بسم الله الرحمن الرحيم
الخطبة الأولى:
أما بعد: فاتقوا الله عباد الله، فتقوى الله عروة ما لها انفصام، ونور تستضيء به القلوب والأفهام.
كانوا يعيشون باطمئنان، في نعمة من الله وأمان، يبيعون ويشترون، ويدرسون ويعملون ويتعاملون، يجمعهم بلد واحد تحت حكمٍ, لا يحارب الأديان الأخرى ولا يتدخل في شؤون غيره، يعيشون مع المسلمين بكامل حقوقهم وعهودهم التي حفظها لهم الإسلام، وكفل لهم منذ العهد العمري حرية العبادة في كنائسهم وبيَعهم إلا من رغب منهم الدخول في الإسلام.
هكذا كانت معيشة المسلمين ومن جاورهم من المعاهَدين في فلسطين، وعلى هذا عاملهم صلاح الدين الأيوبي- رحمه الله - حينما دخل القدس.
ثم أتى ما يسمَّى بالعصر الحديث، حينما أتى ذلك الشعب المسالم والاستعمار الصليبي فخرّب ودمّر وأذاقهم من البؤس ألوانًا، ولم يكتف بذلك، بل جلب اليهود الصهاينة إلى بلادهم في جريمة من أعظم جرائم العصر، ومن هنا تمتدّ مسيرة إرهاب حقيقي منظّم تقوده عصابات صهيون، إرهابٌ لا يفرق في القتل والتفجير والإهانة بين الصغير والكبير والمرأة والرجل والمسجد والمزرعة، إرهاب حقيقي يصادر حقوق الناس ويهين كرامتهم ويفسد تجارتهم ويهدم بيوتهم ويدمّر زروعهم ويفجؤهم ليلاً ونهارًا بالتشريد والإيذاء، ويخطط لهم بالمكائد والتفريق فيما بينهم وبين إخوانهم أو بغرس عملاء خونة فيما بينهم، في إرهاب منظّم لا يكتفي بحرب المواجهة، بل يكيد ويمكر للإفساد والتطبيع مع دول مجاورة، إرهاب مدعوم من الصليبية التي يسّرت له السلاح والعتاد والمال والاقتصاد وسكتوا عن قتله للأبرياء والأطفال في مهدهم وهدمه للبيوت وتشريده لمئات الآلاف من اللاجئين واحتلال للأراضي والدولِ وبناء للمستوطنات بلا وجه، فهل تريدون إرهابًا أشد وأعظم من هذا الإرهاب؟!
فهلمّ بنا ـ إخوتي ـ إلى تاريخ مليء بالإرهاب عبر تاريخ اليهود الصهاينة في فلسطين وخارجها. وإذا أردت أن تعرف الإرهاب وتضرب له المثال فإن أفضل الأمثلة هو ممارسات نستعرضها لليهود خلال نصف قرن أو أكثر في فلسطين تبيّن لنا أن مكر اليهود وخبثهم لا يبعد أن يكون وراء كل إرهاب ومكيدة وجريمة في العالم ويلصقونها من خلال إعلامهم ورجالهم وحلفائهم بغيرهم.
أيها الإخوة، لاقى المسلمون في فلسطين على يد اليهود ألوانًا من الإرهاب والمجازر في تطهير عرقي تبنّته الحركة الصهيونية لإفراغ فلسطين من سكانها والعمل على إحلال اليهود القادمين مكانهم، فقاموا بتجميع اليهود من بقاع الأرض وطرد أهل فلسطين.
ويبدأ تاريخهم الدموي في البراق في ليلة هادئة من ليالي عام ثمانية وأربعين وثلاثمائة وألف من الهجرة الموافق التاسع والعشرين وتسعمائة وألف ميلادية حين فاجؤوا أهله، قتلوا تلك الليلة ما يزيد عن مائتي مسلم فلسطيني، ثم أنشؤوا عصاباتهم الصهيونية المتنوعة التي يقود إحداها زعيمهم مناحيم بيقن والأخرى يقودها شارون، حيث نفّذوا في عام ألف وثلاثمائة وستة من الهجرة مائة وخمسين وتسعمائة وألف مذبحة، منها مذبحة كفر قاسم حين ذبحوا مائة من أهلها غيلة، وقبل طلوع الفجر يوم العاشر من أبريل لعام ثمانية وأربعين وتسعمائة وألف للميلاد الموافق لعام ثمانية وستين وثلاثمائة وألف هجرية في الساعة الثانية صباحًا قامت عصابات الأرتون تسفالي بقيادة بيقن بالهجوم على البيوت في دير ياسين وقتل النساء والأطفال والرجال المدافعين خلال نصف يوم، فقتلوا ثلاثمائة وستين مسلمًا ثم دفنوهم في قبور جماعية، ولا زال اليهود إلى اليوم يفاخرون بهذه المذبحة لأنها تسببت في تهجير ما يزيد عن نصف مليون فلسطيني.
وفي عام ثمانية وستين وثلاثمائة وألف هجرية الموافق للسنة الثامنة والأربعين وتسعمائة وألف للميلاد هاجمت عصابات الهاغناه بقيادة ابن غوريون وموشي دايان قرية الدوايمة ومن قوة الهجوم والقذائف التجأ الناس إلى المسجد والكهوف والبيوت، وسجلت ذلك اليوم بطولات كبرى وعظمى لشيوخ المجاهدين وعلمائهم، وقتل الصهاينة خمسة وسبعين مسنًا في داخل المسجد، وقتلوا النساء والأطفال داخل الكهوف، وقتل ما يزيد عن أربعمائة شهيد فلسطيني نسأل الله أن يتقبلهم.
وفي عام اثنين وسبعين وثلاثمائة وألف للهجرة الموافق لعام ثلاثة وخمسين وتسعمائة وألف للميلاد في قرية قبية القريبة من القدس بعدما يسمى بمعاهدة ألف وتسعمائة وتسعة وأربعين ميلادية قام اليهود باجتياز الحدود وخطف المواطنين ونسف المنازل، ثم قاموا بتطويق قرية قبية وهاجموها، فدمّروا ستة وخمسين منزلاً ومسجد القرية ومدرستها وقتِل سبعة وستين شهيدًا وجرح المئات، وكان قائد الهجوم شارون اليهودي في ولاية شارون أيضًا مشتركًا في جريمة كفر قاسم السابق ذكرها.
وقد عمل تحقيق في هذه المجزرة مع قائدها شارون وتم تغريمه 10 قروش وتوبيخه فقط، وتمتد المذابح لتسطر تاريخًا دمويًا صهيونيًا إلى مذبحة قرية قلقيلية ووادي عربة ثم مذبحة مخيم خان يونس الذي قتل فيه ما يزيد عن ثلاثمائة وخمسة وسبعين مدنيًا ثم اتبعوا بـمائتين وخمسين شهيدًا آخر.
ثم إلى مذابح عام سبعة وثمانين وثلاثمائة وألف للهجرة الموافق لهزيمة عام سبعة وستين وتسعمائة وألف حين هزمت الجيوش العربية، فذبح المسلمون في القدس والضفة الغربية وسيناء والجولان، ويسيطر اليهود الصهاينة بعد خذلان العرب على معظم فلسطين، فهل انتهى هدفهم؟! وهل ارتوى عطشهم للدماء المسلمة؟! فقد قاموا في عام ألف وأربعمائة من الهجرة باجتياح لبنان وفي ألف وأربعمائة وثلاثة من الهجرة الموافق لعام اثنين وثمانين وتسعمائة وألف للميلاد قام الصهاينة بقيادة شارون بداية يوم الخمس ولمدة يومين بتمكين ودعم وحماية النصارى لتحصل مذبحة من المذابح العظيمة في هذا العصر في مخيمي صبرا وشاتيلا، بقتل الرجال والنساء واغتصابهن وقتل الأطفال وهم يقاتلون وليس بيدهم سلاح، وكانوا إذا هربوا يعيدهم اليهود بقوة السلاح إلى المخيم حتى أبيد في أربعين ساعة فقط نحو ثلاثة آلاف وخمسمائة فلسطيني ولبناني من المدنيين وخلّفوا مناظر للجثث لا يمكن أن ينساها التاريخ، وبالرغم من أن العالم وهو يشاهد صور هذه المجزرة فقد ندّد وشجب كالعادة إلا أن قادة هذه المجزرة كرِّموا فيما بعد، بل أصبح حاميها شارون مجرم الحرب الذي نفذ قبلها عدة مجازر رئيسًا للوزراء في دولة بني صهيون، فهل يجرؤ أولئك على وصفه بالإرهابي؟!
وتمتد مسيرة الإرهاب الصهيوني في القتل لتمتدّ إلى المسجد الأقصى، فلم يكتفوا بحرقه عام تسعة وثمانين وثلاثمائة وألف من الهجرة الموافق تسعة وستين وتسعمائة وألف ميلادية وبمحاولات هدمه وحفر الأنفاق من تحته لم يكتفوا بكل ذلك، ففي يوم الاثنين إحدى عشرة وأربعمائة وألف من الهجرة في عام تسعين ميلادية وقبل صلاة الظهر قتلوا داخل ساحة المسجد الأقصى حوالي ثلاثين مصليًا وجرحوا مائة وخمسين منهم وحاصروا المسجد ومنعوا إسعاف الجرحى واعتقلوا ثلاثمائة منهم.
ويمتد إرهاب الصهاينة في المساجد حتى وصل بهم الحال في عام أربعة وتسعين ميلادية مدينة الخليل حيث المسجد الإبراهيمي المسمى نسبة إلى إبراهيم الخليل - عليه السلام -، حيث قام أحد الصهاينة بحراسة ومشاركة جنود الصهاينة للدخول إلى المسجد والمسلمون ساجدون لربهم في صلاة فجر يوم الجمعة الخامس عشر من رمضان من عام أربعة عشر وأربعمائة وألف من الهجرة، فقام الصهاينة بإطلاق النار العشوائي على المصلين فقتل في المسجد أكثر من ثلاثين مسلمًا وجرح المئات الذين ضرجوا بدمائهم في بيت من بيوت الله، وقد خطوا بدمائهم ذلك الفجر شكواهم إلى الله - جل وعلا - من جراء صمت عالمي وإسلامي تجاه إرهاب صهيوني لا يفرق بين الحرب والسلم والمدني والمقاتل والمرأة والطفل وبين المسجد والمنزل وبين ساحة الحرب.
إن مقتل المسلمين في فلسطين في انتفاضتهم الأولى وأكثرهم من الأطفال لأكبر دليل على إرهاب اليهود، فقد قتل من الفلسطينيين من عام ألف وأربعمائة وسبعة من الهجرة حتى عام أربعة عشر وأربعمائة وألف أكثر من ألف وأربعمائة شهيد، ربعهم من الأطفال، وبلغ عدد الجرحى أكثر من مائة وثلاثين ألفًا، واعتقل عشرون ألفًا، وقطعت مائتي ألف شجرة، وصودرت أراض كثيرة، وهدم أكثر من ألفي منزل فلسطيني، حتى جاء ما يسمى بالسلام الذي زعم للمسلمين أن يكفل حريتهم ويعيشوا فيه باطمئنان، لكنه كان فرصة لليهود لاستجماع قوتهم بعد انتفاضة أثرت عليهم تأثيرًا واضحًا، وأقرّ العالم مع الأسف هذا السلام المزعوم، فركز اليهود جهودهم على هدم المسجد الأقصى وبناء الهيكل المزعوم، ثم بدؤوا بحرب أخلاقية وتطبيعية على العالم الإسلامي، وبنوا من المستوطنات خلال عشر سنوات لسلام مهترئ ما لم يبنوه طول فترة احتلالهم، فعرف المسلمون في فلسطين بعد ذلك أن حربهم مع إرهاب اليهود لا يمكن أن تنتهي إلا بالجهاد، فأعادوا انتفاضتهم، وبعد أن رأى العالم مقتل الأطفال كمحمد الدرة وإيمان حجو وأمل الخطيب وغيرهم عرفوا أن إرهاب بني صهيون قد تجاوز الحد، حيث قتل حتى الآن نحو خمسمائة شخص عدا الجرحى الذين يعدون بالآلاف، وإذا تجاوزنا القتل فما بالكم بإرهاب اغتيال القيادات في مكاتبهم ومنازلهم مع أسرهم؟! بل تعدوا فلسطين فنفذوا تلك الاغتيالات على مدى تاريخهم في بلدان أخرى، ثم هجروا أبناء فلسطين واستخدموا ضدهم الأسلحة المحرمة.
يقفلون المدارس والمتاجر بسبب وبلا سبب، ويحاصرون المدن بسكانها، وغير ذلك من ممارسات لا يمكن للمسلمين أن ينسوها لبني صهيون.
أيها الإخوة المؤمنون، بعد كل هذا الاستعراض الذي هو غيض من فيض دموي على يد اليهود ومن عاونهم وسكت عنهم وأقرهم، بل وأيدهم وأمدهم من نصارى وملحدين ومتخاذلين، فهل بقي من شك لأحد في اليهود ومن عاونهم أنهم هم زعماء الإرهاب ومنفذوه في العالم وهم الذين يصادرون الممتلكات ويهينون الكرامات ويلغون الحقوق؟!
وإننا بعد استعراضنا لهذه المآسي لا نملك ونحن نأسى لمصاب إخواننا في فلسطين عبر التاريخ إلا أن نعود إلى كتاب ربنا - جل وعلا - وسنة نبينا محمد حيث بينا أن أشدّ الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا، وأنها طبائع اليهودº يسفهون إذا أمنوا، ويغدرون العهود مهما وقّعوا، ويذكرون الناس بالمثل العليا لمصلحتهم وحدهم، ولا يدَعون غدرًا ولا يرعَون ميثاقًا.
إن هذا التاريخ الدموي معهم ينبغي أن يكون حاثًا لنا على استنهاض الهمم وشحذ العزائم لا سببًا لليأس والإحباط، فلا ييأس من رَوح الله إلا القوم الكافرون. ونحن بانتظار معركتنا الكبرى معهم على أرض الملاحم والرسالات التي وعدنا بها رسول الله: ((لتقاتلن اليهود على نهر الأردن، أنتم شرقيه وهم غربيه، فيفر اليهودي ويختبئ خلف الشجر والحجر، فيقول الشجر والحجر: يا مسلم، يا عبد الله، هذا يهودي خلفي تعال اقتله)). لكن ذلك النصر يحتاج إلى إعداد للنفوس من خلال شرع الله وتربية على الجهاد في سبيل الله بوسائله الشرعية وبإعداد القوة ومواجهة اليهود ومن عاونهم وترك الخنوع والخضوع.
إننا حين نستعرض صور إرهاب اليهود فإننا لا نستثني صورًا أخرى للإرهاب في العالم الذي ذاق من بؤسه المسلمون ألوانًا ولا زالوا يتعرضون له كل يوم، سواء كان إرهاب الإلحاد إبان الحكم الشيوعي في الجمهوريات الإسلامية وحتى اليوم في الشيشان وغيرها، أو إرهاب النصارى عبر التاريخ في الفلبين والبوسنة والهرسك وكوسوفا ومكدونيا حيث المذابح الكبرى كمذابح الصرب وغيرها، أو إرهاب السيخ والهندوس في الهند وكشمير عبر المجازر وهدم المساجد كالمسجد البابري وغيره، أو الإرهاب الوثني في بورما وبورندي وسائر أفريقيا، أو إرهاب الحصارات والعقوبات الدولية وإرهاب المعتقلات والتعذيب أو الإرهاب الاقتصادي والعسكري والنفسي، فهل تجدون أمة تعرضت للإرهاب بصورة حقيقية أكثر من أمتنا المسلمة عبر تاريخها، وصدق رسول الله: ((يوشك أن تتداعى عليكم الأمم كما تتداعى الأكلة إلى قصعتها))، قالوا: أفمن قلة نحن يومئذ يا رسول الله؟ قال: ((لا، إنكم كثير ولكنكم غثاء كغثاء السيل، ولينزعن الله من صدور عدوكم المهابة منكم، وليقذفن في قلوبكم الوهن))، قالوا: وما الوهن؟ قال: ((حب الدنيا وكراهية الموت)) أخرجه أحمد وأبو داود.
اللهم إنا نسألك نصرًا مؤزرًا للإسلام والمسلمين، واخذل أعداءهم من اليهود والنصارى والمشركين، إنك سميع مجيب.
عباد الله، إن الله يأمر بالعدل والإحسان...
الخطبة الثانية:
الحمد لله مقدر الأقدار، مكور الليل على النهار، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه الأطهار، وسلم تسليمًا كثيرًا.
أما بعد: فيا عباد الله، اتقوا الله - تعالى -وتوبوا إليه.
إن الأحداث التي تصاب بها الأمة مهما كبرت أو صغرت ومهما تلاحقت لتكوِّن فرصة للأمة تصقل من خلال إيمانها بربها واختبارًا لثوابتها وتمييزًا للخبيث عنها، وهي لا شك أقدار من الله - عز وجل - لامتحان الأمة وعسى أن تكرهوا شيئًا ويجعل الله فيه خيرًا كثيرًا، لكننا ـ إخوتي ـ يجب أن نستذكر أمورًا مهمة ونذكّر بها لا سيما مع ذهول كثير من الناس فنقول: إن هذه الأحداث فرصة لتأكيد العودة إلى الدين والشريعة الحقّة غير المشوّهة كتابًا وسنة للاستقاء منهما وتطبيق ذلك حسب فهم علماء السلف والخلف، وأن يكون ذلك هو المرجع الأساس لا آراء سياسية ولا تحليلات إعلامية ولا تطبيقات لا تمتّ إلى الشرع بصلة.
كما يجب التأكيد أن التعلق أوجب ما يكون الآن أن يكون تعلقًا باللهº بقوته ونصره ورزقه وتمكينه ونبذ أعدائه، وأن يكون هناك استثمار لأي حدث للأمة للمراجعة وتقييم الوسائل والفرص والعلاقات والاستفادة منها لإصلاح ما تأثرت به الأمة خلال تاريخها، وأن يكون هناك رجوع كبير لأهل العلم الشرعي والتفاف حولهم والانطلاق من آرائهم، وأن تحرص الأمة على لمّ الشمل ونبذ أسباب فتن التفرق والخلاف، لا سيما في الأوقات العصيبة. كما أننا ـ أيها الإخوة- يجب أن نؤكد مبدأ من أهم مبادئ عقيدتنا الإسلامية وهو المبدأ الذي طالما غيب وتحتاجه الأمة خصوصًا هذه الأزمان ألا وهو مبدأ الولاء والبراء، وحاجة الأمة إليه لا سيما عند ظهور الفتن والهرج والمرج، الولاء الكامل للمؤمنين والبراءة من المشركين علميًا وعمليًا ظاهريًا وقلبيًا.
كما أننا لا بد أن نعلم ـ عباد الله ـ أن الجهاد في سبيل الله من أرفع العبادات أجرًا في الإسلام، والأمة بحاجة إليه دائمًا، لكن الإسلام بريء كل البراءة من أعمال لا علاقة لها حتى بمسمّى الجهاد وإن نسبت إليه.
والإسلام بريء كذلك من الإرهاب الذي يصمه به إعلام بني صهيون وغيرهم، فالإسلام ليس لترويع الآمنين كما يصفه أولئك المتشدقون. وإننا في الوقت الذي نرى فيه اليهود أخزاهم الله ومن عاونهم يستثمرون الأحداث التي تمر بها أمة الإسلام بإعلامهم وقنواتهم يستغلون ذلك في تشويه الإسلام ووصفه بأبشع الصفات وقد يكونون هم وراء الأحداث بالرغم من كل هذه الجهود المبذولة ترى أمتنا بإعلامنا وقنواتنا مع الأسف الشديد تعيش غفلة عظيمة وبعدًا كبيرًا عن اللجوء إلى الله في مثل هذه الأحداث، وترى بعضها يرقص ويغني في ذات الوقت الذي قد يدفع فيه شعب مسلم في دولة مسلمة كأفغانستان الحية أعمال لا علاقة لهم بها، بل تبرؤوا منها واستنكروها، وقد يتعرضون لحرب صليبية ظالمة تظلمهم.
وإننا والله ـ أيها الإخوة ـ ينبغي لنا أن نعود في مثل هذه اللحظات إلى إيماننا بالله لنستمد منه القوة والتمكين، فالله أحوج ما نكون إليه، وأن نعلم أن كل ما يصيب المؤمن فهو ضر، والمؤمن إن أصابته سراء شكر فكان خيرًا له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرًا له، وصدق الله - جل وعلا - إذ يقول: {وَلَو أَنَّ أَهلَ القُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوا لَفَتَحنَا عَلَيهِم بَرَكَاتٍ, مِن السَّمَاءِ وَالأَرضِ وَلَكِن كَذَّبُوا فَأَخَذنَاهُم بِمَا كَانُوا يَكسِبُونَ أَفَأَمِنَ أَهلُ القُرَى أَن يَأتِيَهُم بَأسُنَا بَيَاتًا وَهُم نَائِمُونَ أَوَأَمِنَ أَهلُ القُرَى أَن يَأتِيَهُم بَأسُنَا ضُحًى وَهُم يَلعَبُونَ أَفَأَمِنُوا مَكرَ اللَّهِ فَلا يَأمَنُ مَكرَ اللَّهِ إِلاَّ القَومُ الخَاسِرُونَ أَوَلَم يَهدِ لِلَّذِينَ يَرِثُونَ الأَرضَ مِن بَعدِ أَهلِهَا أَن لَو نَشَاءُ أَصَبنَاهُم بِذُنُوبِهِم وَنَطبَعُ عَلَى قُلُوبِهِم فَهُم لا يَسمَعُونَ} [الأعراف:96-100].
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد