بسم الله الرحمن الرحيم
إن أخذ العوض على تحفيظ القرآن وكيفية تلاوته وأحكامه، وتعليم الفقه والتفسير والحديث والعقيدة، وغيرها من علوم الشريعة الإسلامية أثار خلاف علماء السلف والخلف، وكان لهم فيه آراء عدة معضدة بأدلة الشرع المعتبرة، ولما كان على كل مسلم تعلم هذه العلوم بحسبان طلب تعلمها فريضة على كل مسلم، ويندر فى زماننا من يعلمها بغير عوض، لما يتطلبه تعليمها من انقطاع المعلم لمن يتولى ذلك منهم، تاركاً بها تكسب أسباب حياته وحياة ذويه، كان لابد من بيان موقف علماء الشريعة من حكم أخذ الأجر على تعليم هذه العلوم.
وقد اختلف الفقهاء في حكم الإجارة على تحفيظ القرآن وكيفية تلاوته وأحكامه، وتعليم الفقه والتفسير والحديث والعقيدة، وغيرها من علوم الشريعة الإسلامية، وأخذ المعلم الأجر على ذلك من طلاب العلم على مذهبين:
المذهب الأول:
يرى أصحابه جواز الإجارة وأخذ الأجرة على تعليم القرآن وعلوم الشريعة، على تفصيل بين بعضهم فيه، روي هذا عن عمار بن ياسر وسعد بن أبي وقاص، وقد رخص في أجور المعلمين جماعة من التابعين، وقال الحكم بن عتيبة: ما علمت أحداً كره أجر المعلم، وإلى هذا ذهب متأخرو الحنفية وعليه الفتوى في مذهبهم، وقال المالكية بجواز الإجارة على تعليم القرآن وكراهتها على تعليم غيره من العلوم الشرعية، ومذهب الشافعية جواز الإجارة على تعليم القرآن، وأما الاستئجار على تدريس العلم فلا يجوز في مذهبهم إلا إذا عين المعلم أشخاصاً ومسائل مضبوطة من العلم يعلمها لهم، وهذا المذهب رواية عن أحمد، وإليه ذهب الظاهرية (1).
المذهب الثاني:
يرى أصحابه أنه لا تجوز الإجارة أو أخذ الأجرة على تعليم القرآن وغيره من العلوم الشرعية، روي هذا عن عمر، وعبد الله بن مغفل، وبعض التابعين، وإليه ذهب متقدمو الحنفية، وهو رواية عن أحمد هي مشهور مذهب أصحابه في أخذ الأجرة على تعليم القرآن، ولكنهم اتفقوا على جواز الإجارة وأخذ الأجرة على تعليم الفقه والحديث لأنه لا يختص فاعله أن يكون من أهل القربة(2).
أدلة المذهبين:
استدل أصحاب المذهب الأول على جواز الإجارة وأخذ الأجرة على تعليم القرآن وغيره من علوم الشريعة بما يلي:
أولاً: السنة النبوية المطهرة:
1- روي عن ابن عباس- رضي الله عنه- قال: \"إن نفراً من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مروا بماء فيهم لديغ، فعرض لهم رجل من أهل الماء، فقال: هل فيكم من راق؟، فانطلق رجل منهم فقرأ بفاتحة الكتاب على شاء، فبرأ، فجاء بالشاء إلى أصحابه فكرهوا ذلك، وقالوا: أخذت على كتاب الله أجراً، حتى قدموا المدينة، فقالوا: يا رسول الله أخذ على كتاب الله أجراً، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إن أحق ما أخذتم عليه أجراً كتاب الله\"(3).
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد