بسم الله الرحمن الرحيم
السؤال الأول: عن قصة الشيخ في إعداد وتحضير محاضرة وشريط الطبيب والمريض. ما هي الطريقة التي سلكها الشيخ في ذلك وزيارته للمستشفي؟
الجواب: القصة طويلة وملخصها: أنني في بحث رسالة الدكتوراه وعنوانها: (أحكام نقل أعضاء الإنسان في الفقه الإسلامي) قمت برحلتين ميدانيتين في المستشفيات الكبرى في الرياض، ودخلت خلالها تسع عمليات: اثنتان في زراعة الكبد إحداهما من متبرع حي والأخرى من ميت دماغياً، واثنتان في زراعة الكلى إحداهما من متبرع حي والأخرى من ميت دماغياً، واثنتان في استئصال الأعضاء من ميت دماغياً، واثنتان في جراحة القلب المفتوح، وواحدة في جراحة باطنية بالمنظار.
وشاهدت مراراً طريقة تشخيص الميت دماغياً، ورأيت مرة رفع المنفسة عن الميت دماغياً بعدما رفض أهله التبرع بأعضائه.
والتقيت خلال هذه الرحلة بكثير من المرضى والأطباء وعشت واقع المستشفيات من الداخل.
فكانت المخالفات الشرعية، وسكوت أكثر الناس عنها من العاملين في المستشفيات، أو من المشايخ وأهل العلم، أو من عامة الناس. فرأيت أن الواجب الشرعي هو البيان لعموم الناس وطرق الإصلاح والعلاج. وأسأل الله الكريم أن يبارك فيه وأن يجعله خالصاً لوجهه الكريم.
السؤال الثاني: وأما استفساري فهو عن رأي فضيلة الشيخ يوسف في ظهور العلماء في القنوات الفضائية والإذاعات، والتي يغلب على برامجها أصناف من المحظورات الشرعيةº فقد كثر الكلام فيها ما بين مؤيد و معارض.
الجواب: هذا الموضوع مهم جداً وطويل كذلك. وله عدة جوانب:
الأول: هل ظهور الإنسان وذوات الأرواح في التلفاز يعتبر صورة محرمة أو لا؟ خلاف بين العلماء المعاصرين، فالقول الأول بالجواز. ومن القائلين به فضيلة الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله -.
والقول الثاني: التحريم، ويجوز عند الحاجة، ويرون أن الخروج في التلفاز أو الفيديو لتعليم الناس الخير ومزاحمة الشر حاجة شرعية تبيح المحظور. ومن القائلين بهذا سماحة الشيخ ابن باز، وسماحة الشيخ الألباني، - رحمهما الله -. وقد كان الشيخ ابن باز يشجع المشايخ في المشاركة في التلفاز. والألباني لما سئل عن تعليم الناس أحكام الحج وكيفية رمي الجمار ونحو ذلك أفتى بالجواز.
القول الثالث: المنع مطلقاً. والحاجة الدعوية لا تبيح المحرم. وقال به عدد من طلاب العلم المعاصرين.
الجانب الثاني: المشاركة في القنوات الفضائية التي تنشر الرذيلة والفساد. فهذه المسألة اختلف فيها أيضاً العلماء المعاصرون ومدارها على تطبيق قاعدة الموازنة بين المصالح والمفاسد، بين مصالح نشر الخير بين المشاهدين، ومفسدة خروج الشيخ بين البرامج السيئة، مما قد يفهم منه إقرار المنكر أو تهوين شر هذه القنوات الفضائية بين الناس.
ومن المفاسد المترتبة على ترك المشاركة ظهور العلماء المتساهلين أو من لديهم انحرافات عقدية ومخالفات شرعية ويراهم الناس قدوة لهم وأنهم أهل الفتوى في غياب أهل السنة والجماعة وأصحاب المنهج السلفي.
الجانب الثالث: إنشاء القنوات الفضائية الإسلامية والمشاركة فيها.
والذي عليه أكثر العلماء المعاصرين من أهل السنة والجماعة، فعشرات الملايين من المسلمين يتابعون هذه القنوات في العالم الإسلامي والعالم العربي، والمسلمون في أوربا والغرب وغيرها.
ويرى كثير من المشايخ وأهل العلم وجوب القيام بهذه القنوات الإسلامية البعيدة عن المحاذير الشرعية للقيام بالدعوة إلى الله ومزاحمة الشر وإيجاد البديل لهذه القنوات الفضائية التي تنشر السم الزعاف بين المسلمين.
والملاحظ في الواقع أن أغلب الذين تولوا الفديو الإسلامي هم من أنصاف الملتزمين إن صح التعبير، فغمروه بالأناشيد والمسرحيات المشتملة على السخرية باللهجات، ولا تحمل أهدافاً نافعة في الغالب.
فخرج للناس أن هذا هو الإعلام الإسلامي.
والصحيح أن يتجه أهل العلم والاستقامة والتميز لتقديم ما ينفع الناس متمسكين بالضوابط الشرعية، فيقدموا للناس العقيدة الصحيحة، وتعليم الطهارة والصلاة وما يحتاجه الناس وفق ما صح من سنة النبي - صلى الله عليه وسلم -.
السؤال الثالث: ما الأساليب التي تنصحون بها الشباب وطلاب العلم لكي يواجهون بها العلمانيون وكيف يكون الرد عليهم وطرق ذلك في أطر الشريعة الإسلامية ونهج العلماء والسلف الصالح؟
الجواب: من خلال طريقين:
الأول: الاحتساب على الأطروحات المخالفة لشرع الله. فإذا ظهر منكر أنكرناها بالوسائل المناسبة.
الثاني: التخطيط الإصلاحي بوسائله المختلفة على المستوى القريب والبعيد.
السؤال الرابع: حبذا أن تضع لنا منهج في كيفية دراسة الفقه الحنبلي بذكر التسلسل في الكتب والشروح ومميزات بعض الكتب عن غيرها، وإن كان هناك بعض الأشرطة لعلماء الجزيرة في ذلك وما امتازت به؟
الجواب: علم الفقه يتعلم من خلال الوسائل الآتية:
أولاً: القراءة المنهجية. فيأخذ متن مناسب ويقرأ على شيخ موثوق في علمه وحرصه على الدليل.
ويحتاج الطالب حينئذ أن يحضر قبل الدرس، وأن يسأل عما أشكل عليه. وأن يبادر إلى تطبيق ما علم، وأن يحاول التحدث بما تعلم وفهم من مسائل مع أهله أو زملائه أم من خلال كلمة ونحو ذلك. ويمكن الاستفادة من السلاسل العلمية في التسجيلات الإسلامية، ومنها دروس الشيخ محمد بن عثيمين أو الشيخ الزامل أو غيرهما.
ثانياً: البحث العلمي. والحديث فيه يطول.
ثالثاً: القراءة الفردية. كالقراءة في كتب المحققين من أهل العلم كشيخ الإسلام ابن تيمية، وابن القيم، وابن حجر، وابن دقيق العيد. ومن المعاصرين: كتب الشيخ عبد العزيز بن باز، وابن عثيمين، والألباني، وقرارات المجمع الفقهي، وفتاوى اللجنة الدائمة. ونحو ذلك.
السؤال الخامس: الأذان في أذن المولود هذه المسألة مما انتشرت بين الناس وعليها عمل الكثير فنريد بياناً شافياً فيها؟
الجواب: ورد في الأذان في أذن المولود حديث أبي رافع - رضي الله عنه - قال: \" رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أذن في أذن الحسن بن علي حين ولدته فاطمة بالصلاة \" أخرجه الترمذي بإسناد ضعيف، وله شاهد من حديث ابن عباس: \" أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أذن في أذن الحسن بن علي يوم ولد، وأقام في أذنه اليسرى \" أخرجه البيهقي في الشعب وإسناده ضعيف كما قال ابن القيم في تحفة المودود. وقد رأى الألباني أن الحديثين يقوي أحدهما الآخر وأنه قد يرتقي إلى درجة الحسن (دون الإقامة) ولذلك قال في الإرواء عن حديث أبي رافع: \" حسن إن شاء الله \".
والمسألة عندي بحاجة إلى مزيد من البحث والنظر في آثار الصحابة وغيرها.
السؤال السادس: فضيلة الشيخ يوسف الأحمد - حفظه الله - تعالى -نرجو من سماحتكم التوضيح في الانشغال في أمر الرافضة وكشف خبثهم وعمل الجهد والوقت والدعوة إلى تحذير خطرهم ومكرهم، أو في الانشغال بالدعوة إلى الله - تعالى -والنصح والتعليم والعلم. فأي الأمرين أفضل هل الأول أو الأخير؟.
الجواب: طلب العلم الشرعي والدعوة إلى الله واجب على مسلم، ومن ذلك دعوة الرافضة وبيان ضلالهم وانحرافهم عن دين الله.والدعوة إلى أنواع كثيرة ومنها دعوة الرافضة، أو دعوة الجاليات، أو دعوة الطلاب، أو.. ولا يعني هذا أن كل أحد ينشغل بكل هذا، وإنما على كل مسلم أن ينشغل أكثر بما ينفع به أكثر، مع الموازنة والمحافظة على الواجبات الشرعية الأخرى من الصلاة وصلة الأرحام وطلب العلم وغير ذلك.
السؤال السابع: هناك شباب سلكوا طريق الهداية ومن الله عليهم بها لكن التزامهم هش فتجده بعضهم لا يتلوا كتاب الله إلا فيما ندر ولا يطلبوا العلم بحجة أنهم سوف ينقطعون عنها وقد حدثني أحدهم بهذا ولا تفرق بينهم وبين غيرهم إلا باللحية والثوب. ما نصيحتكم لهم؟
الجواب: من أهم العلاجات أن يرتبط هذا الشاب بصحبة صالحة جادة تعينه على طاعة الله، يسمع منهم التواصي بالحق والتواصي بالصبر، ويجد فيهم القدوة الحسنة.
السؤال الثامن: من الشباب الذين سلكوا هذا الطريق من نكص على عقيبيه وحاد عن الطريق بعد أن ذاق طعم السعادة. رسالة توجهها لهم؟ وجزاكم الله خيراً
الجواب: أدعوهم إلى المسارعة في التوبة إلى الله، والنظر في سبب النكوص والتخلص منه كالصديق أو التلفاز أو الأنترنت أو غير ذلك. ومن وسائل الاستقامة: الانشغال بالدعوة إلى الله بالوسائل المتاحة وهي كثيرة جداً. فهذا من أعظم ما يعين الإنسان على نفسه. وأنصحهم كذلك بسماع الأشرطة النافعة في هذا الباب.
السؤال التاسع: ما هي نصيحتك في مسألة {صلة الرحم} ودعوتهم والتأثير فيهم؟! وأهمية ذلك في الشرع انطلاقا من قوله\" وأنذر عشيرتك الأقربين \" وقوله \" الأقربون أولى بالمعروف \"
حيث أننا نرى بعض الشباب هداهم الله … يكون متميزا في طلب العلم….. وعلما في الدعوة إلى الله ….. ولكن تجده مقصرا في دعوة أهله وأرحامه….. مقصرا في إيصال الخير لهم …. مقصرا في توعيتهم بدينهم …. مقصرا في تنبيههم على وسائل العلمانين في زرع الشر.
الجواب: أقترح أن يكون كل شاب مجلساً من الأسرة من الشباب الطيب في الأسرة، ومثله للنساء، ويكون مسؤولاً عن الدعوة داخل الأسرة (الرجال والنساء والأطفال). واغتنام المناسبات والمجالس الأسرية الثابتة والعارضة. وإعداد المسابقات النافعة بينهم في هذا.
السؤال التاسع: تعلمون -فضيلة الشيخ- أن التأمين سيصبح إلزامياً من منتصف رمضان القادم فما حكم هذا التأمين؟
وهل هناك فرق بينه وبين التأمين التعاوني(الجمعيات) إذا كانت شركة التأمين توزّع ما فاض من المال في آخر العام على المؤمّنين بالتساوي؟
وعلى القول بتحريمه هل يجوز لي الاستفادة من التأمين عند وقوع حادث إذا كنت سأدفعه مُلزَماً بذلك ومُكرَهاً عليه؟ أم أن ما أدفعه يذهب من غير رجعة حتى لو وقع الحادث؟
وإذا كان يجوز لي الاستفادة من المال فهل أستفيد بقدر ما دفعت أم يجوز لي أن آخذ قيمة التعويض كاملة ولو كانت أكثر مما دفعته كتأمين؟
الجواب: التأمين التجاري محرمº لما فيه من الغرر الفاحش والمقامرة، فهو إما غنم بلا مقابل أو غرم بلا جناية، أو مقابل غير مكافئ. وقد نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن بيع الغرر كما في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة.
وقد صدر في التأمين التجاري فتاوى كثيرة من هيئة كبار العلماء واللجنة الدائمة والمجمع الفقهي كلها تقضي بتحريمه شرعاً.
أما إذا ألزم الإنسان ولم يمكنه الامتناع فلا إثم علهº لأنه مكره. وإذا أصيب بحادث: فيجوز له أن يأخذ بقدر ما دفعº لأنه حقه وقد عاد إليه.
وهنا تنبيه مهم وهو الحديث عما يسمى بالتأمين التعاوني:
و التأمين التعاوني هو: عقد تبرع بمبالغ نقدية تخصص لمساعدة المتضررين من المشتركين، ولا يعود للمشتركين لا رؤوس الأموال ولا أرباح ولا أي عائد تجاري، وإنما يقصدون ابتغاء ثواب الله بالتعاون في تحمل الضرر بينهم.
وقد أجازه أكثر العلماء المعاصرين، وصدر بشأنه قرار بجوازه من هيئة كبار العلماء بالأكثرية بتاريخ 4/4/1397هـ.
والمهم بيانه هنا: أن بعض شركات التأمين التجاري استغل هذا القرار في التلبيس على الناس، فبعضهم يسمي مؤسسته أو شركته ب (التأمين التعاوني) أو (شركة كذا التعاونية) و بدؤوا بنشر قرار هيئة كبار العلماء على عوام الناس والمحلات التجارية تلبيساً على الناس وغشاً لهم.
وتنبه لذلك سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز - رحمه الله -، فأصدر بياناً نشر في مجلة البحوث العلمية (50/359)جاء فيه: \".. ظهر في الآونة الأخيرة من بعض المؤسسات والشركات تلبس على الناس وقلب للحقائق حيث سموا التأمين التجاري المحرم تأميناً تعاونياً، ونسبوا القول بإباحته إلى هيئة كبار العلماء من أجل التغرير بالناس والدعاية لشركاتهم، وهيئة كبار العلماء بريئة من هذا العمل كل البراءةº لأن قرارها واضح في التفريق بين التأمين التجاري والتأمين التعاوني وتغيير الاسم لا يغير الحقيقة، ولأجل البيان للناس وكشف التلبيس ودحض الكذب والافتراء صدر هذا البيان \" انتهى كلام الإمام عبد العزيز بن باز - رحمه الله تعالى -.
انتهت الإجابات / رمضان 1423هـ.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد