حد الردة هو السياج المنيع والحصن الحصين لحماية هذا الدين والحفاظ على المسلمين ( 2 )


بسم الله الرحمن الرحيم 

أنواع الردة:

نواقض الإسلام لا تحصى كثرة، ولكن سنذكر أخطرها، وهي:

1. الشرك الأكبر، وهو أن يتخذ الإنسان مع الله نداً أو شريكاً يصرف إليه شيئاً من العبادة، كالدعاء، والاستغاثة، والذبح، والنذر، واتخاذ الوسائط.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (من جعل بينه وبين الله وسائط يدعوهم ويسألهم ويتوكل عليهم كفر إجماعاً).

2. نفي ما أثبته الله ورسوله، أو إثبات ما نفاه الله ورسوله.

3. من ادعى النبوة أو صدَّق من يدعيها، كالإخوان الجمهوريين.

4. التحاكم لغير شرع الله أو الرضا به.

5. السخرية والاستهزاء بالله ورسوله وآياته.

6. من لم يكفِّر الكفار، كاليهود والنصارى والمشركين، أوشكَّ في كفرهم، أو صحَّّح مذاهبهم.

7. تعلم السحر والكهانة والاشتغال بذلك.

8. استحلال ما حرَّم الله أو تحليل ما حرَّم الله.

9. اعتقاد أن بعض المشايخ تُرفع عنهم التكاليف الشرعية.

10. تضليل وتكفير جل الصحابة أو الخلفاء الراشدين.

11. اتهام عائشة بما برَّأها الله منه.

12. السجود لصنم.

13. الاستخفاف بالمصحف، أو القرآن، أو بنبي من الأنبياء، أو مَلَك من الملائكة، أو بأي أمر من الدين.

14. سبٌّ الدين.

15. الدعوة إلى توحيد الأديان أو التقارب بين دين الحق وغيره من الأديان المنسوخة.

16. اعتقاد أن أحداً من الثقلين يمكنه الاستغناء عن شرع محمد - صلى الله عليه وسلم -.

 

أقوال أهل العلم في ذلك:

1. قال ابن عبد الحكم في المبسوط: \"من تنبَّأ قُتل\".

2. وقال أبو حنيفة وأصحابه: \"من جحد أن الله خالقه أو ربه، أو قال: ليس لي رب، فهو مرتد\"، كالشيوعيين ونحوهم.

3. وقال مالك في كتاب ابن حبيب ومحمد، وقال ابن القاسم، وابن الماجشون، وابن عبد الحكم، وأصبغ، وسُحنون، فيمن شتم الأنبياء أو أحداً منهم أو تنقصه: قتل ولم يستتب، ومن سبهم من أهل الذمة قتل إلا أن يسلم.

4. وفي النوادر عن مالك، فيمن قال: إن جبريل أخطأ بالوحي، وإنما كان النبي علي بن أبي طالب، استتيب فإن تاب وإلا قتل.

5. وقال أبو الحسن القابسي في الذي قال لآخر: \"كأنه وجه مالك الغضبان\"، لو عرف أنه قصد ذم المَلَك ـ خازن النار - عليه السلام - قتل.

6. وقال ابن القاسم: من قال إن الله - تعالى - لم يكلم موسى تكليماً قتلº وقاله عبد الرحمن بن مهدي.

7. وقال محمد بن سُحنون فيمن قال: \"المعوذتان ليستا من كتاب الله\": يضرب عنقه إلا أن يتوب، وكذلك كل من كذَّب بحرف منه.

8. وقال عبد الله بن مسعود: \"من كفر بآية من القرآن فقد كفر به كله.

9. روي عن مالك: من سبّ أبا بكر ـ بغير تضليل ولا تكفير ـ جُلد، ومن سبّ عائشة قتلº قيل له: لِمَ؟ قال: من رماها فقد خالف القرآن.

10. وقال الفوزان: ومن حكّم القوانين الوضعية بدل الشريعة الإسلامية، يرى أنها أصلح من الشريعة الإسلامية، أو اعتنق فكرة الشيوعية، أو القومية العربية بديلاً عن الإسلام، فلا شك في ردته.

وأنواع الردة كثيرة، مثل من ادّعى علم الغيب، ومثل من لم يكفِّر المشركين أو يشك في كفرهم أو يصحح ما هم عليه.

11. وقال محمد بن عبد الوهاب، ولا فرق في جميع هذه النواقض بين الهازل، والجاد، والخائف، إلا المكره.

12. وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: (من لعن أحداً من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كمعاوية، وعمرو بن العاص، أومن هو أفضل من هؤلاء كأبي موسى، وأبي هريرة، أومن هو أفضل من هؤلاء كطلحة، والزبير، أو عثمان، أو علي، أو أبي بكر، أو عمر، أو عائشة، أو نحو هؤلاء من الصحابة فإنه يستحق العقوبة البليغة باتفاق المسلمين، وتنازعوا هل يعاقب بالقتل أو ما دون ذلكº وقد ثبت في الصحيح أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: \"لا تسبوا أصحابي\"، وعموم الصحبة يندرج فيها كل من رآه مؤمناً به).

 

نماذج للفرق المعاصرة المرتدة عن الإسلام:

من أمثلة الفرق المرتدة عن الإسلام على سبيل التمثيل لا الحصر ما يأتي:

1. النصيرية:

قال عنهم شيخ الإسلام ابن تيمية: (هم أكفر من كثير من المشركين، وفيهم من جنس دين البراهيمة، والوثنيين، والملحدين).

 

2. الماسونية:

قال مجمع الفقه الإسلامي برابطة العالم الإسلامي عنها: (يقرر المجمع الفقهي اعتبار الماسونية من أخطر المنظمات الهدامة على الإسلام والمسلمين، وأن من ينتسب إليها على علم بحقيقتها وأهدافها فهو كافر بالإسلام ومجانب لأهله).

 

3. الشيوعية:

قال عنها مجمع الفقه الإسلامي بالرابطة: (.. من المُسَلَّم به يقيناً أن الشيوعية منافية للإسلام، وأن اعتناقها كفر بالدين الذي ارتضاه الله لعباده، وهي هدم للمثل الإنسانية، والقيم الأخلاقية، وانحلال للمجتمعات البشرية، والشريعة الإسلامية المحمدية التي هي خاتمة الأديان السماوية.. كذا فإن المجلس يوصي الدول والشعوب الإسلامية أن تنتبه إلى وجوب مكافحة هذا الخطر الداهم بالوسائل المختلفة.

والحمد لله فالآن عام 1412هـ انتهى هذا المبدأ الخبيث في عقر داره، وتبرأ منه وحاربه أبناء وأحفاد الذين أسسوه، بعدما جرّ عليهم الفقر والخراب والدمار).

 

4. البهائية والبابية:

جاء في قرار المجمع الفقهي بمكة المكرمة عن البهائية والبابية: (أن البهائية دين جديد مخترع قام على أساس البابية التي هي أيضاً دين جديد مخترع.

يقرر المجمع الفقهي بالإجماع خروج البهائية والبابية عن شريعة الإسلام، واعتبارها حرباً عليه، وكفر أتباعها كفراً بواحاً سافراً لا تأويل فيه، وإن المجمع ليحذر المسلمين في جميع بقاع الأرض من هذه الفئة المجرمة الكافرة، ويهيب بهم أن يقاوموها، ويأخذوا حذرهم منها، لا سيما أنه قد ثبت مساندة الدول الاستعمارية لها لتمزيق الإسلام والمسلمين، والله الموفق).

 

5. القاديانية ـ الأحمدية:

جاء في قرار المجمع الفقهي بمكة المكرمة عن القاديانية ـ الأحمدية: (قرر المجلس بالإجماع اعتبار العقيدة القاديانية ـ المسماة أيضاً بالأحمدية ـ عقيدة خارجة عن الإسلام خروجاً كاملاً، وأن معتنقيها كفار مرتدون عن الإسلام، وإن تظاهر أهلها بالإسلام، وإنما هو للتضليل والخداع، ويعلن المجلس الفقهي أنه يجب على المسلمين حكومات وعلماء وكتاباً ومفكرين ودعاة وغيرهم مكافحة هذه النحلة الضالة وأهلها في كل مكان من العالم، وبالله التوفيق.

 

6. الأخوان الجمهوريون:

وهم أتباع الزنديق الصوفي الباطني السوداني المرتد المقتول محمود \"مذموم\" محمد طه، الذي ادعى الرسالة ثم الألوهية، وزعم أن الصلاة رفعت عنه، والذي حكم العلماء في السودان بكفره وردته، وقتل في عهد الرئيس نميري، جزاه الله خيراً على ذلك.

 

لقد رحل كثير من أتباعه إلى أمريكا وكندا، واحتضنهم الكفار، وقاموا بترجمة كفرياته في أمريكا وكندا مكافأة له على تحريفه لدين الله وتضليله لفئة من أبناء المسلمين، وانتحل بعض اتباعه الشيوعية ووجدوا فرصة في الإعلام السوداني، وما فتئ الجميع يعمل على تحريف الدين والتدليس والتضليل والخداع على السذج من الناس.

 

أسباب الوقوع في الردة:

أسباب الوقوع في الردة كثيرة، ولكن أهمها ما يأتي:

1. الجهل بدين الإسلام، فمن جهل شيئاً عاداه، يكاد أن يكون هذا السبب الرئيس لارتداد المرتدين ورجوعهم عن الإسلام، ومن يطلع على مقالاتهم وأقوالهم يتضح له جهل هؤلاء بالإسلام جهلاً فاضحاً، إذ لا يعرفون عن القرآن إلا رسمه، ولا عن الإسلام إلا اسمه، والشبهات التي أثارها أعداء الدين من المستشرقين وتلاميذهم من المنتسبين إلى الإسلام.

 

2. ردود الأفعال: الدافع لكثير من المرتدين عن الإسلام هو عبارة عن ردة فعل للبيئات والظروف التي عاشوا وتربوا فيها، ولبعض الممارسات الخاطئة والتصرفات المشينة التي لامسوها، والتي لا يقرها الإسلام، نحو الممارسات الشركية والعقائد الخرافية، وكثير من مظاهر الشعوذة والدجل.

 

3. تأثير الفكر الإرجائي عبر العقيدة الأشعرية والماتريدية التي تدرس في كثير من المعاهد والمدارس والجامعات الإسلامية، الذي تولد كردة فعل للغلو والخروج في بداية الأمر، من غير انتساب إلى هذه المذاهب.

 

إذ الإيمان عند بعض طوائف المرجئة عبارة عن النطق بالشهادتين، وعند بعضهم عبارة عن المعرفة، ولا يدخلون الأعمال في مسمى الإيمان، مما أعطى الفرصة لكثير من المنافقين المتظاهرين بالإسلام أن يعيثوا في الأرض الفساد، حيث جعلوا التلفظ بالشهادتين عبارة عن جواز سفر لترك الواجبات واقتراف المحرمات، إذ لا يكون الشخص مرتداً في شرع هؤلاء إلا إذا كان مكذباً جاحداً، أما الاستهزاء بالله، ودينه، ورسوله، والسجود إلى الصنم، والطواف بالقبور، والاستغاثة بالأموات، والتحاكم إلى الطواغيت، فليس من أسباب الردة، إذ الردة لا تقع بقول ولا عمل.

 

وثمة شيء آخر كان سبباً في ارتداد البعض عن الإسلام، وهو التوسع في التأويل غير المستساغ الذي تميزت به العقيدتان الأشعرية والماتريدية، حيث وجد المتفلتون عن الإسلام في ذلك بغيتهم، حيث قسموا المسلمين إلى مدرستين، مدرسة الحَرفيين أو النصوصيين المتحجرين الذين لا يجاوزون النصوص الشرعية، ومدرسة المستنيرين ـ في زعمهم ـ الذين اكتفوا من الإسلام بروحه ومزاجه، ومعلوم في شرع الله أن التأويل منه ما هو محمود وهو الذي يقوم على الدليل، ومنه ما هو مذموم محرم وهو الذي يعتمد على الهوى.

 

4. التحاكم إلى القوانين الوضعية، وتنحية القوانين والأحكام الشرعية مكَّن كثيراً من المتظاهرين بالإسلام من إعلان ردتهم وزندقتهم والتبجح بها، وأمنهم من إقامة حد الردة عليهم، أو تعزيرهم وتأديبهم جعلهم لا يترددون فيما يريدون قوله أو فعله أو اعتقاده، \"فمن أمِنَ العقوبة أساء الأدب\".

 

5. التسيب الفكري، فقد اختلت المفاهيم وتغيرت الموازين، وضعف الوازع الديني.

 

6. تقليد الكفار والتشبه بهم وبدينهم، فطالما أن الكفار نبذوا الدين وحصروه في الذهاب إلى الكنيسة ساعة يوم الأحد للاستماع للموسيقى، وقد نتج عن ذلك تقدمهم الحضاري والعسكري، فما بالنا نحن متمسكون بديننا مطالبون بتحكيمه في كل مناحي الحياة؟!

 

7. تقصير العلماء في القيام بدورهم في توعية المسلمين وتبصيرهم بأمر دينهم، ومنافقتهم الناس فيما يعتقدون ويمارسون، من أقوى أسباب تفشي ظاهرة الارتداد عن دين الله.

 

8. الفتاوى الانهزامية التي تصدر من بعض المنتسبين إلى العلم من العصرانيين وغيرهم.

 

9. التشبث بالزلات والهفوات التي صدرت أو نسبت لبعض أهل العلم، ومعلوم أن من تتبع زلات العلماء وهفواتهم تزندق أو كاد، وتجمع فيه الشر كله.

 

 10. توهم البعض واستغلال أهل الأهواء للدعوى الباطلة، وهي أن أحاديث الآحاد لا يعمل بها في العقائد والأحكام

 

تقسيم الأحاديث إلى متواتر وآحادي تقسيم حادث، وهو نتيجة خبيثة وأثر سيئ لعلم الكلام، وما تبع ذلك من أن أحاديث الآحاد ظنية الثبوت ولهذا لا يعمل بها في العقائد والأحكام، وقد رد على هذه الشبهة القذرة الأئمة الكبار أمثال الشافعي في \"الرسالة\" وابن حزم في \"الإحكام لأصول الأحكام\"، حتى أصبحت هذه المسالة هي الفارق بين السٌّنِّي والبدعي.

فكل ما صح عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فهو حجة بنفسه من غير قيد ولا شرط: \"وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا\"، ويفيد العلم والعمل في العقائد، والأحكام، والعبادات، والسلوك، والآداب سواء، فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر.

ويكفي في رد هذه الشبهة القذرة أن حديث: \"إنما الأعمال بالنيات\" الذي يعتبر ثلث الدين حديث آحاد، مشهور، عزيز، إذ لم يروه عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا عن عمر ولا عن راويه عن عمر إلا واحد، فلماذا يقبله أهل الأهواء المتزيين بالإسلام، وينكرون حدَّ الردة، ورجمَ الزاني المحصن، وكلها أحاديث آحاد؟ لولا مرض القلوب.

 

حكم من أباح الردة وأنكر حدها:

من أباح الردة وأنكر حدها فهو كافر مُهدَر الدم ما لم يتب عن ذلك ويراجع الإسلامº لأن ذلك إنكار لما هو معلوم من الدين ضرورة، وطعن وتشكيك في الخلفاء الراشدين، والأئمة المهديين، والحكام الغيورين الذين حكموا بردة المرتدين، وأقاموا عليهم حدها.

يتشبث المبيحون للردة الداعون لإنكار حدها ببعض الزلات والهفوات، نحو ما نسب للشيخ شلتوت - رحمه الله - أنه قال: (يتغير وجه النظر في المسألة إذا لوحظ أن كثيراً من العلماء يرى أن الحدود لا تثبت بأحاديث الآحاد، وأن الكفر نفسه ليس مبيحاً للدم، وإنما المبيح للدم هو محاربة المسلمين والعدوان عليهم، ومحاولة فتنتهم عن دينهم، وأن ظواهر القرآن في صمته عن عقوبة المرتد تؤيد هذا)، مما يدل على خطورة الزلات والهفوات وتلقف أهل الأهواء لها.

يردٌّ هذا الزعم الباطل قتل أمير المؤمنين علي رضي الله عنه لتلك الطائفة المخذولة من الرافضة وحرقه لهم، الذين لم يحاربوا علياً ولم يخرجوا عليه، بل ألّهوه، فالمرتد مفارق لجماعة المسلمين ومحارب لهم ولعقيدتهم.

وإذا لم يكن الكفر بعد الإيمان مبيحاً للدم فما الذي يبيح الدم يا ترى؟! إذا كان الراجع عن الماسونية والشيوعية ونحوهما، وهي فرق كافرة، يُقتل أو يُضيَّق عليه، وقد يكون رجوعه إلى الحق، إلى الإسلام، وكذلك التارك لجماعة من الجماعات الإسلامية يُهجر، ويُضيَّق عليه، ويوصف بالخيانة والخروج والعمالة، وقد يكون محقاً في خروجه وتمرده على التسلط والجبروت والمخالفات الشرعية، فكيف بالراجع عن الإسلام، وهو الدين الخاتم لجميع الأديان؟ فمالِ هؤلاء القوم لا يستحون؟!

 

السنة حجة بنفسها، فقد حرمت السنة الجمع بين المرأة وعمتها أو خالتها، ونهت عن الوصية للوارث، ومنعت كذلك أن يرث المسلمُ الكافرَ والكافرُ المسلمَ.

 

وظيفة الرسول - صلى الله عليه وسلم - لها شقانº البلاغ والبيان، فهو المبيِّن لمراد الله - عز وجل -، ولهذا يقول بعض العلماء: \"القرآن أحوج إلى السنة\"، لأن السنة مبينة لكثير مما أجمل في كتاب الله - عز وجل -.

 

وهب أن مسألة قتل المرتد ليس فيها نص، فهل نترك فعل أبي بكر، وعمر، وعلي، ومعاذ، وأبي موسى - رضي الله عنهم -، وقول أبي حنيفة، ومالك، والشافعي، وأحمد، وغيرهم من الأئمة - رحمهم الله - لهذه الزلات والهفوات، ولما تهواه نفوس المنافقين وأعداء الملة والدين؟!

 

وأخيراً أرجو من دعاة إباحة الردة وإنكار حدها والداعين لتوحيد الأديان أن يراجعوا إسلامهم قبل أن تبلغ الروح الحلقوم، ويُحال بينهم وبين ما يشتهون، وإلا فليعلموا أنهم لن يضرٌّوا الله شيئاً، ومن إخواني المسلمين أن ينتبهوا لخطورة المنافقين من الشيوعيين، والجمهوريين، والقوميين، والمتزيين بالدين، وغيرهم، (فإن بلية الإسلام بالمنافين شديدة جداً، لأنهم منتسبون إليه، وهم أعداؤه في الحقيقة، يخرجون عداوته في كل قالب يظن الجاهل أنه علم وصلاح، وهو غاية الجهل والفساد.

فلله كم من معقل للإسلام قد هدموه؟ وكم من حصن له قد قلعوا أساسه وخربوه، وكم من عَلَم له قد طمسوه؟ وكم من لواء له مرفوع قد وضعوه؟ وكم ضربوا بمعاول الشبه في أصول غراسه ليقلعوها، فلا يزال الإسلام وأهله منهم في محنة وبلية، ولا يزال يطرقه من شبههم سرية بعد سرية، يزعمون أنهم بذلك مصلحون، ألا إنهم المفسـدون ولكن لا يشعـرون).

 

لذلك حذر القرآن من المنافقين وبين صفاتهم: (فكان الحديث عن النفاق والمنافقين في القرآن في سبع عشرة سورة مدنية من ثلاثين سورة، واستغرق ذلك قرابة ثلاثمائة وأربعين آية، حتى قال ابن القيم - رحمه الله -: \"كاد القرآن أن يكون كله في شأنهم\").

ومن إخواني الصحفيين الإسلاميين، السودانيين وغير السودانيين، أمثال الأستاذ صادق عبد الله عبد الماجد، والدكتور الطيب زين العابدين، والأستاذ موسى يعقوب، والدكتور حسن مكي، والأستاذ مهدي البوني، والأستاذ علي إسماعيل العتباني، والأستاذ محجوب عروة، والأستاذ محمد أحمد شاموق، والأستاذ عادل الباز، والأستاذ عثمان ميرغني، والأستاذ حسين خوجلي، والأستاذ محمد طه محمد أحمد، وغيرهم ممن لم أذكر، أن يقوموا بواجبهم خير قيام، فهم على ثغرة، والحذر كل الحذر أن يؤتى الإسلام من قبلهم، وعليهم أن يدعوا الحياد الذي تميزت به كتاباتهم، فالمسلم لا يليق به أن يكون محايداً أو مستقلاً، وفي الحقيقة \"مُستَغَلاً\"، بينما نجد مِلل العلمانيين متحدة متضافرة جهودها، على الرغم من أنها لا يجمعها شيء سوى محاربة الإسلام والكيد له، وليعلموا أنهم لن تزول أقدامهم عن الصراط حتى يُسألوا عن تفريطهم في هذا الجانب الذي تعين عليهم، ولا يُمكّن منه غيرُهم.

من العجيب أن يتشاغل هؤلاء الإخوة بالدفاع عن الديمقراطية ـ صنم العصر ـ، والمحاماة عن الشيوعيين والعلمانيين، والتحليلات السياسية، والهنات العادية، ومدح بعض أهل الأهواء والمبتدعة، ويتخلوا عن الدفاع عن الدين، وقد أصيب في عقر داره!!

ولا يفوتني في هذا المقام أن أتوجه بالشكر الجزيل وبالدعاء الكثير للأخ الأستاذ إسحاق فضل الله لقيامه بالواجب خير قيام، ولثباته على المبادئ، وتفرده، وعدم مجاملته لمن تعتبر مجاملتهم مداهنة ونفاق، نسأل الله أن يوفقه ويزيده من فضله، وأن يثبت أجره ويبارك فيما يكتب، كما أرجو من إخواننا المسؤولين أن يراقبوا ما يدور في الصحف من كفريات وضلالات.

اللهم إنا نشكو إليك ضعف التقيَّ واستكانته، وجلد الفاجر وجرأته، واللهَ أسألُ أن يؤلف بين قلوب المسلمين، وأن يهديهم سبل الرشاد، وأن يهيئ للأمة الإسلامية أمر رشد يعز فيه أهل الطاعة، ويذل فيه أهل المعصية، ويُؤمر فيه بالمعروف، ويُنهى فيه عن المنكر، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

 

ـــــــــــــــــــــ

المراجع:

* البداية والنهاية للحافظ ابن كثير.

* الجامع لأحكام القرآن للقرطبي.

* الرد القويم للأمين الحاج.

* سير أعلام النبلاء للحافظ الذهبي.

* الشفا بتعريف أحوال المصطفى للقاضي عياض.

* فتح الباري للحافظ ابن حجر.

* مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية.

* مقالات في عقيدة أهل السنة للدكتور عبد العزيز العبد اللطيف.

* الملخص الفقهي للشيخ الفوزان.

* المنتظم في تاريخ الملوك والأمم للحافظ ابن حجر.

* نيل المآرب في تهذيب شرح عمدة الطالب، ومعه الاختيارات الجلية في المسائل الخلافية ـ تهذيب الشيخ عبد الله البسَّام.

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply