بسم الله الرحمن الرحيم
ما الأعمال التي يراعي المسلم أداءها في يوم العيد؟
الجواب
الحمد لله على توفيقه وإنعامه، وصلواته وسلامه وبركاته على نبيه محمد وآله وأصحابه، ثم هذه طائفة من شعائر يوم العيد وسننه وآدابه، مذكورة على وجه الاختصار.
1. التكبير في العيـد:
والأصل في ذلك قوله - عز وجل -: \" ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم ولعلكم تشكرون \" ويكبِّر المسلمون ربهم في هذا العيد تعظيماً وشكراً لله الذي هداهم للدين، وبلّغهم هذا الشهر، وأكمل لهم العدة، ووفقهم لأداء ما كتب عليهم من صوم، ويبدأ من غروب الشمس من يوم الثلاثين من رمضان أو رؤية هلال شوال، قال ابن عباس: \"حقّ على المسلمين إذا نظروا إلى هلال شوال أن يكبروا الله حتى يفرغوا من عيدهم\"، ويكبر المسلمون ليلة العيد، وإذا غدوا إلى المصلى كبروا، وإذا جلسوا كبروا إلى أن يخرج الإمام، فمنذ ثبوت العيد وإلى خروج الإمام لصلاة العيد ووقت الناس معمور بالتكبيرº تعظيماً لله وشكراً.
وينبّه - هنا - إلى أن أداء التكبير يكون من كلٍ,ّ على حسب حاله، فيذكر الله - عز وجل - من غير التزام بأحدٍ, يكبّر معه، وأما التكبير الجماعي فمُحدَث، ولم يكن من سنة النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا من هدي الصحابة والتابعين لهم بإحسان، وصفة التكبير: الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد، أو نحو ذلك.
2. الأكل يوم الفطر قبل الخروج إلى الصلاة:
لما ثبت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه كان لا يغدو قبل الفطر حتى يأكل تمرات، ويأكلهن أفراداً، ويأكلهن وِتراً، قال أنس: \"ما خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم فطر حتى يأكل تمرات ثلاثاً، أو خمساً، أو سبعاً، أو أقل من ذلك أو أكثر وتراً\".
وفي الأكل قبل الخروج إظهار لشعار هذا اليوم وهو الفطر، ومبادرة إلى امتثال أمر الله - تعالى - بوجوب الفطر في هذا اليوم عقب وجوب الصوم في شهر رمضان، ومن لم يحصل له الفطر على تمرات أفطر ولو على الماء ليحصل له شبه من الإتباع.
3. التجمل للعيدين:
وذلك بلبس الثياب الجميلة الحسنة التي تدل على الحفاوة بهذا العيد والفرح به، والدليل على ذلك حديث عبد الله بن عمر، قال: \" أخذ عمر جبة من استبرق تباع في السوق، فأتى بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله ابتع هذه تجمل بها للعيد وللوفود\"، وبوّب عليه الإمام البخاري بقوله: باب في العيدين والتجمل فيه، وذلك مأخوذ من تقريره - صلى الله عليه وسلم - لمقولة عمر هذه، وأن عمر - رضي الله عنه - كان يعلم من عادة النبي - صلى الله عليه وسلم - ذلك في العيدين، وقد صح عن ابن عمر أنه كان يلبس أحسن ثيابه في العيدين.
4. الذهاب لصلاة العيد:
وصلاة العيد من أعظم شعائره، قال - صلى الله عليه وسلم -: \" إن أول ما نبدأ به في يومنا هذا أن نصلي \" قال العلماء: وهو دال على أنه لا ينبغي الاشتغال في يوم العيد بغير التأهب للصلاة والخروج إليها، ومن لازِمِهِ ألا يُفعلَ قبلها شيء غيرهاَ، فاقتضى ذلك التبكير إليها، وأن الصلاة في ذلك اليوم هي الأمر المهم، وما سواها من أعمال البرِّ فبطريق التبع، فيذهب إلى صلاة العيد مبكراً ويشتغل بالتكبير في ذهابه وحال انتظاره الصلاة، وإذا ذهب من طريق رجع من طريق آخر، فقد كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا كان يوم عيد خالف الطريق.
5. حكم صلاة العيد:
تتابع فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - وأمره بشهود صلاة العيد وأمر بذلك من ليس من شأنه الخروج، كالعواتق، وذوات الخدور (وهن الفتيات في أول سن بلوغهن) وكذلك الحيَّض ولَسن من أهل الصلاة، وكل ذلك لعظم شأن هذه الصلاة، وقد اختلف العلماء في حكمها، فذهب بعضهم إلى أنها: سنة مؤكدة، وبعضهم إلى أنها: فرض كفاية، وذهب فريق من أهل العلم إلى أنها: واجبة على الأعيان كالجمعة، وهو مذهب الإمام أبي حنيفة - رحمه الله - واختيار شيخ الإسلام ابن تيمية، وابن القيم، قال سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز - رحمه الله -: \"وهذا القول أظهر في الأدلة وأقرب إلى الصواب \".
6. شهود النساء والصبيان صلاة العيد:
قالت أم عطية - رضي الله عنها - أمرنا النبي - صلى الله عليه وسلم - أن نخرج في الفطر والأضحى، العواتق، والحيّض، وذوات الخدور، وأما الحيّض فيعتزلن الصلاة، ويشهدن الخير ودعوة المسلمين، ولما قيل للنبي - صلى الله عليه وسلم -: \" إحدانا ليس لها جلباب؟ قال: لِتُلبسِها أختها من جلبابها\"º وكل ذلك لتأكيد شهود النساء هذا المجمَع العظيم حتى من لم يكن منهنَّ من أهل الصلاة.
وكذا يخرج الصبيان مع أهلهم قال ابن عباس - رضي الله عنهما - خرجت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم فطر أو أضحى فصلى ثم خطب، وبوّب عليه البخاري فقال \"باب خروج الصبيان إلى المصلّى \".
وفي حشد المسلمين رجالاً ونساء وصبياناً في مصليات العيد تعظيم لهذه الشعيرة، وإظهار
لهذه المناسبة، واحتفال شرعي عظيم بهذااليوم المبارك.
7. تحية المسجد في مصلى العيد:
إذا أقيمت صلاة العيد في المصلى، أي في الصحراء خارج البلد فإنه لا يصلى قبلها، لما ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه خرج يوم الفطر فصلّى ركعتين لم يصلِّ قبلها ولا بعدها، قال ابن العربي: التنفٌّل في المصلى لو فُعِل لنُقِل، ومن اقتدى فقد اهتدى.
أما إذا أقيمت صلاة العيد في المساجد فإن تحية المسجد تصلى - حينئذٍ, - ولو كان وقتَ نهيº لأنها من ذوات الأسباب، فيصلي من حضر قبل جلوسه ركعتي تحية المسجد.
8. صفـة صـلاة العيد:
تقام صلاة العيد بدون أذان ولا إقامة ولا نداء لها، وهي ركعتان، يكبر في الأولى سبع تكبيرات وفي الثانية خمساً، وهذه التكبيرات الزوائد سنة، وليست بواجب، وإن زاد في بعضها أو نقص صح ذلكº لاختلاف المروي في ذلك عن الصحابة فدل على أن الأمر في ذلك واسع. ويرفع يديه مع كل تكبيرةº لورود هذا عن الصحابة - رضي الله عنهم - ولم يرد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - خلافه. يقرأ في الأولى بـ (سبح)، وفي الثانية بـ (الغاشية)º لثبوت ذلك عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، أخرجه مسلم (878)، وثبت عنه أنه كان يقرأ في الأولى بـ (ق)، وفي الثانية بـ (اقتربت الساعة وانشق القمر) أخرجه مسلم (891)، ووقتها كصلاة الضحى، وصلاة الضحى تكون من ارتفاع الشمس قَيد رمح، أي بعد طلوع الشمس بنحو ربع ساعة تقريباً.
والسنة التبكير بها في أول النهار لقوله - صلى الله عليه وسلم -: \" إن أول ما نبدأ به في يومنا هذا أن نصلي \"، ولحديث عبد لله بن بسر رضي الله عنه- حينما أنكر إبطاء الإمام وقال: إن كنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - قد فرغنا ساعتنا هذه، وذلك وقت ابتداء صلاة الضحى.
9. إظهار الفرح والسرور واللهو المباح:
ودليله حديث عائشة رضي الله عنها- قالت: \" دخل عليّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعندي جاريتان تغنيان بدفين بغناء بعاث، فاضطجع على الفراش، وحول وجهه، وجاء أبو بكر فانتهرني وقال: مزمارة الشيطان عند النبي - صلى الله عليه وسلم - فأقبل عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: \"دعهما يا أبا بكر، إن لكل قوم عيداً وهذا عيدنا\".
قال الحافظ في (الفتح): \"وفيه مشروعية التوسعة على العيال في أيام الأعياد بأنواع ما يحصل لهم به بسط النفس وترويح البدن من كلف العبادة، وأن إظهار السرور في الأعياد من شعار الدين\". ا. هـ.
وفي يوم العيد لعب الحبشة بالحراب والدرق بالمسجد، ورقصوا بها، قالت عائشة: - رضي الله عنها - \" سمعت لغطاً وصوت صبيان، فقام النبي - صلى الله عليه وسلم -: فإذا حبشة تزفن، أي: ترقص والصبيان حولها فقال: يا عائشة تعالي فانظري، قالت: فأقامني وراءه، خدي على خده وهو يقول: دونكم يا بني أرفدة، لتعلم يهود أن في ديننا فسحة، إني بعثت بحنيفية سمحة\".
10. التهنئـة بالعيـد:
ومن الحفاوة بالعيد تبادل التهنئة به، فإنه يشرع تهنئة المسلم بالنعمة الحادثة والعيد كذلك، وقد كان الصحابة - رضي الله عنهم - إذا التقوا يوم العيد يقول بعضهم لبعض: تقبل الله منا ومنك، والأمر في عبارات التهنئة واسع، فلو قال: عيد مبارك، أو تقبل الله طاعتكم وصيامكم، ونحو ذلك فكلها حسنة.
فبارك الله لكم عيدكم يا أهل الإســلام، وأتمّه على المسلمين بالقبول والمغفرة والرضوان، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمدٍ, وعلى آله وصحبه.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد