تنبيه لكل حاج


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: 

 

بدافع من النصيحة وحب الخير لإخواني المسلمين حجاج بيت الله الحرام أقدم هذه التنبيهات راجياً من الله أن يوفق الجميع لاتباع السنة واجتناب البدعة والإخلاص في القول والعمل - وهذه التنبيهات هي كما يلي:

أولاً: من الحجاج من يستديم الاضطباع من حين يحرم إلى أن يحل من إحرامه.. وذلك بأن يكشف كتفه الأيمن -فيجعل وسط الرداء تحت إبطه الأيمن وطرفيه على كتفه الأيسر. والاضطباع بهذه الصفة سنة- لكن محلها عند ابتداء طواف العمرة أو القدوم حتى ينتهي منه وقبل هذا الطواف وبعده لا يسن الاضطباع -بل يكون المحرم مرتديا بردائه– يجعله على كتفيه ويجعل طرفيه على صدره -وكذلك لا يشرع الاضطباع- في طواف غير الذي ذكرنا. وليس هو من مسنونات الإحرام وإنما هو من مسنونات هذا الطواف المذكور خاصة.

ثانياً: المزاحمة عند استلام الحجر الأسود -نرى كثيراً من الحجاج يبالغون في المزاحمة على استلام الحجر الأسود مبالغة شديدة مع أن استلامه ليس شرطاً لصحة الطواف ولا واجباً فيه وإنما هو سنة مع الإمكان فإذا أمكن استلمه بيده وقبله، فإن لم يمكن استلمه بيده أو عصاه وقبل ما استلمه به - فإن لم يمكن ذلك أشار إليه عند محاذاته - ولا يزاحم على استلامه فإن زاحم أثم وذلك لعدة أمور:

1-              أنه يشق على نفسه ويعرضها للخطر.

2-              أنه يشق على غيره من إخوانه المسلمين ويضربهم وربما يحصل خصام بينه وبينهم.

3-              إذا كان عند الحجر نساء فقد عرض نفسه لمزاحمتهن والافتتان بهن.

4-              والمرأة التي تزاحم على الحجر قد عرضت نفسها للخطر والتكشف ومزاحمة الرجال وفتنتهم.

وكون الإنسان يطوف في أقصى المطاف مع تجنب المزاحمة والأذى أفضل من كونه يطوف قريباً من الكعبة مع التعرض لهذه المحاذير والطواف عبادة يشرع صيانته عما يبطله أو ينقصه.

ثالثاً: التزام أدعية مخصوصة تلقن لبعض الطائفين يقولونها بصوت جماعي مرتفع – وهذا لا ينبغي لأمور:

1-              أنه التزام أدعية لم يرد عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- التزامها في هذا الموطن لأنه لم يرد عنه -صلى الله عليه وسلم- في ذلك ذكر محدود - كان يقول -صلى الله عليه وسلم- بين الركن اليماني والحجر الأسود: ((ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار)) والخير كله في اتباعه والاقتداء به -صلى الله عليه وسلم-.

2-              الذين يتلقون هذه الأدعية ويتلقنونها من غيرهم قد لا يفهمون معناها ولا يستحضرونها بقلوبهم وإنما يتلفظون بها تقليداً لغيرهم ولا يخفى ما في ذلك من الخلل والنقص.

3-              أنهم يؤذون الطائفين بأصواتهم المرتفعة ويشوشون عليهم -ولا يخفي ما يترتب على ذلك من الإثم- فالذي ينبغي هو أن يدعو كل واحد ربه منفرداً سراً بينه وبين ربه بما تيسر له من الأدعية طالباً منه قضاء حاجاته وتفريج كرباته.

4-              حوائج الخلق تختلف ومطالبهم تتنوع فلذا أفسح لهم المجال ووسع لهم فيه ولم يقصروا على دعاء معين ففي تلقينهم دعاء معيناً تفويت لهذه المصلحة.

5-              شاهدنا بعض الحجاج يذهبون لزيارة أماكن مخصوصة في مكة وخارجها يظنون أن في زيارتها فضلاً وأجراً وقد قرأنا في منسك ألفه بعض العصريين تعداداً لهذه الأماكن وبياناً لمواضعها وترغيباً في زيارتها - مثل مكان مولد الرسول -صلى الله عليه وسلم- وأماكن في جبل أبي قبيس ومسجد الجن وغار حراء وغار ثور وغيرها - ولا شك

أن ذكر هذه الأماكن في المنسك والترغيب بزيارتها من التضليل - لأن زيارة هذه الأماكن لاعتقاد الفضيلة فيها وطلب الأجر بزيارتها - زيارة بدعية ما أنزل الله بها من سلطان يأثم فاعلها ومن دعا إلى زيارتها - قال -صلى الله عليه وسلم-: ((ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه لا ينقص ذلك من آثامهم شيئاً))رواه مسلم عن أبي هريرة. وإن انضاف إلى ذلك التبرك بهذه الأماكن أو دعاء المخلوقين من دون الله -فهي زيارة شركية أو وسيلة إلى الشرك- وقد حذر الله من الشرك وبين أن صاحبه يحبط عمله ويكون من الخالدين في النار - أعاذنا الله من ذلك.

فيجب على الحاج أن يحذر من ذلك وخير الهدي هدي محمد -صلى الله عليه وسلم- وشر الأمور محدثاتها - ولا يؤخذ بقول أحد من الناس في منسك أو غيره ويخلص عمله لله على الوجه المشروع حتى يعرف دليله من الكتاب والسنة.

قال -تعالى-: {فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا}[النساء: 59[.

وهذا الذي يدعو إلى زيارة الأمكنة ليس معه على ذلك دليل من كتاب ولا سنة.

 

وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply