بسم الله الرحمن الرحيم
الخطبة الأولى
أما بعد: فيا أيها الناس، اتقوا الله - تعالى - حق التقوى.
عباد الله، المؤمن عزيزٌ بإسلامه، قويُّ بإيمانه، يستمدٌّ قوَّته من إيمانه بربّه وأنّه ربٌّ كل شيء ومليكه، يستمدّ ذلك من إخلاصه لله العبادة، يستمدّ ذلك من إيمانه بملائكة ربّه، وإيمانه بكتبه، وأعظمُها القرآن الذي يعمل به ويسير على نهجه، بإيمانه برسل الله، وعلى رأسهم سيّدُهم وأفضلهم محمدُ بن عبد الله، فإيمانُه به يقتضي محبتَه وطاعته والانقياد لشريعته. يؤمن باليوم الآخر، وبما أخبر الله به عما سيكون في ذلك اليوم، فهو يؤمن بالجنة والنار، ويؤمن بكلّ ما سيكون في ذلك اليوم من الجزاء والحساب. إنه مؤمنٌ بقضاء الله وقدره، وأنَّ ما شاء الله كان، وما لم يشأن لم يكن، إيماناً جازماً لا شكَّ فيه.
هكذا المؤمن في هذه الدنيا يستمدٌّ القوةَ والعزَّة من هذا الإيمان الذي شرَّفه الله به، وتفضَّل به عليه، واختاره فجعله من المؤمنين، وهو يتذكّر دائماً قولَ الله: ( وَلَـاكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيكُمُ الإيمَـانَ وَزَيَّنَهُ فِى قُلُوبِكُم وَكَرَّهَ إِلَيكُمُ الكُفرَ وَالفُسُوقَ وَالعِصيَانَ أُولَـئِكَ هُمُ الراشِدُونَ فَضلاً مّنَ اللَّهِ وَنِعمَةً وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ) [الحجرات: 7، 8]. إذًا فهو يتصوَّر هذه النعمة نعمةَ الإيمان، هذا الفضل العظيم هدايةَ الله له بأن جعله من المؤمنين، بأن شرح صدره لقبول الحق، ( أَفَمَن شَرَحَ اللَّهُ صَدرَهُ لِلإِسلَـامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ, مّن رَّبّهِ ) [الزمر: 22]. كلما تذكّر هذه النعمة ازداد بها فرحاً وسروراً، ثم خاف على هذه النعمة أن تُسلب منه، وأن يحال بينه وبينها، فهو دائماً يقول: اللهم مقلبَ القلوب ثبِّت قلبي على دينك، دائماً يقول ويردِّد قولَ الله عن دعاء المؤمنين: ( رَبَّنَا لاَ تُزِغ قُلُوبَنَا بَعدَ إِذ هَدَيتَنَا وَهَب لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحمَةً إِنَّكَ أَنتَ الوَهَّابُ ) [آل عمران: 8]. أجل، يخاف على هذه النعمة أن تُسلب منه، والله قادر على كل ما أراد - جل وعلا -، ( وَاعلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَينَ المَرء وَقَلبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيهِ تُحشَرُونَ ) [الأنفال: 24]، فهو القادر [على] أن يحُول بين العبد وبين قلبه حتى لا يعرف الحق من الباطل، ولا يُميِّز الحسن من القبيح. فالمؤمن يخاف على هذه النعمة، ويخشى عليها ويلجأ إلى الله في كل آن وحين أن يثبِّته الله على القول الثابت، ( يُثَبّتُ اللَّهُ الَّذِينَ ءامَنُوا بِالقَولِ الثَّابِتِ فِى الحَيَوةِ الدٌّنيَا وَفِى الآخِرَةِ وَيُضِلٌّ اللَّهُ الظَّـالِمِينَ وَيَفعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاء ) [إبراهيم: 27].
أيها المؤمن، فالمؤمن عزيزٌ بهذا الإسلام، فخورٌ به دائماً وأبدا، يُظهر شعائره، ويطبِّق أوامره، ويبتعد عن نواهيه، ويقف عند حدوده، ويتخلَّق بأخلاق دينه ظاهراً وباطناً، لا يخشى أحداً، لا يهمّه لمزُ اللامزين، ولا عيبُ العائبين، ولا سخريةُ الساخرين، فإن سخروا منه قال كما قال نوح: إِن تَسخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسخَرُ مِنكُم كَمَا تَسخَرُونَ [هود: 38]. أجل، إنه يعلن دينَه، يعلن شعائرَ إسلامه، يحافظ على ذلك تحت أيِّ سماء تظلّه في أيّ مكان، لا يخشى إلا الله، يرى نفسَه عزيزاً قويًّا بهذا الدين الذي شرَّفه الله به، وأعزَّه به، ورفع شأنَه به، فإن الرفعة عند الله إنما هي بالهداية إلى الطريق المستقيم، فمن هداه الله بهذا الدين فقد أكرمه وشرَّفه وفضَّله، ومن حيل بينه وبين هذا الدين فقد أذلَّه الله وأهانه، وَمَن يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِن مٌّكرِمٍ, إِنَّ اللَّهَ يَفعَلُ مَا يَشَاء [الحج: 18].
أخي المسلم، أختي المسلمة، إن هذا الدينَ عِزٌ لك أيها المسلم، عزّ لك أيتها المسلمة، شرفُ لك في الدنيا والآخرة. إذاً، فلا تضُعفُ شخصية المسلم أمام الأعداء، لا تضعف شخصيتُه أمام أعدائه، ويخجل أن يقول: هو مسلم، ويخجل أن يصلي، ويخجل أن يلتزم بآداب الإسلام. لا، بل المسلم يظهر التزامَه بالإسلام، وعمله بالإسلام، وتمسّكه بالإسلام، يرضى من يرضى، ويأبى من يأبى، لا يهمٌّه ذلك، لماذا؟ لأنَّه على طريقٍ, مستقيم، وعلى منهج قويم، على صراط الله المستقيم، صراط الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، وحسن أولئك رفيقا.
أيها المسلم، أعداؤك قد يلمِزونك إذا رأوا تمسّكَك بالدين، إذا رأوا محافظتَك على أخلاق إيمانك قد يُسمعونَك ما تكره، وقد يعيبون عليك ويضحكون، وقد يقولون ويقولون، ولكن المؤمن لا يهمٌّه شيء من ذلك، بل هو يرفع هذا الدين، ويعلي شأنه، ويظهر أعماله، ويظهر أخلاقه، ويعامل الناس على وِفق ما فهمه من دينه، هكذا المسلم حقاً.
أيها المسلم، إن المسلم داعٍ, إلى الله بأقواله وأعماله، فالأقوال صادقة، والأعمال صادقة. عندما ينظر الناسُ إلى هذا المسلم يجدون الصدقَ في المعاملة والأمانةَ في المعاملة، يجدون النفس الطيبة، والمؤمنَ التقي الذي احترم نفسه وتمسك بإيمانه، فما تزال تلك أخلاقَه حتى يعرف الناسُ منه ذلك، فُيحترَم ويُقدَّر مهما تكن الأحوال، لكن الأسف الشديد على بعض أبنائنا وبناتنا من المسلمين ـ هدانا الله وإياهم ـ يوجد عند بعضهم انهزامية، انهزامية شديدة، وضعفٌ في الشخصية، وقلةٌ في التمسك عندما يفارق ديار الإسلام، كأنَّه ودَّع الإيمان في ديار الإسلام، فيبقى في تلك الديار بعيداً عن إيمانه في مظهره، وأخشى أن يكون ذلك في باطنه والعياذ بالله، بعيداً عن تعاليم دينه.
الصلواتُ الخمس تقلّ المحافظة عليها، ربما جمع صلواتٍ, متعددة، تقلّ محافظته عليها، وتقل عنايتُه بها، ويقول: أخجل أن أصلي أمام أولئك، لماذا تخجل؟ أنت تصلي لله، تؤدِّي فريضةً افترضها الله عليك، فلماذا هذا الخجل وهذا الضعف؟! أدِّ هذه الصلوات أداءً كاملاً لتكون متمسكاً بدينك.
تخجل المرأة المسلمة ويخجل زوجها أن تحتجب، ويقولون: حجابي عيبٌ عليَّ، وحجابي يسبِّب التفاتَ الناس إليّ، وحجابي يسبِّب انتقاصهم ونظراتِهم الشزرة إليّ، كلٌّ هذا من ضعفك أيتها المسلمة، فالزمي الحجاب في أي أرضٍ, كنت، فذا خلق الإسلام الذي دعاكِ إليه، وأمركِ به، وحثَّك عليه، فالزمي الحجاب، فهو حجاب المرأة المسلمة في أي أرضِ الله كانت.
يخجل بعضُ أبناء المسلمين إذا جلسوا مع أولئك أن يقولوا: هذا حلال وهذا حرام، أو أن هذا يخالف شرعَ الله، لا ترى بعضَهم يحرِّك ساكنًا، ولا يدعو إلى خير، ولا يأمر بخير، ولا يحذِّر عن شرّ، ولا يدعو أحداً إلى الإسلام.
يا أخي المسلم، الدينُ الذي شرفك الله به يطالبك بأن تدعوَ الناس إليه بالقول والعمل، وأن ترغِّب الناس فيه، وإذا سنحت لك الفرصةُ أن تخاطبَ غيرَ المسلمين داعياً إلى الإسلام، مبيناً لهم فضائلَه ومحاسنه، مبيناً لهم أخلاقَه وفضائله، داعياً إلى الخير بالحكمة والبصيرة، لكن شرط ذلك أن يروا منك تمسكاً بدينك، أن يشاهدوا منك ثباتاً على دينك، وبقاءً على مسلَّمات إسلامك، أما أن تشاركَهم في أمورهم وأحوالهم، وتبتعدَ عن دينك وتنسى ذلك، فذاك عيب عليك وشماتة على الإسلام وأهله.
أيها المسلم، لقد كان سلفنا الصالح دعاةً إلى الخير في أيِّ مجال من مجالات الحياة، خرجوا تجاراً فكانوا دعاةً ومعلمين، حتى انتشر الإسلام على أيديهم بأسباب الصدق والأمانة وكلمة الحق التي يقولونها ويعملون بمقتضاها، فكم من فئات كثيرة وبلادٍ, عديدة انتشر فيها الإسلام على أيدي تجّار المسلمين الصادقين المتعاملين بالصدق والأمانة في كلّ أحوالهم، فوثِق الناس بهم، واطمأنوا إلى حالهم.
أيها المسلم، احذر، احذر ـ أخي ـ أن تذوبَ شخصيتُك أمام أعداء دينك، اثبُت على إسلامك، واستقِم على دينك، وحافظ على أبنائك وبناتك، واحذر أماكنَ الفساد والرذيلة، وترفَّع عنها، فذاك خير لك وأتقى، يدلّ على عفَّة نفسك وسموّ أخلاقك وثقتك بإسلامك.
أيها المسلم، فاتق الله في دينك، إياك والانجراف والانحراف مع أهل الفساد والضلال، فتخسر دينك ودنياك، إياك أن تنغمس في الرذائل، وأن تصحبَ من لا خير فيه، ومن لا تفيدك صحبتُه إلا شراً وبلاء. اتق الله في دينك، اتق الله في إيمانك، اتق الله حيث كنت وأين كنت، ولذا قال النبي في وصيته لمعاذ: ((اتق الله حيث كنت))[1]، أيَّ أرضٍ, كنت فيها، وأيَّ مجتمع كنتَ فيه، فالزم تقوى الله، ليدلَّ على سموّ النفس، ويدلَّ على قوّة الإيمان وصدق الإيمان، أنه لا يتأثر بأيّ مؤثّر، بل يؤثّر على غيره، ويدعو غيرَه، ويوجّه غيرَه، وينصح لله وفي سبيل الله.
أيها الشاب المسلم، وأيتها الشابة المسلمة، ليكن تقوى الله خلقاً لنا دائماً وأبداً، وليكن تقوى الله ملازماً لنا في أيّ مجتمعٍ, كنا، لنفخر بإسلامنا، لنُظهر شعائر ديننا، لنكونَ دعاةً إلى هذا الدين بأقوالنا وأعمالنا وسيرتنا وتعاملنا وبعدنا عن الرذائل.
أيها المسلم، إن كثيراً من دولِ العالم فيها من الشرّ ما فيها، وفيها من البلاء ما فيها، بارات الخمور، وأماكن العهر والفساد، وحانات القمار وغيرها. فالمسلم يتقي الله في إسلامه، ويتقي الله فيمن يصحبه من أبنائه وبناته وزوجته، يتقي الله في الجميع، ويراقب الله في كل أحواله، فهو راعٍ, ومسؤول عن رعيته. لتكن نفقاتك في الأموال معتدلة، واحذر التبذيرَ في الحرام، والإسراف في المباح، واحذر التجاوزات التي لا تليق بك، فأنت مسلم، انظر وفكّر وتدبَّر، ثم اعلم أن الله شرَّفك بهذا الدين وأعزَّك به، وقد حُرم منه الأكثرون، وعاشوا كما قال الله: إِن هُم إِلاَّ كَالأنعَـامِ بَل هُم أَضَلٌّ سَبِيلاً [الفرقان: 44]. فترفَّع عن رذائل الأخلاق وأماكن الفساد، واستقم على الطريق المستقيم.
ثبَّتَ الله الجميعَ على دينه، وحفظنا وإياكم بالإسلام، ورزقنا وإياكم الاستقامةَ على الحق والهدى.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: (إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبٌّنَا اللَّهُ ثُمَّ استَقَـامُوا فَلاَ خَوفٌ عَلَيهِم وَلاَ هُم يَحزَنُونَ ) [الأحقاف: 13].
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه وتوبوا إليه، إنه هو الغفور الرحيم.
----------------------------------------
[1] أخرجه الترمذي في البر (1987)، وكذا الدارمي في الرقاق (2791) من حديث أبي ذر - رضي الله عنه -، وقال الترمذي: \"حديث حسن صحيح\"، ثم أخرجه عن محمود بن غيلان، عن وكيع، عن سفيان، عن حبيب بن أبي ثابت، عن ميمون بن أبي شبيب، عن معاذ به. وقال: \"قال محمود: والصحيح حديث أبي ذر\". وهذا الاختلاف من سفيان الثوري، فقد أخرجه أحمد في المسند (5/153) عن وكيع، عن سفيان، وقال في آخره: \"قال وكيع: وقال سفيان مرة: عن معاذ، فوجدت في كتابي: عن أبي ذر، وهو السماع الأول\". وروي من وجه آخر مرسلاً، ورجحه الدارقطني كما في جامع العلوم والحكم (1/395). ثم قال ابن رجب: \"وقد حسن الترمذي هذا الحديث، وما وقع في بعض النسخ من تصحيحه فبعيد، ولكن الحاكم خرجه وقال: صحيح على شرط الشيخين، وهو وهم من وجهين\"، ثم ذكرهما - رحمه الله -. فالحديث حسن، وقد حسنه الألباني في صحيح الترغيب (2650، 3160).
الخطبة الثانية
الحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه كما يحبّ ربنا ويرضى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه، وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين.
أما بعد: فيا أيها الناس، اتقوا الله - تعالى - حق التقوى.
عباد الله، ظاهرةٌ توجد عند أبنائنا في هذه الإجازة، هذه الظاهرة تتمثَّل في السَّهر الطويل، بل السهر الذي يمتدّ إلى طلوع الفجر، وربما تأخَّر إلى طلوع الشمس. هذا السَّهر للأسف الشديد سهرٌ لا خيرَ فيه، وسهرٌ ضررُه أكبرُ من نفعه إن وجد فيه نفع، سهرٌ على غير حقّ في غالبه، وسهر يُمضي الليل في سفهٍ, ولعب وباطل، وربما امتدّ ذلك إلى أذى الآخرين وإلحاق الأذى بالآخرين.
فيا إخوتي، على أولياء أمور أبنائنا أن ينتبهوا لهذا الأمر، وأن يتعاونوا مع أبنائهم في منع هذه الظاهرة السيئة، والإقلال منها قدر الاستطاعة، فإنه يُخشى من هذا السهر الطويل وهذه اللقاءات بعضهم مع بعض أن تترك أثراً سيئاً على بعضهم، أو أن تزيِّن لبعضهم أموراً لا تليق بهم.
فيا أيها الأب الكريم، انتبه لأبنائك، وناصحهم ووجِّهٌّم، وخذ على أيديهم قدرَ الاستطاعة أن يُقِلوا من هذا السهر الطويل، وأن يخففوا من هذه اللقاءات الكثيرة.
فيا أيها الشاب المسلم، ما هي الفائدة من هذا السهر الطويل؟ وفي النهار نومٌ وغفلة وعجز وكسلٌ وتحمِّل أباك كلَّ أمورك وأنت تريدها سهراً ونهاراً نوماً وغفلة، فأين الإنتاج؟ وأين العمل؟ ميادينُ العمل تنتظرك، رفوف المكاتب النافعة ترتقبك، فأين النفس الأبية التي ترفض العجز والكسل، وتنافس في ميدان العمل؟ تكتسب خبرةً ورزقاً طيباً خيرٌ من تسكّع وبقاءٍ, على الأرصفة، ليلٌ طويل، وقد تصحب من لا خير في صحبته، وقد يجرّك إلى رذائل وأمور تندم عليها حين لا ينفع الندم.
أيها الشاب المسلم، إن هذا الكسل لا يثمر خيراً، ولا يجلب خيراً، ميادين العمل أمامك كثيرة، فانزل الميدان، ونافس الغير، وأثبت الوجود، واعتمد بعد الله على نفسك، واستغلَّ فرصَ أيامك لتكونَ سعيداً فيها، بعيداً عما يخالف الشرع. أنا لا أقول: اجتنب السهرَ، ولكن أقول: نظّم أمرك، أمّا هذا السهر الذي كلٌّ الليل ينقضي بلا فائدة وبلا منفعة دينية أو دنيوية فما الخير في هذا؟ ليس المهمّ أن أقتل الوقتَ وأقضي عليه، المهمّ أن أستغلّه، وأن أنظّم شؤون حياتي، وأن أعمل وأكدحَ وأستفيد خبرةً وتجربة، هذا هو الواجب على الجميع. إن كنت تريد أن تثقل أباك بكلّ الأحوال، وأن تلقي عن نفسك المسؤولية، وتجعلها في عنق الأب في كل الأحوال، فذاك تصوّر خاطئ، وعلى الآباء أن يحثّوا أبناءهم ويبعدوهم عن الكسل والعجز والخمول، ويدعوهم إلى المكارم والفضائل، أسأل الله أن يوفق الجميع لما يرضيه، وأن يسلك بي وبكم طريقه المستقيم، إنه على كل شيء قدير.
واعلموا ـ رحمكم الله ـ أن أحسن الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة، وعليكم بجماعة المسلمين، فإن يدَ الله على الجماعة، ومن شذ شذ في النار.
وصلوا ـ رحمكم الله ـ على محمد بن عبد الله كما أمركم بذلك ربكم، قال - تعالى -: ( إِنَّ اللَّهَ وَمَلَـائِكَـتَهُ يُصَلٌّونَ عَلَى النَّبِىّ ياأَيٌّهَا الَّذِينَ ءامَنُوا صَلٌّوا عَلَيهِ وَسَلّمُوا تَسلِيماً ) [الأحزاب: 56].
اللهم صل وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد، وارض اللهم عن خلفائه الراشدين...
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد