بسم الله الرحمن الرحيم
الخطبة الأولى:
أمّا بعد: فاتقوا الله بامتثالِ أوامره واجتنابِ نواهيه، فذلك سعادةُ الدنيا والأخرى، والتفلٌّتُ من التّقوى خسران عظيم ومآلٌ وخيم.
عبادَ الله، إنَّ الأعمالَ الصالحةَ تتفاضَل عند الله بنفعِها لفاعلِها ولغيره، ويتضاعف ثوابُها بدوامِ منافعِها وعمومِها، والحسنات الجاريةُ والصّدَقات النافعة من الإحسانِ الذي هو أعلَى مراتِبِ الإسلام، فإنَّ الدينَ إسلامٌ وإيمان وإحسان.
والإحسان أن تعبدَ الله كأنّك تراه، فإن لم تكن تراه فإنّه يراك ويدخل في مسمَّى الإحسان نفعُ الخلق بعمومِ المنافع ابتغاءَ وجهِ الله - تعالى -كما قال - عز وجل -: \" وَسَارِعُوا إِلَى مَغفِرَةٍ, مِن رَبِّكُم وَجَنَّةٍ, عَرضُهَا السَّمَوَاتُ وَالأَرضُ أُعِدَّت لِلمُتَّقِينَ الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالكَاظِمِينَ الغَيظَ وَالعَافِينَ عَن النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبٌّ المُحسِنِينَ \" [آل عمران: 133، 134]، وكما قال - تعالى -: \" وَأَحسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبٌّ المُحسِنِينَ \" [البقرة: 195]، وكما قال - عز وجل -: \" وَابتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الآخِرَةَ وَلا تَنسَ نَصِيبَكَ مِن الدٌّنيَا وَأَحسِن كَمَا أَحسَنَ اللَّهُ إِلَيكَ \" [القصص: 77]، وكما قال - عز وجل -: \"فَأَنذَرتُكُم نَارًا تَلَظَّى لا يَصلاهَا إِلاَّ الأَشقَى الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى وَسَيُجَنَّبُهَا \" \"الأَتقَى الَّذِي يُؤتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى وَمَا لأَحَدٍ, عِندَهُ مِن نِعمَةٍ, تُجزَى إِلاَّ ابتِغَاءَ وَجهِ رَبِّهِ الأَعلَى وَلَسَوفَ يَرضَى \" [الليل: 14-21]، وكما قال - عز وجل -: \" وَيُطعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا إِنَّمَا نُطعِمُكُم لِوَجهِ اللَّهِ لا نُرِيدُ مِنكُم جَزَاءً وَلا شُكُورًا \" [الإنسان: 8، 9].
والصّدَقاتُ فيها إحسانٌ إلى المتصدِّق نفسِهº لأنَّ الله يثيبه على الحسنةِ بعَشرِ أمثالها إلى سَبعمائةِ ضعف إلى أضعافٍ, كثيرة، قال الله - تعالى -: مَن جَاءَ بِالحَسَنَةِ فَلَهُ عَشرُ أَمثَالِهَا وَمَن جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلا يُجزَى إِلاَّ مِثلَهَا وَهُم لا يُظلَمُونَ [الأنعام: 160]، وعن ابن عبّاسٍ, - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله: ((إنَّ الله كتب الحسناتِ والسيّئات، فمن همَّ بحسنةٍ, فلم يعمَلها كتَبَها الله عنده حسنةً كاملة، فإن همَّ بها فعمِلها كتبها الله عنده عشرَ حسنات إلى سبعمائة ضعف إلى أضعافٍ, كثيرة، فإن همَّ بسيّئةٍ, فعمِلها كتبها الله عنده سيّئةً واحدة)) رواه البخاري[1].
والمتصدِّق يحسن إلى نفسِه بالصدقاتº لأنّه بالصّدقة يتَّصف بالرحمة التي هي من أكرمِ الصّفات، عن أبي هريرةَ - رضي الله عنه - قال: قال رسول اللهِ: ((لا تُنزَع الرّحمة إلا من شقيٍّ,)) رواه أبو داود والترمذي[2]، وعن عبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنهما - قال: قال رسولُ الله: ((الرّاحمونَ يرحمهم الرّحمن، ارحموا من في الأرض يرحمكم مَن في السماء)) رواه الترمذي وأبو داود[3]، وعن النّعمان بن بشيرٍ, - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله: ((مثَل المؤمنين في توادِّهم وتراحُمهم وتعاطفِهم مَثَل الجسَد الواحدº إذا اشتكى منه عضوٌ تداعى له سائرُ الجسَد بالسَّهر والحمَّى)) رواه البخاري ومسلم[4].
والمتصدِّق يحسِن إلى نفسِه بالصّدقاتº لأنَّ الله يدفع بالصدقاتِ الشرور والمكروهات، ويجلِب بها الخيرَ والبرَكات، عن أبي أمامةَ - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله: ((صنائِعُ المعروف تقِي مصارعَ السوء، وصَدَقةُ السّرِّ تطفِئ غضبَ الربّ، وصِلةُ الرّحِم تزيد في العمر)) رواه الطبراني قال في مجمع الزوائد: \"إسناده حسن\"[5]، وعن معاذٍ, - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله: ((والصّدقةُ تطفئ الخطيئةَ كما يطفِئ الماء النارَ)) رواه الترمذي[6]، وعن عقبة بنِ عامر - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله: ((كلٌّ امرئٍ, في ظلِّ صدقتِه يوم القيامة حتى يُفصَل بين الناس)) رواه أحمد والطبراني[7]، وعن أبي هريرةَ - رضي الله عنه - قال: [قال رسول الله: ] ((ما نقصَت صدقة من مالٍ,، وما زاد الله عبدًا بعفوٍ, إلا عزًّا، وما تواضع عبدٌ لله إلاَّ رفعه الله)) رواه مسلم والترمذي[8]، وتصديقُ ذلك في كتاب الله - تعالى -، قال - عز وجل -: \" وَمَا أَنفَقتُم مِن شَيءٍ, فَهُوَ يُخلِفُهُ وَهُوَ خَيرُ الرَّازِقِينَ \" [سبأ: 39].
والمتصدِّق أحقٌّ بمالِه من وارثِه، فإنَّ النفع الحقيقيَّ للمال هو النفعُ الأخرويّ، وأما نفعُ المال الدنيويّ فينتهي بموتِ الإنسان، عن أبي هريرةَ - رضي الله عنه - قال: قال رسول اللهِ: ((يقول العبد: مالي مالي، وإنما لَه من مَالِهِ ثلاث: ما أكلَ فأفنى، أو لبِس فأبلى، أو تصدَّق فأمضى، وما سِوى ذلك فهو ذاهبٌ وتارِكُه للناس)) رواه مسلم[9]، وعن ابن مسعودٍ, - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله: ((أيّكم مالُ وارثِه أحبّ إليه من مالِه؟)) قالوا: يا رسولَ الله، ما مِنّا أحدٌ إلاّ ماله أحبٌّ إليه! قال: ((فإنَّ مالَه ما قدَّم، ومالُ وارثِه ما أخَّر)) رواه البخاري[10].
والصّدقاتُ إذا وقَعَت في مواقِعِها ونالَت مستحقِّيها فرَّج الله بها كَربَ المكروب، وسدَّ بها حاجةَ المحتاج، وأعان الله بها المساكين، وقضى الله بها المنافِعَ، ويسَّر الله بها المصالح، وتحقَّقَ بها التكافلُ الاجتماعيّ بين المسلمين، عن أبي هريرةَ - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله: ((من نفَّس عن مؤمنٍ, كربةً من كرَبِ الدنيا نفَّس الله عنه كربةً من كرَب يوم القيامة، ومن يسَّر على معسرٍ, يسَّر الله عليه في الدنيا والآخرة، ومن ستَر مسلمًا ستَره الله في الدنيا والآخرة، واللهُ في عونِ العبدِ ما كان العبد في عونِ أخِيه)) رواه مسلم[11]، وعن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: قال رسولُ الله: ((ومَن كان في حاجةِ أخيه كان الله في حاجتِه)) رواه أبو داود[12]، وعن أبي موسى الأشعريّ - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله: ((المؤمِنُ للمؤمنِ كالبنيان يشدٌّ بعضه بَعضًا)) وشبك بين أصابعه. رواه البخاري ومسلم[13].
وأبوابُ الخير التي تَنفع المسلمين كَثيرة، وطرق البرِّ متعدِّدة، فالصّدَقة الخالِصة لله التي تقَع بيدِ مستحقِّها أو بيَد جمعيّةٍ, خيريّة توزِّعها يشكُرُ الله لصاحبِها ويضاعِفُها، عن أبي هريرةَ - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله: ((ما تصدَّقَ أحدٌ بصدقةٍ, من طيِّب ـ ولا يقبَل الله إلا الطيِّب ـ إلاَّ أخذها الرحمن بيمينِه وإن كانت تمرةً، فتربو في كفِّ الرحمن حتى تكون أعظَمَ من الجبل كما يربِّي أحدُكم فَلُوَّه أو فَصيلَه)) رواه البخاري ومسلم[14].
والوقفُ الذي تُجعَل غَلَّته للإحسان إلى المنقطعِين للعلم وللفقراءِ والمحتاجين وبناءُ الأربِطَة في الحرَمَين الشريفَين أو غيرها لإسكانِ العُبَّاد والمستحقِّين وبناء المساجدِ والعناية بها وبِناء المستشفياتِ والمدارِس وإنشاءُ المكتَبَات التي تنشُرُ العلمَ وحفرُ الآبار ومدٌّ شَبكات الماء كلٌّ هذا ونحوه من أفضَلِ البرِّ عند الله ومن الصّدقَة الجاريةِ التي تنال صاحبَها في حياتِه وبعد مماتِه.
وما أكثَرَ سبلّ الخير، وما أيسَرَ الطاعات على من وفَّقه الله - تعالى -، والرّسولُ يقول: ((ابغوني في الضّعفاءº فإنما تنصَرون وتُرزَقون بضعفائِكم))[15].
وقد كان السّلَف - رضي الله عنهم - أحرَصَ الناس على المسارعةِ إلى كلِّ خير وإلى الإنفاق في كلِّ سبيل برٍّ,، عن أنسٍ, - رضي الله عنه - قال: كان أبو طلحةَ مِن أكثرِ الأنصارِ مَالاً، وكان أحَبّ ماله إليه بيرحاء، وهي نخلٌ فيها ماءٌ طيِّب كان يشرَب منه النبيّ وكانت قريبةً من مسجدِه - عليه الصلاة والسلام -، فقال: يا رسولَ الله، إنَّ الله - تعالى - يقول: لَن تَنَالُوا البِرَّ حَتَّى تُنفِقُوا مِمَّا تُحِبٌّونَ [آل عمران: 92]، وإنَّ أحبَّ أموالي إليَّ بيرحاء، وإني قد تصدَّقتُ بها أرجو بِرَّها وذُخرَها، فاجعلها ـ يا رسولَ الله ـ حيث شئت، فقال النبيّ: ((بخٍ, بَخ، ذلك مالٌ رابح، ذلك مال رابح)) رواه البخاري ومسلم[16].
فاحرصوا ـ رحمكم الله ـ على الإحسانِ إلى أنفسِكم بما خوَّلكم الله من المالِ الذي منَّ به عليكم، وإلى الإحسانِ إلى أنواع المحتاجِين من الفقراءِ والأيتام والمعاقِين والشّباب الذين يسعَونَ للزّواج والمنقطِعِين لطلَبِ العلم وجمعيّاتِ تحفيظ القرآن والمرضَى والمدينين والمُعسِرين، والله - تعالى - يقول: \"وَمَا تُقَدِّمُوا لأَنفُسِكُم مِن خَيرٍ, تَجِدُوهُ عِندَ اللَّهِ هُوَ خَيرًا وَأَعظَمَ أَجرًا وَاستَغفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ \" [المزمل: 20].
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، ونفعنا بهدي سيد المرسلين وبقوله القويم، أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
----------------------------------------
[1] صحيح البخاري: كتاب الرقاق (6491)، وأخرجه أيضا مسلم في الإيمان (131).
[2] سنن أبي داود: كتاب الأدب (4942)، سنن الترمذي: كتاب البر (1923)، ورواه أيضا أحمد (2/301، 442، 461، 539)، والبخاري في الأدب المفرد (374)، وأبو يعلى (6141)، والطبراني في الأوسط (2453)، والبيهقي في الكبرى (8/161)، وقال الترمذي: \"هذا حديث حسن\"، وصححه ابن حبان (462، 466)، والحاكم (7632)، وابن تيمية كما في المجموع (6/117)، وهو في صحيح الترغيب (2261).
[3] سنن الترمذي: كتاب البر (1924)، سنن أبي داود: كتاب الأدب (4941)، وأخرجه أيضا أحمد (2/160)، وقال: \"حديث حسن صحيح\"، وصححه الحاكم (7274)، وابن حجر في الفتح (3/158)، وهو في السلسلة الصحيحة (925).
[4] صحيح البخاري: كتاب الأدب (6011)، صحيح مسلم: كتاب البر (2586).
[5] المعجم الكبير (8/261)، مجمع الزوائد (3/115)، وحسن إسناده المنذري في الترغيب (2/15)، وله شواهد كثيرة عن عدد من الصحابة منهم: أنس ومعاوية بن حيدة وأبو سعيد وابن مسعود وابن عباس وأم سلمة وأبو هريرة وعبد الله بن جعفر - رضي الله عنهم -، ولذا حسنه الألباني في صحيح الترغيب (889)، وانظر: السلسلة الصحيحة (1908).
[6] سنن الترمذي: كتاب الإيمان، باب: ما جاء في حرمة الصلاة (2616)، وأخرجه أيضا أحمد (5/231)، وابن ماجه في كتاب الفتن، باب: كفّ اللسان في الفتنة (3973)، وقال الترمذي: \"حسن صحيح\"، وصححه الحاكم (4/286-287)، وذكره الضياء في المختارة (405)، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (10/299): \"رجاله رجال الصحيح، غير عمرو بن مالك الجنبي وهو ثقة\"، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (1122).
[7] مسند أحمد (4/147)، المعجم الكبير (17/280، 286)، ورواه أيضا أبو يعلى (1766)، وأبو نعيم في الحلية (8/181)، والبيهقي في الكبرى (4/177)، وصححه ابن خزيمة (2431)، وابن حبان (3310)، والحاكم (1517)، وهو في صحيح الترغيب (872).
[8] صحيح مسلم: كتاب البر (2588)، سنن الترمذي: كتاب البر (2029).
[9] صحيح مسلم: كتاب الزهد (2959).
[10] صحيح البخاري: كتاب الرقاق (6442).
[11] صحيح مسلم: كتاب الذكر (2699).
[12] سنن أبي داود: كتاب الأدب (4893)، وهو عند البخاري في الإكراه (6951)، ومسلم في البر (2580).
[13] صحيح البخاري: كتاب الأدب (6027)، صحيح مسلم: كتاب البر (2585).
[14] صحيح البخاري: كتاب الزكاة (1410)، صحيح مسلم: كتاب الزكاة (1014).
[15] أخرجه أحمد (5/198)، وأبو داود في الجهاد (2594)، والترمذي في الجهاد (1702)، والنسائي في الجهاد (3179)، وقال الترمذي: \"حسن صحيح\"، وصححه ابن حبان (4767) والحاكم (2/116، 157) وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (779).
[16] صحيح البخاري: كتاب الزكاة (1461)، صحيح مسلم: كتاب الزكاة (998).
الخطبة الثانية:
الحمد لله ربِّ العالمين، الرّحمن الرحيم، مالك يومِ الدين، أحمد ربِّي وأشكره، وأتوب إليه وأستغفِره، وأشهد أن لا إلهَ إلاّ الله وحده لا شريك له القويّ المتين، وأشهد أن نبيّنا وسيّدنا محمّدا عبده ورسوله، بعثه الله بالهدَى واليقين، لِيُنذِرَ مَن كَانَ حَيًّا وَيَحِقَّ القَولُ عَلَى الكَافِرِينَ [يس: 70]، اللهمّ صلّ وسلّم وبارك على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أمّا بعد: فاتّقوا الله ـ أيّها المسلمون ـ حقَّ التَقوى، وتمسَّكوا من الإسلام بالعروةِ الوثقَى.
قال الله - تعالى -: \" يَا أَيٌّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلتَنظُر نَفسٌ مَا قَدَّمَت لِغَدٍ, وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعمَلُونَ وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنسَاهُم أَنفُسَهُم أُولَئِكَ هُم الفَاسِقُونَ \" [الحشر: 18، 19]، أنساهم أنفسَهم: نَسوا اللهَ فلم يعمَلوا بطاعته، ولم ينزجِروا عن معصيتِه، فأنساهم أنفسَهم أن يقدِّموا لها خيرًا.
وقال - تعالى -: \" لَن تَنَالُوا البِرَّ حَتَّى تُنفِقُوا مِمَّا تُحِبٌّونَ وَمَا تُنفِقُوا مِن شَيءٍ, فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ \" [آل عمران: 92]، والرسولُ يقول: ((إذا ماتَ ابن آدمَ انقطع عمَله إلاّ من ثلاث: صدقةٍ, جارية، أو علمٍ, يُنتفَع به، أو وَلدٍ, صالح يدعو له)) رواه مسلم[1].
ولا تحقرَنَّ ـ أيها المسلم ـ من المعروف شيئًاº فإنَّ الله- تبارك وتعالى - يقول: \" فَمَن يَعمَل مِثقَالَ ذَرَّةٍ, خَيرًا يَرَه وَمَن يَعمَل مِثقَالَ ذَرَّةٍ, شَرًّا يَرَه \" [الزلزلة: 7، 8]، ويقول - تعالى -: \" يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِن تَكُ مِثقَالَ حَبَّةٍ, مِن خَردَلٍ, فَتَكُن فِي صَخرَةٍ, أَو فِي السَّمَوَاتِ أَو فِي الأَرضِ يَأتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ \" [لقمان: 16]، ويقول - عز وجل -: \" يَا أَيٌّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اركَعُوا وَاسجُدُوا وَاعبُدُوا رَبَّكُم وَافعَلُوا الخَيرَ لَعَلَّكُم تُفلِحُونَ [الحج: 77].
عبادَ الله، إنَّ الله أمرَكم بأمرٍ, بدأ فيه بنفسِه فقال عزّ من قائل: إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلٌّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيٌّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلٌّوا عَلَيهِ وَسَلِّمُوا تَسلِيمًا [الأحزاب: 56]، وقد قال: ((مَن صلّى عليَّ صلاةً واحدة صلَّى الله عليه بها عشرًا)).
فصلّوا وسلِّموا على سيّد الأوّلين والآخرين وإمام المرسَلين.
اللّهمّ صلِّ على محمّد وعلى آل محمّد كما صلّيتَ على إبراهيم وعلى آل إبراهيم..
----------------------------------------
[1] صحيح مسلم: كتاب الوصية (1631).
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد