ما حكم ذبائح أهل الكتاب


 بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد: فقد سألني بعض الإخوان وهذا نص السؤال والجواب:

ما حكم ذبائح أهل الكتاب؟

وهذا نص الجواب..والله الموفق - سبحانه - لا إله غيره ولا رب سواه وهو حسبنا ونعم الوكيل.

 

الجواب: حكمها الحل والإباحة بالإجماع ما لم تعلم أنها ذبحت على غير الوجه الشرعي كالخنق ونحوه، لقول الله - سبحانه -: [اليوم أحل لكم الطيبات وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم]سورة المائدة: 5.

قال الحافظ ابن كثير - رحمه الله - في تفسير هذه الآية ما نصه: ( لما ذكر - تعالى - ما حرمه على عباده المؤمنين من الخبائث وما أحله لهم من الطيبات قال بعده: [اليوم أحل لكم الطيبات] ثم ذكر حكم ذبائح أهل الكتابين من اليهود والنصارى فقال [وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم] قال ابن عباس وأبو أمامة ومجاهد وسعيد بن جبير وعكرمة وعطاء والحسن ومكحول وإبراهيم النخعي والسدي ومقاتل بن حيان: يعنى ذبائحهم.

 

وهذا أمر مجمع عليه بين العلماء أن ذبائحهم حلال للمسلمين، لأنهم يعتقدون تحريم الذبح لغير الله ولا يذكرون على ذبائحهم إلا اسم الله وإن اعتقدوا فيه - تعالى -ما هو منزَّه عنه - تعالى -وتقدس. وقد ثبت في الصحيح عن عبد الله بن مغفل - رضي الله عنه - قال: أدلي بجراب من شحم يوم خيبر فحضنته وقلت: لا أعطي اليوم من هذا أحداً والتفت فإذا النبي - صلى الله عليه وسلم - يبتسم.

 

فاستدل به الفقهاء على أنه يجوز تناول ما يحتاج إليه من الأطعمة ونحوها من الغنيمة قبل القسمة، وهذا ظاهر، واستدل به الفقهاء الحنفية والشافعية والحنابلة على أصحاب مالك في منعهم أكل ما يعتقد اليهود تحريمه من ذبائحهم كالشحوم ونحوها مما حرم عليهم، فالمالكية لا يجوزون للمسلمين أكله لقوله - تعالى -: [وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم]

 

قالوا: وهذا ليس من طعامهم.

واستدل عليهم الجمهور بهذا الحديث، وفي ذلك نظر، لأنه قضية عين، ويحتمل أن يكون شحما يعتقدون حله كشحم الظهر والحوايا ونحوهما والله أعلم وأجود منه في الدلالة ما ثبت في الصحيح أن أهل خيبر أهدوا لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - شاة مصلية فقد سموا ذراعها وكان يعجبه الذراع فتناوله فنهش منه نهشة فأخبره الذراع أنه مسموم فلفظه وأثر ذلك في ثنايا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وفي أبهره، أكل معه منها بشر بن البراء بن معرور فمات فقتل اليهودية التي سمتها وكان اسمها زينب فقتلت ببشر بن البراء.

 

ووجه الدلالة منه أنه عزم على أكلها ومن معه ولم يسألهم هل نزعوا منها ما يعتقدون تحريمه من شحمها أم لا. وفي الحديث الآخر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أضافه يهودي على خبز شعير وإهالة سنخة، يعني ودكا زنخا انتهى المقصود من كلام الحافظ ابن كثير - رحمه الله -. وفيه الدلالة على أن ذبائح أهل الكتاب حلال للمسلمين بالإجماع وهكذا شحم ذبائحهم وإن كان محرماً عليهم فهو حل لنا للأحاديث المذكورة آنفاً وهو قول جمهور أهل العلم خلافاً لأصحاب مالك - رحمهم الله - جميعا.

مجلة البحوث الإسلامية، العدد 21، ص 81 - 90، من فتاوى الشيخ ابن باز - رحمه الله -.

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply