمائهمº عملاً بالحكمة القائلة: \'والرأي ما شهدت به الأعداء\'.

يقول الدكتور غوستاف لوبون: \'إن مبدأ تعدد الزوجات الشرقي نظام طيب، يرفع المستوى الأخلاقي في الأمم التي تقول به، ويزيد الأسرة ارتباطًا، ويمنح المرأة احترامًا وسعادة لا تراها في أوروبا\'.

وقال المستشرق فونس إيتين ديبه في كتابه \'محمد رسول الله\': \'فالواقع يشهد أن تعدد الزوجات شيء ذائع في سائر أرجاء العالم، وسوف يظل موجودًا ما وُجد العالم، مهما تشددت القوانين في تحريمه... وتعدد الزوجات قانون طبيعي سيبقي ما بقي العالم، ومع أن نظرية التوحيد في الزوجة - وهي النظرية الآخذة بها المسيحية ظاهرًا - تنطوي تحتها سيئات متعددة ظهرت على الأخص في ثلاث نتائج واقعية شديدة الخطر جسيمة البلاء، تلك هي: الدعارة، والعوانس من النساء، والأبناء غير الشرعيين\'.

وقال مك فارلين: \'إذا نظرنا إلى تعدد الزوجات في الإسلام من الناحية الاجتماعية أو الأخلاقية أو المذهبية، فهو لا يُعد مخالفًا بحال من الأحوال لأرقى أسلوب من أساليب الحضارة والمدنية، بل هو علاج عملي لمشاكل النساء البائسات والبغاء، واتخاذ المحظيات ونمو عدد العوانس على الاستمرار في المدنية الغربية بأوروبا وأمريكا\'..

ونشرت جريدة لا غويس ويكللي وكورد بتاريخ 20/4/1909م نقلاً عن جريدة \'لندن تروث\' مقالاً لإحدى السيدات الإنجليزيات جاء فيه: \'لقد كثرت الشاردات من بناتنا وعم البلاء، وقل الباحثون عن أسباب ذلك، وإذا كنت امرأة تراني أنظر إلى هاتيك البنات وقلبي يتقطع شفقة عليهن وحزنًا... إن هذا التحديد بواحدة هو الذي جعل بناتنا شوارد، وقذف بهن إلى التماس إهمال الرجل، ولابد من تفاقم الشر إذا لم يبح للرجل التزوج بأكثر من واحدة... فلو كان تعدد الزوجات مباحًا لما حاق بأولئك الأولاد وأمهاتهم ما هم فيه من العذاب الهون، ولسلم عرضهن وعرض أولادهن... إن إباحة تعدد الزوجات تجعل كل امرأة ربة بيت وأم أولاد شرعيين\'.

وغير هؤلاء كثير خلصوا بهذه النتائج من الواقع المر الذي عاشوه بعيدًا عن شرع الله، فكانت هذه الكلمات، وقد أغنانا الله عن نظام التجربة والخطأ وشرع لنا شرعًا مبينًا.

 

هل الأصل في الزواج التعدد أم الإفراد؟!

سؤال يطرح نفسه أجاب عنه سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز - رحمه الله - فقال:

الأصل في ذلك شرعية التعدد لمن استطاع ذلك ولم يخَفِ الجورº لما في ذلك من المصالح الكثيرة في عفة فرجه وعفة من يتزوجهن والإحسان إليهن وتكثير النسل الذي به تكثر الأمة ويكثر من يعبد الله وحده، ويدل على ذلك قوله - تعالى -: {وَإِن خِفتُم أَلاَّ تُقسِطُوا فِي اليَتَامَى فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُم مِنَ النِّسَاءِ مَثنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ فَإِن خِفتُم أَلاَّ تَعدِلُوا فَوَاحِدَةً أَو مَا مَلَكَت أَيمَانُكُم ذَلِكَ أَدنَى أَلاَّ تَعُولُوا}.

ولأنه - صلى الله عليه وسلم - تزوّج أكثر من واحدة، وقد قال الله - سبحانه وتعالى -: {لَقَد كَانَ لَكُم فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسوَةٌ حَسَنَةٌ}، وقال - صلى الله عليه وسلم - لما قال بعض الصحابة: أما أنا فلا آكل اللحم، وقال آخر: أما أنا فأصلي ولا أنام، وقال آخر: أما أنا فأصوم ولا أفطر، وقال آخر: أما أنا فلا أتزوج النساء، فلما بلغ ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خطب الناس فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: \'إنه بلغني كذا وكذا، ولكني أصوم وأفطر، وأصلي وأنام، وآكل اللحم وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني\'، وهذا اللفظ \'النساء\' منه - صلى الله عليه وسلم - يعم الواحدة والعدد، والله ولى التوفيق.

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply