أولاً: كن نقيا (الإخلاص) عن زيد بن ثابت قال: قال رسول الله: {ثلاث لا يغل عليهن قلب مؤمن: إخلاص العمل، ومناصحة ولاة الأمر، ولزوم جماعة المسلمين فإن دعوتهم تحيط من ورائهم} [رواه أحمد وابن ماجه]. ومن علامات الإخلاص ألا يترك ثغرا من ثغور الدعوة سواء أكان خطابة أو منتدى أو درسا لنقد الناس له أو إهانتهم إياه لأنه يعمل لله فلا ينتظر الشكر من الناس.
ثانياً: كن راضيا عن الله قال ابن القيم - رحمه الله - في الرضا: (إنه يفتح للعبد باب السلامة، فيجعل قلبه نقياً من الغش والدغل والغل، ولا ينجو من عذاب الله إلا من أتى الله بقلب سليم، كذلك وتستحيل سلامة القلب مع السخط وعدم الرضا، وكلما كان العبد أشد رضاً كان قلبه أسلم، فالخبث والدغل والغش: قرين السخط، وسلامة القلب وبره ونصحه: قرين الرضا، وكذلك الحسد هو من ثمرات السخط، وسلامة القلب منه من ثمرات الرضا).
ثالثا: كن مستعدا للسؤال أو الكرامة انتظر السؤال والحساب يوم القيامة يا من تُؤذي المسلمين بالحقد والحسد والغيبة والنميمة والإستهزاء وغيرها. أما من عفا... فانتظر الكرامة من الله يوم ينادى المنادى من كان أجره على الله فليقم فيقوم كل من عفا عن أخيه في الدنيا الإمام أحمد يدعو ويقول\" اللهم إني قد جعلت كل من آذاني في حل إلا صاحب بدعة\" فيدهش بعض طلبته لذلك، فيقول أحمد: وما ينفعك أن يعذب أخوك بسببك!!!
رابعا: كن كالنحلة النحلة لا تقع إلا على كل طيب وتترك كل خبيث قال - تعالى -: ((وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن إن الشيطان ينزغ بينهم. )) عند الصينين مثل يقول: نقطة عسل تصيد من الذباب ما لا يصيده برميل من العلقم!! قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: \"من حسن إسلام المرء تركه مالا يعنيه رواه الترمذي
لا خيل عندك تهديها ولا مال *** فليسعد النطق إن لم يسعد الحال. عمر بن عبد العزيز - رحمه الله -، يختار جلاسه اختياراً، ويشترط عليهم شروطاً، فكان من شروطه: ألا تغتابوا، ولا تعيبوا أحداً في مجلسي حتى تنصرفوا. السَّهل أسهلُ مسلكاً *** فدع الطريق الأوعَرا
واحفظ لسانك تسترح *** فلقد كفى ما قد جرى
سمع يوماً أحد جلاسه يسبّ الحجاج بعد وفاته، فأقبل مغضباً، وقال: صهٍ, يا بن أخي! فقد مضى الحجاج إلى ربه، وإنك حين تقدم على الله ستجد أن أحقر ذنب ارتكبته في الدنيا أشد على نفسك من أعظم ذنب اجترحه الحجاج، ولكل منكما - يومئذ - شأن يغنيه، واعلم يا بن أخي! أن الله - عز وجل - سوف يقتص من الحجاج لمن ظلمهم، كما سيقتص للحجاج ممن ظلموه، فلا تشغلن نفسك بعد اليوم بعيب أحد، ولا تتبع عثرات أحد:
ومن يتبع جاهداً كل عثرةٍ, *** يجدها ولا يسلم له الدهر صاحبُ
يا عائب الناس وهو معيب! اتق الله، أعراض المسلمين حفرة من حفر النار، وخواص المسلمين هم العلماء، والوقيعة فيهم عظيمة جد عظيمة، لحومهم مسمومة، وعادة الله في هتك أستار منتقصيهم معلومة، ومن أطلق لسانه في العلماء بالسب بلاه الله قبل موته بموت القلب:
وكم من عائبٍ, قولا صحيحاً *** وآفته من الفَهم السقيم
فإن عبت قوماً بالذي فيك مثلُه *** فكيف يعيبُ الناسُ من هو أعورُ؟
وإن عبت قوماً بالذي ليس فيهمُ *** فذلك عند اللهِ والناس أكبرُ
لا تكن كالذباب لا يقع إلا على الجروح والقاذورات
شر الورى من بعيب الناس مشتغلًا ***مثل الذباب يراعى موضع العلل
خامسا: كن كالطبيب ((فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر فإذا عزمت فتوكل على الله)) فنحن دعاة خير كالطبيب الذي يعالج الناس لا يوبخهم لمرضهم ولا يصرخ فيهم بل يرفق بهم فحرى بمن يعالج المرضى ألا يكون مريضا فيكون حاله كطبيب يداوى الناس وهو سقيم قال - صلى الله عليه وسلم - والذي نفسي بيده لا يؤمن عبد حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه} [رواه البخاري ومسلم]. عموم الناس لا يحبون المخاطبة من علو يكرهون الأستاذية عليهم
إذا صاحبت قوماً أهل فضل ***فكن لهموا كذي الرحم الشفيق
ولا تأخذ بزلة كل قوم *** فتبقى في الزمان بلا رفيق
سادسا: كن كالنخيل تسمو بنفسك عاليا في السماء أن تستمع لغيبة أو نميمة قال- صلى الله عليه وسلم -: \"لا يبلغني أحد عن أحد من أصحابي شيئاً، فإني أحب أن أخرج إليكم وأنا سليم الصدر} [رواه أحمد والكثير اليوم يلقي بكلمة أو كلمتين توغر الصدور خاصة المنتديات الحوارية و مجتمع النساء
كن كالنخيل عن الأحقاد مرتفعاً *** بالطوبِ يُرمى فيرمي أطيب الثمر ِ
سابعا: وأعرض عن الجاهلين روى البخاري من حديث هشام بن عروة عن أبيه عن عبد الله بن الزبير في قوله: ((خذ العفو وأمر بالعرف)) قال: \" ما أنزل الله هذه الآية إلا في أخلاق الناس \" وقال جعفر الصادق: \"أمر الله نبيه بمكارم الأخلاق في هذه الآية، وليس في القرآن أجمع لمكارم الأخلاق من هذه الآية \" قال القرطبي في تفسيره: \" لما نزل قول الله ((خذ العفو)) قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: \" كيف يا رب والغضب فنزلت: ((وإما ينزغنك من الشيطان نزغ)) قال أبو بكر بن العربي: \" قال علماؤنا: هذه الآية من ثلاث كلمات، قد تضمنت قواعد الشريعة المأمورات والمنهيات، حتى لم يبق فيه حسنة إلا أوضحتها، ولا فضيلة إلا شرحتها، ولا أكرومة إلا افتتحتها، وأخذت الكلمات الثلاث أقسام الإسلام الثلاثة، فقوله: ((خذ العفو)) تولى جانب اللين، ونفي الحرج في الأخذ والإعطاء والتكليف. وقوله: ((وأمر بالعرف))تناول جميع المأمورات والمنهيات، وأنهما ما عرف حكمه، واستقر في الشريعة موضعه، واتفقت القلوب على عمله، وقوله: ((وأعرض عن الجاهلين)) تناول جانب الصفح بالصبر الذي به يتأتى للعبد كل مراد في نفسه وغيره، ولو شرحنا ذلك على التفصيل لكان أسفارا \".
ثامنا: التمس الأعذار وأزل الغشاوة عن عيني المخطئ.! حين ترى الخطأ.. لا تتشنج.. أو تنقلب حماليق عينك، أو يتعكر صفو مزاجك.. تمهل قد يكون المخطئ غطت على عينيه غشاوة الخطأ أو المعصية.. فلا تستعجل في ذم أو تقبيح.. بل ابذل جهدك في إزالة الغشاوة عن عين المخطئ.. يدخل شاب على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في أصحابه وهو يقول: يا رسول الله ائذن ليفي الزنا!! استر يا رب.. !!! يريد الزنا.. ويريده حلالا بإذن رسول الله تعالى له.. !! حتى قال أحد الصحابة: دعني أضرب عنقه!! ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يعدو عن أن تبسم وقرّب الفتى إليه وقال له: \" أترضاه لأمك؟! أترضاه لأختك؟! والفتى في كل جواب يقول: لا جعلني الله فداك فقال - صلى الله عليه وسلم - \" فكذلك الناس لا يرضونه لأمهاتهم وأخواتهم \" ثم وضع يده الشريفة على صدره ودعا له قائلا: اللهم اهد قلبه وأحصن فرجه\" فيقول الشاب والله ما نزع النبي يده من على صدري حتى كان الزنى أبغض شيء إلى نفسي\" بأبي وأمي أنت يا رسول الله.. ما أشد حلمك مع شدة حرصك وتسلّط السفهاء عليك..
تاسعا: ضع نفسك موضع المخطئ.. ثم ضع حلا!
لا تقل عن عمل ذا ناقص ***جئ بأوفى ثم قل ذا أكمل
لا يكفي أن تنتقد وتعاتب.. بل لابد مع العتاب بلسماً وحلا.. وانظر كيف أن منهج القرآن ليس هو الزجر دون بيان طريق النصر والظفر.. قال - تعالى -: \" وأحل الله البيع وحرم الربا \" ويأمر عباده المؤمنين بغض الأبصار عن الحرمات ثم يعقّب بالحث على الزواج من المؤمنات فبدل أن تعاتب، ولو سمت عبارتك.. أردفها بحل.. أو فكرة! \" يا غلام.. سم الله وكل بيمينك وكل مما يليك. \"!! اجعل المخطئ يكتشف خطأه ويحله بنفسه
** يُذكر أن رجلاً من الهند كان يعادي إمام الدعوة محمد بن عبد الوهاب عداء شديداً، ويحارب كتبه ومؤلفاته ويحذر منها.. فاحتال أحد الفضلاء فغيّر بها اسم الشيخ من: محمد بن عبد الوهاب، إلى: محمد بن سليمان التميمي.. وأهدى جملة كتب الشيخ لهذا العالم الهندي فلمّا قرأها أعجب بها، ووجدت في قلبه قبولا وأثرا حسناً.. فأعلمه هذه الحكيم أن هذه الكتب من مؤلفات إمام الدعوة محمد بن عبد الوهاب.. فما كان من هذا العالم الهندي إلا أن جثى على ركبتيه من البكاء والحسرة والألم على ما كان منه من عداء للإمام.. وصار من أكثر الناس دعوة وتوزيعا ونشرا لكتب إمام الدعوة في محيطه. استفسر عن الخطأ مع إحسان الظن والتثبت! إنك بهذا تشعره بالإحترام والتقدير.. كأن تقول: زعموا أنك فعلت!! واسمع لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يخطب في الأنصار بقوله: \" يا معشر الأنصار ما مقالة بلغتني عنكم؟! \" ألم آتكم ضلالا فهداكم الله وعالة فأغناكم الله وأعداء فألف الله بين قلوبكم قالوا بل الله ورسوله أمن وأفضل قال ألا تجيبونني يا معشر الأنصار قالوا وبماذا نجيبك يا رسول الله ولله ولرسوله المن والفضل قال أما والله لو شئتم لقلتم فلصدقتم وصدقتم أتيتنا مكذبا فصدقناك ومخذولا فنصرناك وطريدا فآويناك وعائلا فأغنيناك أوجدتم في أنفسكم يا معشر الأنصار في لعاعة من الدنيا تألفت بها قوما ليسلموا ووكلتكم إلى إسلامكم أفلا ترضون يا معشر الأنصار أن يذهب الناس بالشاة والبعير وترجعون برسول الله - صلى الله عليه وسلم - في رحالكم فوالذي نفس محمد بيده لولا الهجرة لكنت امرأ من الأنصار ولو سلك الناس شعبا وسلكت الأنصار شعبا لسلكت شعب الأنصار اللهم ارحم الأنصار وأبناء الأنصار وأبناء أبناء الأنصار قال فبكى القوم حتى أخضلوا لحاهم وقالوا رضينا برسول الله قسما وحظا ثم انصرف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وتفرقنا) رواه الإمام أحمد فلا تعاتب.. قبل أن تستفسر عن الخطأ.. لعل له عذرا.. أو مخرجاً. عاشرا: ترويض النفس وإنما الحلم بالتحلم والأدب بالتأدب
وما النفس إلا حيث يجعلها الفتى *** فإن شاء علاها وإن شاء سفّلا
فعود نفسك الخير وأحسن إلى الناس القول وأحسن بهم الظن فإن رأت نفسك منهم شرا فقل:
للناس أعين لسانك لا تذكر به عورة امرئ *** فكلك عورات وللناس أعين
وعينك إن أبدت إليك مساوئا *** فصنها وقل يا عين للناس أعين
روض نفسك على شكر الناس والثناء علي أفعالهم الطيب وانظر لذلك الذي طوّع السبع المفترس في باحات العروض.. كيف روّضه وهو السبع الذي لا يعقل ولا يفهم.. كل ذلك بمدح القليل والتشجيع عليه.. امدح على قليل الصواب يكثر من الممدوح الصواب.. ! اقرأ في هذا الأثر في عتابه - صلى الله عليه وسلم - لعبدالله بن عمر بقوله: \" نعم الرجل عبدالله لوكان يقوم من الليل.. \"! فما ترك ابن عمر قيام الليل بعدها!! يا لله.. ما أعظمك يا رسول الله، وما أعظم أدبك وسمو نفسك ورفعتها!!!..
هبني أسأت كما زعمت *** فأين عاطفة الأخـــــــوة
أو إن أسأتَ كما أسأتُ *** فأين فضلك والمروّة؟!
الحادى عشر: الدعاء فيدعو العبد ربه دائماً أن يرزق قلبه سليماً لإخوانه، وأن يدعوا لهم أيضاً، فهذا دأب الصالحين، قال - تعالى -: {وَالذِّينَ جَآءُو مِن بَعدِهِم يَقُولُونَ رَبَنَا اغفِر لَنَا وَلإخوَانِنَا الّذِينَ سَبَقُونَا بِالإيمَانِ وَلاَ تَجعَل في قُلُوبِنَا غِلاً لِلّذِينَ ءَامَنُوا رَبَنَا إنّكَ رَءُوفٌ رّحِيم} [الحشر: 10] ومن دعاء النبي - صلى الله عليه وسلم -: اللهم اهدني لأحسن الأخلاق لا يهدى لأحسنها إلا أنت\" \"اللهم ألهمني رشدي وقني شر نفسي\". فاللهم ألف بين قلوبنا ووحد بين كلمتنا واجمعنا على قلب رجل واحد ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد