بسم الله الرحمن الرحيم
الحَمدُ للّهِ وبَعَدُº
إن الناظر في عبادات المسلمين يرى وقوع الكثير منهم في مخالفات، وخاصة عبادة الوضوء.
وفي هذا الموضوع أردت أن أشارك بما يصحح عبادة الوضوء وذلك بذكر المخالفات التي يقعوا فيها لكي يكونوا على بينة من هذه العبادة، والتي يفعلونها لو قلنا على أقل تقدير خمس مرات في اليوم والليلة.
وقد استعنتُ بمراجع كثيرة ولكن من أهمها كتابان:
الأول: من مخالفات الطهارة والصلاة وبعض مخالفات المساجد. جمعها: عبد العزيز بن محمد السدحان.
الثاني: الإشارة إلى 100 مخالفة تقع في الطهارة. لـ \" سليمان بن عبد الرحمن العيسى \".
واقتصرت على جمع مخالفات الوضوء فقط منهما إلى جانب المصادر الأخرى.
وقبل أن أبدأ، أرجو من طلبة العلم وغيرهم المشاركة في الموضوع مما قد يفوت خلال الطرح.
1 - الـجَـهـرُ بِـالـنِّـيَـةِ عِـنـد الـوُضُـوءِ:
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى (22/217):
مَحَلٌّ النِّيَّةِ القَلبُ دُونَ اللِّسَانِ بِاتِّفَاقِ أَئِمَّةِ المُسلِمِينَ فِي جَمِيعِ العِبَادَاتِ. ا. هـ.
وقال أيضا في الفتاوى الكبرى (1/214):
التَّلَفٌّظُ بِالنِّيَّةِ نَقصٌ فِي العَقلِ وَالدِّينِ: أَمَّا فِي الدِّينِ فَلِأَنَّهُ بِدعَةٌ، وَأَمَّا فِي العَقلِ فَلِأَنَّ هَذَا بِمَنزِلَةِ مَن يُرِيدُ أَكلَ الطَّعَامِ فَقَالَ: أَنوِي بِوَضعِ يَدِي فِي هَذَا الإِنَاءِ أَنِّي آخُذُ مِنهُ لُقمَةً، فَأَضَعُهَا فِي فَمِي فَأَمضُغُهَا، ثُمَّ أَبلَعُهَا لِأَشبَعَ فَهَذَا حُمقٌ وَجَهلٌ. ا. هـ.
وقال الإمام ابن القيم في زاد المعاد (1/196):
ولم يكن النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول في أوله: نويت رفع الحدث، ولا استباحة الصلاة، لا هو - صلى الله عليه وسلم - ولا أحد من أصحابه البتة، ولم يرد عنه في ذلك حرف واحد، لا بإسناد صحيح ولا ضعيف. ا. هـ.
2 - الـدٌّعَـاءُ عِـنـدَ غَـسـلِ أَعـضَـاءِ الـوُضُـوءِ:
ورد حديث لا يثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ونصه:
عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: دخلت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وبين يديه إناء ماء فقال لي: \" يا أنس ادن مني أعلمك مقادير الوضوء فدنوت فلما أن غسل يديه قال: بسم الله والحمد لله ولا حول ولا قوة إلا باللهº فلما استنجى قال: اللهم حصن فرجي ويسر لي أمريº فلما توضأ واستنشق قال: اللهم لقني حجتي ولا تحرمني رائحة الجنةº فلما غسل وجهه قال: اللهم بيض وجهي يوم تبيض وجوهº فلما أن غسل ذراعيه قال: اللهم أعطني كتابي بيمينيº فلما أن مسح يده على رأسه قال: اللهم أغثنا برحمتك وجنبنا عذابكº فلما أن غسل قدميه قال: اللهم ثبت قدمي يوم تزل فيه الأقدام ثم قال: والذي بعثني بالحق يا أنس ما من عبد قالها عند وضوئه لم تقطر من خلل أصابعه قطرة إلا خلق الله - تعالى -ملكا يسبح الله بسبعين لسانا يكون ثواب ذلك التسبيح إلى يوم القيامة \".
أورده ابن حبان في \" المجروحين \" (2/154) في ترجمة عباد بن صهيب وقال:
يروي المناكير عن المشاهير التي إذا سمعها المبتدئ في هذه الصناعة شهد لها بالوضع. ا. هـ.
وقال الذهبي في ميزان الاعتدال (2/367) عن عباد بن صهيب:
قال ابن المديني: ذهب حديثه. وقال البخاري والنسائي وغيرهما: متروك. ا. هـ
وقال النووي كما في تلخيص الخبير (1/100):
هذا الدعاء لا أصل له، وقال الإمام ابن الصلاح: لم يصح فيه حديث. ا. هـ.
وقال الإمام ابن القيم في زاد المعاد (1/196):
ولم يحفظ عنه أنه كان يقول على وضوئه شيئا غير التسمية، وكل حديث في أذكار الوضوء الذي يقال عليه فكذب مختلق لم يقل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شيئا منه، ولا عَلّمه لأمته ولا ثبت عنه غير التسمية. ا. هـ.
وقال الحافظ ابن حجر في \" التلخيص الحبير \" (1/100):
قَالَ الرَّافِعِيٌّ: وَرَدَ بِهَا الأَثَرُ عَن الصَّالِحِينَ.
قَالَ النَّوَوِيٌّ فِي الرَّوضَةِ: هَذَا الدٌّعَاءُ لَا أَصلَ لَهُ، وَلَم يَذكُرهُ الشَّافِعِيٌّ وَالجُمهُورُ.
وَقَالَ فِي شَرحِ المُهَذَّبِ: لَم يَذكُرهُ المُتَقَدِّمُونَ.
وَقَالَ ابنُ الصَّلَاحِ: لَم يَصِحَّ فِيهِ حَدِيثٌ.
قُلتُ: رُوِيَ فِيهِ عَن عَلِيٍّ,، مِن طُرُقٍ, ضَعِيفَةٍ, جِدًّا، أَورَدَهَا المُستَغفِرِيٌّ فِي الدَّعَوَاتِ، وَابنُ عَسَاكِرَ فِي أَمَالِيهِ وَهُوَ مِن رِوَايَةِ أَحمَدَ بنِ مُصعَبٍ, المَروَزِيِّ، عَن حَبِيبِ بنِ أَبِي حَبِيبٍ, الشَّيبَانِيِّ، عَن أَبِي إِسحَاقَ السَّبِيعِيِّ، عَن عَلِيٍّ,، وَفِي إسنَادِهِ مَن لَا يُعرَفُ، وَرَوَاهُ صَاحِبُ مُسنَدِ الفِردَوسِ مِن طَرِيقِ أَبِي زُرعَةَ الرَّازِيِّ، عَن أَحمَدَ بنِ عَبدِ اللَّهِ بنِ دَاوُد، حَدَّثَنَا مَحمُودُ بنُ العَبَّاسِ، حَدَّثَنَا المُغِيثُ بنُ بُدَيلٍ,، عَن خَارِجَةَ بنِ مُصعَبٍ,، عَن يُونُسَ بنِ عُبَيدٍ,، عَن الحَسَنِ، عَن عَلِيٍّ, نَحوَهُ، وَرَوَاهُ ابنُ حِبَّانَ فِي الضٌّعَفَاءِ، مِن حَدِيثِ أَنَسٍ, نَحوَ هَذَا، وَفِيهِ عَبَّادُ بنُ صُهَيبٍ,، وَهُوَ مَترُوكٌ، وَرَوَى المُستَغفِرِيٌّ مِن حَدِيثِ البَرَاءِ بنِ عَازِبٍ,، وَلَيسَ بِطُولِهِ، وَإِسنَادُهُ وَاهٍ,. ا. هـ.
وقالت اللجنة الدائمة في فتاويها (5/206):
لم يثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - دعاء أثناء الوضوء وما يدعو به العامة عند غسل كل عضو بدعة. ا. هـ.
3 - وُجُـوبُ خَـلـعِ الأَسَـنَـانِ المُـرَكَـبَـةِ عِـنـدَ كُـلِ وُضُوءٍ,:
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين في الشرح الممتع (1/240):
وهل يجب عليه أن يزيل الأسنان المركبة إذا كانت تمنع وصول الماء إلى ما تحتها أم لا يجب؟
الظاهر أنه لا يجب، وهذا يشبه الخاتم، والخاتم لا يجب نزعه عند الوضوء، بل الأولى أن يحركه لكن ليس على سبيل الوجوب، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يلبسه، ولم ينقل أنه كان يحركه عند الوضوء، وهو أظهر من كونه مانعا من وصول الماء من هذه الأسنان، ولا سيما أنه يشق نزع هذه التركيبة عند بعض الناس. ا. هـ.
وسئل الشيخ عبد الله بن جبرين في فتوى خطية بتاريخ 9 / 7 /1415 هـ سؤالا نصه:
إذا كان للإنسان أسنان صناعية \" تركيبة \" فهل يجب عليه نزعها عند المضمضة؟
فأجاب بقوله: أرى لا داعي لنزعها فإن الماء ينفذ في أطراف الفم وينظف الأسنان وما تحتها، فيكفي تحريك الماء في الفم ولو لم ينزع أسنانه \" التركيبة \" والله أعلم. ا. هـ.
4 - الـمَـضـمَـضَـةُ وَالاسـتِـنـشَـاقُ بِـسِـتِ غَـرَفَـاتٍ,:
ورد حديث في هذا نصه:
عَن طَلحَةَ، عَن أَبِيهِ، عَن جَدِّهِ قَالَ: دَخَلتُ يَعنِي عَلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ يَتَوَضَّأُ وَالمَاءُ يَسِيلُ مِن وَجهِهِ وَلِحيَتِهِ عَلَى صَدرِهِ فَرَأَيتُهُ يَفصِلُ بَينَ المَضمَضَةِ وَالِاستِنشَاقِ. رواه أبو داود (139).
قال الحافظ ابن حجر في بلوغ المرام (52): أخرجه أبو داود بإسناد ضعيف.
وقال الحافظ أيضا في التلخيص الحبير (1/87):
أَمَّا حَدِيثُ: طَلحَةَ بنِ مُصَرِّفٍ,، عَن أَبِيهِ، عَن جَدِّهِ، فَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد فِي حَدِيثٍ, فِيهِ: \" وَرَأَيته يَفصِلُ بَينَ المَضمَضَةِ وَالِاستِنشَاقِ \".
وَفِيهِ لَيثُ بنُ أَبِي سُلَيمٍ,، وَهُوَ ضَعِيفٌ. وَقَالَ ابنُ حِبَّانَ كَانَ يَقلِبُ الأَسَانِيدَ، وَيَرفَعُ المَرَاسِيلَ، وَيَأتِي عَن الثِّقَاتِ بِمَا لَيسَ مِن حَدِيثِهِم. تَرَكَهُ يَحيَى بنُ القَطَّانِ، وَابنُ مَهدِيٍّ,، وَابنُ مَعِينٍ,، وَأَحمَدُ بنُ حَنبَلٍ,، وَقَالَ النَّوَوِيٌّ فِي تَهذِيبِ الأَسمَاءِ: اتَّفَقَ العُلَمَاءُ عَلَى ضَعفِهِ.
وَلِلحَدِيثِ عِلَّةٌ أُخرَى، ذَكَرَهَا أَبُو دَاوُد عَن أَحمَدَ، قَالَ: كَانَ ابنُ عُيَينَةَ يُنكِرُهُ وَيَقُولُ: أَيشٌ هَذَا، طَلحَةُ بنُ مُصَرِّفٍ,، عَن أَبِيهِ، عَن جَدِّهِ، وَكَذَلِكَ حَكَى عُثمَانُ الدَّارِمِيٌّ، عَن عَلِيِّ بنِ المَدِينِيِّ، وَزَادَ: وَسَأَلت عَبدَ الرَّحمَنِ بنَ مَهدِيٍّ,، عَن اسمِ جَدِّهِ؟ فَقَالَ: عَمرُو بنُ كَعبٍ, - أَو كَعبُ بنُ عَمرٍ,و - وَكَانَت لَهُ صُحبَةٌ. وَقَالَ الدَّورِيٌّ عَن ابنِ مَعِينٍ,: المُحَدِّثُونَ يَقُولُونَ: إنَّ جَدَّ طَلحَةَ رَأَى النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم -، وَأَهلُ بَيتِهِ يَقُولُونَ: لَيسَت لَهُ صُحبَةٌ. وَقَالَ الخَلَّالُ عَن أَبِي دَاوُد: سَمِعت رَجُلًا مِن وَلَدِ طَلحَةَ يَقُولُ: إنَّ لِجَدِّهِ صُحبَةً. وَقَالَ ابنُ أَبِي حَاتِمٍ,: إنَّ لِجَدِّهِ صُحبَةً، وَقَالَ ابنُ أَبِي حَاتِمٍ, فِي العِلَلِ: سَأَلت أَبِي عَنهُ، فَلَم يُثبِتهُ، وَقَالَ: طَلحَةُ هَذَا يُقَالُ: إنَّهُ رَجُلٌ مِن الأَنصَارِ. وَمِنهُم مَن يَقُولُ: طَلحَةُ بنُ مُصَرِّفٍ,. قَالَ: وَلَو كَانَ طَلحَةُ بنُ مُصَرِّفٍ, لَم يَختَلِف فِيهِ. وَقَالَ ابنُ القَطَّانِ: عِلَّةُ الخَبَرِ عِندِي الجَهلُ بِحَالِ مُصَرِّفِ بنِ عَمرٍ,و وَالِدِ طَلحَةَ، وَصَرَّحَ بِأَنَّهُ طَلحَةُ بنُ مُصَرِّفٍ,: ابنُ السَّكَنِ، وَابنُ مَردُوَيهِ فِي كِتَابِ أَولَادِ المُحَدِّثِينَ، وَيَعقُوبُ بنُ سُفيَانَ فِي تَارِيخِهِ، وَابنُ أَبِي خَيثَمَةَ أَيضًا، وَخَلقٌ.
وَقَالَ الحَافِظُ اِبنُ القَيِّمِ فِي زَادِ المَعَادِ (1/192):
وَكَانَ هَديُهُ - صلى الله عليه وسلم - الوَصلَ بَينَ المَضمَضَةِ وَالِاستِنشَاقِ كَمَا فِي الصَّحِيحَينِ مِن حَدِيثِ عَبدِ اللَّهِ بنِ زَيدٍ,: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - تَمَضمَضَ وَاستَنشَقَ مِن كَفٍّ, وَاحِدَةٍ,، فَعَلَ ذَلِكَ ثَلَاثًا وَفِي لَفظٍ, تَمَضمَضَ وَاستَنثَرَ بِثَلَاثِ غَرفَاتٍ,. فَهَذَا أَصَحٌّ مَا رُوِيَ فِي المَضمَضَةِ وَالِاستِنشَاقِ، وَلَم يَجِئ الفَصلُ بَينَ المَضمَضَةِ وَالِاستِنشَاقِ، فِي حَدِيثٍ, صَحِيحٍ, أَلبَتَّةَ. ا. هـ.
5 - عَـدَمُ إِسـبَـاغِ الـوُضُـوءِ:
عَن عَبدِ اللَّهِ بنِ عَمرٍ,و قَالَ: رَجَعنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِن مَكَّةَ إِلَى المَدِينَةِ حَتَّى إِذَا كُنَّا بِمَاءٍ, بِالطَّرِيقِ تَعَجَّلَ قَومٌ عِندَ العَصرِ فَتَوَضَّئُوا وَهُم عِجَالٌ فَانتَهَينَا إِلَيهِم وَأَعقَابُهُم تَلُوحُ لَم يَمَسَّهَا المَاءُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: وَيلٌ لِلأَعقَابِ مِن النَّارِ، أَسبِغُوا الوُضُوءَ.
رواه البخاري (165)، ومسلم (242) واللفظ لمسلم.
عَن جَابِرٍ, ، أَخبَرَنِي عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ أَنَّ رَجُلًا تَوَضَّأَ فَتَرَكَ مَوضِعَ ظُفُرٍ, عَلَى قَدَمِهِ فَأَبصَرَهُ النَّبِيٌّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ : ارجِع فَأَحسِن وُضُوءَكَ فَرَجَعَ ثُمَّ صَلَّى. رواه مسلم (359).
قال الإمام النووي في شرح مسلم:
فِي هَذَا الحَدِيث: أَنَّ مَن تَرَكَ جُزءًا يَسِيرًا مِمَّا يَجِب تَطهِيره لَا تَصِحّ طَهَارَته وَهَذَا مُتَّفَق عَلَيهِ. ا. هـ.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد