إن للطب آداباً يجب على من يمارس أعماله أن يترسمها، وأن لا يتنكب عنها، حتى لا يتعرض للمساءلة من الجهات التي تراقب مدى التزامه بآداب مهنته، والتي قد تؤاخذه على تقصيره في مراعاة هذه الآداب، بحرمانه من ممارسة عمله، وإلغاء ترخيصه بمزاولة هذه المهنة، وإغلاق عيادته أو المشفى الذي تم الترخيص له به، وقد تحيله هذه الجهات إلى المحاكم الجنائية، إذا كان إخلاله بهذه الآداب يمثل جريمة يعاقب عليها القانون.
وقد كانت الشريعة الإسلامية سباقة في بيان الآداب الشرعية، التي ينبغي على من يعمل في مجال الطب أن ينهجها، وإلا كان آثماً شرعاً، وهذه الآداب يمكن حصرها في الاتجاهات التالية:
1 ـ آداب عامة يراعيها الأطباء في سلوكهم وعند مزاولة مهنتهم.
2 ـ آداب يراعيها الطبيب نحو المريض الذي يعالجه.
3 ـ آداب يراعيها الطبيب نحو المجتمع الذي يمارس فيه مهنته.
4 ـ آداب يراعيها الطبيب نحو زملائه في المهنة.
أولاً: الآداب العامة:
وتتمثل هذه الآداب فيما يلي:
1 ـ أن يحافظ الطبيب على السلوك السوي لمهنته، وأن تكون حياته الخاصة والعامة بعيدة عن الشبهاـت، ويتـأتـى هـذا بعـدم مشـاركته في الأنشـطة التـي لا تتفق وآداب مهنته، وأن يلتزم بالمبادئ العامة للأخلاق كما دعا إليها الإسلام إن كان مسلماً، أو كما دعت إليها الشرائع السماويةº فقد روى النعمان بن بشير - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام»(1).
2 ـ أن يتخذ الطبيب لنفسه غاية في ممارسته لمهنته، وهي واجب المحافظة على الحياة الإنسانية، والدفاع عنها، وعلاج المرضى وتخفيف الألم عنهم، وذلك كله بقدر الاستطاعة، وأن يبذل جهده في تحقيق هذه الغاية، ولا ينبغي أن يكون دافعه من ممارستها تحقـيق المنفعـة الشخـصية أو الكسـب المـادي. قـال - تعالى -: {الشَّيطَانُ يَعِدُكُمُ الفَقرَ وَيَأمُرُكُم بِالفَحشَاءِ وَاللَّهُ يَعِدُكُم مَّغفِرَةً مِّنهُ وَفَضلاً وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} [البقرة: 268]، وينبغي عليه أن يؤمن بأنه لن يحصل من سعيه إلا ما قدره الله له، وأنه لن يموت حتى يستوفي ذلك كلهº فقد روي عن ابن مسعود - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إن رُوح القُدُس نفث في رُوعي أنه لن تموت نفس حتى تستكمل رزقها وأجلهاº فاتقوا الله وأجملوا في الطلبº خذوا ما حل، ودعوا ما حرم»(1).
3 ـ أن لا يوجه الطبيب إمكاناته وخبراته للأذى أو التدمير، أو إلحاق الضرر البدني أو النفسي بالإنسان، مهما كانت الاعتبارات السياسية أو العسكريةº فقد نهى الشارع عن الضرر ومضارَّة المسلمº إذ روي عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - أن رسول الـلـه - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا ضـــرر ولا ضــرار في الإسلام»(2)، وروي عن أبي صرمة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «من ضارَّ مسلماً ضارَّه الله»(3).
4 ـ أن يعمل على تنمية خبرته في الطبº وذلك بالاطلاع على الأبحاث المتخصصة في مجال عمله، وحضور الندوات والمؤتمرات التي تناقش فيها الأعمال الطبية، والوقوف على ما قد يرد على النظريات المختلفة في التشخيص والعلاج من تعديل أو إضافة، وعلى الجديد في وسائل المداواة والمعالجة وغيرها من المجالات الطبيةº فقد رغب الشارع في طلب العلم والتزود منه في نصوص كثيرة، منها: قول الله - تعالى -: {وَقُل رَّبِّ زِدنِي عِلمًا} [طه: 114].
5 ـ للطبـيب أن يقوم بإجراء البحوث العلمية في مجال تخصـصه، علـى ألا تشتـمل حريته في البحث العلمي على قهر الإنسان أو قتله أو الإضرار به، أو تعريضه لضرر محتمل، أو التدليس عليه أو استغلال حاجاته المادية، ولا ينبغي أن تشتمل خطوات البحث العلمي أو تطبيقاته على أمر يعد من المحرمات التي حرمها الإسلام كالزنا، أو اختلاط الأنساب، أو التشويه والعبث بمقومات الشخصية الإنسانية عن طريق الهندسة الوراثية، لنهي الشارع عن ذلك كله، ومن الأدلة الدالة على تحريم ذلك قول الله - تعالى - في تحريم الزنا: {وَلا تَقرَبُوا الزِّنَى إنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً} [الإسراء: 32]، وقد ورد في تحريم انتساب الإنسان إلى غير أبيه ما رواه سعد بن أبي وقاص وأبو بكرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «من ادعى أباً في الإسلام غير أبيهº وهو يعلم أنه غير أبيه، فالجنة عليه حرام»(4)، كما ورد في تحريم إلحاق نسب مولود بمن ليس منهم ما روي عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «أيما امرأة أدخلت على قوم من ليس منهم، فليست من الله في شيء، ولن يُدخِلها الله جنته»(5). وورد في تحريم العبث بمقومات الشخصية الإنسانية عن طريق استعمال الهندسة الوراثية، واتباع الشيطان في غوايته إلى تغيير خلق الله - تعالى -قول الله - سبحانه - عن محاولة إبليس إيقاع الإنسان في هذه المعصية: {وَلأُضِلَّنَّهُم وَلأُمَنِّيَنَّهُم وَلآمُرَنَّهُم فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الأَنعَـــامِ وَلآمُرَنَّهُم فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلقَ اللَّهِ}(6) [النساء: 119]، ثـم قـال ـ - سبحانه - ـ محذراً من اتباع الشيطان في ذلك: {وَمَن يَتَّخِذِ الشَّيطَانَ وَلِيًّا مِّن دُونِ اللَّهِ فَقَد خَسِرَ خُسرَانًا مٌّبِينًا} [النساء: 119]، وروى علقمة عن ابن مسعود ـ - رضي الله عنه - ـ أنه قال: «لعن الله الواشمات والمستوشمات والمتنمصات والمتفلِّجات للحسن المغيِّـرات خلـق الـله، فبلـغ ذلك امـرأة من بني أسد يقـال لهـا أم يعقوب وكانت تقرأ القرآن، فأتته فقالت: ما حديث بلغني عنك أنك لعنتَ الواشمات والمستوشمات والمتـنـمصات والمتـفـلجات للحــسن المغـيـِّرات خـلق الله؟ فـقال عبد الله: ومـا لي لا ألـعن مـن لعن رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - وهو في كـتاب الله، فقالت: لقد قرأت ما بين لوحي المصحف فما وجــدته، فـقـال: لئــن كنـت قـرأتيه لقـد وجدتيه، قـال الله - عز وجل - : {وَمَـا آتَـاكُمُ الرَّسُـولُ فَـخُذُوهُ وَمَـا نَـهَاكُم عَنـهُ فَانتَـهُوا} [الحشر: 7]»(7)، فهذه الأدلة وغيرها دليل على حرمة تغيير خلق الله - تعالى - والعـبث فـي الصـورة الإنسـانية التـي فـطر الله - تعالى - الناس عليها، عن طريق إجراء التجارب التي يقصد منها هذا العبث.
ثانياً: الآداب المتعلقة بالمريض:
وتتمثل هذه الآداب فيما يلي:
1 ـ أن يبذل الطبيب لمريضه النصح، وأن يفيده إفادة تامة عن كل ما يتعلق بمرضهº فقد روي عن تميم الداري - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «الدين النصيحه ـ ثلاثاً ـ قلنا: لمن هي يا رسول الله؟ قال: لله، ولكتابه، ولرسـوله، ولأئمة المسلمين، وعامتهم»(1).
2 ـ أن يصارح الطبيب مريضه بعلته إن كان في ذلك ما يفيده، وأن يختار الطريقة المناسبة لإنهاء حقيقة مرضه إليه، وليتلطف معه، وأن يعمل على إذكاء إيمان المريض وإنزال السكينة في نفسه، وتوثيق رباطه بالله ثقة يهون بها ما سواهº فقد روي عن عبد الملك بن عميـر «أن رسـول اللـه - صلى الله عليه وسلم - لمــا زار أم العلاء الأنصارية وهي تتوجع، قال لها: أبشري يا أم العلاء! فإن مرض المسلم يحط الله به عنه خطاياه، كما يحط عن الشجرة أوراقها في الخريف»، وفي رواية أخرى بلفظ: «فإن مرض المسلم يذهب الله به خطاياه، كما تذهب النار خبث الذهب والفضة»(2).
3 ـ أن يؤنس الطبيب مريضه ببشاشته وطلاقة وجههº فقد روي عن أبـي ذر - رضي الله عنه - أن رسـول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا تحقرن من المعروف شيئاً، ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق»(3)، وروي عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إنكم لا تَسَعون الناس بأموالكم، ولكن لِيسَعهم منكم بسط الوجه وحسن الخلق»(4). وينبغي على الطبيب أن يهوِّن عن المريض ما هو فيه من مرض، وإن رأى في مرضه ضرراً علـيه تلـطف فـي إبعاده عنه، واعداً إياه بذلك تطييباً لنفسهº فقد روي عن أنس - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «يسِّروا ولا تعسروا، وبشروا ولا تنفروا»(5).
4 ـ أن يكون عمل الطبيب مجرداً عن العوامل النفسية التي قد تؤثر في أدائهº فليس له أن يفرق بين المرضى بحسب الدين أو العقيدة، أو الفكر أو الجنس أو اللون أو نحو ذلكº فقد قال الحق - سبحانه - في النهي عن اتباع الهوى فيما يقوم به المرء: {فَلا تَتَّبِعُوا الهَوَى أَن تَعدِلُوا وَإن تَلوُوا أَو تُعرِضُوا فَإنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعمَلُونَ خَبِيرًا} [النساء: 135].
5 ـ أن يعالج الطبيبُ العدوَّ كما يعالج الصديقº فليس له أن يغير من طريقة علاجه مع أعدائه، وعلى الأطباء في المجتمع الإسلامـي ـ بوصفهـم أعضـاء فـي المجتـمع الطبـي الـدولي ـ أن يتعاونـوا على الصعيد العـالمـي للـدفـاع عـن الحـياة ومعالجة المرضىº بحيـث تـؤدي هـذه الغاية إلى تحقيق رسالة الطبيب فـي الحياة بالنسـبة لجميع المرضى. قال اللـه - تعالى -: {وَلا يَجرِمَنَّكُم شَنَآنُ قَومٍ, عَلَى أَلاَّ تَعدِلُوا اعدِلُوا هُوَ أَقرَبُ لِلتَّقوَى}. [المائدة: 8](6)
6 ـ أن يحافظ الطبيب على أسرار مريضه، سواء وصلت إليه عن طريق القول من المريض أو من ذويه، أو عن طريق الفحص أو التحليل، أو رآها الطبيب أو استنتجها من حالة المريض، وأن يحيطها بسياج من الكتمان، احتراماً للثقة الموضوعة فيه، بحسبان هذه الأسرار أمانة أودعها المريض أو ذووه عنـده، أو أُودِعـت عنـده بمقـتضى عمـلـه، وقـد أمــر الله - تعالى - بحفـظ الأمانـات ورعـايتـها وعدم الخيانة فيها، فقال - سبحانه - : {يَا أَيٌّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُم} [الأنفال: 27]، وقال - سبحانه - في وصف المؤمنين: {وَالَّذِينَ هُم لأَمَانَاتِهِم وَعَهدِهِم رَاعُونَ} [المؤمنون: 8]، وقد اعتبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خيانة الأمانة إحدى خصال النفاقº إذ روى عنه أبو هـريرة - رضي الله عنه - أنه قال: «آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا ائتمن خان»(7)، ولا يخلُق بمسلم أن يتصف بصفة من صفات المنافقين.
7 ـ أن يجند الطبيب كل علمه وخبرته في أن يجتاز المريـض مـا بقـي له من العـمر في حـسن رعاية، من غير ألم ولا عــذاب، وذلك بمــا تهـيـأ لـه مـن أسبــاب العــلاج والرعــايــة، وأن يبـــذل جــهده فـي تحقـيـق ذلكº إذ أمـر الله - تعالى -بالوفـاء بمـا ألـزم الإنسـان نفـسه به بمقتضى العقود، فقال - سبحانه - : {يَا أَيٌّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوفُوا بِالعُقُودِ} [المائدة: 1]، ونهى عن الخيانة فيما يؤديه الإنسان من عمل، وذلك بأدائه على الوجه الذي يؤدي إلى النتيجة المرجوة من أدائه، فقال - تعالى -: {يَا أَيٌّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُم} [الأنفال: 27].
8 ـ أن لا يصف الطبيب دواء يقتل المريض أو يضر به، أو دواء يسقط الأجنة أو يؤدي إلى العقم من غير ضرورة إليه، أو أن يفعل بالمريض ما يضر به، لنهي الشارع عن الإضرار بالغير أو التسبب فيه.
9 ـ أن يسـتشير الطبـيبُ غيـرَه من الأطبـاء الذيــن لهم خبـرة بالمـرض الذي يعـالجـه، إن كـان يجهل كيفية تشخيصه أو طـريقة معـالجته، لقـول الحق - سبحانه - : {فَاسأَلُوا أَهلَ الذِّكرِ إن كُنتُم لا تَعلَمُونَ} [الأنبياء: 7]، وعليه أن يتنحى عن معـالجة المريض، ليتـركها لمن يـكون أقـدر علـيها من الأطباء، إن كـان لا يأنـس من نفسه القدرة على ذلكº فقد روي عن زيد ابن أسلم «أن رجلاً في زمن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أصابه جرح، فاحتقن الدم، وأن الرجل دعا رجلين من بني أنمار فنظرا إليه، فزعم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لهما: أيكما أطبٌّ؟ فقالا: أوَ في الطب خير يا رسول الله؟ فزعم زيد أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: أنزل الـدواءَ الذي أنزل الأدواء»(1).
10 ـ أن لا يُنـهي الطبــيب حيـاة مـريـض ميئـوس مـن بـرئـه مـتعـذب مـن آلامـه، بل ينبغي علـيه أن يخـفـف مـن آلامـه بقدر الاستطاعة حتى يأتي أجله المحتومº لأن إنهاء حياته قتـل له بغـير حـق، وقد جاءت نصوص كثيرة تنهى عن ذلك، منها قول الحق- سبحانه - : {وَلا تَقتُلُوا النَّفسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إلاَّ بِالـحَقِّ} [الإسراء: 33]، وما روي عـن أبـي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «اجتنبوا السبع الموبقات! قيل: وما هن يا رسول الله؟ قال: الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل مال اليتيم، وأكل الربا، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات»(2).
ثالثاً: الآداب المتعلقة بالمجتمع:
وتتمثل هذه الآداب فيما يلي:
1 ـ يجـب علـى الطبيـب في المجتمع المسلم أن يكون على علم بأحـكــام الإســلام التـي تتـعلـق بمـهنـته، وأن يلـتـزم بهـا، حتى لا يكـون منـه فعـل أو وصـف مخـالـف لهذه الأحـكام، ومن ذلك: الأحكام المتعلقة بما تشتمل عليه الأدوية من مفردات مباحة أو محرمة، والأحكام المتعلقة بالإجهاض والتلـقيح الصـناعي، وتنـظيم النـسل، والتعـقيـم، ومـداواة أحد الجنسين للجنس الآخر، وما يتعلق بذلك من أحكام الخـلوة، والنـظر إلى مـا يـعـد عـورة، ومـس ذلك من المريض أو المريضة، ونحو ذلك.
2 ـ أن يراعي طبيعة المجتمع وما جرت عليه عادات أفراده في الأمور المباحة، وذلك لتقرير ما يأخذ وما يدع من السياسات الطبية، حتى لا يكون فيما يتبعه من ذلك شذوذ، قد يضر بأفراد المجتمع الذي يمارس فيه مهنته، ولا يأتي بأفعال فيها مجافاة لما درج عليه المجتمع من عادات، لا تتعارض مع أحكام الشريعة.
3 ـ أن لا يقتصر دور الطبيب على مداواة المرضى، بل يجب أن يمتد ليشمل التنبيه على أساليب الوقاية من الأمراض المختلفة، وأن يهتم بمكافحة العادات التي تضر بأفراد المجتمع، كشرب المسكرات أو المخدرات، وأن يبين الأضرار التي تنشأ عن ذلك، أو عن عدم التمسك بالفضيلة والعفة أو بآداب الشرع الحنيفº لأن هذا من قبيل النصح الذي هو أحد ركائز الدين الحنيف.
4 ـ أن يستعين الطبيبُ بفقهاء الشريعة في إصدار الفتاوى ومساعدته بالرأي في المسائل التي يعتبر الترخص فيها بسبب المرض متوقفاً على رأي أهل الخبرة من الأطباء، وتلك التي يتوقف الحكم الشرعي فيها على قولهم، باعتبار ذلك شهادة منه فيما يتوقـف الحـكم الشـرعي علـى قولـه فيـهº وقـد نهى الحق - سبحانه - عن كتمان الشهادة، فقال - تعالى -: {وَلا تَكتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَن يَكتُمهَا فَإنَّهُ آثِمٌ قَلبُهُ} [البقرة: 283]، كما أنه يعد تعاوناً على البر الذي أمر الله - تعالى - به بقوله: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى البِرِّ وَالتَّقوَى} [المائدة: 2].
رابعاً: الآداب المتعلقة بزملاء العمل:
ينبـغي على الطـبيب أن يعامل زملاءه بما يحب أن يعاملوه به، وأن يحافظ على علاقته الطيبة بهم، وأن لا يقلل من علمهم أو خبرتهم أو مهارتهمº فقد روي عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسـول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا تنـافسـوا ولا تحـاسدوا، ولا تباغضوا ولا تدابـروا، وكونوا عباد الله إخواناً»(3).
----------------------------------------
(*) أستاذ الفقه المقارن بجامعتي الأزهر والإمارات والجامعة الأمريكية المفتوحة.
(1) أخرجه البخاري ومسلم في الصحيحين (عون الباري على البخاري 1/217 - 219، السراج الوهاج على مسلم 6/54).
(1) أخرجه ابن حبان في صحيحه والحاكم في المستدرك والشافعي في مسنده والبيهقي في شعب الإيمان وابن عبد البر في التمهيد، وسكت عنه النذري (مسند الشافعي 1/233، شعب الإيمان 2/67، التمهيد 1/284، الترغيب والترهيب 2/339).
(2) أخرجه الحاكم وصحح إسناده (المستدرك 2/57).
(3) أخرجه أبو داود والترمذي وابن ماجة في سننهم، وسكت عنه أبو داود والسيوطي، وقال فيه الترمذي: حسن غريب (سنن أبي داود 3/315، سنن الترمذي 6/181، سنن ابن ماجة 2/785، الجامع الصغير 2/181).
(4) أخرجه مسلم في صحيحه 1/80.
(5) أخرجه ابن حبان في صحيحه وأبو داود والنسائي في سننيهما وسكتا عنه (الإحسان بترتيب صحيح ابن حبان 6/163، سنن أبي داود 2/279، سنن النسائي 6/179 ـ 180).
(6) والبتك: القطع، وبتك آذان الأنعام: أي قطعها. (مختار الصحاح /367).
(7) الواشمة: هي التي تقوم بغرز الإبرة في الموضع الذي يراد وشمه، ثم تضع عليه الكحل أو النؤور وهو النيلج، والمستوشمة: هي التي تطلب الوشم، والنامصة: هي التي تزيل الشعر من وجه نفسها أو غيرها، والمتنمصة: هي التي تستدعى نتف الشعر من وجهها، والمتفلجة: هي التي تبرد ما بين الأسنان والثنايا والرباعيات، من الفلج وهو الفرجة بين الثنايا والرباعيات، تفعله العجوز ومن قاربها في السن إظهاراً للصغر وحسن الأسنان (نيل الأوطار 6/191 - 192)، والحديث أخرجه البخاري ومسلم في الصحيحين. (فتح الباري 10/377، شرح النووي على مسلم 4/102 - 103).
(1) أخرجه مسلم في صحيحه (السراج الوهاج 7/289).
(2) أخرجه عبد بن حميد في مسنده، وأبو داود في سننه وسكت عنه المنذري، وأخرجه الطبراني في الكبير (مسند عبد بن حميد 1/451، سنن أبي داود 3/184، المعجم الكبير 25/141، الترغيب والترهيب 4/148).
(3) أخرجه مسلم في صحيحه 2/446.
(4) أخرجه الحاكم في المستدرك وقال: حديث صحيح، وأخرجه البزار في زوائده، والبيهقي في شعب الإيمان، وأبو نعيم في الحلية، وذكره السيوطى في الجامع الصغير ورمز له بالحسن (المستدرك 1/ 124، حلية الأولياء 10/25، الجامع الصغير 1/103).
(5) أخرجه البخاري في صحيحه (عون الباري على البخاري 1 / 251).
(6) والشنآن: هو البغض، والشانئ: المبغض (مختار الصحاح /12).
(7) أخرجه الشيخان في صحيحيهما (عون الباري على البخاري 1/171، شرح النووي على مسلم 2/46).
(1) أخرجه مالك في الموطأ وابن أبي شيبة في مصنفه مرسلاً، وذكره ابن حجر في فتح الباري وسكت عنه، وذكره ابن عبد البر في التمهيد (الموطأ / 673، مصنف ابن أبي شيبة 8/3، فتح الباري 23/388، التمهيد 5/263).
(2) أخرجه مسلم في صحيحه 1/92.
(3) أخرجه مسلم في صحيحه 2/423.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد