لقاء حول المسابقات مع عضو هيئة كبار العلماء


بسم الله الرحمن الرحيم

 

عرفت المسابقات منذ القدم في عهد أسلافنا، فقد كانوا يتسابقون في الخيل والرمي والشعر، ويتنافسون في طاعة الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم - والجهاد في سبيل الله، والدعوة إلى دين الله، بأقوالهم وأفعالهم وسلوكهم وحسن تعاملهم وغير ذلك مما كانوا يتسابقون فيه، ويتنافسون.

وفي عصر الانفتاح، أصبح للمسابقات شأن عظيم، وصار الناس يتهافتون عليها تهافت الفراش على النار، وقد تكلفهم المبالغ الكبيرة من أموالهم حتى أصبحت كأنها لازم من لوازم الحياة، وقد تعددت أشكال المسابقات في هذا العصر، وتطورت وسائلها، وتنوعت طرقها بشكل كبير، ولكن كثيراً منها بعيد كل البعد عن المسابقات التي كان يقيمها السلف من أجدادنا.

لقد أولع الكثير بالمسابقات، وأخذت بألباب عقولهم، مما قد يوقعهم في بعض المخالفات والتجاوزات من غير أن يشعروا، ومن هنا كانت الحاجة ملحة إلى تبيان بعض أحكام المسابقات من الناحية الشرعية ما أمكن.

لذا يسر مجلة الجندي المسلم أن تلتقي بفضيلة الشيخ- د. سعد بن ناصر الشثري عضو هيئة كبار العلماء للإجابة على بعض من صور المسابقات الكثيرة التي هي محل حيرة وإشكال عند كثير من الناس.

 

س1: فضيلة الشيخ- د. سعد بن ناصر الشثري في مطلع هذا اللقاء نرحب بكم، ونشكر لكم قبول الإجابة على بعض من الاستفتاءات المعاصرة والخاصة بالمسابقات رغم مشاغلكم الكثيرة، ونسأل الله - تعالى -أن يجعل ذلك في موازين حسناتكم ونود من فضيلتكم إعطاء القارئ الكريم نبذة مختصرة عن كتابكم المسابقات وأحكامها في الشريعة الإسلامية والذي تعرضتم فيه لدراسة عقد السبق وأحكامه - دراسة تأصيلية؟

ج1: الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين ومن اهتدى بهداه إلى يوم الدين وبعد:

أسأل الله أن يبارك فيكم وأسأله - سبحانه - أن يستعمل الجميع في طاعته.

كتاب المسابقات طبع قبل ثلاث عشرة سنة ونفع الله به وفيه تأصيل لهذا الموضوع مع ذكر مجالات المسابقة ومنها ما هو من المسابقات الحديثة مثل المسابقات على السيارات والطيارات والجودو والكراتية والألعاب الإلكترونية والورقة وغير ذلك، ولكن هناك عدد من صور القمار واليانصيب يظنها بعض الناس من المسابقات وليست منها فلا وجه لإدخالها في الكتاب ولعل الله أن ييسر من الوقت ما أتمكن معه من مراجعة الكتاب.

 

س2: فضيلة الشيخ هل لكم أن تطلعوا القارئ الكريم على أنواع استعمال المسابقات وحكمها في الشريعة الإسلامية؟

ج2: استعمال المسابقات على نوعين: الأول: محرم فهذا لاشك أنه ضار في الآخرة لما يترتب عليه من احتمال العقوبة الأخروية كما أنه ضار في الدنيا إذ إن صلاح أحوال الدنيا إنما يحصل باتباع الشرع كما قال - تعالى -: وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين (107) {الأنبياء: 107} والثاني: مباح فلا يكون فيه مضرة.

 

س3: بعض المسابقات يستلزم من المشاركة فيها الدخول في أمور محرمة كسماع الأغاني أو النظر إلى النساء السافرات المتبرجات وغير ذلك فما رأي فضيلتكم؟

ج3: إذا ترتب على الدخول في المسابقات المباحة فعل أمر محرم بحيث لا يمكن ترك ذلك المحرم فإنه لا يجوز الدخول في هذه المسابقة لأن ما لا يتم اجتناب الحرام إلا باجتنابه فهو حرام.

 

س4: فضيلة الشيخ هناك صور كثيرة للمسابقات هي محل حيرة عند كثير من الناس بودنا الجواب عنها:

منها المسابقات التي تقام عبر الهاتف برسومه العادية ويشترك فيها المئات من الأشخاص حيث يتم طرح بعض الأسئلة فإذا كانت الإجابة صحيحة يؤهل الشخص للقرعة بالفوز بالجائزة؟ وما الحكم إذا كانت برسوم باهضة الثمن عن المعتاد، وعلى ضوء الاتصال تدخل في المسابقة أو السحب الفوري، وقد تكسب مبلغ مالي أو تخسر قيمة المكالمة؟ مثل رقم 700 نرجو من فضيلتكم توضيح الحكم مفصلاً خصوصاً وأن هناك قنوات متخصصة لذلك؟

ج4: المسابقات التي يدفع جميع المتسابقين رسماً لدخولها وتكون الجائزة محددة سلفاً قبل الدخول وقبل العلم بعدد المتسابقين لا يجوز الدخول فيها بالإجماعº ومن هذا النوع المسابقات التي حددت قيمة جوائزها سلفاً التي تعمل بواسطة الهاتف الذي يستفيد المنظمون رسماً للدخول في المسابقات بشرط أن تحتوي الجائزة على جميع ما دفعه المتسابقون والجمهور على منع هذه الصورة أيضاً.

 

س5: صورة أخرى ما يقوم به بعض التجار بعرض بضاعته ويوزع كوبونات على المشترين بحسب قيمة شراء كل واحد وبهذه الكوبونات تدخل في سحب الجوائز ثم تعمل بعد ذلك قرعة أو قد تكون الجائزة مخفية داخل الكوبون حيث عند كشط الكوبون قد تحصل على جائزة، أولاً فما حكم ذلك؟ وما حكم الذهاب إلى هذه المحلات بقصد الجوائز لا الشراء؟ وكذلك قد يشتري الإنسان سلعة ما، بداخلها هدية مجهولة وربما تحتويها وربما لا. كأن يشتري الرجل علبة حليب قد يكون بداخلها مبلغ من المال قل أو كثر وقد لا يحصل على شيء. وسواء رفع سعر ثمن العلبة أما لم ترفع وما الحكم إذا كان الجائزة لمن يقدم أعداداً من أغطية علبة ونحوها؟

ج5: الكوبونات التي توضع مع السلع المشتراه والتي تمكن المشتري من الدخول في السحب أو تحتوي على جوائز لا تعلم إلا بالكشط بعد الشراء لا يجوز وضعها وقصدها بالشراء اتفاقاً، بل لا يجوز على الصحيح شراء السلع التي معها هذه الكوبونات ولو لم يقصد المشتري هذه الكوبونات لأن البيع هنا فقد أحد شروط صحة البيع وهو العلم بالمبيع فإنه يشتري سلعة وكوبوناً والكوبون مجهول وورد في صحيح مسلم من حديث جابر - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن الثنايا إلا أن تعلم.

وكذلك يحرم على الصحيح بيع السلع التي بداخلها هدايا مجهولة لما سبق.

 

س6: ما الحكم إذا قال البائع من تجاوزت مشترياته مبلغ 100 ريال مثلاً فله جائزة كذا؟

ج6: إذا قال البائع من تجاوزت مشترياته مبلغ ألف ريال مثلاً فله هذه الجائزة المعلومة فإن هذا البيع جائز ولا حرج فيه على المشتري ولا على البائع لدخوله في قوله - تعالى -: وأحل الله البيع ولأن المبيع هنا معلوم للمتعاقدين وليس مجهولاً.

 

س7: فضيلة الشيخ- سعد بن ناصر الشثري في ختام هذا اللقاء ما رأي فضيلتكم من جعل شهر رمضان موسماً لمثل هذه المسابقات؟

ج7: شهر رمضان شهر مبارك تضاعف فيه الأجور لذا يحسن صرف أوقاته في طاعة الله - تعالى -من قراءة القرآن والإكثار من ذكر الله - تعالى -والإنفاق في سبيل الخير، قال - تعالى -: شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان {البقرة: 185} وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - أجود الناس وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل وكان جبريل يلقاه كل ليلة من رمضان فيدارسه القرآن، ومما يدخل في ذلك حفظ القرآن ومدارسته وتدبر معانيه وإقامة المسابقات حوله، أما إن كانت المسابقات في أمور مباحة فإنها جائزة ما لم تشغل عن شيء من الواجبات، مع أن تركها في رمضان للاشتغال بصنوف العبادات أولى.

في نهاية اللقاء لا يسعنا إلا أن نقدم جزيل الشكر والتقدير لفضيلة الشيخ د. سعد بن ناصر الشثري عضو اللجنة الدائمة للإفتاء على هذا الاستفتاء النافع والمفيد ونأمل باستمرار التواصل معكم متى سمحت أوقاتكم بذلك لإلقاء الضوء على مختلف القضايا والنوازل المعاصرة.

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply