حكم المشاركة في الجيش غير المسلم


 بسم الله الرحمن الرحيم
 
حكم مقاتلة المسلم مع الكفار ضد المسلمين

لا يجوز للمسلم أن يقاتل مع الكفار إخوانه المسلمين في أي حال بل هو من أكبر الكبائر وأفظع الجرائم للأدلة التالية:

1- قوله - تعالى -: (ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق) [سورة الإسراء: 33].

والمراد بالنفس التي حرمها الله هي التي جعلها الله معصومة بعصمة الدين أو عصمة العهد، فتكون الآية نصاً صريحاً في تحريم القتل إلا بسبب شرعي كالردة والزنا من المحصن وكالقصاص من القاتل عمداً (1).

ومعاونة المسلم الكافر على قتل المسلم فيه إنهاك لعصمة دم المسلم الثابتة له بالإسلام.

2- قوله - صلى الله عليه وسلم -: \" من حمل علينا السلاح فليس منا \"(2).

فيه دليل على تحريم حمل السلاح على المسلمين وقتالهم وأن ذلك من كبائر الذنوب حيث ترتب عليه براءة النبي صلى اله عليه وسلم منه (3).

3- قوله - صلى الله عليه وسلم -: كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه (4)\" من هذه الأدلة وغيرها نرى انه لا يجوز للأقليات المسلمة أن تشترك مع الكفار في أي معركة ضد المسلمين تحت أي ظرف من الظروف حتى ولو أكرهوهم على ذلك فإن عليهم أن يمتنعوا عن قتال المسلمين ولو قتلوهم لذلك.

جاء في شرح السير الكبير: \" وإن قالوا لهم أي الكفار قاتلوا معنا المسلمين، وإلا قتلناكم لم يسعهم القتال ضد المسلمين لأن ذلك حرام على المسلمين بعينه فلا يجوز الإقدام عليه بسبب التهديد بالقتل كما لو قال: اقتل هذا المسلم وإلا قتلتك\"(5).

ويقول ابن تيمية: \" إذا كان المكره على القتال في الفتنة فليس له أن يقاتل بل عليه إفساد سلاحه وأن يصبر حتى يقتل مظلوماً فكيف بالمكره على قتال المسلمين مع الطائفة الخارجة عن شرائع الإسلام، فلا ريب أن هذا يجب عليه إذا أكره على الحضور أن لا يقاتل وإن قتله المسلمون كما لو أكرهه رجل على قتل مسلم معصوم فإنه لا يجوز له قتله باتفاق المسلمين وإن أكرهه بالقتل فليس حفظ نفسه بقتل ذلك المعصوم أولى من العكس\" (6).

ويقول القرطبي: \" وأجمع العلماء على أن من أكره على قتل غيره أنه لا يجوز الإقدام على قتله ولا انتهاك حرمته بجلد أو غيره ويصبر على البلاء الذي نزل به ولا يحل له أن يفدي نفسه بغيره ويسأل الله العافية في الدنيا والآخرة \"(7).

ومن خلال النصوص التي ذكرناها يتضح أنه لا يجوز للمسلمين في الجيش غير الإسلامي أن يشاركوا في الحرب ضد المسلمين وعليهم إن أجبروا على ذلك أن يحاولوا أن يفلتوا بأي وسيلة من الوسائل من المشاركة في هذه الحرب حتى ولو دفعوا المال إلى الكفار بدل المشاركة وهذا جائز (8)، أما إذا لم يمكنهم ذلك، فعليهم في الجبهة أن لا يمارسوا أي عمل ينتج عنه قتل المسلمين وذلك إما بالإمساك عن القتال أصلاً كما ذكرنا أو أن يجعل أعماله القتالية لا تؤدي إلى إراقة دماء المسلمين أو الإضرار بهم كأن يطلق قذائفه ورصاصه في اتجاهات لا تصيب أحداً يحرم عليه قتله أو أذيته(9).

والأفضل لهم في هذه الحالة إذا خرجوا إلى أرض المعركة وأتيح لهم أن يستسلموا لجيش للمسلمين متفادين بذلك أن يضطروا إلى قتال المسلمين فهذا واجب عليهم لأنه في هذه الحالة يتعين طريقاً لتجنيب الوقوع في الحرام كما أنه لجوء إلى أهون الشرين، بل من الأولى لهذا المسلم أن يوجه سلاحه في وجه الكافر حتى لو تعرض للموت، فهو في كل الحالات معرض للموت ومن الخير أن يموت على يد الكافر بسلاحه، بدلاً من أن يموت بسلاح المسلم والله أعلم بالصواب - .

 

----------------------------------------

(1) - انظر فتح القدير، 3/223، وتفسير الرازي، 10/202.

(2) رواه البخاري، صحيح البخاري شرح فتح الباري، 13/23، ورواه مسلم، صحيح مسلم، 1/98.

(3) إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام، 4/245.

(4) رواه البخاري، صحيح البخاري بشرح فتح الباري، 10/481.

(5) شرح السير الكبير، 4/1517.

(6) مجموع الفتاوى، 28/539.

(7) تفسير القرطبي: 10/183.

(8) انظر: الفروق للقوافي، 2/33.

(9) انظر: أبو عبد الفتاح علي بن حاج، فصل الكلام في مواجهة ظلم الحكام، دار العقاب بيروت، 1994، ص 202.

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply