التفكر في آيات الله في الكون


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

الخطبة الأولى :

أما بعد: فأوصيكم ونفسي بتقوى الله، فالتقوى سبيل المؤمنين، والنجاة في الدنيا والآخرة بها ويوم يقوم الناس لرب العالمين، قال - جل وعلا -: {يا أَيٌّهَا الَّذِينَ ءامَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مٌّسلِمُونَ} [آل عمران: 102].

عبادَ الله، عنوان هذه الخطبة: التفكر في آيات الله في الكون.

في عتمة الليل وسحره وفي غلسه وبلجته، إذا أظلم الليل ودَجا، وادلهمّ وسجى، وظهرت آيات من آيات الله كانت الموعظة والذكرى، قال - جل وعلا -: {إِنَّ فِي خَلقِ السَّمَـاواتِ وَالأرضِ وَاختِلَـافِ اللَّيلِ وَالنَّهَارِ لاَيَـاتٍ, لأولِى الألبَـابِ} [آل عمران: 190]، دعوةٌ إلى التدبر في الكون وتأمّل مدى دقته وتناسق نواصيه وأجزائه.

عباد الله، إن الخالق - عز وجل - الذي لا تدركه أبصارنا لم يتركنا هكذا في بيداء الحياة، بل أظهر آياته في كتاب منظور نراه ونحسّ به، وكتاب نقرؤه ونرتّله ألا وإنه معجزة النبي الخالدة، إنه القرآن الكريم بآياته وعظاته، يعمد إلى تنبيه الحواسّ والمشاعر وفتح العيون والقلوب إلى ما في هذا الكون العظيم من مشاهد وآيات، تلك التي أفقدتها الأُلفة غرابتها، وأزالت من النفوس عبرتها، قال - عز وجل -: {كِتَـابٌ أَنزَلنَـاهُ إِلَيكَ مُبَـارَكٌ لّيَدَّبَّرُوا ءايَـاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الألبَـابِ} [ص: 29]، وقال: {قُلِ انظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَـاواتِ وَالأرضِ وَمَا تُغنِى الآيَـاتُ وَالنٌّذُرُ عَن قَومٍ, لاَّ يُؤمِنُونَ} [يونس: 101].

يعرض القرآن الكريم هذه الآيات بأسلوب أخّاذ ليعيد طراوتها وجدَّتها في الأذهان، فكأنها تُرى لأول وهلة، يلفتُ النظر على هذه الأرض الفسيحة، وقد سُقيت ورويت بماء الحياة، فتغلغل إلى أعماقها، فاكتضّت أعاليها بالنعم الوافرة من أنهار جارية وأشجار مثمرة وزروع نضرة وجبال شامخة راسية وبحار واسعة مترامية، رفّت في جوانبها الطيور المغرّدة، قال - جل وعلا -: {وَأَنزَلنَا مِنَ المُعصِرَاتِ مَاء ثَجَّاجًا لِّنُخرِجَ بِهِ حَبًّا وَنَبَاتًا وَجَنَّـاتٍ, أَلفَافًا} [النبأ: 14-16]، وقال - تعالى -: {وَالأَرضَ بَعدَ ذَلِكَ دَحَـاهَا أَخرَجَ مِنهَا مَاءهَا وَمَرعَـاهَا وَالجِبَالَ أَرسَـاهَا مَتَـاعًا لَّكُم وَلأَنعَـامِكُم} [النازعات: 30-33]، وقال - جل وعلا -: {فَليَنظُرِ الإِنسَـانُ إِلَى طَعَامِهِ أَنَّا صَبَبنَا المَاء صَبًّا ثُمَّ شَقَقنَا الأَرضَ شَقًّا فَأَنبَتنَا فِيهَا حَبًّا وَعِنَبًا وَقَضبًا وَزَيتُونًا وَنَخلاً وَحَدَائِقَ غُلبًا وَفَـاكِهَةً وَأَبًّا مَّتَـاعًا لَّكُم وَلأَنعَـامِكُم [عبس: 24-32]، وقال - جل وعلا -: {أَفَلاَ يَنظُرُونَ إِلَى الإبِلِ كَيفَ خُلِقَت وَإِلَى السَّمَاء كَيفَ رُفِعَت وَإِلَى الجِبَالِ كَيفَ نُصِبَت وَإِلَى الأرضِ كَيفَ سُطِحَت} [الغاشية: 17-20].

إن التأمّل في مطلع الشمس ومغيبها، التأمّل في الظلّ الممدود ينقص بلطف ويزيد، التأمل في الخضمّ الزاخر والعين الوافرة الفوّارة والنبع الرويّ، التأمّل في النبتة النامية والبرعم الناعم والزهرة المتفتّحة والحصيد الهشيم، التأمّل في الطائر السابح في الفضاء والسمك السابح في الماء والدود السارب والنمل الدائب، التأمل في صبح أو مساء في هدأة الليل أو في حركة النهار، إن التأمل في كل ذلك يحرّك القلبَ لهذا الخلق العجيب، ويشعر العبدَ بعظمة الخالق تبارك وتعالى، قال - جل وعلا -: {وَمِن ءايَـاتِهِ خَلقُ السَّمَـاواتِ وَالأَرضِ وَمَا بَثَّ فِيهِمَا مِن دَابَّةٍ, وَهُوَ عَلَى جَمعِهِم إِذَا يَشَاء قَدِيرٌ} [الشورى: 29]، {تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاء بُرُوجًا وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجًا وَقَمَرًا مٌّنِيرًا وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيلَ وَالنَّهَارَ خِلفَةً لّمَن أَرَادَ أَن يَذَّكَّرَ أَو أَرَادَ شُكُورًا} [الفرقان: 61، 62].

عباد الله، إن الناظر في الكون وآفاقه يشعر بجلال الله وعظمته، الكون كلّه عاليه ودانيه، صامتة وناطقه، أحياؤه وجماداته، كلها خاضع لأمر الله، منقاد لتدبيره، شاهد بوحدانيته وعظمته، ناطق بآيات علمه وحكمته، دائم التسبيح بحمده، {تُسَبّحُ لَهُ السَّمَـاواتُ السَّبعُ وَالأرضُ وَمَن فِيهِنَّ وَإِن مّن شَىء إِلاَّ يُسَبّحُ بِحَمدَهِ وَلَـكِن لاَّ تَفقَهُونَ تَسبِيحَهُم إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا} [الإسراء: 44].

 

عباد الله، هذه المجرات المنطلقة، والكواكب التي تزحم الفضاء وتخترق عباب السماء، معلّقة لا تسقط، سائرة لا تقف، لا تزيغ ولا تصطدم، {وَالشَّمسُ تَجرِى لِمُستَقَرّ لَّهَـا ذَلِكَ تَقدِيرُ العَزِيزِ العَلِيمِ وَالقَمَرَ قَدَّرنَـاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالعُرجُونِ القَدِيمِ لاَ الشَّمسُ يَنبَغِي لَهَا أَن تدرِكَ القَمَرَ وَلاَ اللَّيلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلُّ فِي فَلَكٍ, يَسبَحُونَ} [يس: 38-40].

من الذي سيّر أفلاكها؟! ومن الذي نظّم مسارها وأشرف على مدارها؟! من أمسك أجرامها ودبّر أمرها؟! {قُلِ آللَّهُ ثُمَّ ذَرهُم فِي خَوضِهِم يَلعَبُونَ} [الأنعام: 91]، {إِنَّ اللَّهَ يُمسِكُ السَّمَـواتِ وَالأرضَ أَن تَزُولاَ وَلَئِن زَالَتَا إِن أَمسَكَهُمَا مِن أَحَدٍ, مّن بَعدِهِ} [فاطر: 41].

عباد الله، إن الله- تبارك وتعالى -خلق كلَّ شيء فقدَّره تقديرًا، هذا وضعُ الشمس أمام الأرض مثلاً، ثم على مسافة معينة، لو نقصت فازداد قربها من الأرض لأحرقتها، ولو بعدت المسافة لعمّ الجليد والصقيع وجه الأرض وهلك الزرع والضرع، من الذي أقامها في مكانها ذاك وقدّر بعدها لننعم بحرارة مناسبة تستمر معها الحياة والأحياء؟! {صُنعَ اللَّهِ الَّذِي أَتقَنَ كُلَّ شَيء} [النمل: 88].

عباد الله، إن آيات الله في الكون لا تتجلى على حقيقتها ولا تؤدّي مفعولها إلا للقلوب الذاكرة الحية، القلوب المؤمنة، تلك التي تنظر في الكون بعين التأمل والتدبّر، تلك التي تُعمل بصائرها وأبصارها وأسماعها وعقولها، ولا تقف عند حدود النظر المشهود البادي للعيان، لتنتفع بآيات الله في الكون، {الَّذِينَ يَذكُرُونَ اللَّهَ قِيَـامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِم وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلقِ السَّمَـاواتِ وَالأرضِ رَبَّنَا مَا خَلَقتَ هَذا بَـاطِلاً سُبحَـانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} [آل عمران: 191].

أما الكفار، فهم عميُ البصائر غلف القلوب متحجّرو العقول، إنهم لا يتبصّرون الآيات وهم يبصرونها، ولا يفقهون حكمتها وهم يتقلّبون فيها، فأنى لهم أن ينتفعوا بها؟! {يَعلَمُونَ ظَاهِرًا مّنَ الحَيَاةِ الدٌّنيَا وَهُم عَنِ الآخِرَةِ هُم غَـافِلُونَ} [الروم: 7]، {وَلَو فَتَحنَا عَلَيهِم بَابًا مِنَ السَّمَاء فَظَلٌّوا فِيهِ يَعرُجُونَ لَقَالُوا إِنَّمَا سُكّرَت أَبصَـارُنَا بَل نَحنُ قَومٌ مَّسحُورُونَ} [الحجر: 14، 15].

عباد الله، وكذا بعض طرق البحث العلمي لن تؤتي ثمارها في معزل عن الإيمان بقطع الصلة بين الخلق والخالق، فهذه الحضارة الحديثة، وإن شعّ بريقها فظهرت أنها تكشف الآيات العظيمة، ثم تقف حيث يجب أن تنطلق، تظهر الأسباب وتسدل الستارَ على ربّ الأسباب، وكأنه لا وجود له، أو لا عمل له، وكأن هذه الأسباب التي يفسّرون بها حصول الكسوف والخسوف والزلازل والبراكين ونزول الأمطار وغيرها كأن هذه الأسباب هي الفاعل الحقيقي، وما عداها وهمٌ، وهذا ضلال بعيد.

أما المنهج الإيماني فإنه لا ينقص شيئًا من ثمار البحث العلمي، لكنه يزيد عليه بربط هذه الحقائق بخالقها وموجدها ومدبّرها ومصرّفها، ليقدر العباد ربّهم حقَّ قدره، وليعلموا أن الله على كل شيء قدير وأن الله قد أحاط بكل شيء علمًا، فلا يستحقّ العبادة إلا هو، ولا يُتوجّه بخوف أو رجاء إلا إليه، ولا يُخشى إلا هو، ولا يذلّ إلا له، ولا يطمَع إلا في رحمته.

إن المزيد من العلم ينبغي أن يقود إلى المزيد من الإيمان القويّ والتقوى.

عباد الله، ماذا لو اختلّ نظام هذا الكون قيدَ شعرة؟! إنه سينهار بكل ما فيه ومن فيه. ماذا لو تصادمت أفلاكه؟! ماذا لو تناثر ما في الفضاء من أجرامه؟! ماذا لو حجِبت عنه عناية الله طرفةَ عين أو أقل من ذلك أو أكثر؟! إننا سنهلك ويهلك كل من معنا، {اللَّهُ خَـالِقُ كُـلّ شَيء وَهُوَ عَلَى كُلّ شَيء وَكِيلٌ لَّهُ مَقَالِيدُ السَّمَـاواتِ وَالأرضِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِـئَايَـاتِ اللَّهِ أُولَـئِكَ هُمُ الخَـاسِرُونَ} [الزمر: 62، 63].

لله فــي الآفــاق آيــات لعــلّ ***  أقلَّهـا هـو مـا إليـه هداكـا

ولعـلّ مـا فـي النفـس مـن آياتـه***  عجب عجاب لو ترى عيناكـا

والكـون مشحـون بأســــرار إذا ***  حاولت تفسـيرًا لهـا أعياكـا

 

قـل للطبيـب تخطّفتـه يـد الـردى***  من يا طبيـب بطبّـه أرداكـا؟

قـل للمريـض نجا وعـوفي بعدمـا *** حجزت فنون الطب: من عافاكا؟

قـل للصحيـح يموت لا مـن علـّة***  من بالمنايا يا صحيـح دهاكـا؟

يا أيهـا الإنسـان مهـلاً مـا الـذي***  باللـه جـل جـلاله أغـراكـا؟

سيجيـب مـا في الكون من آياتـه***    عجب عجاب لو تـرى عينـاكا

ربِّ لـك الحمـد العظيـم لذاتــك***  حمــدًا وليـس لواحـد إلاَّكـا

عباد الله، ما مرّ معنا من الآيات الكونية وغيرها كثير تحملنا على أن نفرّ إلى ربنا، وأن نغسل إساءتنا، وأن نمحو ذنوبنا.

إن المسلم إذا احتمى بربه واستعان به واستجار به فهو في أعز جوار وآمن ذمار. إن كل شيء إذا خفته هربتَ منه، وإذا خفت الله - عز وجل - هربت إليه، {فَفِرٌّوا إِلَى اللَّهِ إِنّي لَكُم مّنهُ نَذِيرٌ مٌّبِينٌ} [الذاريات: 50].

وهكذا يبقى الكون كتابًا مفتوحًا، يُقرأ بكلّ لغة، ويدرَك بكل وسيلة، قال - تعالى -: {تَبصِرَةً وَذِكرَى لِكُلّ عَبدٍ, مٌّنِيبٍ,} [ق: 8].

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما سمعنا من الآيات والذكر الحكيم.

عباد الله، توبوا إلى الله واستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.

 

الخطبة الثانية:

الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيمًا لشانه، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدًا عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وإخوانه.

أما بعد: فاتقوا الله ـ عباد الله ـ حق التقوى، {يا أَيٌّهَا الَّذِينَ ءامَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مٌّسلِمُونَ} [آل عمران: 102]، وقال - تعالى -: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدرِهِ وَالأرضُ جَمِيعـًا قَبضَـتُهُ يَومَ القِيَـامَةِ وَالسَّمَـاواتُ مَطوِيَّـاتٌ بِيَمِينِهِ سُبحَـانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشرِكُونَ} [الزمر: 67]، أي: ما عظموه حق تعظيمه، وما عرفوه حق معرفته.

وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله يقول: (يقبض الله الأرض يوم القيامة، ويطوي السماء بيمينه، ثم يقول: أنا الملك، أين ملوك الأرض؟) رواه البخاري، وله عن ابن عمر - رضي الله عنهما - عن رسول الله قال: (إن الله يقبض يوم القيامة الأرض، وتكون السموات بيمينه، ثم يقول: أنا الملك) أخرجه البخاري، وأخرج البخاري ومسلم عن ابن مسعود - رضي الله عنه - قال: جاء حبر من الأحبار إلى رسول الله فقال: يا محمد، إنا نجد أن الله يجعل السموات على إصبع، والأرضين على إصبع، والشجر على إصبع، والماء والثرى على إصبع، وسائر الخلائق على إصبع، فيقول: أنا الملك، فضحك النبي حتى بدت نواجذه تصديقًا لقول الحبر، ثم قرأ: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدرِهِ وَالأرضُ جَمِيعـًا قَبضَـتُهُ يَومَ القِيَـامَةِ وَالسَّمَـاواتُ مَطوِيَّـاتٌ بِيَمِينِهِ سُبحَـانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشرِكُونَ} [الزمر: 67].

عباد الله، من عصى الله وخالف أمره لم يقدر الله حق قدره، من نفى عن الله صفاته أو شبهه بخلقه ما قدر الله حق قدره، من امتلأ قلبه من خوف المخلوقين فترك بعض الصالحات خوفًا منهم أو عمل بعض المنهيات رجاء ما عندهم ما قدر الله حق قدره، من دعا غير الله وطلب منه الشفاعة أو تفريج الكروب ما قدر الله حق قدره، من أطاع بشرًا في تحريم ما أحل الله أو تحليل ما حرم الله ما قدر الله حق قدره، من هجر كلام الله فلم يقرأه أو لم يحكمه أو لم يعمل به ما قدر الله حق قدره، من أحدث حدثًا في دين الله ما قدر الله حق قدره، من ظلم الناس في أموالهم أو أعراضهم ما قدر الله حق قدره، من أكل أموال الناس بالباطل ما قدر الله حق قدره، من لم يحافظ على الصلوات والعبادات وسائر الطاعات ما قدر الله حق قدره.

 

ألا وصلوا وسلموا على خير الخلق محمد بن عبد الله.

اللهم صل وسلم عليه وعلى آله ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

اللهم أعزّ الإسلام والمسلمين، وأذلّ الشرك والمشركين، ودمِّر أعداءك أعداء الدين...

 

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply