ماذا فعلنا برمضان؟؟!

صار لرمضان بعد أن كان شهر العبادة والتواضع والزهد ميزانيات خاصة تحاول الأسر - بجميع مستوياتها - تدبيرها، كما تحاول الحكومة ذلك أيضا بزيادة الكميات المطروحة في الأسواق من الدقيق والسمن والياميش والمكسرات وقمر الدين، ورفع حالة الاستعداد القصوى لمواجهة زيادة استهلاك الكهرباء والغاز الطبيعي، كما تعمل وسائل النقل العام جميعها ساعات إضافية لتصبح الخدمة متواصلة لمدة 24 ساعة.

 حتى الشكل التقليدي للفانوس وهو الشكل المخروطي المطعم بالزجاج والمعدن وبداخله الشمعة أو\"لمبة\"ببطارية تغير، وصارت تستورد من الصين(!) وتصل أسعار بيع الفوانيس للأطفال إلى 150 جنيهًا!! وأغلب الأطفال والشباب يعقدون الدورات الرياضية التي ينظمونها ويعدونها بأنفسهم، خاصة دورات\"الكرة الشراب\"وهي عبارة عن كرة تصنع من بقايا الأقمشة ويرون أنها أقدر في إظهار المهارات، وعادة ما يتنقل المسئولون في الأندية الكبرى بين هذه المباريات في شوارع العاصمة لاكتشاف المواهب التي لم تعرف طريقها إلى أبواب النوادي الشهيرة، وبدلاً من أن نعمر المساجد نتبارى في تسديد\"الأجوان\"!

الخيـام:

وهناك ظاهرة الخيام فئة الخمس نجوم التي تشارك فيها الفنادق، فتحرص بعض الفنادق إلى تحويل إحدى قاعاتها إلى خيمة كبيرة مملوءة باللوحات الزخرفية الشعبية، ويتوافد عليها الرواد من العاشرة والنصف مساءً وحتى قبل الفجر وأغلبهم من الشباب، والمشروبات التي تقدم كلها مشروبات رمضانية: قمر الدين وخشاف.. ومشروبات ساخنة بالإضافة إلى..النرجيلة\"الشيشة\"، والمضيفون الذين يقدمون الطلبات يجب أن يرتدوا الزي الشعبي لحكايات ألف ليلة وليلة مثل: السروال والقفطان، البنات يرتدين الجلباب الشعبي المطرز، والحد الأدنى لحضور الاحتفال هو 50 جنيهًا متضمنة تناول وجبة السحور وهي أسعار تعتبر منخفضة جدًا بالنسبة لقضاء نفس السهرة في غير رمضان، والتي يشارك فيها الفنانون أنفسهم الذين يحيون..ليالي رمضان.

هذا غير الخيام التي تقام داخل الأندية الرياضية الشهيرة في مصر مثل: نادي الصيد ونادي الجزيرة ونادي الشمس التي تتميز بحضور نجوم الكرة في مصر بها مع برنامج غنائي وموسيقى طوال الليل.

موائد الرحمن:

لا ننكر مع ذلك وجود الخير، فمن أهم مظاهر رمضان في شوارع مصر كلها موائد الرحمن التي يقيمها المقتدرون لإطعام الفقراء لينالوا ثواب إفطار هؤلاء الصائمين، وبمرور الوقت أصبحت هناك موائد معروفة إما لنوعية الطعام الذي يقدم فيها، أو لأسماء أصحاب هذه الموائد من الشخصيات العامة كرجال الأعمال أو الفنانين، أو أعضاء مجلس الشعب أو موائد المساجد الكبرى، أو الجمعيات الاجتماعية.

ومن اللافت للنظر أنه لم يعد الفقراء فقط هم ضيوف هذه الموائد العامرة بأنواع اللحوم الحمراء والبيضاء والأرز والخضراوات وخشاف رمضان- فهناك أيضا بعض الموظفين وعائلاتهم، علاوة على المسافرين إذا كانت الموائد بالقرب من محطات القطار، هذا غير تلك الموائد التي تقدم وجبات مغلفة وتوزعها على فقراء الحي في بيوتهم خاصة أولئك الذين ينطبق عليهم قوله - تعالى -:\"يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف\"(البقرة:273)، ويقوم أصحاب بعض المطاعم بإقامة موائد ربما كشكل من أشكال الدعاية من ناحية، ونيل الثواب من ناحية أخرى، والبعض يقدمون وجبات رخيصة الثمن بمناسبة شهر رمضان على اعتبار أنها نوع من موائد الرحمن المخفضة.

أما الطريف حقًا فهو حضور السائحين الأجانب الذين يحرص بعضهم على تناول طعام الموائد توفيرًا لثمن الطعام، بينما يحرص البعض الآخر على الاقتراب أكثر من الشعب المصري وطقوسه في رمضان، وأخيرًا تشير أحدث دراسة للمركز القومي للبحوث الاجتماعية بالقاهرة عن موائد الرحمن في رمضان إلى أن هناك أكثر من 4000 مائدة بالقاهرة وحدها، ويفطر عليها أكثر من 10000 (عشرة آلاف) شخص يوميًا.

تسوٌّق Shopping:

ولأن رمضان والعيد يجيئان هذا العام مع الاحتفالات بأعياد الكريسماس فقد أعلن منظمو المعارض مؤخرًا عن\"معرض مستلزمات رمضان\"الذي يقام بقاعة المؤتمرات لتوفير متطلبات الأسر من مكان واحد هذا بالإضافة إلى الملابس والأحذية استعدادًا لاستقبال الأعياد. وكأن الناس يجب أن تستمر ككائنات استهلاكية في رمضان أيضًا..والعذر أن هذا يتم استعدادًا للعيد!

فماذا فعلنا برمضان.. وإلى أين نذهب به؟

وكل عام وأنتم بخير،،