جائزة ( درة المعرفة )


بسم الله الرحمن الرحيم 

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وصحابته أجمعين، وبعد:

فقد اطلعت على جائزة (درة المعرفة) من شركة الموثوقية الدولية، والتي سُئلت عن حكمها الشرعي. وبعد النظر والتمعن في شروط وأهداف هذه الجائزة. وسبق لي أن سُئلت عن (هبة الجزيرة) فأجبت بعدم مشروعيتها وبطلان العقد لدخولها تحت القمار (الميسر) المحرم بالقرآن والسنة، وما بني على الباطل فهو باطل وأكل لأموال الناس بغير حق. وحيث إن جائزة (درة المعرفة) قد تكون فيها بعض محاذير كانت في (هبة الجزيرة) إلا أنها لم تخل بعد من الحرام، ووجه ذلك ما يأتي:

(1) إن بيع وشراء الأسطوانة بـ (500) ريال، والمكافأة التي يحصل عليها المشتري سواء كانت (650) ريال أو (44000) ريال عقد من عقود المعاوضات الربوية المحرمة، وإن سميت باسم (الهبة)، وقد نص أهل العلم كشيخ الإسلام ابن تيمية على أن (كل تبرع يقترن بالبيع أو الإجارة كالهبة والعارية فهو مثل القرض) أي كما أن عقد البيع مع القرض حرام، فعقد البيع مع الهبة حرامº لعموم الأثر الثابت (كل قرض جر نفعًا فهو ربا) فمن وهب أو أقرض رجلاً ألف ريال وباعه سلعة بأزيد من ثمنها فالمشتري لم يرض بالثمن الزائد إلا من أجل القرض أو الهبة التي يحصل عليها، والبائع لم يهب أو يقرض إلا مقابل ما سيجنيه من زيادة ثمن السلعة من زبائنه، والأعمال بالنيات.

(2) تسمية هذه المكافأة المالية بأنها (هبة) شرعية من الشركة كذب، وتغرير فسميت بذلك من أجل أن تخرج عن المعاوضات، وتدخل في عقود التبرعات المالية حتى يغتفر ما فيها من ربا أو غرر وجهالة وهذا غير صحيح، فإن الهبة هي (التبرع للغير دون مقابل تمليكه المال المعلوم في زمن الحياة) وضد (التبرع) طلب العوض. وقال العلماء: إذا شرط العاقد في الهبة عوضًا معلومًا انقلبت إلى بيع وجرى فيها حينئذ ما يجري في البيوع من الربا بنوعية النساء والفضل ونحوها.

(3) يشتمل هذا العقد على جهالة وغرر، ووجه ذلك أن المشتري يأخذ مبالغ مقابل أعداد من المشترين جاؤوا من بعده لا تسبب له فيهم بدلالة أو نحوها وإذا حرم الشيء على الآخذ فهو حرام على المعطي (البائع) المتسبب من باب أولى.

(4) ليس صحيحًا أن قيمة الشريط (500) ريال هي أقل من قيمته الفعلية حتى وإن علل بأنه النسخة الأصلية فقيمة أي سلعة تختلف من حال إلى أخرى حسب العرض والطلب، وحسب حاجة ورغبة للمشتري فقد يكون ما يسمى بالنسخة الأصلية عند شخص له قيمة كبيرة، وعند آخر لا يعنيه إلا المحتوى ولو كان الشريط مقلدًا غير أصلي مادام مادته سليمة، ولا يجوز إلزام الناس بشراء السلعة الغالية الثمن، كما لا يجوز منعهم من شراء السلعة الرخيصة ولو كانت مقلدة، لاختلاف حال الناس المالية والاعتبارية.

(5) دفع الشركة (50) ريالاً لكل عميل يدل غيره عليها جائز لا شيء فيهº لأن هذا من باب البيع أو الشرط، وهو جائز لحديث جابر في الصحيحين لما باع جمله للرسول واشترط حملانه إلى المدينة، وهذا من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيع وشرط صريحان بدليل مماكسته له (مساومته) حتى بلغ به أوقيه من الذهب. وقول جابر في بعض رواياته (بعته واشترطت حملانه إلى أهلي) فالمماكسة والبيع ليسا من الهبة في شيء أبدًا وإن كيفا عليها.

(6) أقل ما يقال في هذا العقد إنه من باب البيع بالوعدº حيث تنوي الشركة دفع مبالغ مالية محددة لمن اشترى هذه الأسطوانة وجاء بعده ستة أشخاص أو مضاعفات هذا العدد، والبيع بالوعد أبطله جمهور العلماء، وأجازه المالكية بشرط أن يكوم ملزمًا للطرفين معًا.

(7) أما الشركة فبعيد جدًا أن تلتزم بما يقلل ربحها أو يلحقها بالخسارة. أما المشتري فكيف يكوم ملتزمًا بشيء وهو لا يدري أثبت له حق عند الشركة أو لا؟ ثم إن التـزام مثل هذا في العقد يوقع النزاع والخصومة بين الناس لاسيما أنه لم يحدد للوفاء زمن معلوم للطرفين.

(8) يدخل هذا العقد في مسألة (مد عجوة) وهي بيع ربوي بجنسه مع عوض أو عوضين، وفيها تفصيل وخلاف بين العلماء.

 

والخلاصة:

إن هذا البيع من عقود المعاوضات المالية التي لا تجوزº لاشتماله على الربا والجهالة والغرر، وتسمية ما قد يعطى للمشتري للسلعة (الأسطوانة) بأنه (هبة) تزوير وحيلة لأكل المال بالباطل، واستغفال للناس، ولا أدل على هذا من زعمهم أن الشركة لا تأخذ من الأرباح سوى 5 %، أما الباقي وهو 95% فهو يصرف جوائز للعملاء!!

وصلى الله على نبينا محمد...

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply