الدعاة يتحملون مسئولية هجر المساجد بعد رمضان!!


 بسم الله الرحمن الرحيم

 

ما إن ينتهي شهر رمضان المبارك حتى تعود المساجد تشكو إلى الله هجر المصلين لها، وتئن المصاحف من تراكم الغبار على أغلفتهاº فيهجر كثير من المصلين المساجد التي امتلأت بهم في أيام رمضان، مكتفين بأداء الصلاة في البيوت أو في أماكن العمل، وبعضهم يترك الصلاة، وكأنها فرضت في شهر رمضان فقط.

 

وربما يعود الناس إلى ما كانوا عليه من قطع للأرحام، وقلة الصدقات، وهجر للقرآن الكريم، والكثير من أعمال البر التي تظهر في الشهر الفضيل.

 

ويقول الشاب محمد برغوت: \"إن الأمر مرتبط بمدى رسوخ العقيدة في نفوس الناسº فالإنسان المؤمن يحافظ على الصلاة طيلة العام ويجتهد في رمضان، أما الإنسان المقصر فيحافظ على الصلاة في رمضان أكثر من غيره من الشهور\"، موضحا أن شهر رمضان يرفع الهمم، ويقوي العزائم.

 

ويضيف: \"في شهر رمضان تفتح أبواب الجنان، وتغلق أبواب النيران وتصفد الشياطينº لذا يقبل الناس على الطاعات والعبادات أملا في الفوز بالجنة ونعيمها\"، وقال: \"إن الناس تعتبر رمضان نهرًا تغتسل فيه من الذنوب\".

 

أمر طبيعي:

ويرى د.سالم سلامة عميد كلية أصول الدين في الجامعة الإسلامية بغزة: أن هجران المصلين للمساجد بعد رمضان هو أمر طبيعي، مرجعه طبيعة البشر الذين يقبلون على الخير إذا كان فيه مرغبات ومقبلات، وهذا ما يجدونه في شهر رمضان من أجر عظيم من الله - عز وجل -.

 

ويشير د.سلامة إلى وجود بعض التقصير من قبل الدعاة فيقول: \"لا يستطيع أحد أن يقول بأنني قمت بالواجب كاملاº فكل ابن آدم يقصر ويخطئ ويستلهم الرشد من الله - عز وجل -\".

 

ويضيف: \"في رمضان نجد الدعاة يكثرون من إعطاء الدروس والنصائح والتوجيهات أكثر من بقية شهور السنة الأخرى، ولو استمروا على ما هم عليه لكان الأمر أفضل بكثير مما هم عليه الآن\".

 

ووجه سلامة دعوة لدعاة المسلمين ليكثفوا من العمل في كافة شهور السنة كي يحثوا الناس على تواصل عمل الصالحات وصلة الأرحام، وأضاف: \"يجب أن يعلم المسلمون أن هناك الكثير من المحطات الإيمانية غير رمضانº فهناك الأيام الستة من شوال، ثم العشرة الأولى من ذي الحجة ثم العاشر من محرم... وهكذا.

 

يحفل بالمرغبات:

فيما أشار أبو يحيى النديم أحد خطباء مدينة غزة إلى أن رمضان شهر مميز يحفل بالمرغبات التي تدفع الناس للعبادة وتقربهم للطاعةº فالصوم امتناع عن الطعام والشراب، وأن هذا الأمر يضعف الشهوة في الإنسان ويقوي الجانب الإيماني لديه فيجتهد في العبادة والطاعة\"، وأضاف: \"إن كثرة الطعام والشراب في غير رمضان تؤدي إلى الكسل والفتور في العبادات والطاعات\".

 

وتابع النديم قوله: \"رمضان موسم تتضاعف فيه الأجورº لذا ينشط الناس في أعمال الخير والبر، أما في غيره من الشهور فيصاب الناس بالفتور بسبب انشغالهم بالأمور الدنيوية وانغماسهم في شهوات البطن والفرج\".

 

أين الدعاة!!:

فيما ألقى بكر حسان مؤذن مسجد الإمام الشافعي باللوم على الدعاة في نكوص الناس عن العبادة بعد شهر رمضان متهما إياهم بالتقصير في مجال دعوة الناس إلى مواصلة أعمال البر والخير في باقي شهور السنة، وقال: \"الدعاة ينشطون في شهر رمضان فقط لدعوة الناس وحثهم على أعمال البر والخير ويغفلون عن ذلك في غيره من الشهور ويغطون في سبات عميق\"، مطالبا الدعاة باستغلال مواسم الخير الأخرى إلى جانب شهر رمضان، مشيرًا بذلك إلى أيام الجمع التي فيها خير كثير.

 

وأضاف حسان بنبرة حزينة: \"يقع أيضا جزء من المسئولية على المسلمين، فلو تابع كل واحد منا جاره المقصر أو أخاه أو صديقه وحثه على مواصلة الصلاة بعد رمضان فإن الأمر سيكون مختلفا تماما\"، مؤكدا على ضرورة ارتقاء الدعاة بأدائهم وعدم الاعتماد على الأساليب النمطية والتقليدية في الدعوة إلى الله، فالعصر تغير كما يقول.

 

واتفق الشاب أسامة السيلاوي مع سابقه في اتهام الدعاة بالتقصير، وعدم القيام بالدور المطلوب منهم على أكمل وجه، مشيرا إلى أهمية دور وسائل الإعلام في توجيه الناس نحو الخير أو الشر، وقال: \"يجب على وسائل الإعلام أن تدعم الاتجاهات الدينية لدى الناس في كل السنة، وليس بث برامج دينية قليلة في شهر رمضان وغيره لذر الرماد في العيون\".

 

رمز للدين!!:

فيما رأى محمود حبوش طالب جامعي أن شهر رمضان أصبح لدى المسلمين رمزا للدين والصلاة، ولكن بصورة شكلية فقط، مضيفا: \"بعض الناس يصلي ويصوم ويقوم الليل ثم يتابع المسلسلات والأفلام ويستمع إلى الأغاني\"، محملا وسائل الإعلام مسئولية جهل المسلمين بحقيقة دينهم، وقال \"لو اختفت وسائل الإعلام المرئية لصلح حال المسلمين دينيا\".

 

وحول انقطاع بعض المسلمين عن مواصلة أعمال البر بعد رمضان قال حبوش: \"هذا الأمر يتوقف على شخصية المسلم، فبعض الناس محافظون على العبادات في غير رمضان، ولكنهم يزيدون في رمضان من تقربهم إلى الله بالعبادات والطاعات، وبعضهم لديه الحافز الديني في نفسه، وبعضهم يماشي المجتمع الذي يصوم ويصلى في رمضان، وهناك من يعتبره عادة شخصية لديه خاصة الإقلال من النميمة وصلة الرحم\".

 

وأكمل حبوش حديثه عن الصدقات التي تكثر في رمضان: \"الصدقة لا تأتي إلا من المقتدر، والمقتدرون يجدون في شهر رمضان فرصة للتصدق حيث يكون الأجر مضاعفاº لذا يكونون أكثر عطاء في رمضان، وأعتقد أن الناس المقتدرين على التصدق لا يزيدون في رمضان، ولكنهم يكثرون العطاء احتسابا للأجر\"، مشيرا إلى أن رمزية رمضان أصبحت تطغى على كل شيء لدرجة أن بعض الناس يعتقدون أن الله يراقبهم في رمضان فقط - حسب قوله.

 

أما الشاب محمد صالح الحافظ لكتاب الله فيقول: \"ليس كل الناس يتوقفون عن أعمال البر والخير بعد رمضان\"، مشيرا إلى أن بعض الناس يعتقدون أن الصلاة والزكاة والصدقة فقط في رمضان، موضحا أن هؤلاء يجهلون أن رب رمضان هو رب كل الشهور.  

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply