الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم.
فمن الأمور التي ينبغي أن تكون وموجودة في المجتمع الإسلامي الأمانة وهي ضد الخيانة، والأمانة كلمة واسعة المفهوم، يدخل فيها أنواع كثيرة، فمن هذه الأنواع الأمانة العظمى، وهي الدين والتمسك به، حيث قال - تعالى -: (إنا عرضنا الأمانة على السموات والأرض والجبال فأبين أبين حملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوماً جهولا) (آية 72 من سورة الأحزاب). يقول القرطبي: الأمانة في الآية تعم جميع وظائف الدين (تفسير القرطبي 14 /253) ويعتبر تبليغ هذا الدين أمانة أيضاً، فالرسل أمناء الله على وحيه كما ثبت ذلك عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال (ألا تأمنوني وأنا أمين من في السماء، يأتيني خبر السماء صباحاً ومساء). (رواه البخاري 8/84 برقم 4351). وكذلك كل من جاء بعدهم من العلماء والدعاة، فهم أمناء في تبليغ هذا الدين. وكل ما يأتي من أنواع يمكن دخولها في هذا النوع وكل ما أعطاك الله من نعمة فهي أمانة لديك يجب حفظها واستعمالها وفق ما أراد منك المؤتمن، وهو الله - جل وعلا -، فالبصر أمانة، والسمع أمانة، واليد أمانة، والرجل أمانة، واللسان أمانة، والمال أمانة أيضاً، فلا ينفق إلا فيما يرضي الله والعرض أمانة، فيجب عليك أن تحفظ عرضك ولا تضيعه، فتحفظ نفسك من الفاحشة، وكذلك كل من تحت يدك، وتحفظهم عن الوقوع فيها، قال أبي كعب - رضي الله عنه -: من الأمانة أن المرأة أؤتمنت على حفظ فرجها. والولد أمانة، فحفظه أمانة، ورعايته أمانة، وتربيته أمانة.
والعمل الذي توكل به أمانة، وتضييعه خيانة، لما ثبت عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (إذا ضيعت الأمانة فانتظر الساعة قال كيف إضاعتها يا رسول الله؟ قال: إذا أسند الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة) (رواه البخاري برقم 6496). وقال - صلى الله عليه وسلم - لأبي ذر لما سأله أن يوليه قال: (وإنها أمانة..) (رواه مسلم برقم 1825).
والسر أمانة، وإفشاؤه خيانة، ولو حصل بينك وبين صاحبك خصام فهذا لا يدفعك لإفشاء سره، فإنه من لؤم الطباع، ودناءة النفوس، قال - صلى الله عليه وسلم -: (إذا حدث الرجل بحديث ثم التفت فهي أمانة) (رواه أحمد 3/352 وأبو داود برقم 4868 والترمذي برقم 1959 وقال حديث حسن).ومن أشد الخيانة للأمانة إفشاء السر بين الزوجين، فعن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال: قال: رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (إن من أعظم الأمانة عند الله يوم القيامة الرجل يفضي إلى امرأته وتفضي إليه، ثم ينشر سرها). (رواه مسلم برقم 1437 وأبو داود برقم4870) والأمانة بمعنى الوديعة، وهذه يجب المحافظة عليها، ثم أداؤها كما كانت.
وقد أمر الإسلام بحفظ الأمانة وأدائها، وذم الخيانة، وحذر منها كما قال - تعالى -(إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها) (سورة النساء آية 58) قال ابن كثير - رحمه الله - أنها عامة في جميع الأمانات الواجبة على الإنسان، وهي نوعان: حقوق الله - تعالى -من صلاة وصيام وغيرهما وحقوق العباد كالودائع وغيرها. (تفسير ابن كثير1/ 488).
وقال - تعالى -في صفات المؤمنين (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون). (سورة المؤمنون آية 8).
وقال - تعالى -(يا أيها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون) (سورة الأنفال آية 27).
قال ابن كثير: (والخيانة تعم الذنوب تعم الذنوب الصغار والكبار، وعن ابن عباس في الأمانة قال: الأعمال التي أؤتمن عليها العباد. (تفسير ابن كثير2 /288).
وقال - صلى الله عليه وسلم - في الأمر بردها: (أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك). (رواه أبو داود برقم 3534 والترمذي برقم 1264 وقال هذا حديث حسن غريب).
وقال - صلى الله عليه وسلم - في ذم الخيانة: (آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف، وإذا أؤتمن خان). (رواه البخاري برقم 33ومسلم برقم 59).
ومما ورد في فضل الأمانة ما ثبت من قول الرسول - صلى الله عليه وسلم - (الخازن الأمين الذي ينفذ وربما قال: يعطي ما أمر به كاملاً موفراً طيباً به نفسه، فيدفعه إلى الذي أمر له به، أحد المتصدقين). (رواه البخاري برقم 1438).
و قال الذهبي في كتابه (الكبائر) الكبيرة الرابعة والثلاثون: الخيانة: والخيانة في كل شيء قبيحة، وبعضها شر من بعض، وليس من خانك في فلس كمن خانك في أهلك ومالك، وارتكب العظائم. وقال - صلى الله عليه وسلم -: (لا إيمان لمن لا أمانة له، ولا دين لمن لا عهد له). (رواه أحمد 3/135).
ومسك الختام الله أسال أن يجعلنا من القائمين بالأمانة البعدين من الخيانة وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد