إن مما يحز في النفوس ويدمي القلوب ما انتشر في مثل هذه الأيام وفي زمن الفتن الذي نعاين فيه تشبه كثير من فتيات المسلمين بنساء اليهود والنصارى الكافرات، فلا تكاد امرأة ـ إلا من رحم الله ـ إلا وقد وقعت في التشبه بهن، سواء في بعض صورة أو في كل صورة، وقد حذر الإسلام من هذه المشابهة باسمها ورسمها، وعندما أظهرت بعض النساء ـ هداهن الله ـ المحادّة لله ولرسوله - صلى الله عليه وسلم - ولهثن وراء الموضة وتقليد الكافرات، وانتشر النمص (الذي هو إزالة شعر الحاجبين لترفيعهما أو تسويتهما) بين الفتيات في الجامعات, والمدارس, والكليات مع أنه كبيرة من كبائر الذنوب كما قال أهل العلم، قال العلامة محمد بن عثيمين - رحمه الله -: (حكم هذا - أي النمص - أنه من كبائر الذنوب، وقد ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه لعن النامصة والمتنمصة، ويدل هذا الفعل على قلة الدين، وعلى ضعف العقل أيضاً وإلا فما الفائدة أن تقلع الشعر ثم تضع بدله خطاً أسوداً تلوث به جلدةَ وجهها مع كونه مشوهاً للوجه أيضاً ).
روى البخاري عن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - قال: \" لعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الواشمات والمستوشمات. والمتنمصات. والمتفلجات للحسن المغيرات خلق الله - تعالى -\".
وعن عائشة - رضي الله عنه - قالت: (كان النبي - صلى الله عليه وسلم - ينهى عن الواشمة. والواصلة. والمتواصلة. والنامصة. والمتنمصة) رواه أحمد.
أختي المسلمة: إن تشريعات الإسلام إنما هي منبعثة عن حكمة جليلة قد يدركها العقل البشري أحياناً وأحياناً لا يدركها ومن هذه التشريعات تحريم النمص فقد أثبت الطب الحديث أضرار ذلك وخطورته على المرأة مما يؤكد لك أن الإسلام لا يحرم شيئاً إلا لما فيه مضرة.
يقول الدكتور وهبة أحمد حسن: \"إن إزالة شعر الحواجب بالوسائل المختلفة، ثم استخدام أقلام الحواجب وغيرها من مكياجات الجلد لها تأثيرها الضار، فهي مصنوعة من مركبات معادن ثقيلة مثل الرصاص والزئبق، تذاب في مركبات دهنية مثل زيت الكاكاو، كما أن كل المواد الملونة تدخل فيها بعض المشتقات البترولية، وكلها أكسيدات مختلفة تضر بالجلد، وإن امتصاص المسام الجلدية لهذه المواد يحدث التهابات وحساسية، وأما لو استمر استخدام هذه المكياجات، فإن له تأثيراً ضاراً على الأنسجة المكونة للدم. والكبد. والكلى فهذه المواد الداخلة في تركيب المكياجات لها خاصية الترسب المتكامل، فلا يتخلص منها الجسم بسرعة، إن إزالة شعر الحواجب بالوسائل المختلفة ينشط الحلمات الجلدية، فتتكاثر خلايا الجلد، وفي حالة توقف الإزالة ينمو شعر الحواجب بكثافة ملحوظة، وإن كنا نلاحظ أن الحواجب الطبيعية تلائم الشعر والجبهة واستدارة الوجه).
والسؤال الذي يطرح نفسه بعد هذا البيان لماذا تتنمص الفتاة؟
والجواب أن كثيراً من هؤلاء الفتيات يعتقدن أنهن يصبحن أكثر جمالا ًوفتنةً مع أن شكل الحواجب المنتوفة لا يتناسب مع شكل الوجه الذي خلق الله أجزاءه بتناسب ودقة وإحكام، مما يجعل من نتفها إخلالاً بهذا التناسق البديع في خلقة الله قال - تعالى -: (لَقَد خَلَقنَا الأِنسَانَ فِي أَحسَنِ تَقوِيمٍ,)
ولو تأملنا في وجه المرأة المتنمصة قبل وبعد النمص، لوجدنا أن وجهها قبل النمص أجمل وأقرب للنفس منه بعد النمص حيث تبدو عندما تتنمص أكبر من عمرها, بالإضافة إلى ظهورها بمظهر النساء الفاسقات الماجنات، ولكن من تصدق ما أقول والشيطان سول لكثير من النساء وزين لهن هذا الفعل القبيح.. ولتعلمي يا رعاك الله أن الجمال شيء نسبي لا يمكن أن تضع له مقاييس وتحد له حدوداً، وإنه لمن الجهل أن نحكم على إنسان ما بالقبح المطلق، فقد يجد هذا القبيح الشكل من الناس من يعجب به ويرى فيه ميزات ليست موجودة في غيره، وإن جمال الشكل إلى زوال بينما يبقى جمال النفس والخلق
فالجمال الحقيقي يكمن في الجوهر النقي لا القشور المزينة المزيفة، ولننظر هل وفّر التنمص وغيره من وسائل تغيير خلق الله حياة سعيدة رغيدة للمغيرات خلق الله.
بالطبع لم يحدث ذلك، فلماذا إذاً تخسر المرأة رضا الله وجنته من أجل تلك الأمور التي لم تنفعها دينا ودنيا بل ضرتها و أورثتها الخسران المبين.
أختي المسلمة: وبعد هذا العرض، هل استشعرت عظم الذنب وفداحة الخطيئة، فعزمت على التوبة بعد المعصية والإنابة بعد الغواية: (وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيٌّهَا المُؤمِنُونَ لَعَلَّكُم تُفلِحُونَ) أما آن لقلبك أن يخشع لذكر الله وما نزل من الحق؟ أما آن لك أن تنتهي عما أنت فيه من الحرام؟ أما تذكرت وقوفك في عرصات يوم القيامة بين يدي الملك الجبار؟ (يَومَ تَجِدُ كُلٌّ نَفسٍ, مَا عَمِلَت مِن خَيرٍ, مُحضَراً وَمَا عَمِلَت مِن سُوءٍ, تَوَدٌّ لَو أَنَّ بَينَهَا وَبَينَهُ أَمَداً بَعِيداً وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفسَهُ وَاللَّهُ رَؤُوفٌ بِالعِبَادِ), أما تذكـرت يوم يقول العاصـي والمذنب (أَن تَقُولَ نَفسٌ يَا حَسرَتَى عَلَى مَا فَرَّطتُ فِي جَنبِ اللَّهِ وَإِن كُنتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ), أما تذكرت عندما يأتيك هادم اللذات ومفرق الجماعات فتتذكري عندها ما سلف وكان وتقولي: (رَبِّ ارجِعُونِ* لَعَلِّي أَعمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِن وَرَائِهِم بَرزَخٌ إِلَى يَومِ يُبعَثُونَ), فأنتِ الآن في وقت المهلة فاستعدي قبل النقلة فنحن في دار عمل وغداً جزاء ولا عمل.
حكم حف الحواجب وتشقيرها:
س: ما حكم حفّ الحواجب؟ أو صبغها بألوان أخرى؟
ج: بالنسبة للحواجب الأصل إعفاؤها وعدم نتفها لأنها زينة، وشعرها هكذا جاء ونبت في حال الصغر ونتفها محرم (لعن الله النامصات والمتنمصات) سواء أكان النمص بالنتف, أو الحلق, أو بقص شيء منها، كل ذلك داخل في هذا الوعيد، والواجب على المرأة أن تعتبر هذا شيئاً خلقه الله ولا تغيّر من خلق الله شيئاً, ولأنها إذا نتفت أو قصّت أو حلقت فإن الشعر يعود بعد حين ويرجع إلى ما كان عليه مما يستدعي قصه مرة ثانية وثالثة. وهكذا.
فالواجب أن تتوب إلى الله وتبتعد عمّا يستوجب اللعن والوعيد الشديد.
وهكذا التشقير الذي هو صبغ شعر الحاجبين بشيءٍ, ملون وهذا أيضاً محرم داخل في قول الله - تعالى -: (وَلَآمُرَنَّهُم فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلقَ اللَّهِ), حديث الذي فيه لعن المغيّرات خلق الله فلا يجوز لها ذلك.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد