هكذا علمنا السلف (2)


 

بسم الله الرحمن الرحيم

الدعوة ( كن قدوة تكن داعية ):

قد يتصور أن الدعوة لا يقوم بها إلا متخصصون يحسنون الحديث ويجيدون الخطب، ويتقنون الكتابة ممن أعطاهم الله البيان والحكمة والأسلوب الحسن. ولو أدرنا النظر في تاريخنا لوجدنا إن انتشار الإسلام لم يقوم على خطب جهورية، ولا محاضرات بيانية ولا كتابات متقنة، وإنما انتشر على أيدي أناس حملوا الإسلام في ذواتهم فأصبحوا قدوات في جميع أعمالهم وعلاقاتهم وتحركاتهم ويقضتهم وسباتهم، ولو كانت الدعوة بالخطب والمحاضرات والكتابات والمقالات إذاً دعاة الإسلام قليل. ومن طبيعة البشر المتأصلة في نفوسهم أن عمل الداعية هو الباني والمؤثر في نفوسهم أكثر بكثير من خطبه ومحاضراته.

ويسعدني في هذه الحلقة أن أسوق إليك أخي الكريم بعض أقوال السلف التي تشير إلى همِّ الدعوة وأهمية القدوة.

قال تعالى : { قُل إِن كُنتُم تُحِبٌّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحبِبكُمُ اللهُ }

(( من صحت تبعيته للرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ ألبسه درعه وخوذته، وقلده سيفه، ونحله من أدبه وشمائله وأخلاقه، وخلع عليه من خلعه، واشتد فرحه به: كيف هو من أمته؟ ويشكر ربه ـ عز وجل ـ على ذلك، ثم يجعله نائباً له في أمته، ودليلاً وداعياً لهم إلى باب الحق ـ عز وجل ـ.

كان ـ صلى الله عليه وسلم ـ هو الداعي والدليل، ولما قبضه الحق ـ عز وجل ـ أقام له من أمته من يخلفه فيهم، وهم آحاد أفراد، من كل ألف ألف واحد، يدلون الخلق، ويصبرون على أذاهم، مع دوام النصح لهم، يتبسمون في وجوه المنافقين والفساق، ويحتالون عليهم بكل حيله حتى يخلصوهم مما هم فيه، ويحملوهم إلى باب ربهم ـ عز وجل ـ)).

بهذا ساد أولئك العلماء:

قال يزيد بن المنادي كان الإمام أبو عبد الله أحمد بن حنبل: (( من أحي الناس وأكرمهم نفساً وأحسنهم عشرة وأدباً كثير الإطراق والغض، معرضاً عن القبيح واللغو، لا يسمع منه إلا المذاكرة بالحديث والرجال بالطرق وذكر الصالحين والزهاد في وقار وسكون ولفظ حسن، وإذا لقيه إنسان سر به وأقبل عليه، وكان يتواضع تواضعاً شديداً، وكانوا يكرمونه ويعظمونه ويحبونه)).

معالم خراب القرى:

قال تعالى: { وَإِذَا أَرَدنَا أَن نُهلِكَ قَريَةً أَمَرنَا مُترَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيهَا القَولُ فَدَمَّرنَاهَا تَدمِيراً } .

وأوجزه عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ بجملة واحدة جامعة حين سئل: (( أتوشك القرى أن تخرب وهي عامرة؟  قال: إذا علا فجارها على أبرارها))

معالجة الناس وتربيتهم مهما كان انحرافهم وانفراج الزاوية بينهم وبين دينهم: 

قال عمر بن عبد العزيز ـ رحمه الله تعالى ـ: (( إني أعالج أمراً لا يعين عليه إلا الله، قد فني عليه الكبير، وكبر عليه الصغير، وفصح عليه الأعجمي، وهاجر عليه الأعرابي، حتى حسبوه ديناً لا يرون الحق غيره))  وارجع إلى قصة موسى مع فرعون والبون الشاسع بين موسى كليم الرحمن وبين فرعون مؤله نفسه.

وصفة للحديث المؤثر والمربي للناس:

 قال يحي بن معاذ الزاهد: (( أحسن شيء: كلام رقيق، يستخرج من بحر عميق، على لسان رجل رفيق)).

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply