القمار الهاتفي : ومسابقات من سيربح المليون


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

أود المشاركة في برنامج من سيربح المليون على إحدى القنوات الفضائية فهل هذا جائز؟ هل يجوز لي أن آخذ تلك الأموال من إجابتي عن بعض الأسئلة؟ إذا أجبت إجابة خاطئة فإنني أخسر بعضاً من هذه الأموال، فهل يُعتبر هذا من القمار؟.

 

نص الإجابة

بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: -

هذه المسابقة التي تدار من خلال برنامج من سيربح المليون تشتمل على مخاطر ومحاذير شرعية كثيرة منها المقامرة والميسر، واستنزاف أموال قطاع عريض من الناس ليربح على حسابهم عدة أشخاص، ويبقى الآخرون تقتلهم الحسرة، وتستبد بهم مشاعر الحقد والغيرة والكراهية.

 

وحكم الإسلام في هذه المسابقات التي يدخلها الناس آملين في دفع الأقل والحصول على الأكثر أنها حرام لا يجوز لمسلم أن يشترك فيها، ولا أن يروج لها، وأولى بالمسلمين أن ينشطوا لمسابقة جائزتها جنة عرضها السماوات والأرض. ولا نعرف أحدا من علماء المسلمين قال بجواز هذه المسابقات.

وقد بين مجمع الفقه الإسلامي أن بطاقات كوبونات المسابقات التي تدخل قيمتها أو جزء منها في مجموعة الجوائز لا تجوز شرعًاº لأنها ضرب من ضروب الميسر.

 

يقول الشيخ محمد صالح المنجد من علماء المملكة العربية السعودية: -

هذه المسابقة المسئول عنها هي نوع من أساليب الاقتصاد الجديد (اقتصاد الحظ والصدفة) اقتصاد مدرسة الكسب السريع التي جعلت الناس يتهافتون عليها دون وعي كباراً وصغاراً رجالاً ونساءً وما أورثهم ذلك إلا هماً وتضييعاً للأوقات ومراكمة في الديون.

وقد أكد كثيرون أن فواتير الهواتف الخاصة بهم قد تجاوزت الآلاف من الدولارات في شهر واحد وصارت نوعاً من الإدمان الذي سماه بعض الباحثين (إدمان الميسر الهاتفي) ومع هذا الإدمان تأتي المآسي من تضييع للصلوات ممن كان حريصاً عليها إلى طلاق بعض الزوجات اللاتي أدمنّ على الاتصال بعد انكشاف الأمر مع أول فاتورة وينتهي الأمر بالانفصال وتتحول حياة الأطفال إلى جحيم، وأخر مغترب بعيد عن أهله براتب ضئيل ومع إدمان الاتصال أنتهي الحال إلى فاتورة حصدت ما جمعه في شهور.

 

هذه المسابقات ميسر من نوع جديد وصفه بعض المعاصرين بـ (القمار الهاتفي) والقمار هو الميسر وهو محرم لقول الله - تعالى -: (يَا أَيٌّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الخَمرُ وَالمَيسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزلاَمُ رِجسٌ مِّن عَمَلِ الشَّيطَانِ فَاجتَنِبُوهُ لَعَلَّكُم تُفلِحُونَ. إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيطَانُ أَن يُوقِعَ بَينَكُمُ العَدَاوَةَ وَالبَغضَاء فِي الخَمرِ وَالمَيسِرِ وَيَصُدَّكُم عَن ذِكرِ اللّهِ وَعَنِ الصَّلاَةِ فَهَل أَنتُم مٌّنتَهُونَ) المائدة / 90-91.

 

قال الماوردي الشافعي: الميسر (هو الذي لا يخلو الداخل فيه من أن يكون غانماً إن أخذ، أو غارماً إن أعطى)

وقد تناقلت وسائل الإعلام عدداً من فتاوى العلماء والباحثين في المسابقات الهاتفية بالأسلوب المذكور وإنها هي لون من ألوان القمار وأنه (يانصيب) على الطريقة العصرية وممن تكلم في ذلك: -

1- مفتي مصر د / نصر فريد وذكر أنها من القمار والميسر المحرم شرعاً.

2- الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية في مصر الشيخ / وفا أبو عجور وذكر أنها نوع جديد من المقامرة.

3- الأمين السابق لجبهة علماء الأزهر وأستاذ الحديث بكلية أصول الدين بجامعة الأزهر ذكر أنها نوع من الميسر والقمار والغرر المحرمة في الإسلام.

4- عميد كلية الشريعة في الكويت: د / محمد الطبطبائي.

وقد أفتى سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز بتحريم أنواع من المسابقات لوجود القمار والميسر فيها ولأنها أكل لأموال الناس بالباطل وخداع و جهالة.

ومن أوضح وجوه تحريم هذه المسابقات دخولها في الميسر أن المتصل على هذه المسابقات يدفع مقابل كل دقيقة مبلغاً مضاعفاً عن قيمة دقيقة الاتصال المعتادة، على الرغم من أنه لو دفع القيمة المعتادة لكان داخلاً في الميسر أيضاً لأنه لم يتصل ويتحمل هذا المبلغ المعتاد إلا من أجل الكسب.

 

إن الإسلام كنظام شامل لكل نواحي الحياة يمنع الناس مما يضر بهم ويثقل كواهلهم ويمنع من الأماني الكاذبة وعدم الواقعية في النظر للأمور فالمشارك في هذه المسابقة يعيش في عالم الخيال فيظن أكثرهم أنه بمجرد اتصال لدقائق معدودة تنقلب حياته إلى حياة المترفين.

ولا تكن عبد المنى فالمنى رؤوس أموال المفاليس

وقد أوجدت هذه المسابقات نوعاً من الإحباط عند الذين لا يفوزون ونوعاً من الاكتئاب والحزن الدائم والقلق تحولت تدريجياً إلى استخدام أساليب ملتوية للكسب غير المشروع.

 

والمسلمون لهم مسابقات من نوع آخر، إنها المسابقة إلى طاعة الله، والمتاجرة مع الله، صاحب الخزائن التي لا تنفذ، قال - تعالى -: (سَابِقُوا إِلَى مَغفِرَةٍ, مِّن رَّبِّكُم وَجَنَّةٍ, عَرضُهَا كَعَرضِ السَّمَاء وَالأَرضِ أُعِدَّت لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضلُ اللَّهِ يُؤتِيهِ مَن يَشَاء وَاللَّهُ ذُو الفَضلِ العَظِيمِ) الحديد / 21.

 

وخذ طريقاً من طرق هذه التجارة الرابحة والتي لا خسارة فيها (صلاة في المسجد الحرام أفضل من سواه بمائة ألف صلاة) أخرجه أحمد، وصححه الشيخ الألباني.

 

ويقول - سبحانه - عن شرف ليلة القدر: (ليلة القدر خير من ألف شهر) وفي حديث أبي سعيد: أيعجز أحدكم أن يقرأ ثلث القرآن في ليلة؟ قلت ومن يطيق ذلك؟ قال: اقرءوا قل هو الله أحد)) أخرجه مسلم، فقراءة ((قل هو الله أحد..... )) تعدل ثلث القران.

والله أعلم.

 

-------------------------------------

وللمزيد طالع الآتي: -

قرار مجمع الفقه الإسلامي بشأن بطاقات المسابقات.

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply